إصابة الإجهاد العضلي المتكرر هي أشبه بالوباء، برأي روبرت إ. ماركيسون، دكتور في الطب، جراح يد في سان فرانسيسكو. فملايين الأميركيين يعانون من التهاب وألم في أجزاء من أطرافهم العليا – الأصابع، اليدين، المعصمين، الساعدين، المرفقين أو الكتفين – ناتجة عن حركة متكررة في العمل، المدرسة، أو اللعب.
وتنتج هذه “الرضة الصغيرة المتراكمة” عن نشاطات، كإدخال معلومات عبر لوح المفاتيح، استعمال الفأرة للضغط أثناء البحث عبر شبكة المعلومات، إدخال شيفرات بالليزر في الحسابات، أو قص الشعر بالمقص في صالة التجميل.
والأسوأ أن كثيرا من المصابين بالإجهاد العضلي المتكرر يساء تشخيص حالتهم ولا يتلقون العلاج الطبي المناسب أو العلاجات الذاتية الطبيعية، كما يشير سكوت م. فرايد، دكتور في طب العظم، مدير ورئيس الجراحين في مركز Montgomery County Hand Center ومعهد Upper Extremity Institute في إيست نوريتون، بنسلفانيا.
ولكن حتى ولو كان تشخيص الإجهاد العضلي المتكرر صحيحا، قد لا يكون الحل في العلاج الطبي. “فثمة بدائل كثيرة للعقاقير والجراحة لعلاج حالات الإجهاد العضلي المتكرر”، برأي د. فرايد. “وعادة يشفى الجسد على نحو طبيعي إن أتيحت له الفرصة”. وإليك أفضل الوسائل لمساعدته على ذلك.
دليل العناية الطبية
إن شعرت بأي خدر أو وخز في ذراعيك أو يديك أو عانيت من ألم متواصل يعيق قيامك بأعمالك لأكثر من أسبوع، عليك رؤية خبير صحي متخصص في إصابة الإجهاد العضلي المتكرر. وسيجري هذا الأخير تقويما شاملا لوضعك – من عنقك إلى رؤوس أصابعك – لإعطاء تشخيص دقيق، كما يقول سكوت م. فرايد، دكتور في طب العظم، مدير ورئيس الجراحين في مركز Montgomery County Hand Center ومعهد Upper Extremity Institute في إيست نوريتون، بنسلفانيا.
كما يتوجب عليك أن تبقى على علاقة بالخبير الذي تختاره ليتمكن من مساعدتك على تغيير نمط حياتك أو التخلص من العوامل التي تساهم في تفاقم مشكلتك ويساعدك على وضع برنامج للشفاء.
وينبغي أن يوضع هذا البرنامج وفقا للأعراض التي تعاني منها، ورم أو التهاب أو كليهما. كما يجب أن يغير البرنامج النشاط المسؤول عن المشكلة أو يعدله وأن يستعمل مزيجا من العلاجات التقليدية والطبيعية – المساعدة المختصة والذاتية على حد سواء – لتخفيف الألم. وتشتمل العناية المختصة لتخفيف الألم على الوخز بالإبر، علم المنعكسات، التدليك، التاي تشي، اليوغا، الموجات ما فوق الصوتية، جبيرة مصنوعة حسب الطلب، أو أدوية لتسكين الألم.
أخيرا، عليك أن تدرك بأنك لن تتحسن بين ليلة وضحاها. فمشاكل الإجهاد العضلي المتكرر قد تستغرق أسابيع، شهورا، أو حتى سنوات للشفاء، استنادا إلى د. فرايد، لذا لا تسرع بالاستسلام وإجراء الجراحة. “فالجراحة لن تحقق الشفاء”، كما يقول. “بل غالبا ما تكون علاجا مؤقتا”.
عدّل حركتك أو توقف عنها: اجعل مهامك أقل ألما
“أول وأهم ما ينبغي عليك القيام به هو التوقف إن أمكنك عن النشاط المسبب للمشاكل أو تعديله”، كما ينصح د. فرايد. “فعلى سبيل المثال، غير مكان عملك أو استعمل سماعتين للهاتف”.
الوضعية: وضعيات لا تسبب الألم
من شأن الوضعية الصحيحة خلال النهار والليل أن تساعد على تخفيف ألم إصابة الإجهاد العضلي المتكرر. وفي ما يلي توصيات د. فرايد ود. ماركيسون بخصوص الوضعيات الخالية من الألم.
• عند النوم، لا تستلق على بطنك وتدير رأسك إلى الجانب، ولا ترفع ذراعيك فوق رأسك أو تتمدد على الجانب المؤلم. استلق عوضا عن ذلك على جانبك السليم وضع وسادة تحت رأسك ووسادة أخرى أمامك لسند ذراعك المؤلمة. أو تمدد على ظهرك وضع وسادة تحت رأسك ووسادة تحت كل ذراع وصولا إلى الكتفين. وعلى الوسائد الثلاث أن تشكل الحرف U معكوسا.
• أثناء القيادة حرك العجلة ويداك منخفضتان عليها في قبضة آمنة ومسترخية في الوقت نفسه. وفي الرحلات الطويلة، ضع وسادة في حرجك لسند ذراعيك. وقد تحتاج أيضا إلى وسادة لدعم أسفل ظهرك.
• عند الجلوس أمام الحاسوب، قرب نفسك من لوح المفاتيح والفأرة قدر الإمكان. فكلما انحنيت إلى الأمام أو رفعت ذراعيك، يزداد احتمال التسبب بإصابة الإجهاد العضلي المتكرر أو زيادتها سوءا.
• كما يجب أن تكون الشاشة أمامك مباشرة وعلى مستوى عينيك بحيث لا تضطر إلى النظر إلى الأسفل. واستعمل خطا كبيرا أثناء الطباعة لكي لا تنحني إلى الأمام لقراءته. كما يجب أن يكون لديك دعامة للطباعة، درج للوح المفاتيح قابل للتعديل، ومسند للمعصم. واطبع بلمسات لطيفة.
• أثناء استعمال الفأرة، أملها نزولا بمقدار 30 درجة تقريبا لتجنب خفض الكف إلى الأسفل، وهي وضعية مسببة للتعب، تضغط على الأعصاب وتجهد العضلات. ضع وسادة الفأرة على لوح مشبكي مع شيء تحته (دعامة إسفنجية مثلا) لإمالته. ويؤمن أعلى اللوح حاجزا يمنع الفأرة من الانزلاق.
تمديد العضلات: أثن معصميك
عليك أن تستريح لدقيقة أو اثنتين كل نصف ساعة على الأقل، خاصة إن كنت تعمل على لوح مفاتيح. مدد معصميك وعنقك أثناء الاستراحة، كما ينصح د. فرايد. وإليك كيفية ذلك.
أولا، اجمع يديك في قبضتين مرتخيتين، ثم اثن قبضتيك إلى الأمام والخلف بضع مرات. بعد ذلك، احن إحدى قبضتيك إلى الأمام ومددها بلطف باليد الأخرى. كرر التمرين على يدك الثانية. ثم اثن إحدى قبضتيك إلى الخلف ومددها بلطف باليد الأخرى. كرر التمرين على يدك الثانية.
بعد الانتهاء، مدد عنقك. اجلس وانظر إلى الأمام، ثم احن أذنك اليمنى على الكتف اليمنى، استرح، ثم عد إلى وضعية البداية. كرر التمرين على الجهة اليسرى. احن بعد ذلك رأسك إلى الأمام لتحريك الذقن باتجاه الصدر، ثم عد إلى الوضعية القائمة. أخيرا، انظر بلطف إلى الأعلى قبل أن تعيد رأسك إلى الوضعية القائمة.
تمديد العضلات: تمرين فائق البطء للكتفين
إن تأدية هذا التمرين مرتين أو ثلاث يوميا من شأنها أن تخفف بشكل ملحوظ من إجهاد الكتفين، الذراعين، المعصمين، واليدين، مما يقلص من ألم الإجهاد العضلي المتكرر أو يحول دونه، كما تقول شارون باتلر، مزاولة مجازة لطب هيلروورك (Hellerwork) (وهو علاج يدوي بنيوي وعلاج بالحركة) في باولي، بنسلفانيا.
ارفع كتفيك إلى أذنيك واترك ذراعيك مرتخيتين على جانبيك. دور كتفيك ببطء شديد إلى الأمام. واصل تدويرهما إلى النقطة الأكثر انخفاضا ثم ابدأ بتدويرهما بالاتجاه المعاكس، قبل أن تعود إلى وضعية البداية.
خذ 30 ثانية على الأقل لتأدية هذا التمرين، موسعا دائرته قدر الإمكان، ثم قم بدورة كاملة أخرى بالاتجاه المعاكس.
القفازات: موضة عملية
يخف ألم اليدين حين تكونان أكثر دفئا أثناء العمل، برأي د. ماركيسون. وهو ينصح بإيجاد خياطة تخيط لك قفازات تبدأ من فوق المرفقين أو تحتهما وتصل إلى المفاصل الوسطى من الأصابع، تاركة رؤوس الأصابع مكشوفة للاستعمال.
“استعمل هذا النوع من القفازات كلما لمست خدك وشعرت بيدك باردة”، كما يوصي. فهذه البرودة تعيق عمل اليدين، مما سيزيد إصابة الإجهاد العضلي سوءا. ويقول بأن الأشخاص الذين يستعملون هذا النوع من القفازات بانتظام للحفاظ على دفء أيديهم أثناء العمل يشعرون بالرضى عادة للتحسن الذي يحسون به بأيديهم.
الجنكة: تحسن جريان الدم السطحي
من شأن عشبة الجينكو أن تحسن جريان الدم في الذراعين واليدين، مما يخفف من أعراض إصابة الإجهاد العضلي المتكرر، برأي د. ماركيسون. لذا فهو يوصي بتناول 30 ملغ في الصباح، تؤخذ مع 455 سم3 من الماء.
الغلوكوزامين والكوندرويتين: للعمال المتقدمين في السن
من شأن مكملي الغلوكوزامين والكوندرويتين أن يساعدا على تخفيف أوجاع وآلام إصابة الإجهاد العضلي المتكرر، خاصة لدى العاملين في مجال إدخال المعلومات للعمال المتقدمين بالسن، استنادا إلى د. ماركيسون. وهو يوصي باستعمال مكمل عيار 500 ملغ من الغلوكوزامين و400 ملغ من الكوندرويتين. تناول ثلاث جرعات في اليوم إن كان وزنك يفوق 50 كيلوغراما وجرعتين في اليوم إن قل عن ذلك.
المياه: 1738 سم3 في اليوم هي كمية أساسية
إن الحفاظ على إماهة الجسد يزيد من جريان الدم في الجسم، ويدفع بالأكسجين والمغذيات المزيلة للأوجاع إلى المناطق المصابة بالإجهاد العضلي المتكرر، استنادا إلى د. ماركيسون. وهو يوصي بشرب 1738 سم3 (1,7 لتر) على الأقل في اليوم، وكلما ازدادت الكمية كان ذلك أفضل.
الكافيين: حالك أفضل بدونه
“إن كنت مصابا بالإجهاد العضلي المتكرر، عليك أن تتحاشى الكافيين في غذائك”، كما ينصح د. ماركيسون. فالكافيين هو مدر للبول يصرف المياه من الجسم. وكلما قلت نسبة المياه تراجع جريان الدم في اليدين والذراعين. فإن كان لا بد من فنجان القهوة الصباحي، اشرب من الماء ما يعادل ضعف كمية القهوة في الوقت نفسه، كما يقول.
النيكوتين والكحول: عليك تجنبهما
“يحظر على مرضى الإجهاد العضلي المتكرر استهلاك النيكوتين. فلا أمل للمدخنين بالشفاء من هذا المرض”، كما يقول د. ماركيسون. فنفثة واحدة من السيجارة تخفض جريان الدم في اليدين بنسبة 60 بالمئة، كما يشير.
ولا ينصح بشرب الكحول لأنه يضاعف الالتهاب. “فالأوتار والمناطق الأخرى الملتهبة نتيجة للإجهاد العضلي المتكرر تزداد سوءا مع شرب الكحول”، حسبما يقول.
عصير الخضار: مضاد التهابي ممتاز
يمكنك الحصول على جرعة ضخمة من المغذيات المضادة للأكسدة والمكافحة للالتهاب في كوب سعة 240 سم3 من عصير الجزر – الكرفس – الشمندر – البقدونس المحضر في البيت، والذي يضاهي بفاعليته أية حبة مضادة للالتهاب في تخفيف ألم الإجهاد العضلي المتكرر، استنادا إلى د. ماركيسون. تناول كوبا كل صباح وعدل نسب العصائر الأربعة بحسب ذوقك.
السيطرة على الوزن الزائد: الوزن الزائد يزيد خطر الإصابة أربعة أضعاف
من شأن الوزن الزائد بمقدار 9 إلى 14 كيلوغراما أن يضاعف أربع مرات فرص الإصابة بمشاكل الأعصاب المسببة للإجهاد العضلي المتكرر، استنادا إلى د. ماركيسون. فعلى سبيل المثال، من شأن الممر العظمي الذي يحوي العصب الوسيط الذي يمر عبر المعصم أن يزدحم بالدهون، مسببا وخزا في الرسغ وخدرا في اليد نتيجة لأحد أشكال الإجهاد العضلي المتكرر المعروف بمتلازمة النفق الرسغي.
ويقول: “شهدت كثيرا من حالات ألم النفق المعصمي التي تمت السيطرة عليها بتخفيف الوزن وحسب”. ولتخفيف الوزن، ينصح باتباع برنامج نباتي أساسا (مما يساعد أيضا على تخفيف التهاب الإصابة بالإجهاد العضلي المتكرر)، مع تجنب الأطعمة الدهنية والنشويات والوجبات الجاهزة. كما يوصي بالمشي حوالى ثلاثة كيلومترات ثلاث أو أربع مرات في الأسبوع. وللحصول على البروتين الذي يحتاج إليه الجسم، ينصح د. ماركيسون بأكل التوفو والسمك.
التخيل: يكافح الإجهاد النفسي الذي يخنق يديك
يقلص التوتر من جريان الدم في الأطراف العليا، مسببا تفاقم الإجهاد العضلي المتكرر. ولكن إليك تقنية تخيل تكافح الإجهاد النفسي وتحسن تدفق الدم إلى اليدين. استعملها في أي وقت تشعر فيه بالتوتر، كما يوصي د. ماركيسون.
اجلس مستقيما ويداك في حضنك. خذ بضعة أنفاس عميقة ثم أغمض عينيك واسمح لعضلات عينيك بالاسترخاء. اشعر بموجات استرخاء متحدة المركز، كالتموجات التي تصدر في بحيرة ساكنة عند سقوط ورقة على سطحها، تنتقل عبر وجهك وعنقك، وتنتشر فوق الترقوة وتحتها، لتصل إلى صدرك.
تخيل بعد ذلك بأنك في مكان آمن ودافئ، كشاطئ البحر مثلا، واشعر مع كل نفس بأن الدم الغني بالأكسجين والمحمل بالمغذيات يجري في يديك ويدفئهما. تابع الشعور بأن يديك دافئتان مع كل نفس لمدة دقيقتين إلى ثلاث.