وهو رجوع بعض أو كل محتويات المعدة من طعام أو شراب أو عصارة معدية عن طريق الفم، وأحياناً عن طريق الأنف ولا سيما في الأسابيع الأولى من العمر.
أسباب عامة للتقيؤ في الأسابيع الأولى من العمر:
أ- يمكن أن يحدث القيء في اليوم الأول أو الثاني بعد الولادة، يعود السبب إلى ابتلاع الطفل بعضا من السائل الأمنيوسي المحيط به، أو الإفرازات المهبلية أثناء عملية الولادة. يكون لون القيء أصفر أو بني. تنظّف المعدة نفسها في هذه الطريقة، لذلك لا داعي للقلق. هذا القيء غير مؤذ ولا يحتاج إلى علاج.
ب– يحاول الوليد في الأيام الأولى بعد الولادة التقاط حلمة الثدي ومص الحليب، يتجاوز المواليد هذه المرحلة بنجاح وسهولة. إلا أن بعضهم تصادفهم صعوبات، كأن تكون حلمة الثدي صغيرة أو غائرة إلى الداخل أو كبيرة جدا. بحيث لا يستطيع الوليد التقاطها بشكل صحيح ومحكم. هذا يؤدي إلى ابتلاع الهواء أثناء الرضاعة وامتلاء المعدة بهذا الهواء، مما يؤدي إلى التجشؤ المتكرر والتقيؤ في نهاية المطاف. إذا كان الوليد يتغذى على الحليب الصناعي، هنا يجب الانتباه إلى حجم فتحة الحلمة المطاطية الصناعية، يتدفق الحليب بسرعة كبيرة إلى فم الرضيع إذا كانت الفتحة كبيرة، في هذه الحالة يبتلع الوليد بعض الهواء أثناء الرضاعة. أما إذا كانت الفتحة صغيرة وتدفق الحليب بطيء وصعب، فإن الوليد يبذل جهدا مضاعفا في المص ويرافق ذلك أيضاً بابتلاع الهواء.
ج- يختلف مزاج الطفل من واحد إلى آخر، يتميز بعض الأطفال بمزاج عصبـي. تراهم يبكون أكثر الوقت دون سبب واضح، نومهم قليل إرضاؤهم متعذر، رضاعتهم صعبة. ما أن تضع الأم الحلمة في فم الرضيع حتى يبدأ بالرضاعة بسرعة ونهم. ثم فجأة وبعد وقت قصير ينبذ الحلمة، يدفعها خارج الفم، يعود إلى البكاء والصراخ ومعه ابتلاع كميات من الهواء تسبّب له بعد ذلك المغص والتقيؤ.
د- في حالة الرضاعة الطبيعية على الأم الانتباه إلى طعامها، لأن كل شيء تتناوله من طعام أو شراب أو دواء يفرز مع الحليب بنسب متفاوتة لذلك يجب استشارة الطبيب دائما قبل تناول أي دواء كان. من الأفضل الإقلال من المواد المنبهة كالشاي والقهوة والشوكولا والمشروبات الغازية، كذلك عدم الإكثار من التوابل وتجنب الخضار التي تسبب الغازات كالقرنبيط والملفوف.
هـ– القلس (الارتجاج أو القشط): هو رجوع كمية صغيرة من الحليب الأبيض من الفم. وذلك بعد الرضاعة مباشرة أو بعدها بقليل، ويكون غير مترافق بجهد أو إزعاج أو بكاء. ينساب الحليب من زاوية الفم بهدوء دفقة أو دفقتين وينتهي الأمر. عادة يترافق مع التجشؤ. يزداد القلس عند تحريك الطفل بعد الرضاعة مباشرة. لذا يفضل ترك الطفل في سريره بعد الرضاعة لمدة ربع إلى نصف ساعة قبل تحريكه أو اللعب معه. يمكن أن يحدث القلس عدة مرات في اليوم. يعتبر غير ضار طالما أنه لا يؤثر على زيادة وزن الطفل.
و- فرط التغذية: تعتقد الكثير من الأمهات أن بكاء الطفل عموما يكون سببه الجوع. لذلك ما أن يبدأ الرضيع بالبكاء حتى تسارع الأم إلى إرضاعه ولا سيما في الأيام الأولى بعد الولادة.
حقائق مهمة للأم:
1- تكون معدة الوليد في البداية صغيرة لا تتجاوز سعتها أكثر من 30 مل.
2- عند الولادة تكون أنسجة جسم الوليد مشبّعة بالسوائل. لذلك يحاول أن يتخلص منها. وبالتالي يفقد حوالى 5–10% من وزنه في الفترة الأولى بعد الولادة، وهذا شيء طبيعي وليس مرضي. ما سبق يعني أن الوليد في الأيام الأولى لن يحتاج إلى كميات كبيرة من السوائل. وهذا يتماشى مع كمية اللبأ الصغيرة المفرزة من صدر الأم الولود.
3- يكون الوليد متعباً ومرهقاً من عملية الولادة. وفي حاجة إلى النوم والراحة. لذلك لا داعي لملاحقته بالرضاعة، وإيقاظه من النوم لإعطائه الحليب.
من المعلومات السابقة نستنتج أن الوليد في أيامه الأولى لا يحتاج إلى كميات كبيرة من الحليب. يكتفي معظم الرضّع في هذا العمر بـ 30–60 مل كل ساعتين. إعطاء الحليب الزائد يؤدي إلى التقيؤ وفي أحيان أخرى إلى انتفاخ البطن والمغص.
أمراض تسبب التقيؤ في الأشهر الأولى من العمر:
1- المنعكس المعدي المريئي، سوف نتكلم عنه بالتفصيل لاحقاً.
2- تضيّق البواب: المعدة مستودع صغير للطعام، له فتحة يدخل منها الطعام قادماً من الفم عن طريق أنبوب يسمى المريء، حيث يمكث في المعدة فترة من الوقت من أجل عملية الهضم. ثم يخرج الطعام من فتحة أخرى اسمها البواب، ليدخل إلى الأمعاء لاستكمال عملية الهضم وامتصاص الغذاء. في حالات نادرة تكون هذه الفتحة ضيقة، لا تسمح للطعام بالخروج من المعدة إلا بكميات بسيطة. الكمية الكبيرة تبقى في المعدة ويتراكم الحليب رضعة بعد أخرى. تتوسع المعدة لاحتواء الحليب المتراكم ثم تصل إلى مرحلة لا يمكن أن تتوسع فيها أكثر. عندها يبدأ الطفل بالتقيؤ. تظهر الأعراض عادة بعد الشهر الأول من العمر، يكون القيء قوياً، يقذفه الطفل بعيداً وبكمية كبيرة مثل الشلال. هؤلاء الأطفال لا يزيد وزنهم مع التقدّم بالعمر، لأن كمية الحليب التي تصل الأمعاء كي يمتصها الجسم قليلة جداً، لهذا السبب يعانون من إمساك شديد إضافة إلى التقيؤ. يكون التشخيص بالتصوير بالموجات الصوتية، أو بالأشعة بابتلاع المادة الظليلة. يكون العلاج في أغلب الحالات جراحياً.
3- الأمراض الإنتانية التي تصيب الجهاز الهضمي، تأتي عن طريق تلوّث الحليب أو الطعام بجراثيم مختلفة. أو عن طريق اللهاية أو المصاصة الغير نظيفة. تكون الأعراض شديدة، بكاء ومغص، انتفاخ البطن، إسهال مع تقيؤ، أو أحياناً إسهال فقط أو تقيؤ فقط. قد يصاحب ذلك ارتفاع في الحرارة.
4- الأمراض الإنتانية التي تصيب الجهاز التنفسي والبلعوم: في كثير من الحالات تترافق التهابات البلعوم واللوزتين بالتقيؤ. كذلك التهابات الرئة والقصبات عندما يكون السعال شديداً فإنه يتبعه تقيؤ. أيضاً عندما تكون كمية البلغم كبيرة. الأطفال لا يستطيعون عند السعال إخراج البلغم من الفم، لذلك يبلعونه فيتجمع بعد فترة في المعدة. إذا كانت كميته كبيرة تلفظه المعدة عن طريق التقيؤ. وإذا كانت كميته قليلة يخرج مع البراز، لذلك الأطفال الذين يعانون من سعال رطب (مع بلغم) يكون برازهم طرياً مخاطياً لاحتوائه على البلغم.
5- أمراض إنتائية أخرى مثل التهاب الأذن والمجاري البولية.
6- أمراض استقلابية ولادية: مثل بيلة الفنيل كيتون.
7- أمراض الحساسية: خاصة تلك التي تصيب الجهاز الهضمي يمكن أن تكون حساسية ضد الحليب البقري (سيأتي تفصيلها لاحقاً) أو ضد مواد غذائية أخرى. من الأطعمة التي تسبب حساسية أكثر من غيرها نذكر البندورة (الطماطم)، البرتقال، المانجو، الموز، السمك، المكسرات والشوكولا. لكن أي مادة غذائية يمكن أن تسبب تفاعلا تحسسيا إذا كان لدى الطفل استعداداً لها.
8- أسباب أخرى مختلفة مثل تضيّقات الأمعاء الولادية أو التهابات الكلية أو الكبد أو غيرها ولا داعي لذكرها لندرتها.
العلاج:
تكون المعالجة حسب المرض المسبب، لذا يفضل مراجعة الطبيب في أسرع وقت ممكن، ولا سيما إذا كان الطفل صغيراً في الأسابيع الأولى من العمر. لا ننصح بإعطاء الأدوية المضادة للتقيؤ إلا بعد استشارة الطبيب.
في حالات التقيؤ الشديد، على الأم إرضاع الطفل كمية صغيرة في كل مرة، ولكن في أوقات متقاربة لأن المعدة تكون متهيجة ولا تحتمل الكمية المعتادة. يمكن إعطاء السوائل المعوّضة للجفاف بين وجبات الحليب، وذلك حتى يحين الوقت لعرض الطفل على الطبيب.