إن الرعاية الطبية في القرن الواحد والعشرين هي أفضل من أي وقت على الإطلاق. فالأطباء يتمتعون بنعمة الوصول السهل لأحدث التقنيات الطبية، والعلماء هم أكثر قدرة على البحث واكتشاف المرض؛ ومع ذلك، فإن إلقاء نظرة على الصحف، أو قضاء عدة دقائق أمام التلفاز وتثبت أن الأمراض المزمنة مثل داء السكر، والسرطان، والربو، والبدانة هي في ارتفاع مستمر. نحن قادرون على استنساخ الحيوانات، وإنجاب الأطفال عن طريق التلقيح في الزجاج (طفل الأنبوب)، أو إعطاء أحدهم قلباً جديداً، ومع ذلك فإن أجسامنا تخوننا، وهي تستسلم للأمراض المزمنة التي يقف أطباؤنا عاجزين عن شفائها.
إذا ألقينا نظرة على الخمسين عاماً الماضية، نلاحظ أن جانباً هاماً من حياتنا قد أخذ خطوة عملاقة باتجاه الوراء: إنه أنظمتنا الغذائية (الحميات التي نتبعها). ولسوء الحظ، فحتى أولئك الذين يعتقدون بأنهم ينتبهون لصحتهم (لأنهم يشترون الحبوب المتعددة، أو الصلصة المنخفضة الدسم) قد يكونون استبدلوا خياراً سيئاً بآخر سيئ أيضاً، وبالتالي يعرّضون صحتهم العامة للخطر. إننا نعيش تحت رحمة منتجي الأطعمة الكبار، والمعلنين، والأطباء الذين يعرضون معلومات متناقضة وأحياناً خاطئة. ففي أحد الأيام يخبروننا أن أفضل حمية هي الإقلال من الدسم، وفي اليوم التالي نقرأ أنه يتوجب علينا الامتناع عن الكربوهيدرات من أجل إنقاص الوزن والحفاظ على الصحة.
إن أمراضاً كالتهاب المفاصل الداء الرثياني (الروماتويد)، والربو، والداء القلبي، والتحسس الأرج، وألم الليف العضلي، وداء السكر من النمط الثاني، والخرف الوعائي، والبدانة، وتخلخل ترقق العظام، وبالطبع، التصلب المتعدد كلها تتعلق بشكل مباشر بالأطعمة التي نتناولها. فالخيارات الغذائية السيئة – سواء أكنت تتخذها عمداً أو عن غير قصد – تسبب زيادة في الالتهاب وسوء التغذية، وهما عاملان تغذويان منبوذان يسببان المرض، ويسيئان إلى الحالات المرضية الموجودة أصلاً.
الالتهاب
على الرغم من توافر أدوية جديدة فعالة، فإن الأمراض الالتهابية مثل ألم الليف العضلي، والربو، والتحسس، والتصلب المتعدد، والتهاب المفاصل، والصداف، والداء القلبي، والشيخوخة هي في ارتفاع مستمر في مجتمعنا. لماذا؟ لأن حمياتنا العصرية مؤهِّبة للالتهاب بشكل يفوق أسلافنا بكثير.
معظمنا مشغول جداً بمحاولة اللحاق دائماً بالحياة العصرية، ذلك أننا نأكل الكثير جداً من الأطعمة المعالجة السريعة التحضير، والتي يُعلن عن الكثير منها بأنها صحية. ولأن الجسم البشري لم يُصمم لكي يعالج بشكل كافٍ هذه الأغذية المكررة كثيراً، لذا، إن تناولت الكثير منها فإنك بذلك تحرّض على بداية تفاعل متسلسل يسبب الالتهاب في جسمك. وهكذا، فإن الالتهاب يساهم في زيادة شدة جميع الأمراض.
لكن الأخبار الجيدة أننا سنريكم كيف ستتمكنون من السيطرة على أعراض هذه الحالات عن طريق إنقاص مقدار الالتهاب في جسمكم بوساطة حمية مضادة للالتهاب.
سوء التغذية في أرض الوفرة
بالرغم من أنكم لن تعتقدوا بأن مجتمعنا سيئ التغذية، وذلك اعتماداً على الكميات اللانهائية من الطعام الرخيص المتوافر بسهولة – وبما أن 65% منا تقريباً مفرطو الوزن – إلا إن الحقيقة هي أننا لا نحصل على التغذية بشكل ملائم. إن كلمة سوء التغذية تعني التغذية غير الملائمة أو الخاطئة، وهي لا تعني بالضرورة عدم كفاية مدخول السعرات الحرارية. فعلى الرغم من أن معظمنا يحصل على سعرات حرارية كافية من طعامه، فإننا غالباً ما نحصل على هذه السعرات الحرارية بشكل أطعمة مغلّفة سريعة التحضير سُلبت منها العناصر المغذية الأساسية أثناء المعالجة. ولذلك، فإن الكثيرين منا لا يحصلون دائماً على العناصر المغذية اللازمة للحفاظ على الجهاز المناعي صحيحاً، والوقاية من حدوث الزكام والسرطان، وإبعاد السُمنة. إن الأغذية الطبيعية الكاملة هي فقط التي تحتوي على جميع العناصر المغذية الضرورية لمكافحة المرض والتي يحتاجها جسمك.
علاوة على ذلك، يقوم الكثيرون منا بالإقلال من المدخول الغذائي عن طريق اتباع حميات إلغاء أطعمة معينة. وليكن بمعلومك أنك إذا اتبعت ذات مرة حمية منخفضة الدسم أو منخفضة السكر، فإنك لم تكن تعطي جسمك العناصر المغذية التي يحتاجها.
إن الجسم السيئ التغذية هو جسم جائع أكثر من اللازم، وهو يعاني من اشتهاء لأطعمة غير ضرورية، إذا كنت جائعاً بشكل مستمر، وتقاوم دائماً اشتهاءك للأطعمة، فهناك خطورة مرتفعة لأن تصاب بالبدانة، أو بداء السكر النوع الثاني. هاتان الحالتان تتعلقان بشكل صميمي بالشعور بعدم الشبع الكافي، وعدم التغذية الملائمة.
لماذا تؤدي الحميات المنخفضة الدسم إلى سوء التغذية والالتهاب؟
لسنوات خلت كان أخصائيو التغذية يشجعوننا، بكل حسن نية، أن نملأ عربات تسوقنا بالأطعمة الخالية من الدسم، وذلك بهدف خسارة الوزن، والتمتع بصحة قلب أفضل. في الماضي، كان يصغي الكثيرون منا وهم يمضغون طواعيةً أطعمة مثل البرتزل Pretzel، والباغل Bagel، وأنواع الخبز، والمعكرونة بحيث تكون خالية من الدسم ولو كانت عالية التكرير. كان المجتمع الطبي يشجعنا على أن نفعل هذا بالاعتماد على أبحاث فترة السبعينيات غير المكتملة، والتي فشلت بالتمييز بين الدهون الصحية وغير الصحية. ولأن الدهون المشبعة هي غير صحية، فقد افتُرض أن جميع الدهون كذلك.
في نفس الوقت الذي فشل فيه الأطباء في مجال الدهون، فشلوا أيضاً في التمييز بشكل ملائم بين الكربوهيدرات الصحية الغنية بالعناصر المغذية، والكربوهيدرات غير الصحية، والمعالجة بشكل عالٍ، والفقيرة بالعناصر المغذية. كنا نسمع بأنه يتوجب علينا الإقلال من السكر، ولكن لم يخبرنا أحد قط أن نتجنّب الكربوهيدرات الأخرى الفقيرة بالعناصر المغذية؛ كالدقيق المكرر. وفي النهاية، أصبح العديدون منا يأكلون المئات من السعرات الحرارية الفارغة يومياً، وهم بذلك يبنون حلقة معيبة تؤدي للبدانة وإلى مشاكل صحية خطيرة أخرى. لقد فشل محامو الدسم المنخفض في تذكيرنا أننا إذا لم نحرق فورياً هذه الكربوهيدرات الفارغة كطاقة، فإنها سوف تتحول إلى نفس الشيء الذي نحاول تجنّبه: الدهون المشبعة، والتي تمنع أجسامنا من صنع أي هرمونات مضادة للالتهاب، مما يؤدي إلى استفحال الأمراض الالتهابية.
لماذا تؤدي الحميات المنخفضة الكربوهيدرات إلى سوء التغذية والالتهاب؟
بعد موجة الدسم المنخفض جاءت آخر صرعة في حميات إلغاء الأطعمة: إنها صرعة حمية الكربوهيدرات المنخفضة. وعلى نقيض فلسفة الكربوهيدرات المنخفضة، فإن الحقيقة هي أن جميع الفاكهة والخضار جيدة لأجسامنا، وكذلك جميع المصادر ذات الحبوب الكاملة للكربوهيدرات الكثيفة، بما في ذلك الخبز المصنوع من الحبوب الكاملة، والمعكرونة المصنوعة من الحبوب الكاملة، والفاصولياء، والبقول، والخضار النشوية مثل الذرة، والبطاطا الحلوة، والبطاطا.
إن الكربوهيدرات هي العنصر الغذائي “الطاقوي”، وجسمك يحتاج للطاقة لكي يقوم بوظائفه. فعلى الرغم من أن جسمك يستطيع استعمال الدسم كمصدر للطاقة إذا توجب عليه ذلك، فالأمر الطبيعي أن يستعمل الدسم كمصدر للطاقة فقط إذا تعرض للجوع الشديد. ولكي يحمي الجسم نفسه من التضور جوعاً، يقوم بإنقاص معدل الاستقلاب عندما تقوم بإنقاص تناول جميع أنواع الكربوهيدرات، مما يُصعّب عليك وبشكل متزايد فقدان الوزن. يدرك دماغك هذا الانخفاض في معدل الاستقلاب بسهولة، فيرسل إشارات الرغبة بتناول الأطعمة، وهي التي تعطي الإشارات بأنه يحتاج طاقة الكربوهيدرات، وذلك بشكل يوازي الشدات التي يواجهها الإنسان في حياته اليومية.
إن الحميات المنخفضة الكربوهيدرات هي بعيدة عن المثالي، عندما يتعلق الأمر بصحتك على المدى البعيد، كما أنها تفتقر إلى المواد المكافحة للمرض والبدانة مثل الألياف والمواد النباتية الكيميائية. إن من يتبع الحمية المنخفضة الكربوهيدرات يقوم، وبشكل دائم تقريباً، باستهلاكٍ زائد للدهون غير الصحية والتي تزيد بشكل كبير من الالتهاب، كما وتسيء بشكل كبير للأمراض المتواسطة بالالتهاب مثل الداء القلبي، والتصلب المتعدد، والربو، والتهاب المفاصل.
إن الحمية المنخفضة الكربوهيدرات تتركك عرضة للمشاكل الصحية على المدى الطويل، لأنك بسبب هذا النوع من التجنّب سوف تفشل دائماً في الحصول على الكميات المثلى من العناصر المغذية الرئيسية التي يحتاجها جسمك لمكافحة الأمراض.
إن الحميات المنخفضة الكربوهيدرات هي بعيدة عن المثالي بالنسبة لتدبير الوزن على المدى الطويل. فقد أظهرت دراسة حديثة أن فعالية الحميات المنخفضة الكربوهيدرات تتضاءل بمرور الوقت. وفي دراسة من مجلة نيو إنغلاند جورنال أوف ميديسن استغرقت عاماً واحداً، اتضح أن الأشخاص الذين اتبعوا حميات منخفضة الكربوهيدرات قد استرجعوا وزناً كافياً في الأشهر الستة الثانية من الدراسة، وهكذا لم يعد الفرق هاماً إحصائياً في فقدان الوزن بين المجموعة المنخفضة الكربوهيدرات والمجموعة المنخفضة الدسم، وذلك في نهاية السنة.
العادة رقم 1: تناول الكثير من الدهون المتحوّلة
بالرغم من أن الدهون المتحولة قد نوقشت حديثاً فقط في الأدب الصحي العام، فإن المخاطر الصحية المترافقة مع هذه الدهون معروفة منذ سنوات خلت. إن الدهون المتحولة هي أسوأ أنواع الدهون على الإطلاق، ويجب ألا نأكلها أبداً. مؤخراً، تم التوصل إلى أنه لا يوجد أبداً مستوى آمن لتناول الدهون المتحولة، وذلك من قبل الأكاديمية القومية الأميركية المنبثقة عن معهد العلوم الطبي، وهي المؤسسة المسؤولة عن إخبار حكومة الولايات المتحدة عن السياسة الصحية، والمسؤولة عن تحديد المدخول اليومي المثالي (Recommended Daily Intake) للفيتامينات. إن أي غذاء يضع في قائمة محتوياته مهدرجاً جزئياً، أو زيتاً مهدرجاً من أي نوع، أو مارغرين، أو “دهوناً نباتية” (Shortening) يحتوي دائماً على الأقل بعضاً من الدهون المتحولة المميتة. أيضاً، افترض أن جميع الأطعمة المقلية في المطاعم، وأماكن تناول الطعام السريع تحتوي على دهون متحولة، لذا يجب تجنّب جميع هذه المنتجات بالكامل.
إن الدهون المتحولة ذات علاقة مباشرة بالداء القلبي. وبصورة مخيفة، فإن الدهون المتحولة قادرة على تغيير مستوى الكولسترول لديك ليصل لأخطر المستويات سوءاً بالنسبة لخطورة حدوث الداء القلبي، وهي أسوأ من الدهون المشبعة. تقوم الدهون المتحولة برفع مستوى الكولسترول السيئ LDL، ومستوى الكولسترول الإجمالي، وتقوم في الوقت نفسه بإنقاص مستوى الكولسترول الجيد الواقي HDL. إذا لم يكن هذا كله سيئاً كفاية، فالدهون المتحولة تزيد أيضاً مستوى الدهون الثلاثية (تريغليسيريد) لديك، وتضعف التوسع الشرياني، وهما حدثان يزيدان من خطورة حدوث داء الشرايين القلبية.
التحول الفظيع للدهون المتحولة
تبدأ الدهون المتحولة بشكل بريء وذلك بشكل زيوت نباتية سائلة. وفي حالتها الطبيعية غير المكررة، فإن بعضاً من هذه الزيوت غني بالدهون الصحية التي سنتحدث عنها لاحقاً. المشكلة هي أن الزيوت النباتية السائلة تفسد بسهولة، ومن الواضح أن ارتفاع معدلات فساد الزيوت هذا أمر غير اقتصادي بالنسبة لمصنعي الأغذية الحساسين تجاه التكلفة.
يستعمل مصنعو الأغذية عملية كيميائية تدعى الهدرجة، ليطيلوا وقت التخزين الصالح، ويزيدوا أرباحهم. وخلال الهدرجة، يتغير كلياً التركيب الكيماوي للزيوت النباتية. يتم تسخين الزيوت إلى درجات حرارة مرتفعة جداً، ثم يتم دفع غاز الهدروجين فيها. تحرق درجات الحرارة المرتفعة هذه جميع الدهون والعناصر الصحية، وتنتج في الوقت نفسه جذوراً حرة (Free radicals) سامة تؤذي الجسم.
إن أحد أهم الأمور التي يمكن أن تفعلها لتحسن صحتك، هو أن تتجنّب جميع الأطعمة التي تحتوي زيوتاً مهدرجة، أو مهدرجة جزئياً، أو تحتوي المارغرين، أو الدهون النباتية.
امتنع عن تناول الدهون المتحولة بشكل كامل، وانتقل لتناول البدائل الصحية.
العادة رقم 2: تناول الكثير من الكربوهيدرات المعالجة والفقيرة بالعناصر المغذية، وعدم تناول ما يكفي من الكربوهيدرات الكاملة الصحية
على النقيض من الاعتقاد الشائع، هنالك نوعان فقط من الأغذية الكربوهيدراتية التي تحتاج لأن تنتبه إليها: الدقيق المكرر، والسكر. إن الأخبار السيئة هي أن الأكثرية العظمى من الأطعمة المحتوية على الكربوهيدرات، والتي يتناولها الشخص العادي، تكون محضّرة من الدقيق المكرر و/أو السكر. الأمثلة على ذلك تشمل المعكرونة العادية، ومعظم أنواع الخبز، ومعظم أنواع حبوب الفطور، والبرتزل، وعجين البيتزا العادية، والكعك المحلى (Cookies)، والكيك، ومعظم أنواع الباغل، والمافن، والمقرمشات السادة، وهذه كلها أمثلة عن الأطعمة التي تحتوي بشكل نموذجي الدقيق المكرر، أو السكر، أو كلاهما.
هذان النوعان من الغذاء ذي الكربوهيدرات الفارغة (الدقيق المكرر والسكر) يساهمان بشكل مباشر في حدوث داء السكر، والبدانة، والداء القلبي، وعدد من الحالات الالتهابية. ونأتي إلى الأخبار الجيدة وهي أنه يوجد الكثير من البدائل “كاملة الكربوهيدرات” لتلك الفارغة. يمكنك أن تستمتع بالخبز، والمعكرونة، والحبوب، والبيتزا طالما أنك تشتري منتجات كاملة الكربوهيدرات. ونحن سنريك كيف.
في هذه الحقبة من حذف الأغذية، هذه الحقبة من الحميات المنخفضة الدسم، والمنخفضة السعرات الحرارية، والمنخفضة الكربوهيدرات، حدث تجاهل كبير للفوائد المترافقة مع تناول الكربوهيدرات الموجودة في الأغذية الكاملة؛ وذلك على الرغم من الحقيقة القائلة إن تناول الأغذية الكاملة قد أثبت أنه أفضل من جميع أنماط المعيشة الأخرى، وذلك عندما يتعلق الأمر بالوقاية من داء الشرايين الإكليلية القلبي. إن الفرق بين نمط المعيشة الصحي المتوازن الذي يعتمد على الغذاء الكامل، وبين الحميات التقليدية من ناحية الإصابة بالداء القلبي هو أكبر من 70 بالمئة، وهو رقم أكبر بكثير من الفائدة المرجوة من الأدوية مثل الأسبرين، حاصرات بيتا، خافضات الكولسترول، أو أي أدوية متوافرة في السوق لذلك.
الثلاثة الكبيرة: كيف تساهم الكربوهيدرات الفارغة في: البدانة، والداء القلبي، وداء السكر
البدانة والكربوهيدرات الفارغة: إن العديد من الحميات الشائعة تنصح بأن نترك جميع أنواع الكربوهيدرات، وذلك بغية فقدان الوزن، وعلى الرغم من ذلك، فإن الاعتقاد الغذائي الشائع بأن الكربوهيدرات هي دائماً تمثل الأشرار، هو ليس فقط اعتقاداً خاطئاً، بل وخطيراً أيضاً على المدى البعيد. فبينما تساهم الكربوهيدرات المزيفة والفارغة في البدانة بشكل هام (مثل الباغل بالطحين الأبيض، والبرتزل، والمعكرونة البيضاء، والخبز الأبيض)، فإن أقاربها الصحية والغنية بالعناصر المغذية (الحبوب الكاملة، والفاصولياء، والبقوليات، والفواكه، والخضار، والبطاطا) هي أساسية في المحافظة على الصحة وفقدان الوزن الذي يدوم. إن جسمك يحتاج إلى العناصر المغذية، والألياف الموجودة في الكربوهيدرات الكاملة الصحية، وذلك كي تلبي اشتهاء الأطعمة، وتحارب البدانة.
تعتبر الكربوهيدرات المزيفة الفارغة العدو رقم واحد عندما يتعلق الأمر بالبدانة، فعندما تأكل الكربوهيدرات الفارغة، يرتفع مستوى سكر الدم لديك إلى الذروة، لذلك ينتج جسمك الكثير من الأنسولين لكي يخفض مستوى سكر الدم لديك. المشكلة هي أن الأنسولين هو هرمون تخزين الدهن الأساسي في الجسم، فهو يجبر كبدك على تحويل السكر الزائد في دمك إلى دهن، ثم يجعل دمك يقوم بتسليم هذا الدهن إلى الخلايا الدهنية، أي حرفياً يحشوها بالدهن. ولكي يزيد من سوء الحالة السيئة أصلاً، فإن المستويات المرتفعة من الأنسولين تمنع جسمك من استخدام مخازن الدهن لديك كمصدر للطاقة. هذه التركيبة من ازدياد تخزين الدهن، ونقصان تحرره تساهم بشكل كبير في البدانة. يجب أن تتوقف كي تدافع عن نفسك، وذلك بتجنّب الكربوهيدرات الفارغة.
إن الضبط السيئ لسكر الدم هو مشكلة أخرى، وذات علاقة وطيدة بتناول الكربوهيدرات الفارغة. إنك تعلم أصلاً أن تناول الكربوهيدرات الفارغة يجبر جسمك على إنتاج الكثير من الأنسولين؛ ولكن المشكلة تكمن في أن الكميات الكبيرة من الأنسولين يمكنها أن تخفض سكر الدم لديك لحدٍّ منخفض جداً. وعندما تنقص مستويات سكر الدم لديك لحدٍّ منخفض جداً، تشعر أنك جائع بصورة أكثر مما يجب أن تكون عليه بشكل طبيعي. بكلمات أخرى، تشعر بأنك جائع على الرغم من أنك لا تحتاج فعلاً لأن تأكل المزيد من الطعام. وهذه طبعاً أخبار سيئة، إذا كنت تحاول أن تنقص وزنك أو تحافظ عليه.
الداء القلبي، والكربوهيدرات الفارغة: على الرغم من أن معظم الناس يلومون الكولسترول الطعامي، والدهن الطعامي كمسببين للداء القلبي، فإن الكربوهيدرات الفقيرة بالعناصر المغذية يجب أن تُلام بنفس الدرجة تماماً كسبب لذلك.
كل شخص تقريباً يعلم أن الدهن المشبع (Saturated fat) سيئ للقلب. ولكن الأمر الذي لا يعرفه الكثيرون هو أن الكربوهيدرات الفقيرة بالعناصر المغذية تتحول بسهولة بواسطة كبدك إلى دهون مشبعة تسد الشرايين، إذا تم تناولها بشكل زائد عما يحتاجه جسمك كطاقة. إن الكربوهيدرات هي العنصر الغذائي الطاقي، وبسبب التطور، فإن الجسم البشري قد أصبح أكثر كفاءة من الناحية الطاقية. ليس هناك سبب لأن تبقي طاقة الكربوهيدرات في الجوار إذا لم تكن تستعملها، ولذلك فإن أكثر الأمور فعالية هنا من وجهة نظر تطورية هو أن تحوّل هذه الكربوهيدرات غير المحروقة لدهن يُخزن في خلاياك الدهنية، وذلك احتياطاً إذا حدثت مجاعة. في أميركا الحديثة، لا تحدث هذه المجاعة أبداً، وهكذا فإن قياس خصرنا يزداد. وإذا لم تكن فعّالاً جداً من الناحية الجسدية بحيث يستعمل جسدك هذه الكربوهيدرات الزائدة فوراً كوقود لنوع ما من الفعالية، فإنها ستتحول حتماً إلى دهن مشبع.
يؤدي التناول المفرط للكربوهيدرات الفارغة أيضاً إلى زيادة مستوى الدهون الثلاثية (التريغليسيريد)، وهو ليس بالأمر الجيد لصحة قلبك وأوعيتك. ففي الواقع، وصل الأمر ببعض الباحثين لأن يقترح أنّ التواجد المشترك لمستوى مرتفع من الدهون الثلاثية، ومستوى منخفض من الكولسترول الجيد HDL هو عامل أكثر خطورة (بالنسبة للداء القلبي والسكتة) من عامل الخطورة التقليدي وهو المستوى المرتفع من الكولسترول السيئ LDL.
حتى إذا تجاهلت موضوع مستوى الكولسترول HDL لديك، فإن وجود مستوى مرتفع من الدهون الثلاثية قد ثبت أنه خطير بحدّ ذاته. لذلك، إذا تناولت كمية أقل من الكربوهيدرات المعالجة بإفراط، والفقيرة بالعناصر المغذية فسيكون مستوى الدهون الثلاثية أقل في دمك، وسيقل احتمال إصابتك بالداء القلبي.
داء السكر، والكربوهيدرات الفارغة: إن النمط الأكثر شيوعاً من داء السكر (وهو النمط II الكهلي) ينجم عن السوء الوظيفي في الطريقة التي يتعامل فيها الجسم مع الأنسولين. معظم مرضى داء السكر يبدأون صحيحي الجسم، ولكنهم في النهاية يصبحون مقاومين لتأثيرات الأنسولين الموجود عندهم بشكل طبيعي، وبهذا تصبح أجسامهم غير قادرة على معالجة السكر بشكل صحيح.
وبما أن الكربوهيدرات المعالجة الفارغة هي اختراع بشري حديث، فإن أجسامنا لم تتطور لمعالجة هذه الأطعمة. إن التناول المفرط للكربوهيدرات الفارغة هو السبب القابل للوقاية، والأكثر أهمية في مقاومة الأنسولين.
تهضم الكربوهيدرات الفارغة بشكل أسرع من الدهن، والبروتينات، والكربوهيدرات الغنية بالعناصر المغذية التي يشتهيها جسمك ويحتاجها. وهكذا، فإن الهضم السريع للكربوهيدرات الفارغة يسبب ارتفاع سكر الدم بسرعة، الأمر الذي ينبّه جسمك كي يحرر الأنسولين الذي يقود السكر خارج دمك باتجاه خلاياك، حيث يمكن استعماله من أجل القدرة. إن ارتفاع مستويات سكر الدم يعني ارتفاع مستويات الأنسولين. إذا قمت بتناول الكربوهيدرات الفارغة بشكل متكرر، فإنك تجبر جسمك على إنتاج كميات كبيرة من الأنسولين لتتجنّب ارتفاع مستويات سكر الدم.
يحدث داء السكر عندما يتم إنتاج الأنسولين بكميات كبيرة خلال فترة طويلة من الزمن حتى يصبح جسمك في النهاية مقاوماً لتأثيره. يمكن لجسمك أن يتدبّر الأمر لفترة، حيث بإمكانه أن ينتج كميات إضافية من الأنسولين ليتغلب على هذه المقاومة. في النهاية، تزداد مقاومة الأنسولين إلى الحدّ الذي لا يستطيع معه جسمك أن ينتج كميات كافية من الأنسولين ليحافظ على سكر الدم لديك عند مستواه الطبيعي. الآن أنت تعاني من داء السكر، وهو عامل خطورة قوي جداً لحدوث السكتة، والنوبات القلبية، والخرف، والبتر، وقصور الكلية، والعنانة، والعمى، وغير ذلك.
حمية مفعمة بالكربوهيدرات الغنية بالعناصر المغذية، والموجودة في الغذاء الكامل
إن الكربوهيدرات الغنية بالعناصر المغذية، والموجودة في الغذاء الكامل تقوم بتنظيم مستوى سكر الدم لديك. ترفع هذه الكربوهيدرات الغنية بالعناصر المغذية مستوى سكر الدم لديك بشكل صغير ومؤقت. يؤدي هذا إلى ارتفاع أقل حدة بكثير في مستوى الأنسولين من الذي يحدث عندما تتناول الكربوهيدرات الفارغة. كلما كان مستوى سكر الدم لديك أكثر استقراراً، قلّ احتمال أن تجوع، وسهل عليك فقدان الوزن والحفاظ عليه. أيضاً كلما كان مستوى سكر الدم لديك أكثر استقراراً، قلّ احتمال أن تصبح مقاوماً للأنسولين وأن تصاب بداء السكر.
بمجرد أن تتعلم كيف توازن سكر الدم لديك عن طريق تناول كربوهيدرات الغذاء الكامل باستمرار، سوف تعود شهيتك بشكل طبيعي إلى حدودها الطبيعية. وهكذا فإن تناول كربوهيدرات الأغذية الكاملة غير المعالجة سوف يمكّنك من أن تسيطر على شهيتك، ولن يسمح لسكر الدم بتلك السيطرة.
تناول وجبات متوازنة تحتوي كربوهيدرات كاملة غنية بالعناصر المغذية مثل معكرونة القمح الكامل، وخبز القمح الكامل، والبطاطا، والأرز الأسمر، وطحين الشوفان، والفاصولياء، والفواكه، والخضار.
العادة رقم 3: تناول الكثير من الدهن المشبع
مرّ على الأطباء وأخصائيي التغذية على الأقل ثلاثون سنة وهم ينصحون الناس بالدهن المشبع. أما الآن فأكثرنا يعلم أننا إذا تناولنا الكثير من الدهن المشبع (الدهن الموجود في الزبدة، ومنتجات الألبان المرتفعة الدسم، واللحوم الدهنية، وبعض الأطعمة المعالجة)، فإننا نقوم برفع خطورة إصابتنا بنوبات القلب، وارتفاع الكولسترول، والسكتة، وأمراض الأوعية المحيطية. وما هو معلوم ولكن بشكل أقل أن الحميات الغنية بالدهن المشبع تساهم أيضاً بأمراض المرارة، وأنواع معينة من السرطان، بالإضافة إلى ألم الليف العضلي، والتصلب المتعدد، والربو، والخرف الوعائي، والتحسسات، والتهاب المفاصل، والصداف. تتدخل الدهون المشبعة بالطريقة التي ينظم بها جسمك إنتاجه للهرمونات الطبيعية المسماة “البروستاغلاندينات”، وهي الهرمونات التي تكافح الالتهاب في جسمك.
يجب على الناس الأصحاء أن يقتصروا على تناول مقدار 20 غ يومياً من الدهن المشبع، أما الناس المصابون بأمراض القلب، أو الحالات الالتهابية الأخرى فيجب أن يقتصروا على 15 غ يومياً من الدهن المشبع.
لا تقلق، فلا يزال مسموحاً لك أن تتناول أطعمة تحتوي على الدهن المشبع ولكن تناولها باعتدال، وبدلاً من ذلك، هنالك العديد من أنواع الدهن الصحية التي يمكنك الاستمتاع بها وبكميات كبيرة.
العادة رقم 4: عدم تناول كمية كافية من الدهن الأساسي
هناك نوعان من الدهن الأساسي الصحي: دهن أوميغا 3، ودهن أوميغا 6. يحتاج جسمك لهذين الدهنين الصحيين بشكل ثابت لكي يعيد بناء الخلايا، وليدعم وظيفة الدماغ، وليحرق مخازن الدهون لتوليد الطاقة، وليحافظ على صحة جهازك القلبي الوعائي، والتناسلي، والعصبي المركزي، والمناعي، والعديد العديد. كل خلية حية في جسمك تحتاج بشكل مباشر، أو غير مباشر للدهون الأساسية وذلك لكي تعمل بشكل ملائم. إن الحميات الحديثة فقيرة بالدهن الأساسي المضاد للالتهاب أوميغا 3 أكثر من فقرها بأي نوع آخر من الطعام.
عندما يسمع الناس كلمة دهن، يصابون بالخوف، ومع ذلك، فالدهون الأساسية تساعد بشكل عملي في إنقاص الوزن. إن الدهون الأساسية هي دهون غير مشبعة تحترق بشكل أسرع من أنواع الدهن الأخرى. كما ولديها المقدرة الفريدة على زيادة معدل الاستقلاب لديك، وعلى أن تجبر جسمك على أن يحرق الفائض من الدهون. ففي كتابه الذي حقق أفضل المبيعات الدهون التي تشفي، الدهون التي تقتل يشرح أودو إيراسموس ما يلي: “بهذه الكميات (المرتفعة)، تساعد (الأحماض الدهنية الأساسية) على حرق الدهون الفائضة، وتساعد الإنسان على إنقاص وزنه والبقاء نحيلاً”. وهناك دراسة من هولندا تثبت أن الحميات الغنية بالدهون الأساسية المتعددة اللاإشباع تزيد معدل استقلاب الراحة لديك (أي الاستقلاب عندما تكون مرتاحاً) بما يعادل 4 بالمئة، وذلك عندما تمّت مقارنتها بالحميات الغنية بالدهن المشبع. هذا يعادل تقريباً خمسين سعرة حرارية إضافية يتمّ حرقها كل يوم، أي ما يزيد على خمسة أرطال (2.5 كلغ) سنوياً، وذلك حتى لو كنت تستهلك نفس الكمية من الطعام، وحتى لو جلست بدون حراك!
على نقيض الدهون الأخرى، فالدهون الأساسية لا تستعمل من قبل جسمك لتوليد الطاقة حتى يتم استهلاك جميع مصادر السعرات الحرارية الأخرى. ولذلك، لا يتم تخزين الدهون الأساسية كدهن في الجسم. بدلاً من ذلك، تستعمل للصيانة المستمرة للوظائف الهامة البنيوية، والهرمونية، والكهربائية في جسمك.
وبما أن الدهون الأساسية تغذي جلدك، فإن نقص أحد أنواعها يمكن أن يؤدي إلى تقصّف الشعر، ضعف الأظفار، سوء البشرة، وشيخوخة مبكرة للجلد. لا يمكنك حتماً أن تمتلك بشرة جميلة مثالية من المراهم فقط. إن أطباء الجلد يعرفون أن الدهون الأساسية تعزز الصحة والحيوية من الداخل للخارج. فالمرضى الذين يميلون للإصابة بحبّ الشباب يشجعهم أطباء الجلد العصريون على تزويد حمياتهم بأنواع الدهون الأساسية، وفي نفس الوقت إلغاء أو إنقاص شديد للأطعمة الغنية بالدهن المشبع والدهون المتحولة. ومن الممتع ذكره، أن حب الشباب حالة نادرة في المجتمعات التي تسيطر فيها الحميات ذات الغذاء الكامل.
أما بالنسبة لجلد البالغ فهو يستفيد أيضاً لأن الدهون الأساسية تسمح لجلدك بأن يحتفظ بالرطوبة، مما يساعد بمنع حدوث الوجه المفزع المجعد. يتوجب على الرجال والنساء الذين يخافون من حدوث التجاعيد أن يعرفوا أكثر عن الدور الحاسم الذي تلعبه الدهون الأساسية في إبقاء البشرة طرية، ومرنة، ومرطبة. يقول الجراح التجميلي في لوس أنجلوس ريتشارد إيلنبوجين: “… الحميات القليلة الدسم جداً تمص الزيوت من جلدنا. نرى الناس الذين يتبعون حميات قليلة الدسم في الثلاثينيات من العمر يبدون مثل الخوخ المجفف (إشارة إلى التجاعيد)…”.
إن تناول المزيد من الدهون الأساسية يؤمن العديد من المنافع الصحية النوعية.
يمكنك زيادة مدخولك الإجمالي من الدهن الأساسي عن طريق تناول مصادر الغذاء الكامل للدهن الأساسي أوميغا 6 مثل فول الصويا، والحبوب، والمكسرات الكاملة. كما يمكنك أن تقوم بإدخال دهن أوميغا 3 بسهولة في حميتك عن طريق تناول أغذية مثل السمك، والمحار، والجوز، وزيت الكانولا المستخرج على البارد، وبذور الكتان، وزيت الكتان، وذلك بشكل أكثر تواتراً.
العادة رقم 5: تناول الكثير من الزيت النباتي المعالج
لقد تم تحديد الدهن المشبع كعامل خطورة لأمراض القلب، وذلك منذ أكثر من أربعين عاماً. وكنتيجة لذلك، بدأ الأشخاص الواعون صحياً بتحديد مدخولهم من الدهن المشبع، أمّا مصنّعو الغذاء فركبوا الموجة، وقاموا بتقليل محتوى الأغذية من الدهن المشبع عن طريق استبداله بالزيت النباتي المعالج. واليوم، يستعمل الزيت النباتي بكميات كبيرة في عدد هائل من الأطعمة المعالجة. انظر حولك وسوف تجد نسبة مئوية عالية جداً من الأغذية المعالجة الجاهزة التي تحتوي إما على أحد أنواع الزيت النباتي أو على أحد أنواع الزيت النباتي المهدرج جزئياً.
إن الزيوت النباتية المعدّة للبيع في الأسواق يتم تكريرها تحت درجات حرارة عالية جداً، ثم تعالج، وبعد ذلك يتم تزنيخها حتى تدوم لفترة أطول، ومن ثم تزال رائحتها الكريهة، وتنقّى لكي يصبح مذاقها مقبولاً. هذه الزيوت النباتية الموجودة في البقالات هي أغذية ذات سعرات حرارية فارغة، تؤذي صحتك، وتزيد محيط خصرك.
بالرغم من اسمها الذي يبدو صحياً، فالزيوت النباتية العادية يمكن أن تكون مؤذية جداً لصحتك بشكل عام. تتضمن هذه الزيوت: زيت دوار الشمس العادي، زيت العصفر العادي، زيت الذرة، زيت السمسم، زيت الفول السوداني، زيت فول الصويا، زيت بذور القطن، والزيت النباتي الصافي.
لماذا تعتبر الزيوت النباتية المعالجة مضرةً جداً لصحتك؟
هنالك ثلاثة أسباب حاسمة تدفعنا لأن نعتبر الزيوت النباتية المطروحة في الأسواق مضرةً لصحتك:
الزيوت النباتية العادية تعالج بشكل غير ملائم
تتكون الزيوت النباتية بشكل أولي من دهن أساسي أوميغا 6، ولكنه قابل للتخرب بسهولة شديدة. وبينما تعد أنواع دهون أوميغا 6 صحيةً في حالتها الطبيعية النقية، فهي تصبح مؤذية عندما تتم معالجتها بشكل غير ملائم. يجب حماية دهون أوميغا 6 من الحرارة، والضوء، والهواء وإلا فإنها تصبح دهوناً مخربةً وغير صحية. إن الزيوت النباتية العادية العالية التنقية التي أدرجناها أعلاه، لا تعالج عادة بشكل ملائم، لأن القيام بذلك يكلف مبالغ باهظة جداً. وهكذا لا تستطيع أكثرية البقاليات أن تتحمل تكاليف شراء كميات كبيرة من الزيوت النباتية العالية النوعية، لذلك على الأغلب لا تقوم بذلك.
الزيت النباتي هو غذاء يمتلك سعرات حرارية فارغة
إن الزيوت النباتية الموجودة في البقاليات مصنوعة من أغذية كاملة صحية مثل الذرة، فول الصويا، والفول السوداني. المشكلة هي أن تقنيات المعالجة العصرية تزيل كل العناصر المغذية وكل الألياف من هذه الأغذية الكاملة. وهكذا، فالمنتج النهائي (الزيت النباتي المعالج) الفقير بالعناصر المغذية غني بالسعرات الحرارية.
تحتوي الزيوت النباتية على النسبة الخاطئة من دهن أوميغا 3 إلى أوميغا 6
عندما يتعلق الأمر بالدهن الأساسي، نحتاج للمزيد من دهن أوميغا 3، ولكن ليس بالضرورة للمزيد من دهن أوميغا 6. يتناول الشخص العادي نسبة غير متوازنة بشدة من دهن أوميغا 3 الأساسي إلى دهن أوميغا 6 الأساسي. وكمجتمع، خلال العقود القليلة الماضية، قمنا بزيادة ملحوظة في مدخولنا من الزيوت النباتية العالية التكرير، والغنية بدهن أوميغا 6. وكنتيجة لذلك، نحن الآن نأكل الكثير جداً من دهن أوميغا 6 المكرر، والقليل جداً من دهن أوميغا 3، وهو النوع من الدهن الموجود على الغالب في السمك، والمحار، والجوز، وزيت الكانولا المستخرج على البارد، بذور الكتان، وزيت الكتان.
حتى تكافح الأمراض الالتهابية، يتوجّب عليك أن تستهلك مقداراً من دهن أوميغا 6 لا يتجاوز أربعة أضعاف من دهن أوميغا 3. إن الشخص العادي المتّبِع للحميات العصرية النموذجية يتناول تقريباً 14 إلى 20 ضعفاً من دهن أوميغا 6 نسبةً إلى دهن أوميغا 3!
على الرغم من أن الناس بشكل عام لا يدركون الأهمية التي تتمتع بها نسبة أوميغا فيما يتعلق بالصحة العامة، فإن العديد من المجلات الطبية والغذائية المعروفة قد ذكرت – وبشكل متكرر – الفوائد المستحصلة من تناول النسبة الصحيحة للدهن الأساسي. لقد أظهر التناول غير المتوازن للدهن الأساسي أنه متعلق بحالات تنكسية خطيرة متنوعة مثل أمراض القلب، العديد من أنواع السرطان، والسكتة، والربو، والتهاب المفاصل الرثياني، والخرف الوعائي.
انتقل من تناول الزيوت القاتلة المطروحة في الأسواق إلى زيوت أوميغا 3 المحضّرة بشكل صحيح وغير المسخنة، ومثال ذلك زيت الكتان، وزيت الكانولا المستخرج على البارد، والزيوت الصحية الأخرى مثل زيت الزيتون أول عصرة، زيت الأفوكادو، والأنواع الخاصة الغنية بحمض الأولييك من زيوت دوار الشمس، زيت العصفر، وزيت الكانولا وهي الآن تباع في الأسواق. تتواجد العديد من الزيوت الصحية.
ما هو سبب الأهمية البالغة لنسبة أوميغا؟
إن تناول النسبة الصحيحة من دهن أوميغا 3 إلى دهن أوميغا 6 يرفع إنتاجك من البروستاغلاندينات الجيدة المضادة للالتهاب للحدّ الأعلى، ويخفض في الوقت ذاته إنتاجك من البروستاغلاندينات السيئة المُحرّضة على الالتهاب. إذا تم تناول دهون أوميغا 6 بكميات معقولة، يتم تحويلها بشكل حصري تقريباً إلى البروستاغلاندينات الجيدة المضادة للالتهاب. ولكن، عندما يتم تناول دهن أوميغا 6 بإفراط يمكن أن تتحول إلى مواد يستعملها جسمك لاحقاً ليصنع بروستاغلاندينات مضرة محرّضة على الالتهاب. إن البروستاغلاندينات المُحرّضة على الالتهاب تسيء إلى حالة أي مرض متواسط بالالتهاب.
إنه ليس بالأمر الصعب أن تغير حميتك، لكي تحقق أفضل نسبة أوميغا لديك. إذا قمت فقط بإلغاء القليل من الزيوت النباتية المؤذية من حميتك، وفي الوقت ذاته قمت بزيادة مدخولك من أنواع دهن أوميغا 3 الجيد، والتي سننصح بها لاحقاً، فهذا كل ما تحتاجه. لا داعي للحسابات. لا داعي للتفكير. إنها بهذه البساطة.
العادة رقم 6: عدم تناول ما يكفي من الألياف
تتواجد الألياف في الأغذية الكربوهيدراتية الغنية بالعناصر المغذية مثل الفاصولياء، والخبز المصنوع من الحبوب الكاملة، والمعكرونة المصنوعة من الحبوب الكاملة، والبطاطا، والأرز الأسمر، والذرة، والبازيلاء، والفواكه والخضار، والعديد من الأغذية التي يتجنّبها أولئك الذين يتّبعون حميات منخفضة الكربوهيدرات. لا تتواجد الألياف في الكربوهيدرات المكررة والمعالجة بشدة، مثل المعكرونة البيضاء، والخبز المصنوع باستعمال الدقيق المكرر، والأرز الأبيض، وعجينة البيتزا العادية.
للألياف فوائد صحية مثبتة وهامة، وتعتبر الألياف حليفاً موثوقاً به عندما يتعلق الأمر بتدبير الوزن. إن عوز الألياف يفسّر تماماً الوبائين التوأمين: داء السكر والبدانة.
لاحظ الحقائق التالية عن الألياف:
● تنقّص الألياف خطورة إصابتك بسرطان القولون والمستقيم بنسبة 50%. وتقي الألياف من الأمراض المعوية الأخرى مثل داء الرتوج، والتهاب الرتوج، وهما مرضان قاتلان يصيبان القولون. في الدول التي تتبع فيها الحميات العالية الألياف، يعدّ من النادر جداً حدوث داء الرتوج، والتهاب الرتوج. وتقترح الدراسات أن أكثر من نصف الحالات العرضية لهذين المرضين يمكن الوقاية منها بالالتزام بحمية عالية الألياف.
● الألياف هي عامل الطبيعة المزيل للسموم، فهي تساعد بإزالة المواد السامة غير القابلة للهضم من جسمك.
● تحسن الألياف مستوى الكولسترول لديك.
● تبطئ الألياف هضم جميع الأغذية التي تأكلها، وبالتالي تساعد على تنظيم مستوى سكر الدم لديك. هذا يعني نسبة أقل لحدوث داء السكر، ونسبة أقل لحدوث البدانة، وجوعاً أقل.
● تساعد الألياف على فقدان الوزن. فقد أظهرت الأبحاث في جامعة تافت أن الأشخاص الذين يضيفون 14 غراماً إضافياً من الألياف إلى حميتهم اليومية، هم بالمحصلة يتناولون 10% سعرات حرارية أقل. وفي دراسة أخرى، قام الباحثون في جامعة أونتاريو باستعمال جداول غذائية مفصلة لمقارنة المدخول اليومي الإجمالي للألياف عند عينات من الشعب الكندي. في هذه الدراسة، كان الأشخاص الذين حافظوا على وزن صحي يتناولون 30% ألياف أكثر من أولئك الذين كانوا مفرطي الوزن.
يمكنك من دون بذل أي جهد أن تزيد مقدار الألياف التي تتناولها لضعفين أو ثلاثة أضعاف.
العادة رقم 7: عدم تناول ما يكفي من العناصر المغذية الزهيدة (Micronutrients)
الدهون، والبروتينات، والكربوهيدرات تدعى إجمالاً بالعناصر المغذية الوافرة، أما الفيتامينات، والمواد المعدنية، ومضادات الأكسدة، والمواد الكيميائية النباتية فهي تدعى إجمالاً بالعناصر المغذية الزهيدة.
تعوز الحميات الحديثة العناصر المغذية الزهيدة. صحيحٌ أن الأغذية الحديثة مدعمة بالفيتامينات والمعادن، ولهذا السبب معظمنا غير مصاب بعوز الفيتامين أو المعادن، ولكنّ المشكلة أن الغذاء المعالج غير مدعم بجميع مضادات الأكسدة (Antioxidants)، والمواد الكيميائية النباتية الأخرى الموجودة في الأغذية الكاملة الطبيعية. هذه المواد تتخرب بالمعالجة، ونادراً ما يتم استبدالها (اللهم إذا تم ذلك).
على نقيض الفيتامينات والمعادن، فإن مضادات الأكسدة، والمواد الكيميائية النباتية ليست أساسية بشكل مطلق للحياة. ومع ذلك، فإن هذه المواد الموجودة بشكل طبيعي، هي أساسية إذا كنت ترغب بأن تتمتع بصحة جيدة. تؤمن مضادات الأكسدة، والمواد الكيميائية النباتية الوقايةَ ضد أمراض القلب، الخرف، السكتة، أمراض المناعة الذاتية، الساد العيني، أنواع معينة من السرطان، والعديد من الحالات الأخرى. إن مضادات الأكسدة هي العناصر المغذية الفائقة Super nutrients المضادة للشيخوخة التي تعمل على مدار الساعة لتحمي جسمك من التلوث البيئي. أما المواد الكيميائية النباتية فهي مواد صحية موجودة فقط في الأغذية المعتمدة على النباتات، والمحتوية على كربوهيدرات. إن الدلائل العلمية تدعم قيمة المواد الكيميائية النباتية في وقاية، ومعالجة ثلاثة أسباب رئيسية على الأقل للموت الباكر، وهي السرطان، فرط ضغط الدم، والداء القلبي. فقط الأغذية الكاملة الطبيعية تحتوي جميع العناصر المغذية الزهيدة التي تحتاجها لصحة مثالية.
تناول تشكيلة واسعة من الأغذية الكاملة لتحصل على كميات مثالية من العناصر المغذية الزهيدة.