تومض الأضواء، وتدوي صفارات الإنذار، وتهرع مركبات خدمات الطوارئ عبر الطرق في سباق حياة أو موت مع الوقت. وداخل سيارة الإسعاف، يعمل إخصائيو الحالات الطبية الطارئة بأقصى سرعة لتسكين حالة المريض. ومع توقف السيارة بقوة، يفتح إخصائيو الحالات الطبية الطارئة الأبواب، ويسحبون المحفة التي يستلقي مريضهم عليها، ويهرعون إلى غرفة الطوارئ. وهناك، يتولى أطباء الطوارئ والممرضون المدربون جيدًا زمام الأمور، ويبدأون في عمل كل ما بوسعهم في محاولة منهم للحفاظ على حياة المريض. وحينما يحالفهم الحظ، ينجو المريض. وحينما لا يحالفهم الحظ، يتحمل أحد أطبائي الطوارئ مهمة قاسية وهي توصيل فاجعة خبر موت المريض إلى أهله.
وما يجعل الأمر أقسى هو معرفة أن كثيرًا ممن ماتوا في النهاية كان من الممكن وقايتهم.
بالطبع ليس هناك مفر من الموت. وبغض النظر عن مدى جدية محاولاتنا، فلا يمكننا تجنبه. ولكن الموت لا يكون مأساويًّا دائما. وأعني بذلك أن الشخص الذي يعيش حياة مديدة سعيدة ويموت بسلام في منزله وهو محاط بعائلته وأصدقائه، لا تكون وفاته مأساة، رغم أنها تبقى حقيقة محزنة. أما حينما تنتهي حياة شخص ما قبلما يفترض أن تنتهي بأعوام أو حتى عقود، حينما تنحدر جودة حياة شخص ما في مرحلة مبكرة من العمر، فإن هذه مأساة متكررة. وهذا هو نوع الموت والعجز الذي يراه أطباء قسم الطوارئ كل يوم.
حينما تفكر في كل حالات الوفاة التي تحدث دون ضرورة في غرفة الطوارئ، ربما ترتجف وأنت تتخيل أسباب وفاتهم: إصابات بالغة، وحوادث مرعبة، واصطدام سيارات، وحتى العنف المسلح.
ولكن حينما يتعلق الأمر بأنواع المشكلات التي نراها غالبا في غرفة الطوارئ، فإن الحقيقة تكون مختلفة تماما عما يتخيله معظم الناس.
إن معظم المرضى في غرف الطوارئ لا يدخلون إليها بسبب إصابات أو حوادث، وإنما بسبب النظم الغذائية التي يتبعونها. هذا صحيح؛ إن أكبر الحالات الطارئة الموجودة داخل غرف الطوارئ عبر الولايات المتحدة تنجم عن الطعام الذي نختار تناوله بإرادة حرة، ومعرفة تامة، وسعادة بالغة.
فخياراتنا من الأطعمة ليست صحية بشكل خطير حتى إن الأمراض المتعلقة بالأطعمة تتسبب في دخول عدد من الأشخاص إلى غرف الطوارئ بالمستشفيات يفوق عدد الأشخاص الذين يدخلونها بسبب الإصابات والحوادث.
إن تناول أطعمة غير صحية يسهم في حدوث ما يقارب 580000 حالة وفاة في الولايات المتحدة سنويًّا. وهذا المعدل يفوق حالات الوفاة الناجمة عن التدخين وإدمان المخدرات والعنف المسلح وحوادث السير مجتمعة. وإذا كنت تتبع النظام الغذائي الأمريكي، فإنه من المرجح أن يتسبب هذا في قتلك.
ليس من الضروري أن تكون المريض في غرفة الطوارئ وعائلته تشعر بالهلع. يمكنك تغيير نظامك الغذائي، وبفعلك لهذا، يمكنك استعادة صحتك وتغيير حياتك.
هذا صحيح. فمهما كان مدى سوء نظامك الغذائي، وأيًّا كان الوزن الزائد الذي تعانيه، ومهما كان عدد الأخطاء المرتبطة بالطعام التي ارتكبتها في الماضي، يمكنك البدء من جديد الآن. يمكنك البدء في الحياة بطريقة جديدة اليوم، الأمر الذي سيقلل من احتمالية موتك بسبب نظامك الغذائي.
إن التغييرات التي يمكنك إحداثها في التو والحال يمكنها تغيير نظامك الغذائي من نظام يؤدي لنقلك على سيارات الإسعاف تحت أضواء ساطعة إلى هبة تعزز صحتك وتنقذ حياتك تمنحها لنفسك ولعائلتك. يمكنك بالفعل قلب حياتك رأسا على عقب. قد يكون التغيير صعبًا؛ صدقني أتفهم ذلك. فمن الصعب التخلي عن عادات سيئة اكتسبتها على مدار حياتك من تناول أطعمة غير صحية والبدء في اتباع نظام غذائي صحي جديد. ابحث عن برنامج يرشدك خطوة بخطوة وبأبسط طريقة ممكنة إلى تبني منظور غذائي صحي يساعدك على إنقاص وزنك واستعادة صحتك وتقليل خطر إصابتك بالأمراض وتمهيد الطريق كي تعيش حياة أكثر سعادة.
ابحث عن أسلوب حياة وليس مجرد خطة لتناول الطعام؛ خطتك لكي تتمتع بحياة أطول؛ أكثر صحة وسعادة. إنه كل ما تحتاج إلى معرفته كي تبعد نفسك عن غرف الطوارئ بالمستشفيات.
إن التحول عن الأطعمة منخفضة العناصر الغذائية (كالخبز الأبيض، واللحوم المعالجة، والبطاطس المحمرة، والبسكويت، وما إلى ذلك) واستبدال الأطعمة الغنية بالعناصر الغذائية المتضمنة بها يتطلبان بعض الوقت للاعتياد عليها. أتفهم ذلك. على سبيل المثال، فحينما تعتاد تناول شرائح اللحم الغنية بالدهون مع البطاطس المحمرة على وجبة الغداء، فربما يكون من الغريب الجلوس أمام وجبة مكونة من خضراوات، وبروتين صحي، وحبوب كاملة.
قد لا تكون الأطعمة التي اعتدتها، ولكن صدقني عندما أخبرك بأنك ستحبها.