إنّ الملعقة الأولى من الحبوب قد تكون تجربة حلوة ومرة للأم التي أرضعت طفلها من ثدييها. حتى الآن، إنّ كل أونصة من الغذاء أضيفت إلى جسم طفلها النامي بعد هذه الخلية الأحادية أتت من جسمها. لقد تكوّن الدماغ، والقلب، والعضلات من المواد المغذية التي كانت يوماً ما جزءاً منها. فالطفل من لحمها ودمها حرفياً. مع الملعقة الأولى من الطعام الصلب، يبدأ الطفل برؤية العالم جنباً إلى جنب مع أمه وليس من خلالها.
يعتبر إطعام الطفل مأكولات صلبة أمراً أساسياً بغض النظر عما كان يتناوله طفلك. إنّ لضمّ مولود جديد بين ذراعيك سحر لا يضاهى، ولكن تبدأ الآن مرحلة جديدة رائعة من الابتسام، والضحك، والتفاعل مصحوبةً بمقدمة المأكولات الصلبة.
إنّ مراقبة نمو الطفل أهم بكثير من مراقبة الروزنامة لمعرفة الوقت المناسب لبدء إطعامه المأكولات الصلبة. كان يحدث ذلك في السابق بحسب توقيت صارم لتقديم حجم الحصص في فترات فاصلة معينة، ولكننا نعلم الآن أن كلّ طفل فريد في نموه.
قد يدرك طفلك أن الوقت قد حان قبل أن تدركي ذلك! والإشارة الأكثر وضوحاً هي عندما يبقى الطفل جائعاً بعد حصوله على كمية كافية من الحليب (8 إلى 10 وجبات إرضاع من الثدي أو 32 أونصة من الحليب المركّب يومياً). قد يقترب طفلك بتلهف أو ينزعج عندما تأكلين.
في العادة، إنّ الأطفال المستعدين لتناول الأغذية الصلبة يستطيعون رفع رؤوسهم. عادةً يزنون على الأقل 13 باونداً، ويكون وزنهم قد بلغ ضعف ما كانوا عليه عند الولادة.
يظهر الطفل فضوله حيال العالم المحيط به متتبعاً الأشياء بعينيه ومبتسماً إلى كل ما يراه. لقد بدأ رحلة الجلوس باستقامة حتى لو لم يبرع في ذلك بعد.
يتغذّى المولود الجديد من السوائل. فيدفع غريزياً بلسانه كل ما يدخل إلى فمه. ولتناول المأكولات الصلبة، سيحتاج الطفل إلى التغلب على منعكس دفع اللسان القوي الذي ولد معه.
بالنسبة لمعظم الأطفال، يحدث هذا الاستعداد ما بين الشهرين الرابع والسادس. وليس وليد صدفة أنها الفترة نفسها التي تزداد فيها حاجة معظم الأطفال إلى سعرات حرارية أكثر وينفد مخزون الحديد الذي ولد معهم. يمكن أن تساعد حبوب الأطفال ذات الحديد المقوّى على إشباع هذه الحاجات. ولكن مجدداً، لا تنظري إلى الروزنامة. بل راقبي مراحل النمو عوضاً عن ذلك.
خلال الأيام العديدة الأولى، يصل معظم الطعام إلى وجه الطفل أكثر مما يصل إلى فمه. ستشكّل الصور وشرائط الفيديو الملتقطة خلال هذه الأيام الرائعة ذكريات لمدى الحياة.
إن استاء طفلك من الأغذية الصلبة أو لم يبدِ اهتماماً على الإطلاق، عودي إلى إرضاعه من ثديك أو زجاجة الحليب لأسبوع أو اثنين فقط، ثم حاولي مجدداً. لا تستعجلي قبل أن يبلغ شهره السادس على الأقل.
إنني أوصي بمحاولة إطعام الطفل المأكولات الصلبة على الأقل عندما يدرج بسهولة أو يجلس بنفسه حتى لو لم يُبدِ أي اهتمام بها. سيمنحه ذلك فرصة جيدة لتعلّم عملية تناول الغذاء والبلع فيما الدماغ مُعدّ لذلك.
عندما يتقبل طفلك الملعقة الأولى من الطعام ويبتلعها في أي عمر كان، عندئذٍ تدخل علاقتك بطفلك مرحلة جديدة، وهو وقت غني لترسيخ تفاعلات جديدة. إنكما تصبحان صديقين.
هناك خطب ما
تميزت بداية القرن الحادي والعشرين بازدياد عدد الأطفال البدينين لدرجة يصعب فيها إنكار ذلك. عندما أطلقت مراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها الأرقام الأخيرة في 8 تشرين الأول/أكتوبر 2002، أشارت إلى فترة 20 سنة حيث ارتفعت نسبة الأطفال البدينين المئوية باستمرار إلى حدّ بلوغ حالة وباء خطيرة. من الواضح أن الطريقة التي نطعم فيها أطفالنا فاشلة.
تضم ثقافات مختلفة مأكولات أساسية متنوعة. فبعض الثقافات الشرقية تفضل الأرز فيما الثقافات الشمالية تفضل ثمار البحر. أما ثقافة الطفل الأميركي فمرتكزة على البطاطا المقلية. إنّ النقانق، والرقائق، والبرغر بالجبن، وقطع الدجاج المقلية، والصودا، والسكاكر من بين المأكولات الأكثر شيوعاً. لا تحتوي وجبات الأطفال في عدة مطاعم على الفواكه، والخضار، والحبوب الكاملة أو مصادر البروتين.
تثبت الأدلة المروعة أن العادات الغذائية المؤدية إلى البدانة تترسخ قبل عمر السنتين. هذا يمنح أملاً كبيراً لأهالي الأطفال. هناك وقت لمساعدتهم على اتخاذ عادة الاستمتاع بتناول المأكولات الصحية بكميات صحيحة.
إنّ دراسة تغذية الأطفال المنشورة في عدد كانون الثاني/يناير 2004 من مجلة الجمعية الغذائية الأميركية، تابعت العادات الغذائية لدى أكثر من 3000 طفل تتراوح أعمارهم بين الشهر الرابع والشهر الرابع والعشرين. لقد وجد الباحثون أن الأطفال يتناولون الصودا في شهرهم السابع. وأن 25 بالمئة تقريباً من الأطفال الأكبر سناً لا يتناولون حصة واحدة من الفواكه أو الخضار في يوم نموذجي. إنّ البطاطا المقلية هي الخضار المتناول بشكل واسع بعد السنة الأولى. يبدأ قرابة 30 بالمئة من الأطفال بتناول المأكولات الصلبة قبل بلوغهم الشهر الرابع ويشرب قرابة 20 بالمئة من الأطفال العصير قبل الشهر السادس وحليب البقر قبل الشهر الثاني عشر. ويتناول 30 إلى 40 بالمئة منهم عصير الفواكه المحلى يومياً عند بلوغهم الشهر الخامس عشر. ويحظى معظم الأطفال بتحلية يومية قبل أن يخطوا خطواتهم الأولى. عند بلوغهم السنتين، يعتبر نظام الأطفال الغذائي مرآة لنظام البالغين الغذائي النموذجي في الولايات المتحدة إلى حدّ كبير.
ولكن يمكن تجنب هذه العادات السيئة. فقبل العام 1980، تمتعنا بعشرين سنة بقيت خلالها نسبة الأطفال البدينين المئوية مستقرة. إنّ الأطفال مُعدّون للاستمتاع بتناول المأكولات الشهية التي تقوّي أذهانهم، وأجسامهم، وتشبع شهيتهم، وتدعم استكشافهم للعالم.
يبدأ معظم الأطفال بتناول الحبوب، والفواكه، والخضار. ولكن يتوقفون عن ذلك عند تحوّلهم إلى المأكولات الخالية من السعرات الحرارية في وقت لاحق في السنة الأولى. في هذا الموضوع سنلقي نظرة إلى طريقة فعالة في بدء إطعام الطفل المأكولات الصلبة مما سيمنحه زخماً تجاه اتخاذ عادة الاستمتاع بتناول المأكولات الصحية طيلة حياته.
طريقة إطعام طفلك
رأينا أن طفلك يتعلم منك منذ فترة ما قبل ولادته. عندما كان يتعلم تعابير وجهك في اليوم الأول من حياته، لقد حاول تقليد تعابير وجهك. وعندما تعلم التقاط الأشياء، تركّز انتباهه على الأشياء التي التقطها. عندما يبدأ بتناول المأكولات الصلبة، سيولي انتباهاً كبيراً لما تأكلينه.
معظمنا قد يمتنع عن إضافة الصودا إلى زجاجة طفل بالغ من العمر سبعة أشهر أو إعطائه البطاطا المقلية كطعامه الحقيقي الأول. ولكن إنْ شربنا الصودا أو تناولنا البطاطا المقلية أمامه، فإننا نفعل الأمر ذاته. لاحقاً، عندما يتناول طعام المائدة، سيجد طرقاً للحصول على المأكولات التي رآكِ تستمتعين بتناولها.
الخطوة الأولى
إنّ الخطوة الأولى لبدء إطعام طفلك المأكولات الصلبة بشكل صحي هي التأكد من أن المأكولات التي يراك تأكلينها هي المأكولات التي تريدينه أن يتمتع بتناولها في السنة القادمة. حان الوقت لتناول الطعام كما تريدين وكما تريدين نقله إلى طفلك.
للعديد منا عادات سيئة تجمعت على مرّ السنين. غالباً ما تكون معجزة إنجاب طفل فرصتنا الفضلى للتخلص من هذه العادات التي لا تفيدنا، واتخاذ عادات جديدة نافعة. تسهّل علينا غريزة الأمومة والأبوة فعل أشياء لأطفالنا لا نفعلها لأنفسنا بأنفسنا. بالطبع تفيد هذه التغيّرات أطفالنا عندما يحذون حذونا. كما أنها تفيد أطفالنا عبر منحهم أبوين سليمين ونشيطين في الحاضر وفي المستقبل. إنهم يضيفون البهجة إلى العلاقة الزوجية أو علاقات البالغين. وبالطبع، إنهم ما تنشده أجسامنا.
الخطوة الثانية
وفي المضمون نفسه، تتمثل الخطوة الثانية للبدء بالمأكولات الصحية في الانتباه من إعلانات الطعام المعرّض لها طفلك. في الرحم، أمنتِ له بيئة آمنة. والآن، إنّ حماية طفلك من الإعلانات التي قد تؤدي به إلى سبيل غير صحي تشكّل جزءاً من تأمين هذه البيئة الآمنة. يتأثر الطفل بشكل كبير بما يشاهده على الشاشة. قبل أن يخطو خطواته الأولى، يميل الطفل إلى مشاهدة التلفاز كنوع من الواقع. فإن كان قريباً بما يكفي، قد يحاول التقاط ما يراه على الشاشة وتناوله. وإذا كان طفلك إلى جانبك فيما تشاهدين شيئاً ما، حاولي اختيار الترفيه بدلاً من إعلانات المأكولات غير الصحية.
إبدئي بالحبوب
في معظم البلدان، تعتبر الحبوب الطرية الطعام الصلب الأول. والأفضلية لحبوب الأرز لأن قلة من الأطفال لديهم حساسية تجاهها أو لا يحتملونها.
إنّ أفضل طريقة لمعرفة الوقت المناسب لبدء إطعام طفلك الحبوب هي عندما يطلبها طفلك. لن يقول، “عذراً أبي، أيمكنني تناول بعض الحبوب؟” على الأرجح أنه سينظر إليك عندما تأكلين وكأنه يقول لك، “لمَ لا تُطعمينني مما تأكلينه؟” سيأتي هذا التواصل على شكل انزعاج أو اهتمام زائد عندما تأكلين. إنه الوقت المناسب لبدء إطعامه المأكولات الصلبة ويمكنك البدء متى شئتِ مستخدمةً الإرشادات المذكورة. إليك بعض النصائح لدخول مرحلة الطعام الصلب (Solid-food period):
● حاولي جعل هذه الوجبة وغيرها من الوجبات العملية حدثاً عائلياً مميزاً. أحرصي على أن تكون الكاميرا جاهزة لتصوير الوجبة الأولى.
● إذا اخترتِ حبوب الأرز، يمكنك شراؤها في مرطبان أو على شكل مزيج جاف، أو يمكنك تحضير الوجبة بنفسك عبر طهي الأرز بدون ملح أو توابل وطحنه في معالج الطعام أو الخلاط. إنّ الحبوب التجارية الخاصة بالأطفال معززة بالحديد وربما الزنك وهما معدنان مهمان جداً للأطفال. إذا اخترتِ المزيج الجاف، ستضم علبة حبوب الأرز توجيهات لإعدادها بالنسب الصحيحة مع حليب الثدي أو الحليب المركّب لوجبة الطفل الأولى فتصبح خفيفة جداً. مع نمو طفلك، يمكنك مزج الحبوب مع سائل أكثر كثافة.
● إستخدمي ملعقة لإطعام طفلك. أفضل الملاعق الطرية.
● بعد مزج حبوب الأرز، ضعي طفلك في وضعية مستقيمة، ووجِّهي الملعقة باتجاه فمه. في الأيام القليلة الأولى، سيحاول دفع الحبوب إلى الخارج بلسانه لأن الطفل يتمتع بمنعكس الدفع الذي يجعل اللسان يدفع أي شيء يدخل فمه إلى الخارج.
● في غضون بضعة أيام، سيعتاد طفلك على إغلاق شفتيه على الملعقة والبلع. ما أن يفعل ذلك، يمكنك مراقبة كمية الطعام التي يحتاج إليها (وهي ليست كمية محددة مسبقاً، ولكنها تختلف من طفل إلى آخر). لمعرفة الكمية الصحيحة، استمري في توجيه الملعقة إلى فمه ولاحظي أي إشارات لفقدان اهتمامه بالطعام. إن أشاح بوجهه، أغلق شفتيه بإحكام أو بدا ضجراً، يكون الوقت قد حان للتوقف. وإلا، فاستمري بإطعامه طالما يستمر في فتح فمه والاستمتاع بالأمر.
● إنّ الأطفال الذين يبدؤون بتناول المأكولات الصلبة بين الشهر الرابع والشهر السادس، يتناولونها عادةً مرة أو مرتين يومياً مع حليب الثدي أو الحليب المركّب في الوجبة نفسها.
● أفضّل أن يرضع معظم الأطفال الذين يتغذون من حليب الثدي أولاً فيما يتواصل مخزون الحليب لدى الأم. ثم يستطيعون تناول ما يريدونه من الحبوب. وقد تودين إرضاع طفلك مجدداً في النهاية إن كان مهتماً. فأنت تريدين إشباعه.
● أما بالنسبة إلى معظم الأطفال الذين يتغذون من الحليب المركّب، فأوصي بإطعامهم أولاً وجبة الحبوب. بما أن لهؤلاء الأطفال تجربة محدودة في الذوق، أريدهم تناول بعض الأغذية الصلبة عند شعورهم بالجوع. ثم، يستطيعون الرضاعة بقدر ما يشاؤون عند انتهائهم.
● لا داعي لملاطفة الطفل لمحاولة “تناول لقمة أخرى” أو تقليد صوت الطائرة لجعله يأكل المزيد.
● من خلال بدء إطعامه بواسطة الملعقة، وإراحته بين اللقمة واللقمة، والتوقف عن إطعامه عندما يشبع، ستضعين أسساً ممتازة لعادات تناول طعام جيدة طيلة حياته.
بعد تناول طفلك حبوب الأرز، يمكنك البدء بإطعامه دقيق الشوفان والشعير إذا أردتِ. يمكن إدخال المأكولات الصلبة الأخرى ما إنْ يبدأ بتناول الحبوب لأسبوع أو اثنين على الأقل ويظهر احتمالاً جيداً لها. لا أحبذ فكرة تنويع المأكولات قبل بلوغ الطفل شهره السادس إلا إذا بدا مهتماً بالأمر. كلما أطعمتِ طفلك طعاماً صلباً بشكل مبكر، كلما ازداد احتمال إصابته بالحساسية. بالنسبة للعديد من الأطفال، ما زالت المعدة غير ناضجة جداً قبل الشهر السادس، مما يسمح للبروتينات الكاملة بالدخول إلى مجرى الدم وربما إطلاق الحساسية تجاه الطعام.
الحساسية تجاه الطعام
إنّ الحساسية الحقيقية تجاه الطعام شائعة لدى الأطفال أكثر مما يعتقد الكثيرون. يصاب قرابة 6 بالمئة من الأطفال بالحساسية تجاه الطعام وأكثر من نصف حالات الحساسية هذه هي تجاه بروتين حليب البقر. إنّ معظم الأطفال المصابين بالحساسية تجاه طعام واحد غير مصابين بالحساسية تجاه الأطعمة الأخرى على الرغم من أن العديد منهم الحساسين تجاه حليب البقر هم حساسون كذلك تجاه الصويا.
يمكن أن يكون المرء حساساً تجاه أي غذاء ولكن بالنسبة إلى الأطفال، 90 بالمئة من حالات الحساسية تكون تجاه نوع من بين خمسة أنواع من الأغذية: حليب البقر، البيض، الفول السوداني، الصويا، والقمح. وقد تتضمن الأعراض الأكزيما أو طفح جلدي آخر، الإسهال، دم في البراز، الإمساك، زيادة خفيفة للوزن، التهابات الأذن، الانزعاج أو قلة النوم. يستطيع الأطفال الذين يتغذون من حليب الثدي بشكل خاص التفاعل مع هذه الأغذية في نظام الأم الغذائي وخاصة مع حليب البقر.
لحسن الحظ، يتجاوز الأطفال فترة الحساسية تجاه معظم أنواع الطعام. وتختفي في معظم الأحيان بحلول عيد مولدهم الأول. إلا أن الحساسية تجاه الفول السوداني، والمكسرات، والسمك أو المحار تدوم مدى الحياة.
يتم اختيار الحبوب، والخضار، والفواكه كأغذية أولية لأنها من بين أقل الأغذية إثارةً للحساسية.
ما هو التالي؟
لم أجد أدلة علمية مقنعة حول أفضل ترتيب لإدخال المأكولات التالية. يجب اختيار الخضار ثم الفواكه كقاعدة أولى شائعة. ويعود السبب في ذلك إلى صعوبة الاعتياد على مذاق الخضار بعد الاستمتاع بمذاق الفواكه الأكثر حلاوة. قد يكون الأمر صحيحاً بالنسبة إلى بعض الأطفال، ولكن بالنسبة لمعظمهم، ليس من الصعب تعويدهم على تناول الخضار والفواكه المتنوعة مهما كان الترتيب.
عادةً، أحب البدء بالخضار أولاً، لأنني أريد الطفل أن يتذكر استمتاعه بمذاق مختلف أنواع الخضار قبل أن يصبح صعب الإرضاء في فترة الطفولة. لا يحفظ معظم الأطفال أي ذكريات من مرحلة ما قبل عمر السنتين ونصف أو الثلاث سنوات. عوضاً عن ذلك، يستخدمون تجاربهم اليومية الأولى لتكوين استجابات عاطفية غريزية عميقة ودائمة لتوجيههم طيلة الحياة.
إنّ الذكريات الرائعة للخضار والفواكه لهبة قيّمة. يصف الدكتوران ميلفن هايمان وسوزن روبرتس في كتابهما الممتاز الأثر الاستقلابي. إن استمتع الطفل بوجبة الخضار كجزء من كل غداء وعشاء، واعتبر الفواكه تحلية لذيذة، سيطبع بلا وعي في ذهنه ماهية الوجبة المناسبة. هذا شهي ويمنح شعوراً رائعاً.
للعديد منا مخطط لا واعٍ يتشكل خلال سنواتنا الأولى ويعيدنا إلى المأكولات غير الصحية لنشعر بالأمان والمحبة. فنأكل الحلويات لالتماس السلوى والبطاطا المقلية للشعر بالتحسن. أمامكم الآن فرصة لمنح طفلكم هبة رائعة. إنّ المأكولات التي تُشبعه في المستقبل هي المأكولات التي تغذي جسمه وتقوّيه.
تشمل أنواع الخضار الأولى الشائعة البازيلاء، والفاصولياء الخضراء، والقرع، والبطاطا الحلوة، والبطاطا، والجزر. قدّمي لطفلك طعاماً جديداً واحداً كل مرة. أخبري طفلك عما يأكله. أحرصي على الانتظار من ثلاثة إلى خمسة أيام قبل بدء تناول طعام آخر لتحديد ما إذا كان لديه أي ردّ فعل تجاه أي طعام (ربما طفح جلدي، ألم في البطن، تقيؤ أو إسهال). سرعان ما تختفي معظم ردود الفعل تجاه الأغذية في هذه السن. يُتوقع حصول تغييرات في لون البراز، رائحته أو تماسكه. من الطبيعي رؤية أجزاء من الطعام غير المهضوم في البراز فيما يتعلم جسمه معالجة الأغذية الجديدة.
مصدر غذاء طفلك
تتوفر أغذية الأطفال الجاهزة في العلب. عادةً ما تأتي هذه الأغذية بدون إضافات. تحققي من المكونات أي البازيلاء والماء، الجزر والماء، وإلى ما هنالك.
كذلك، يمكنك تحضير مأكولات طفلك الخاصة. تكمن ميزة تحضيرك مأكولات طفلك بتأمين مأكولات غنية غذائياً مع روعة في المذاق، والرائحة، واللون. يمكنك زيادة التنوع في نظام طفلك الغذائي بتكاليف أقل من الأغذية الجاهزة. هناك ميزة أخرى هي أن طفلك يستطيع الربط بين الطعام الكامل وما يتناوله. يمكنه مراقبتك فيما تزيلين قشرة موزة وتهرسين نصفها فيتناول نصفها وتتناولين النصف الآخر. أو ضعي نصف الموزة في الخلاط مع قليل من حليب الثدي أو الحليب المركّب. يمكن أن يمتد الرابط الغذائي أكثر فأكثر إنْ رافقك إلى السوق وشاهدك تختارين المأكولات وتحضرينها إلى المنزل وتعدّينها لكليكما. لطالما كانت السوق المحلية نعمة لغذاء أطفالي. تعدّ رحلتنا الأسبوعية إلى السوق طقساً عائلياً ممتعاً سيستمرون في القيام به مع أطفالهم.
بالطبع، يستغرق إعداد طعام طفلك بعض الوقت. أعدّت أمّان هما شيريل تولمان وجون أليرز مجموعة Fresh baby التي تضم عشرات الوصفات البسيطة والصحية لتحضير وجبات منزلية سريعة وشهية للأطفال. إنهما تمزحان قائلتين إنّ أصحابهما يسمونهما الوالدتين الخارقتين لأنهما وجدتا طريقة لإعداد كل الوجبات لأطفالهما في 30 دقيقة إضافية فقط أسبوعياً.
إنْ أردتِ، يمكنك بكل سهولة إعداد الطعام بنفسك بدون شراء أي معدات إضافية. اسلقي الطعام وصفّيه فقط. يمكنك إيجاد عدة وصفات مجانية على شبكة الإنترنت.
البازيلاء الطازجة
ضعي البازيلاء على حرارة منخفضة إلى أن تصبح طرية. لا تفرطي في طهيها. لا بأس بالبازيلاء الطازجة أو المثلجة (إنما ليس المعلبة). إذا أردتِ، يمكنك وضع البازيلاء في المايكروويف أو سلقها مع أن السلق يفقدها بعض موادها المغذية. ضعي بعض البازيلاء في طبقك فيما يشاهدك طفلك. وضعي البعض الآخر في مطحنة أو مجرشة الطعام. أضيفي بعض سوائل السلق، حليب الثدي أو الحليب المركّب لصناعة حساء مركّز بالكثافة المرغوب فيها. تُقدّم الوجبة لجميع أفراد العائلة.
إنّ اتخاذ قرار بين شراء غذاء جاهز أو إعداد طعام منزلي يُعد فرصة أخرى للعاطفة الثنائية (مثل عملية بدء إطعام الطفل المأكولات الصلبة). راقبي حاجاتك، ميزانيتك، برنامجك، وراقبي وجهة نظر طفلك. تختلف براعم الذوق لديه عن براعم ذوقك. ولكن يمكنك تجربة البازيلاء الجاهزة مرة والبازيلاء الطازجة مرة لمعرفة ما يمكنك تعلمه عن كلاهما. قدمي لنفسك ولطفلك بعضاً من كل نوع. قارني اللون، والرائحة، والمذاق. اخترت البازيلاء لأنها من إحدى الوجبات الصعبة التحضير في المنزل. لا تحتاج عدة مأكولات لأن تُصفّى (مثل المشمش، أسلقي بعض المشمش الطازج وبعض الإجاص الطازج ثم ضعيهما في الخلاط واستمتعي بالمذاق).
قد تختارين المأكولات المعدّة في المنزل أو المأكولات الجاهزة أو مزيجاً منهما وفقاً لبرنامجك. مهما كان اختيارك، يتبع معظم الأطفال نظاماً غذائياً صحياً مع أغذيتهم الأولى.
كما تعلمين، أحبّذ الأغذية العضوية خاصة للحوامل، والأمهات المُرضعات، والأطفال. ما زلنا نعلم القليل عن الآثار المستديمة للمواد الكيميائية على النمو الأولي لأكون أكيداً حيال إطعام الكثير من الأغذية النامية كيميائياً للأطفال في مرحلة نموهم الحساسة. تتوفر أغذية الطفل العضوية تجارياً. كذلك، غالباً ما تُفحص أغذية الأطفال التقليدية ويتواجد فيها معدلات منخفضة جداً من مبيدات الهوام.
وإذا اخترتِ منتجاً طازجاً لطفلك (الذي يدرج)، يكون معدل بقايا مبيدات الهوام في بعض الأغذية أعلى مما هو في بعض الأغذية الأخرى. فوضت مزرعة ستونيفيلد لصناعة اللبن مجموعة العمل البيئية لتوجيه مبيدات الهوام في المنتوج عبر تحليل أكثر من 100 ألف فحص لمبيدات الهوام على المنتوج الذي تجمعه وزارة الزراعة الأميركية وإدارة الأغذية والأدوية. أجريت الفحوصات بعد غسل المنتوج أو تقشيره. من بين الأغذية ذات المعدل الأكثر ارتفاعاً في مبيدات الهوام نذكر التفاح، والتوت، والخوخ، والإجاص، والبطاطا. إنها من الأغذية العضوية الجيدة التي يمكن شراؤها أو جعلها من أغذية الأطفال التجارية. ومن بين الأغذية ذات المعدل الأكثر انخفاضاً من مبيدات الهوام عند نموها “بشكل تقليدي” نذكر الأفوكادو، والموز، والبازيلاء.
ولكن طفلي لا يحب البازيلاء
إذا كنتِ تشربين القهوة، قد تذكرين المرة الأولى التي تذوقتها. كان مذاقها مروعاً! كيف من الممكن أن يحب أحد هذا الشيء المقرف؟ ولكننا نحن البشر لدينا قدرة هائلة على اكتساب مذاق أي شيء تقريباً.
إنّ العديد من أغذية الأطفال التي نعتبرها خفيفة جداً لها أثر فعال على الأطفال. يتمتع الأطفال ببراعم ذوق حساسة جداً. قد يكون تركيزهم البصري خفيفاً بعض الشيء إلا أن حاستي الذوق والشم لديهم أقوى من هاتين الحاستين لدينا. وقد تكون بعض النكهات الجديدة منفرة، ولكن حتى هذه النكهات يمكن أن تُكتسب.
“يكره طفلي البازيلاء!”، أسمع هذه العبارة عن البازيلاء أكثر من أي نوع آخر من الأغذية الأولى. قد تكون هذه العبارة سبباً وجيهاً للبدء بالبازيلاء إن بدا طفلك متلهفاً لتذوق نكهات جديدة. بالنسبة إلى طفل صعب الإرضاء أو طفل بدأ متأخراً في تناول المأكولات الصلبة، قد تبدأين بالبطاطا الحلوة أو حتى الفواكه.
في دراسة مثيرة حول الأطفال الذين يبغضون البازيلاء (يمكنك تصوّر تعابير وجوه الأطفال التي ضمتهم الدراسة)، أُطعم كل طفل قليلاً من الغذاء الصلب في اليوم. في حال عبّر الطفل عن قرفه أو بصق البازيلاء، يتوقفون عن إطعامه البازيلاء في هذا اليوم ويُقدّم إليه الغذاء الذي يحبه. لم يُجبر الأطفال على تناول البازيلاء. بعد مرور عشرة أيام فقط، تحوّل 85 بالمئة من كارهي البازيلاء إلى محبين للبازيلاء! كان يسعدون حقاً رؤية البازيلاء.
إنّ أفضل طريقة لجعل طفلك يتناول أي غذاء جديد هو إزالة حساسيته تجاه المذاق. يمكنك تحقيق ذلك عبر إعطاء الطفل القضمة الأولى من الغذاء الصلب الجديد يومياً على مدى عشرة أيام. تقول بعض الدراسات إنّ الأمر قد يستغرق 15 يوماً بالنسبة إلى بعض الأطفال. أظهرت دراسة تغذية الأطفال أن العديد من الأهالي يستسلمون بعد عدة محاولات. فيما تواظب أقلية منهم لفترة طويلة إلى أن تصل إلى النتيجة المرجوة. مهما استغرق الأمر، استثمري الوقت مبكراً لتمنحي طفلك المتعة في تناول البازيلاء، والفاصولياء الخضراء، والجزر، والقرع، والبطاطا الحلوة.
الجزر
يمكنك تمهيد الطريق لإضافة نكهة جديدة عبر مزجها مع نكهة أخرى يحبها طفلك. إنْ كان طفلك يحب الجزر أو البطاطا، يمكنك تقديم البطاطا له مع قليل من البازيلاء أو مزيج من الجزر والبازيلاء. خففي من النكهة الجديدة في البداية، ثم يمكنك زيادة الكمية إلى أن تصبح النكهة الجديدة جزءاً من غذاء طفلك.
لا ترغمي أو تلاطفي طفلك لتناول كمية من الغذاء الجديد أكثر من قدرته، ولكن استعدي لزيادة الكمية إنْ كان مهتماً. إنّ اكتساب بعض النكهات الجديدة يستغرق وقتاً أطول من النكهات الأخرى، ولكن المواظبة على تقديم كميات قليلة من المأكولات الصحية لطفلك (التي يتناولها البالغون في عائلتك) ستمهد الطريق لعادات ممتازة في تناول الطعام الصحي في السنوات القادمة.
التوازن بين الحبوب والفواكه والخضار
فيما تُدخلين الأغذية الجديدة إلى نظام طفلك الغذائي، يتمثل هدفك النهائي في التوازن بين الحبوب، والخضار، والفواكه (لا بأس باللحم أيضاً خاصةً لتأمين الحديد والزنك، ولكن يتمتع طفلك بمخزون جيد من البروتين/الكلسيوم من حليب الثدي أو الحليب المركّب). كذلك، من الجيد الموازنة بين مختلف ألوان الفواكه والخضار. تمثل الألوان المختلفة مواد مغذية متنوعة في الأغذية. ومن بين الخضراوات الأولية، وازني بين اللونين الأصفر/البرتقالي والأخضر. ومن بين الفواكه، إنّ الأفوكادو الكيوي باللون الأخضر، والموز والإجاص باللون الأبيض، والدراق برتقالي والخوخ أرجواني. كما قال لي مؤخراً طفل صغير عندما عضني، “دكتور غرين، كُلْ كلّ الألوان!” كان محقاً، من الرائع تعليم الأطفال “تناول كل قوس القزح”.
يمكن أن تغيّر الأغذية المختلفة لون البراز (يمكن أن تحول البازيلاء لونه إلى الأخضر، والشمندر إلى الأحمر)، ولكن لا داعي لاستخدام نظام طفلك الغذائي لمراقبة لون برازه). ولكنك تستطيعين استعمال المأكولات المختلفة لموازنة تماسك البراز. فبعد البدء بإطعام الأطفال المأكولات الصلبة، يصاب بعضهم بالإمساك فيما يصاب البعض الآخر بالإسهال. يميل الموز وحبوب الأرز إلى جعل البراز أكثر صلابةً. فيما يجعله الإجاص، والدراق، والخوخ، والبازيلاء، والمشمش وخاصة البرقوق أكثر رخاوةً.
الضوء الأصفر، الضوء الأحمر
من الأفضل تجنب بعض الأغذية للأطفال وخاصة في فترة البداية. من المنطقي تفادي بعضها فيما البعض الآخر قد يفاجئك.
أما الأغذية الممنوعة فهي تلك التي تعرض الطفل لخطر الاختناق. يجب أن تكون الأغذية الأولى تلك التي لا يتوجب على طفلك مضغها. حتى عندما يبرع في المضغ، لا بد من تجنّب خطر الاختناق خلال السنة الأولى مثل المكسرات، وزبدة الفول السوداني، والفشار، والعنب، وقطع اللحم والخضار النيئة. يُفضّل تأجيل إطعامه معظم أنواع الخضار النيئة إلى أن تنبت بعض أضراسه عندها قدّميها له على شكل رقاقات. انتبهي لا يجب ترك الأطفال وحدهم عندما يأكلون بأنفسهم.
كما أن العسل هو من الممنوعات التي يجب تجنبها خلال السنة الأولى، لأنه قد يسبب داء خطيراً يدعى تسمم الطفل الوشيقي (infant botulism).
يُعدّ الشاي من المشروبات الرائعة في وقت لاحق من حياة الطفل، ولكن من غير الحكيم تقديمه للطفل في السنة الأولى، لأنه يغيّر كيفية تحمّل الجسم للحديد، والكلسيوم، والوظائف الأخرى (بحسب نوع الشاي).
لا سبب يدعو الأطفال لتناول منتجات مصنّعة بالزيوت المهدرجة جزئياً، والدهون أو شراب الذرة الغني بالفركتوز. لا تساعد هذه الأغذية على بناء جسم قوي، ويُفضّل عدم التعلق بها. تحققي من الملصقات الموجودة على المأكولات الجاهزة وخاصةً جميع أنواع البسكويت الهش والمشروبات.
كذلك، حاولي التخفيف من السكر المضاف والملح والنشا المحشو. عادةً، يتمتع الأطفال بالأغذية غير المحتوية على هذه المكونات إلى أن يعتادوا مذاقها.
يُفضل تجنب الحليب الكامل الدسم، والمكسرات، والفول السوداني، والسمك وغيره من ثمار البحر على مدى السنة الأولى بسبب احتمال الإصابة بالحساسية (بالإضافة إلى أسباب أخرى). إن الوقت المثالي للبدء بإطعام الطفل بياض البيض ليس معروفاً بعد، وكذلك الفواكه الحامضة، والطماطم، والفراولة، والشوكولاته. يتفق معظم الخبراء على أن البدء بهذه الأغذية قبل بلوغ الطفل الشهر التاسع أمر غير حكيم. إنْ كنت تفكرين في بدء إطعام طفلك هذه الأغذية قبل بلوغه السنة، إستشيري طبيب طفلك حول الأمر أولاً. إنّ تاريخاً في الإصابة بالربو، والأكزيما، والحساسية أو التهابات الأذن المتواصلة يجعلني أفضّل الانتظار.
عادةً، يُفضّل تجنّب صفار البيض، والجبن، واللبن، والقمح قبل بلوغ الطفل الشهر الثامن للتخفيف من خطر التعرّض للحساسية. ولكن هذه الأغذية يمكن أن تكون من المأكولات الانتقالية عندما يرغب الطفل في تناول ما يوجد على المائدة.
إن أردتِ تحضير الخضار لطفلك في المنزل، يجدر بك التخفيف من إعداد الجزر، والشمندر، واللفت، والسبانخ أو الملفوف قبل بلوغه الشهر الثامن. في أجزاء عديدة من البلاد، تحتوي هذه الخضراوات على كميات كبيرة من النيترات مما قد يسبب فقر الدم لدى الأطفال. يتم اختيار الخضار المستخدمة في إعداد طعام الطفل بسبب معدلاتها المنخفضة بالنيترات.
لا يجب تقديم العصائر للطفل قبل بلوغه الشهر السادس من العمر (إلا إذا اقتضت الحاجة لاستخدامها كعلاج لطيف للإمساك). ولا يجب تقديم العصير على الإطلاق في زجاجة أو عند وقت النوم في أي عمر. بعد الشهر السادس، يمكن أن يشكّل العصير الطبيعي 100 بالمئة جزءاً صحياً من النظام الغذائي ولكن يجب حدّه إلى ما لا يزيد عن 4 إلى 6 أونصات في اليوم إلى أن يدخل الطفل الروضة. ترتبط الكميات المرتفعة من العصير بقلة التغذية وبعدد من المشاكل الصحية الأخرى. تشير إحدى الدراسات إلى أن الأطفال الذين يتناولون الكثير من العصير هم عرضةً لأن يصبحوا أقصر قامةً وأكثر بدانةً من نظرائهم. يمكن أن تكون عصائر الخضار أو كوكتيل العصير طريقة رائعة ليعتاد الطفل على الخضار وليتعلم أن يحب هذا المذاق (أحب عصير البرتقال والجزر للطفل الذي يدرج). كما أن تخفيف العصير بالماء أو استخدام العصير لصالح الماء قد يشكّل مشروباً صحياً. إلا أن عصائر الفواكه المعروفة وأنواع كوكتيل العصير الغنية بالمواد المحلّية المضافة ليست صحية للأطفال.
قد يبدو ما سبق كثيراً من التحذير، ولكنه يفسح المجال أمام تنوّع كبير من الأغذية المفيدة لاستكشافها معاً. هنيئاً!
شبكة الأمان
في ثقافتنا الحديثة، أوصي بالفيتامين المتعدد (multivitamin) كشبكة أمان مهمة خاصة خلال السنوات التي يكون فيها النمو في أوجه. من الواضح أن ذلك يبدأ قبل ولادة الطفل. يكون طفلك ممتن لك لتناولك فيتامينات ما قبل الولادة. ويستمر الأمر خلال مرحلة اتباع النظام الغذائي المرتكز على السوائل وحسب. يحتوي الحليب المركّب على فيتامينات متعددة ممتزجة. بالنسبة إلى الأطفال الذين يتغذون من زجاجة الرضاعة، ليس من الضروري تقديم إضافات أخرى قبل السنة الأولى. إنْ كان طفلك يرضع، يجب أن تُشبع فيتاميناتك حاجاته باستثناء الفيتامين D.
إننا نحصل على الفيتامين D من تعرضنا لأشعة الشمس. لقد احتوى حليب الثدي على كمية مثالية منه بحسب أسلوب الحياة في الماضي الحديث. لكن هذا التوازن يختل في بعض الأحيان مع تمضيتنا لمزيد من الوقت في الداخل، واستخدام كريم الحماية من الشمس (وهو أمر جيد) ومجتمع كثير النشاط (أشخاص يعيشون في مرتفعات تختلف عن مكان حصول محتوى الميلانين في بشرتهم على الكمية المثالية من أشعة الشمس). لا بأس باستخدام إضافات تحتوي على الفيتامين D إلا إذا كنت أكيدة من حصولك على ما يكفي منه.
ما أن يبدأ الطفل الذي تغذى من حليب الثدي بتناول الأغذية الصلبة، أحبذ منحه منشّط من الفيتامينات المتعددة/المعادن مع الحديد. يبقى حليب الثدي الغذاء الأمثل للطفل. إنّ كثافة المواد المغذية وكميتها التي يحصل عليها الطفل من حليب الثدي تتغيران بشكل ملحوظ للسماح له بتشكيل الباقي من الأغذية الصلبة. أحبذ شبكة الأمان فقط في حال عدم حصول الطفل على حاجته من الأغذية الصلبة. مثلاً، إنْ لم يحصل على ما يكفي من الزنك، قد يؤثر ذلك على نمو جهاز المناعة لديه. وإذا لم يحصل على ما يكفي من الحديد، سيؤثر ذلك على قدرته على التعلّم.
يعاني الملايين من الأطفال في الولايات المتحدة من انخفاض في معدلات الحديد مما يؤثر على أدمغتهم النامية. قد يشعرون بالتعب، الوهن أو القلق. ويصابون بالمرض في أغلب الأحيان. ولكنهم قد يصابون بالعوز حتى بدون ظهور أي أعراض.
وكما في السيرك، تجعل شبكة الأمان المرء يسترخي فيما يحلق. يجب أن يكون تناول الطعام ممتعاً ومريحاً. تمتعا!
الشمس، القمر والنجوم
يتحمس الأطفال بشكل كبير لاستكشاف العالم الذي يحيط بهم لدرجة أنهم قد يحاولون التملّص من أوقات الطعام. فهم يتحمّسون مع كل شيء يسترعي انتباههم فيحاولون الاستدارة والالتواء أثناء تناولهم لوجباتهم ويسحبون معهم زجاجة الحليب أو الثدي الذي يرضعون منه.
غالباً ما تشعر الأم التي تُرضع بأنها لا تفرز ما يكفي من الحليب أو بأن الطفل يود أن ينفطم. أخبرتني عدة نساء عن شعورهن بالأسى بسبب عدم تمكنهن من إشباع حاجات أطفالهن. إلا أن الأطفال وطالما أنهم يشعرون بالأمان والحب الذين تؤمنهما الأم ولأنهم يثقون بوجود ما يكفي من الطعام، فهم ينغمسون في هوايتهم الجديدة المتمثلة باكتشاف العالم المحيط بهم. ما زلتِ حب طفلك الأعظم. ولكن في هذه المرحلة، تتسارع الأفكار في ذهن الطفل لدرجة أن بعض الأطفال لا يستطيعون التفكير بأمر واحد على حدة. قد يحتاجون إلى مركز للنشاط فيما يتجوّلون قابعين في مقعد السيارة أو العربة لمجاراة حاجتهم النهمة إلى اللعب، الاختبار والاستكشاف بسرور. يرضع بعض الأطفال بشكل أفضل إن أمسكوا لعبة فيما هم يرضعون.
قد تفتقدين إلى جلسات الإرضاع الهادئة حيث تحدقان بعيني بعضكما البعض، ولكن جلسات الإرضاع السريعة قد تدوم عادةً لبضعة أسابيع قبل أن تكون كل نظرة شاردة مثيرة للاهتمام بقدر إشباع الحاجة إلى الرضاعة. في هذه الأثناء، من الجيد إرضاع الطفل مرة على الأقل في الصباح الباكر ومرة في المساء في غرفة معتمة مع قليل من اللهو. قد يكون مخزونك من الحليب غير متساوق مع طلبات طفلك الغريبة ليوم أو اثنين ولكن تناغمكما مع بعض لا يزال الأمر الأروع على الإطلاق.
ماذا عن الأطفال الذين يتغذون من زجاجة الرضاعة الصناعية؟
يمرّ الأطفال الذين يتغذون من زجاجة الرضاعة عبر المرحلة نفسها. لربما سمعتِ حلاً من الأصدقاء، الأهل أو أهل زوجك. وربما رأيته في الإنترنت:
“أضيفي بعض الحبوب إلى الزجاجة. سينام بشكل أفضل”.
“أنت متعبة جداً! يجب أن تضيفي بعض الحبوب في زجاجة ابنتك. هكذا ستنام طيلة الليل”.
“يبدو ابنك نحيلاً جداً. إنك لا تغذينه بما يكفي. ضعي بعض الحبوب في زجاجة الرضاعة”.
“هل ما زال جائعاً؟ حاولي إضافة بعض الحبوب إلى زجاجته. سيكون أقل إزعاجاً”.
“إنّ الإطعام بالملعقة أمر مزعج. أبعديها بقدر الإمكان. إنّ إضافة الحبوب إلى الحليب هو حل سريع ومناسب ويجعل الطفل ينام مدة أطول ويبكي لمدة أقل. ماذا تريدين أكثر من ذلك؟”.
لا يعتبر طبيب أطفالك هذا الأمر حكيماً (باستثناء كونه علاجاً للجزْر أو الارتداد reflux). فيما يوافق أخصائيو الأنظمة الغذائية وأطباء التغذية على الأمر. إنّ إدخال الأغذية الصلبة قبل بلوغ الطفل الأربعة أشهر قد يسبب الحساسية تجاه الطعام. ينتقص المحبون من أهمية هذه التوصيات لأن الحبوب في زجاجة الرضاعة نفعت مع أطفالهم.
على مرّ التاريخ تقريباً، كان يتم إرضاع الأطفال من حليب الثدي خلال الأشهر الأولى هذه. خلال الجيل أو الجيلين السابقين، عندما أصبح الإرضاع بواسطة زجاجة الحليب معروفاً جداً، غالباً ما كانت تضاف حبوب الأرز إلى الزجاجة في سن باكرة جداً. ماذا كانت النتائج؟
نما معظم الأطفال. إلا أن عدداً صغيراً من الأطفال لم يحتملوا إضافة الحبوب إلى الحليب بسبب عدم التنسيق بين عملية المصّ والبلع. لقد دخلت كميات قليلة من الحبوب إلى الرئتين مما أدى إلى مشاكل رئوية.
إنني أكثر قلقاً حيال مسألة أكثر دقة. يولد الطفل وتولد معه آلية رائعة ألا وهي معرفة كمية الطعام التي يحتاج إليها. خلال الأشهر الأولى، يعرفون من حجم ما يشربونه. إنّ إضافة الحبوب تشتت هذه الآلية. فترغم الطفل على كسب كميات مرتفعة من السعرات الحرارية. وتعلمه على الإفراط في تناول الطعام.
من خلال البدء باستخدام الملعقة، وإراحة الطفل بين اللقمة والأخرى، والتوقف عندما يُعلمك طفلك بأنه شبع، ستضعين أسساً رائعة لعادات تناول الطعام طيلة حياته. في دراسة شاملة عاينت أسباب البدانة، ظهر أن إعاقة نظام الطفل الذاتي حول كمية الطعام التي يتناولها تشكل سبباً أساسياً للبدانة اللاحقة. تفعل الحبوب المضافة إلى الحليب الأمر نفسه.
قد لا يبدو الطفل متأثراً، ولكن الأسابيع القليلة التي تناول فيها الطفل الحبوب قد تؤدي إلى مشاكل مع الوزن الزائد طيلة حياته. ولربما كان هذا العامل السبب في كوننا الجيل الأكثر بدانةً في التاريخ. ولا ينفع الأمر. درس العلماء في كليفلاند كلينك أثر الحبوب على النوم واكتشفوا أن إضافة الحبوب لم تنفع في تسريع عملية الخلود إلى النوم خلال الليل. إنّ مدة الست ساعات من النوم المتواصل لم تحدث مع الأطفال الذين تناولوا الحبوب في مرحلة باكرة.
ولكن الناس يقسمون بحصول العكس. أعتقد أن السبب هو نوم الطفل بشكل أسرع ونوم بعض الأطفال لمدة أطول بين الوجبة والأخرى. ولكن ما من أدلة علمية لدعم فكرة أن الحبوب في زجاجة الحليب تساعد الطفل على النوم لمدة أطول والبكاء لفترة أقل.
وفقاً للتجربة والمعرفة العلمية الأخيرة، توصي الأكاديمية الأميركية لطبّ الأطفال بعدم إضافة الحبوب إلى زجاجة الحليب. بعد مرور 16 يوماً على حرمانك من النوم خلال الليل، قد يبدو من الملفت فتح ثقب أكبر في حلمة الإرضاع لإضافة حبوب الأرز. ولكن هذه المساعدة لن تدوم طويلاً وقد يمنح ذلك هدية دائمة لطفلك ستندمان عليها لاحقاً.
عوضاً عن ذلك، أوصي بأن ترضعي طفلك مرة في الصباح الباكر ومرة في وقت متأخر من الليل محدقّين في عيون بعضكما البعض في غرفة معتمة، ويُفضل الاحتكاك الجسدي التام وهذا ما أوصي به الأمهات والمرضعات على الدوام. فهذا الأمر سيمنح الأطفال الأصحاء ما يكفي من الغذاء وسيغذي الارتباط الساكن أرواحهم.