تعتبر اللغة أداة التواصل بين البشر، كذلك وسيلة التعبير عن الأفكار والمشاعر والاحتياجات. لذلك تُعرّف اللغة على أنها مجموعة من الرموز المشتركة تم الاصطلاح عليها للتعبير عن الأفكار والرغبات مُكونة بذلك نظاماً واضحاً يُسهّل عملية التواصل بين الناس. ومن هنا تكمن أهمية اللغة في عملية:
.1 الفهم والإدراك: عندما نملك القدرات اللغوية المناسبة فإننا نستطيع استخدام الكلمات بالشكل الصحيح، ونستطيع تصنيف الكلمات بالشكل الصحيح، ونستطيع تصنيف الأشياء ضمن مجموعات، واسترجاعها من الذاكرة. لذا إذا كان الطفل يعاني من تأخر لغوي فإنه يجد صعوبة في استرجاع الأمور من الذاكرة، وكذلك تصنيف الأشياء ضمن مجموعات.
.2 التواصل: عملية التواصل مهمة حتى يكون لدينا المقدرة على التعبير عن أفكارنا ومشاعرنا وتكوين علاقات، لذلك إذا كانت القدرات اللغوية محدودة، فإنه سيؤثر سلباً على حياتنا اليومية، وسنعيش في عزلة عن الآخرين.
.3 التعلم: عندما يبدأ الطفل بفهم اللغة المحكية تنشأ لديه قدرة على التعلم. إن الطفل الذي لديه تأخر أو خلل في اللغة فإنه يجد صعوبة في معرفة الأشياء من حوله. لذا تعتبر الأسرة والبيئة هي حجر الأساس في تحسين الأداء اللغوي للطفل وتزويده بفرص غنية بالتواصل والتفاعل مع المحيط الخارجي، فتنشأ لديه قدرة على التفاهم والتواصل مع الآخرين، ومن ثم قدرته على التعرف وفهم العالم المحيط.
التطور الطبيعي للكلام
آلية الكلام
يتم الكلام بوجود شيء يراد الحديث عنه في الدماغ “فكرة – حاجة – شعور”. وينظم الدماغ البشري الأفكار، فتحول المعلومة من مركز التحضير إلى مركز التجهيز حيث يتم تجهيز المعلومة على شكل أحرف، تتجمع لتكوّن كلمات، تتجمع بدورها لتكون جملاً، وهذه الجمل هي التي تظهر على شكل كلام. فإذا أصاب هذه العملية أي خلل في أي دور من أدوارها ظهر هذا الخلل على النتيجة، وهي الكلام. فإذا كان الخلل في دور ترتيب الأصوات “الأحرف” يظهر الخلل على شكل أخطاء في نطق الكلمات. وإذا كان الخلل في ترتيب الكلمات ظهر على شكل جمل ناقصة أو غير مرتبة كما ينبغي. وبالتالي يؤثر ذلك في المعلومة المقدمة للمستمع، مما يصعب عليه استقبال وفهم الرسالة.
مؤشرات تطور اللغة والكلام
يتم اكتساب اللغة والكلام بصورة تدريجية. ويتبع غالب الأطفال جدولاً أو ترتيباً عاماً في اكتساب هذه المهارات. و هناك فروق فردية بين طفل وآخر، ويكون مؤشرات عامة يمكن الاستدلال منها على أن مثل هذا التأخر أو الاختلاف هو سبب مشكلة أخرى ينبغي استدراكها مبكراً ما أمكن لمحاولة تفادي أو تقليل تأثيرها في عرض اللغة والكلام، إذ إنه هو التواصل والتفاعل الاجتماعي الذي هو أهم أسباب النجاح في الحياة.
لنعرف إذا ما كان أي مظهر من مظاهر التأخر اللغوي أو الكلامي هو شيئاً يستحق الانتباه له، لا بد من إعطاء فكرة مبسطة عن التطور الطبيعي والمظاهر التي يفترض التنبه إليها، والتي تعتبر مظهراً من مظاهر التأخر في اللغة والكلام.
مؤشرات تطور اللغة والكلام منذ الولادة حتى ستة أشهر
يستجيب الطفل للأصوات العالية والهادئة، يبكي، ينظر إلى وجه محدثه، يحاول الاشتراك في الحديث بالحركات والأصوات، النظر إلى الأم، يناغي ويصدر الأصوات من أجل لفت الانتباه، بكاء معين من أجل الجوع، التحرك باتجاه مصدر الصوت والاستجابة للصوت ومحاولة البحث عن مصدره.
يجب التنبه إلى:
.1 عدم استجابته للأصوات، عدم الاستجابة لمن يُحدثه.
.2 بكاء متشابه لكل الحاجات.
مؤشرات اللغة والكلام من ستة أشهر حتى اثني عشر شهراً
يفهم الطفل “باي” مع السلامة، يضحك، يفهم اسمه وبعض الكلمات البسيطة – يصدر أصواتاً ساكنة، يقلد السعال، المقاطع المكررة “بابا – ماما – نانا” تحديد مصدر الصوت يقلد بعض ما يسمع، يفهم، لا يتعرف على بعض الصور. يجب التنبه إلى:
.1 عدم المناغاة، تعطيه شيئاً يأخذه – يدرك مفهوم داخل وخارج.
.2 عدم الاستجابة للحديث إليه.
.3 عدم القدرة على تحديد مصدر الصوت.
مؤشرات اللغة والكلام من 12-18 شهراً
مناغاة طويلة تشبه الكلام في حدود عشر كلمات تعبيرية، وعشرين كلمة استيعابية أي مرحلة زيادة المفردات، وكلام غير مفهوم مع نغمة صحيحة كأنه حديث، يستخدم الإشارة والحركة للتواصل، يتعرف على الصور الملونة – يبدأ باستخدام الصفات والأفعال، والضمائر، التعرف على بعض أعضاء الجسم، يفهم الأسئلة البسيطة مثل هات – خذ، يستخدم نعم ولا يقلد الكلمات، يجب التنبه إلى:
1. عدم الحديث – الكلام.
2. عدم كونه اجتماعياً
مؤشرات اللغة والكلام من 18-24 شهراً
البدء بجمع كلمتين بجملة، يتعرف على الصور ذات المفهوم الواحد، يسأل عن الأشياء، يقلد الكلمات المعروضة عليه، طلب لمعظم حاجاته، يفهم أين يستخدم التعبيرات الدارجة، يجب التنبه إلى:
1. هل ينظر الطفل إلى الأشياء عند تسميتها أو طلبها؟
2. هل هناك شك في قدرة الطفل على الكلام والفهم؟
مؤشرات اللغة والكلام من سنتين إلى ثلاث سنوات
يستعمل جملاً من كلمتين إلى ثلاث كلمات، يستطيع الإجابة على العديد من الأسئلة ويفهم على، من، تحت، يفهم الوظائف والاستخدامات، يستطيع التعرف على الصور ومطابقتها، ومفهوم الأحجام كبير وصغير، ومفهوم داخل وخارج، ومفهوم العدد واستخدام الضمائر والأفعال الملكية والنفي، التحدث مع نفسه والألعاب، يعرف استخدام أعضاء الجسم، يعرف الأسماء، يجب التنبه إلى:
.1 هل يظهر الإحباط على الطفل عند محاولته الكلام؟
.2 هل هناك صعوبة في فهم حديث طفلك؟
.3 هل يجمع كلمتين في جملة واحدة؟
مؤشرات اللغة والكلام من ثلاث إلى أربع سنوات
إطاعة أمرين، يعطي اسمه عبر مقطعين، إجابة عن أسئلة منطقية، يُخبر قصة موجزة، ثلاث إلى أربع كلمات في جملة، فهم بطيء، لبعض الكلمات وسريع لأخرى، يفهم الخطأ، يعرف مفهوم اثنين. يجب التنبه إلى:
.1 هل هناك صعوبة في فهم كلامه؟
.2 أي تأخر مما سبق ذكره.
مؤشرات اللغة والكلام من أربع إلى خمس سنوات
يستجيب للأوامر، مقارنة “ثقيل – خفيف” يدرك مفهوم الأمن، إعادة أربع أرقام، يفهم حدود ألفي كلمة، يروي قصة عن نفسه، المحيط، التعرف على النقود، الأضداد بنت، ولد، ليل، نهار، يجب التنبه إلى أن الطفل لا يستطيع اتباع التعليمات.
مؤشرات اللغة والكلام من خمس إلى ست سنوات
المقارنة بين صغير، أصغر، إدراكه للأزمنة بطريقة أكثر صحة والأفعال وأدوات التعريف وحروف الجر، ويرد على الهاتف.
كيف تصدر الأصوات؟
تحدث الأصوات اللغوية من خلال هواء الزفير الذي تدفعه الرئتان، يتأثر الحجاب الحاجز الذي يضغط على القفص الصدري أثناء التنفس والأصوات المتنوعة، لأن تيار الهواء كثيراً ما يحدث له اعتراض في نقطة ما في الجهاز النطقي، يتغير شكل الممرات المغلقة وفقاً لنظام معين، وبذلك يصدر صوت وفق أوضاع معينة تتخدها أعضاء النطق. وعلى ذلك فإن حدوث الصوت اللغوي يجب أن تتوافر فيه عوامل، وهي:
.1 وجود تيار هواء.
.2 وجود ممر مغلق.
.3 وجود اعتراض لتيار الهواء في نقاط محددة مختلفة في الجهاز النطقي الذي باستطاعته أن ينتج عدداً كبيراً من الأصوات. ولكن اللغة الطبيعية لا تستعمل إلا عدداً محدوداً من هذه الأصوات التي تتحقق في شكل سلاسل. فالوحدات الصوتية في كل لغات العالم لا يزيد عددها على ثمانين، ولكن اللغات لا تستعين إلا بنصف هذا العدد أو دونه. وتصنف الأصوات اللغوية وفق اعتبارين، هما:
-.1 نطقي: متمثلاً في مخارج الأصوات.
-.2 سمعي: متحققاً في صنعه الصوت الذي يقع في السمع.
مظاهر تأخر الكلام
يبدو تأخر الكلام عند الأطفال على عدة أشكال منها إحداث أصوات معدومة الدلالة غير مفهومة للسامع، يستخدمها الطفل كوسيلة للتخاطب والتفاهم، أو أن يعبر الطفل عما يريده بإشارات أو إيماءات مختلفة بالرأس واليدين. وقد يستعمل الأطفال لغة خاصة ليست لمفرداتها أي دلالة لغوية، كألفاظ مدغمة متداخلة لاتفهم، وليس لها أي دلالة. ويتميز كلام الطفل هنا بحذف أو إبدال وقلب للحروف، وأحياناً بحذف بعض الكلمات والاستعاضة بغيرها. وقد يكون الكلام المتأخر عند الأطفال نتيجة ضآلة عدد المفردات المستعملة، فتأتي الكلمات مشوهة مثل “ولد – لدو”. وهناك مظهرٌ آخر مختلف يتمثل بالاقتصار على الإجابة بكلمة واحدة على ما يوجه إليهم من أسئلة، مثال: “أين خبأ أبوك القلم الإجابة:؟ جيبه”.
أما المظهر الآخر لتأخر الكلام عند الأطفال فيأخذ شكل الصمت، أو توقف الحديث للتعبير عن المقصود.
أسباب تأخر الكلام
هي متعددة ومختلفة في مظهرها الخارجي ومرتبطة بأسلوب العلة المختلفة. منها ما يتصل بنقص في القدرة العقلية أو عيب في الحدة السمعية، ومنها ما يرجع إلى إصابة الطفل بأمراض عولجت لفترة طويلة، ومنها ما يرجع إلى الأسباب العضوية التي تتصل بإصابة المراكز الكلامية في اللحاء بتلف. أو تكون هذه الإصابة إما ولادية، أو بسبب حوادث ومرض.
عيوب النطق ومشكلاته عند الأطفال
النطق
عملية عن طريقها تتكون الأصوات. ويعبر عنها بمساعدة اللسان والفك والأسنان والشفتين وسقف الحنك مع وجود تيار الهواء والحبال الصوتية. قال تعالى على لسان موسى عليه السلام: “رب اشرح لي صدري ويسر لي أمري واحلل عقدةً من لساني يفقهوا قولي”. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إن من البيان لسحرا”.
تتفاوت عيوب النطق من عيوب خفيفة إلى حادة. وفي الحالات التي تكون فيها عيوب النطق من النوع الحاد يصعب فهم كلام الطفل. ومن ناحية أخرى يعاني الطفل معاناة شديدة عندما يحاول التعبير عن أفكار أو حاجاته الخاصة في المحيط الأسري أو المدرسي أو في علاقاته مع الزملاء. إلا أن مدى الإعاقة في وضوح كلام الطفل ليست العامل الوحيد الذي يؤثر في الحكم على درجة حدة الاضطراب. فالعمر الزمني للطفل يعتبر عاملاً هاما. ً وخاصة في ضوء الطبيعة النمائية للنطق والكلام. فعندما يخطئ الطفل البالغ السابعة من عمره في نطق أصوات الكلام النمائية المبكرة فإنه يعاني من اضطراب أكثر حدة من طفل آخر من نفس سنه، لكنه لا يخطئ إلا في نطق الأصوات النمائية المتأخرة فقط. كذلك فإن عيوب النطق الثابتة والراسخة عند الطفل الأكبر سناً عادة ما تكون أكثر حدة وصعوبة في العلاج من الأخطاء غير الراسخة عند طفل آخر أصغر سناً. بوجه عام يمكن القول بأن الأخطاء الثابتة أقل قابلية للعلاج من الأخطاء الطارئة أو المؤقتة.
من ناحية أخرى فإن عدد عيوب النطق وأنواع هذه العيوب عامل مؤثر في تحديد درجة حدة الاضطراب، مع مراعاة أن عيوب الحذف تعتبر أكثر من عيوب الإبدال أو التحريف، كذلك فإن العيوب التي تتضمن أصواتاً تتكرر كثيراً في اللغة تكون ملحوظة بدرجة أكبر، كما أنها تنعكس على وضوح الكلام بدرجة أكبر من الأخطاء التي تتضمن الأصوات النادرة أو قليلة التكرار في اللغة.
الإعاقة في النطق والكلام
يشكل موضوع الإعاقة في النطق أو الكلام موضوعاً واسعاً تكثر فيه أنواع الإعاقات المتصلة بعملية الاتصال بأشكالها المختلفة المسموعة والمقروءة والمكتوبة. إلا أن إعاقة النطق والكلام من أهمها، حيث يبدأ الطفل بعد إظهار ملامح الابتسام والمناغاة بالنطق في السنة الأولى للأحرف على شكل متقطع.
“م… ما… ماما” “ب… با… بابا” إلا أن بعض الأطفال قد يتأخر أو يتقدم في ذلك، أي أنه توجد فروق فردية وانحرافات بسيطة عن المعيار. وهناك قدرات متفاوتة بين الأطفال، وذلك تبعاً للجنس والقدرة العقلية الفطرية العامة ونمو وتطور الجهاز العصبي. وقد أثبتت الدراسات الحديثة أن القدرة اللفظية تكون أسرع عند البنات منها عند البنين.
هناك فروق فردية بين طفل وآخر، و هناك مؤشرات عامة يمكن الاستدلال منها على أن مثل هذا التأخر أو الاختلاف هو سبب مشكلة أخرى يجب استدراكها مبكراً لتفادي أو تقليل تأثيرها على حياة الطفل، حيث إن الكلام والنطق هو التواصل الأول الذي يلجأ إليه الإنسان للتفاهم مع الآخرين. وهو أهم أسباب التواصل الاجتماعي الذي يعتبر أهم أسباب النجاح في الحياة.
التعريف بالطفل المعوق في النطق والكلام
لقد عرّف “رايبر” الطفل المعوق كلامياًَ بأنه ذلك الطفل المضطرب في تواصله الكلامي، ويختلف كلامه عن كلام الآخرين لدرجة أنه يجذب انتباههم لما يثيره من ضيق وملل لهم. وبدقة أكبر يكون الكلام مضطرباً عندما يتنافى مع الانسياب السليم والسار للسامع. وببساطة يمكن تحديد الطفل الذي يشكو من إعاقة في كلامه عبر المعايير المختلفة التي يمكن أن نحددها بالأسئلة التالية:
.1 هل يؤدي الرسالة الكلامية بطريقة لا يفهمها الآخرون؟
.2 هل يؤدي الرسالة الكلامية بمعانٍ غريبة أو بأصوات غريبة؟
.3 هل يتميز الطفل بفرادة في أسلوبه الكلامي المنطوق، من حيث حركة الشفاه أو اللسان أو تظهر عنده حركة اليدين أو القدمين غير المتوافقة؟
.4 هل يتم الاتصال الكلامي بأسلوب غير ملائم للموقف؟ إننا في العادة نغير أسلوب الكلام ليلائم موقفاً معيناً، أما الطفل الذي لا يستطيع ذلك فربما يكون لديه اضطراب في كلامه.
.5 هل يستمتع السامع بالاستماع لهذا الطفل المتكلم؟ حيث إن الكلام المضطرب غالباً ما يثير الملل عند السامع.
.6 هل تؤذي الطفل آلية النطق لديه ويتألم عند محاولته الكلام؟ قد لا يشعر السامع بذلك دوماً، إلا أن المتكلم هنا ربما يواجه صعوبات انفعالية، ويظهر الألم كنتيجة لمواطن الضعف التي يتخيلها.
العوامل المسببة في إعاقة النطق والكلام
تتعدد الأسباب التي تؤدي إلى الإعاقة في النطق والكلام، إلا أن هذه الأسباب غالباً ما تندرج في نوعين.
.1 الأسباب العضوية: تشمل كل مظاهر التشوه أو سوء التركيب في جهاز النطق “مثل عدم انتظام الأسنان من الناحية التكوينية، أو التهاب الأعصاب المتصلة بحركة الشفاه أو الحنجرة أو اللسان، أو لعيوب ولادية متصلة بالحنك لانشاق فيه”. أو لعيوب في المنطقة المسؤولة عن الكلام على مستوى القشرة الدماغية، أو لوجود نقص في القدرة السمعية أو العقلية أو العصبية. وقد تكون هذه التشوهات منذ الولادة، أو بسبب من الأمراض والحوادث والصدمات.
.2 الأسباب الوظيفية: هي تلك الأسباب التي تتعلق بأسباب نفسية واجتماعية وتربوية، وتؤدي إلى اضطرابات كثيرة تختلف من حيث نوعها وشدتها وفقاً لمدى قوة هذه الأسباب وتأثيرها في الفرد.
تكوين اللفظ السليم
إن تكوين اللفظ السليم في سن مبكرة مهمة أساسية من المهمات التربوية في دور الحضانة، حيث تظهر جملة متنوعة من عيوب الكلام واضطراباته من إبدال للحروف وتغييرها، ومن تقديم وتأخير وتوقف وتشنج عند اللفظ. ومعالجة هذه العيوب وتصحيحها في سن الروضة تمليها مجموعة من الأسباب، منها:
.1 وجود هذه العيوب لدى كل من الأطفال العاديين والمعوقين بكل فئاتهم تقريباً، فقد أشارت بعض الدراسات إلى أن نسبة الأطفال الذين يعانون من اضطرابات في كلامهم تصل إلى 12٪ يتوزعون إلى 80٪ عيوب إبدالية، و 10٪ عسر نطق، و 10٪ اضطرابات أخرى.
.2 إن هذه العيوب إذا لم تصحح وتوضع التدابير الوقائية المناسبة لها في سن مبكرة حيث يكون جهاز النطق مرناً، فمن الصعب التخلص منها في سن متأخرة. حيث إن آلية النطق تتطور مع تطور العمليات العصبية والنفسية، وتكتسب تكويناً ثابتاً وصلباً لا يمكن معه التصحيح بسهولة.
.3 إن معظم نشاطات الأطفال يقوم بالأساس على النشاط اللغوي. وإذا تركنا هؤلاء الأطفال يعانون من اضطرابات في لفظهم، فإننا سنجعل منهم أطفالاً غير متكيّفين.
الإجراءات التربوية الوقائية
إن المدخل للإجراءات التربوية الوقائية من عيوب الكلام وصعوباته هو المعرفة بآلية الكلام والأقسام التي تنطوي عليها هذه الآلية.
إن قدرتنا على الكلام تحتاج ثلاثة مراكز:
• أجهزة فيزيائية – عضوية، جهاز التنفس.
• جهاز إنتاج الأصوات.
• جهاز آلية النطق.
جهاز التنفس هو الذي يسمح بدخول الهواء إلى الرئتين وخروجه ماراً بأعضاء النطق لإحداث الأصوات. عندما يتم الشهيق يتمدد الحجاب الحاجز، الأمر الذي يؤدي إلى زيادة حجم التجويف الصدري، ويقلل من ضغط الهواء داخل الرئتين حيث يندفع إلى الداخل. أما في الزفير فيتم بالعكس. ولذلك يجب على المربية أن تنفذ تمارين تنفس تعوّد الطفل بها على إخراج حروف المد من خلالها، وكذلك حبس الهواء و إرجاع اللسان وغيرها.