كيف كنتم لتشعروا لو كان هناك ثمّة من يفرض عليكم كل يوم ما ينبغي عليكم ارتداؤه؟ في الواقع، إن الهدف الأساسي للولد الذي في الثالثة من عمره هو أن يسيطر بنفسه على عالمه. لذا ينبغي على الأهل إن كانوا فعلاً يريدون تفادي الشجار مع ولدهم وإن كانوا فعلاً يرغبون في تعليم هذا الأخير كيف يختار بنفسه الثياب الملائمة له أن يضعوا له أنظمة محددة حول نوعيّة الثياب الملائمة لكل مناخ ولكل مناسبة على حدة.
بعض النصائح المفيدة
● ينبغي على الأهل أن يساعدوا ولدهم في اختيار ملابسه مسبقاً لكي لا يتأخروا خصوصاً في الحالات التي يكونون فيها على عجلة من أمرهم؛ كما ينبغي عليهم أيضاً، وفي حال نشوب المعارك لاحقاً أن يثبتوا على خيارهم المشترك، وإلاّ فقد يتعلّم الولد امتحان كل خيارات أهله ليرى إن كانت مشتركة مع خياراته أم لا.
● ينبغي على الأهل أن يعلّموا ولدهم كيفيّة تنسيق ملابسه من خلال توضيبهم ثيابه التي تتلاءم مع بعضها البعض كل منها في درج أو خزانة مختلفة.
● ينبغي على الأهل عند الضرورة أن يبعدوا ولدهم شيئاً فشيئاً عن ثيابه المفضَّلة من خلال منعه من ارتدائها يوماً واحداً في الأسبوع الأول ثمّ يومين في الأسبوع الثاني وهلمّا جرّاً حتى لا يعود في النهايّة يرتديها سوى يوم واحد في الأسبوع أو حتى أقلّ.
حديث الأهل لأنفسهم
ينبغي على الأهل ألاّ يقولوا لأنفسهم:
” ما قصة ولدي؟ إن ذوقه في الثياب مميّز وغريب جداً”.
يتعيَن على الأهل أن يتفادوا قدر الإمكان اتّخاذ موقف سلبي حيال واقع محايدٍ من وقائع الحياة. ثمّ إن كان ولدهم يريد أن يرتدي الثياب التي يحبّ، فهذا لا يعني أنه يعاني من شيء أو خطبٍ ما على الإطلاق.
إنما يفترض بهم أن يقولوا لأنفسهم عوضاً عن ذلك:
“أنا سعيدة كون ولدي يتمتّع بآرائه الخاصة ويرغب بالتالي في التعبير عنها”.
إن احترام الأهل لآراء ولدهم من شأنه أن يساعدهم على العمل كفريق واحد.
ينبغي على الأهل ألاّ يقولوا لأنفسهم:
“إن ذوق ولدي في اختيار ثيابه يثير جنوني”.
في الواقع، من غير المنطقي ولا الفعّال أن يسمح الأهل لسلوك ولدهم بأن يؤثّر على مشاعرهم.
إنما يفترض بهم أن يقولوا لأنفسهم عوضاً عن ذلك:
“إن كان ذوق ولدي مميّزاً في الثياب فهذا لا يعني أنه من المفترض بي أن أغضب؛ إنما يتعيّن عليّ عوضاً عن ذلك أن أعزز وأنمّي روح الإستقلاليّة التي يتمتّع بها”.
إن الأهل وبسماحهم للولد باتخاذ القرارات، إنما ضمن الحدود طبعاً، يظهرون له كم أنهم يقدّرون آراءه ويحترمونها. وبالتالي فإن منحه نسبة محددة من السلطة والنفوذ من شأنه أن يثبت له كيف أن بإمكانه أن يتخذ القرارات بنفسه ويعمل ضمن فريق في آنٍ معاً.
ينبغي على الأهل ألا يقولوا لأنفسهم:
“إنه عنيد تماماً كوالده (أو والدته)، وأنا لا يمكنني أن أحتمل فكرة العيش مع شخصين عنيدين في منزل واحد”.
صحيح أن العناد قد يكون أحياناً وراثياً في العائلة، ولكن عندما يقول الأهل لأنفسهم إنهم يكرهون هذه الصفة في ولدهم يصبحون عندئذٍ عاجزين عن التغلّب على مشكلتهم تلك، الأمر الذي قد يثير غضبهم وامتعاضهم من ولدهم كما ومن والده (أو والدته).
إنما يتعين عليهم أن يقولوا لأنفسهم عوضاً عن ذلك:
“إن كان عنيداً فهذا لا يعني أنه يعاني من مشكلة ما في شخصيّته”.
ينبغي على الأهل أن ينظروا إلى الموضوع وفقاً لأهميته النسبيّة وأن يركّزوا على ما قد يكون من الملائم ارتداؤه في بعض المناسبات والظروف، لا على طباع ولدهم وشخصيّته.
حديث الأهل إلى أولادهم
ينبغي على الأهل ألاّ يستخفّوا بولدهم ويقللوا من شأنه بقولهم:
“ماذا دهاك؟ لماذا لا ترتدي ما يفترض بك ارتداؤه وحسب؟
إنّ الأهل وبإشارتهم أن ولدهم يعاني من خلل ما في شخصيّته يقضون على رغبته الطبيعيّة في التعبير عن آرائه. وأيضاً فإنهم عندما يطرحون عليه سؤالاً يستهلّونه بكلمة “لماذا” فقد يحثّونه على اتّخاذ موقف دفاعي بغيّة التمكّن من تبرير رأيه أو موقفه.
إنما يفترض بهم أن يعلّموه على النظام بقولهم مثلاً:
“أنا أعلم أنك ترغب في ارتداء ثوب السباحة عندما تذهب إلى المدرسة، غير أن النظام يقول إنه يفترض بنا أن نرتدي إلى المدرسة سروالاً وقميصاً. يمكنك أن ترتدي ثوب السباحة لدى عودتك إلى المنزل”.
إن الأهل، وبلجوئهم إلى النظام وإعادة تذكير ولدهم به، ينزعون عن كاهلهم ضغط كونهم “الأشخاص السيّئين” بالنسبة له، ويضطرونه إلى الاختيار بين الأشياء المسموحة.
ينبغي على الأهل ألاّ يلجأوا مع ولدهم إلى الغضب بقولهم:
“إرتدِ ما أقوله لك فحسب. لقد سئمت رغبتك الدائمة في ارتداء أمور غريبة عجيبة”.
صحيح أن الأهل قد ينزعون أحياناً إلى الغضب عند شعورهم باليأس أو الإحباط، إنما يفترض بهم أن يفكروا بما قد يشعر به ولدهم عندما يتوجّهون إليه بكلمات قاسيّة وجارحة كتلك.
إنما يفترض بهم أن يتفهموه ويتعاطفوا معه بقولهم:
“أنا أعلم أنك ترغب في ارتداء سروال قصير اليوم. فأنا أيضاً أودّ لو أنه كان بإمكاني أن أرتدي سروالاً قصيراً؛ غير أن النظام يقول إنه عندما يشير الميزان إلى أن الطقس في الخارج بارد فيتعيّن علينا عندئذٍ أن نرتدي بنطلوناً وقميصاً طويل الكمّين.
إن الأهل، وبتعاطفهم مع ولدهم وتفهّمهم رغبته في ارتداء ثيابه المفضَّلة، يظهرون له أنهم يهتمون لآرائه. غير أنهم وبتفسيرهم أن النظام هو الذي يملي على الجميع نوع الثياب الملائم والواجب ارتداءه، يعطونه حريّة الإختيار واتّخاذ القرارات، إنما ضمن حدود وشروط معيّنة. وبالإضافة إلى ذلك، فهم يعلّمونه بهذه الطريقة أن القوانين هي التي تنظّم سلوكنا من خلال تحديدها ما هو ملائم وما هو غير ملائم بالنسبة لنا.
ينبغي على الأهل ألاّ يتوسّلوا إلى ولدهم بقولهم مثلاً:
” تعال يا عزيزي وارتدِ ما تريده ماما”.
إن الأهل وبتوسّلهم إلى ولدهم فكأنهم يقولون له إنه سيّد الموقف، وهذا في الواقع موقف مخيف بالنسبة إلى الأولاد إجمالاً. وعلاوة على ذلك، فإن لجوء الأهل إلى الشعور بالذنب بهدف حثّ ولدهم على التعاون معهم يوحي لهذا الأخير بأنه من المفترض به أن يفعل بحسب مشيئة والديه لئلاّ يخسر حبّهما له؛ وهذا أمر في غايّة السوء، إذ ينبغي على الولد ألا يربط حبّ والديه له برغبته في التعاون معهما.
إنما يفترض بهم عوضاً عن ذلك أن يذكّروه بالنظام بقولهم مثلاً:
“أنا أعلم أنك ترغب بارتداء سروال قصير اليوم. ولكن هل يشير ميزان الحرارة إلى أن الطقس حار بحيث يمكنك اليوم ارتداء سروال قصير؟”
إن الأهل وبجعل ميزان الحرارة هو الذي يملي علينا ما يفترض بنا ارتداءه يخففون من النزاعات المحتملة بينهم وبين أولادهم، كما وأنهم يعلّمونهم بهذه الطريقة أيضاً كيف أنّ مراقبتهم الأحوال الجويّة من شأنها أن تساعدهم على اتّخاذ القرارات الصحيحة والملائمة.
تأليف: جيري وايكوف و باربرا أونيل