التصنيفات
صحة ورعاية الطفل

كيف تتصرف مع الطفل الذي لا يريد أن يأكل بالشوكة أو الملعقة

“لماذا يتعيّن عليّ أن أستخدم الشوكة في حين أنه يمكنني وبكل بساطة أن آكل بأصابعي؟” “لماذا ينبغي عليّ أن أستخدم منديل المائدة في حين أنّ قميصي بمتناول يدي؟” هكذا يفكّر ابن الثلاث سنوات والذي لا يهتمّ مثلنا لآداب المائدة. لذا ينبغي على الأهل هنا أن يأكلوا بطريقة لائقة ومؤدّبة ومقبولة أمام أولادهم، لكي يحثّوهم على حذو حذوهم فلا يشعروا بالتالي في المستقبل بأي ارتباك أو حرج سواء أكانوا يتناولون الطعام مع أشخاص عاديين مثلهم أو حتى مع ملوك.

بعض النصائح المفيدة

●    ينبغي على الأهل وضع أنظمة محددة وصارمة حول آداب المائدة، كما وينبغي عليهم الثَّناء على ولدهم لاتّباعه تعليماتهم.

●    ينبغي على الأهل أن يأكلوا بطريقة لائقة ومؤدّبة أمام ولدهم وأن يلفتوا انتباهه إلى كل ما يفعلونه كأن يقولوا له مثلاً، “أنا أضع منديل المائدة على حرجي ثم آخذ شوكتي”.

●    ينبغي على الأهل أن يتفادوا قدر الإمكان تقديم المأكولات التي تؤكل باليد لولدهم (كالبرجر والبيتزا والبطاطا المقليّة) فيتمكّن هذا الأخير من التمرّن على استخدام الشوكة والملعقة.

●    يتعيّن على الأهل أن يطلبوا من ولدهم من حين لآخر مساعدتهم في وضع المائدة فيشرحوا له بالتالي كيفيّة استخدام منديل المائدة كما وسائر أواني الطعام وأدواته.

حديث الأهل لأنفسهم

ينبغي على الأهل ألا يقولوا لأنفسهم:

“لن تتعلّم أبداً في حياتها كيفيّة استخدام الشوكة، لذا فقد أكفّ عن تعليمها ذلك”.

يتعيّن على الأهل ألا يشعروا باليأس أو الإحباط في حال فشلوا في تعليم ولدهم كيفيّة استخدام أواني المائدة، إذ إنهم بذلك لن يتمكنوا أيضاً من تعليمه آداب المائدة؛ الأمر الذي قد يزيد من استيائهم وغضبهم في كل مرة يذكّرون فيها ولدهم بالنظام.

إنما ينبغي عليهم أن يقولوا لأنفسهم عوضاً عن ذلك:

“يتعيّن عليّ المحافظة على هدوئي والإستمرار في تعليمها آداب المائدة”.

يتعيّن على الأهل أن يحتفظوا بالمشكلة نصبَ عينيهم من دون أن يثيروا جلبة كبيرة حولها. ومن المحتمَل في الواقع أن يكون للصبر فوائده الإيجابيّة والفعّالة، إذ إن حماسة الولد على استخدام آداب المائدة قد تزيد لدى معرفته بأن أهله يحترمونه حتى ولو لم يكن يستخدم آداب المائدة بطريقة ممتازة.

ينبغي على الأهل ألاّ يقولوا لأنفسهم:

“إن والدها لا يشجعها على اتّباع آداب المائدة عندما تكون في منزله؛ الأمر الذي يجعلها ترفض اتّباع تلك الآداب في منزلي أيضاً، وهذا أمر يثير جنوني!”

ينبغي على الأهل ألا يجعلوا الولد أو والده (أو والدته) مسؤولاً عن مشاعرهم. وينبغي عليهم إذن في هكذا حالة أن يسيطروا على مشاعرهم من خلال اختيار ردود فعلهم.

إنما يفترض بهم أن يقولوا لأنفسهم عوضاً عن ذلك:

“لا يمكنني أن أحثّ ولدي على اتّباع آداب المائدة إلا في منزلي فقط. فأنا لا يمكنني أن أضبط ما يفعله خارجاً”.

ينبغي على الأهل أن يركّزوا على ما يفعله ولدهم عندهم، فيشعرون بالتالي بأنهم أسياد الموقف في منزلهم.

ينبغي على الأهل ألا يقولوا لأنفسهم:

“أنا أكره الفوضى التي يأكل بها ولدي تماماً كالحيوانات”.

يتعيّن على الأهل ألا يشعروا بالأسف حيال أنفسهم كونهم سيُضطرون إلى التنظيف من بعد ولدهم، إذ صحيح أن الولد قد يكون فوضوياً أحياناً، غير أن التنظيف من بعده هو جزء من وظيفتهم. لذا ينبغي على الأهل إذن أن يتقبّلوا الفوضى من حين لآخر، إذ إنهم بذلك قد يحافظون على برودة أعصابهم، الأمر الذي قد يساعد ولدهم على تعلّم آداب الأكل الصحيحة والملائمة.

إنما يفترض بهم أن يقولوا لأنفسهم عوضاً عن ذلك:

“ينبغي عليّ ألا أشعر بالذنب لأن ولدي لا يريد اتّباع آداب المائدة”.

لا يلد الطفل مع عادات حميدة؛ لذا فقد تتطلّب عمليّة تعليمه تلك العادات الكثير من الوقت والصبر والجَلَد.

حديث الأهل إلى أولادهم

ينبغي على الأهل ألا يهددوا ولدهم بقولهم:

“إن أمسكت شيئاً آخر بأصابعك فسأضربك. خذ شوكتك على الفور وكل”.

ينبغي على الأهل ألاّ يهددوا أبداً ولدهم بالضرب، إذ إنهم بذلك لن يعلّموه سوى أنهم أكبر وأكثر قوّة منه وأنهم بالتالي يرغبون في ضربه والتسبّب له بالألم ليحثّوه على اتّباع تعليماتهم. في الواقع، إن العنف ليس ضرورياً على الإطلاق، خصوصاً عندما نكون في صدد تعليم الولد على السلوك الصحيح والملائم.

إنما يفترض بهم أن يذكّروه بالنظام بقولهم مثلاً:

“ما هي القاعدة بشأن استخدام الشوكة في الأكل عوضاً عن الأصابع؟ أنا أعلم أنك تريد اتباع هذه القاعدة”.

صحيح أنه ينبغي على الأهل أن يتوقعوا من ولدهم أن يتّبع القاعدة من جهة، إنما يفترض بهم من جهة أخرى إعلامه بأنهم إلى جانبه، وأنهم بمثابة مدرِّبيه، لا حاكِميه.

ينبغي على الأهل ألا يتذمروا من ولدهم بقولهم:

“كم مرّة يُفترض بي أن أقول لك ألاّ تأكل بأصابعك”.

إن الأهل وبتحذيراتهم الدائمة والموجَّهة إلى ولدهم فكأنهم يلمّحون له بأنه يعاني من خلل أو تخلّف عقليّ ما، هذا وعلماً أنهم لا ينفكّون يقولون له ما لا يُفترض به فعله، عوض أن يقولوا له ما يُفترض به فعله. لذا نحن ننصح الأهل هنا بالتركيز على الإيجابيات فيتمكنوا بالتالي من حثّ ولدهم على السلوك الحسن والحميد.

إنما يفترض بهم أن يساعدوه ويدعموه بقولهم مثلاً:

“أعلم أنه من الصعب عليك أن تتعلّم كيفيّة الإمساك بالشوكة بطريقة صحيحة، ولكن تذكّر كيف نمسك بالقلم، إذ بهذه الطريقة نفسها نمسك بالشوكة. فلنحاول إذن الآن مرّة أخرى”.

إن اللطافة في التدريب تعلّم الولد على الصبر وتساعده على اكتساب المهارات الصعبة.

ينبغي على الأهل ألا يذلّوا ولدهم ويحطّموه بقولهم:

“من المقرف أن تلطخ ذقنك. بالطعام فأنا لا أريد حتى أن أنظر إليك”.

ينبغي على الأهل ألا يظهروا لولدهم بأنه لا يكون مقبولاً إلا عندما يفعل بحسب ما يطلبونه منه، إذ إنهم بذلك وكأنهم يقولون له إن حبّهم له مشروط وإنهم سيتوقفون عن حبّه إن لم يتصرّف بحسب رغبتهم.

إنما يفترض بهم الثناء على سلوكه المتعاوِن معهم بقولهم:

“شكراً لأنك تذكّرت أن تستخدم منديلك. فهذا يظهر اكتسابك آداب المائدة”.

إن الأهل وبثنائهم على سلوك ولدهم لدى استخدامه آداب المائدة يظهرون له مدى أهميّة تلك الآداب ويحثّونه على الإستمرار في استخدامها. ففي الواقع، مَن منّا لا يتحمّس لفكرة التعاون مع الآخرين، سيّما وإن لقي الثناء على تعاونه معهم.

ينبغي على الأهل عدم رشوة ولدهم بقولهم:

“إن أكلت بالشوكة فسأقدّم لك بعد ذلك البوظة”.

إن أسلوب الرشوة الذي يلجأ إليه الأهل عادة لا يحث الولد على اتّباع آداب المائدة لأنها تساعده على الأكل بطريقة لائقة ومؤدّبة، إنما يحثّه على توقّع مكافأة ما لقاء تعاونه معهم.

إنما يفترض بهم أن يعقدوا معه إتفاقيّة بقولهم مثلاً:

“عندما تأكل بالشوكة يمكنك البقاء إلى المائدة، وإلا فستضطر إلى التوقف عن الأكل والنزول عن المائدة”.

في هذه الحالة، إنّ قاعدة الجدّة لا تظهر مدى أهميّة اتّباع العادات الحميدة فحسب، إلا أنها تخيّر الولد أيضاً ما بين اتّباع آداب المائدة والتوقّف عن الأكل.

تأليف: جيري وايكوف و باربرا أونيل