التصنيفات
صحة ورعاية الطفل

كيف تتصرف مع الطفل الذي لا أريد أن يهدأ

إنه لأمر معروف أنّ فضوليّة ابن الثانيّة تحثّه على امتحان صدق عزيمة أهله عندما يطلب منه هؤلاء البقاء هادئاً. حتى أن بعض الأولاد قد يستغلّ أحياناً هذه الفرصة ليرى ما الذي قد يحدث في حال تكلم عن قصد بصوتٍ عالٍ! لذا ينبغي على الأهل هنا أن يُطلعوا ولدهم على قاعدة ضرورة التكلّم بصوت منخفضٍ، وذلك من خلال تمرينه على هذا السلوك قبل اضطرارهم فعلاً إلى اتّباعه وتطبيقه في المسجد أو المكتبة العامة وهلمّا جرّاً؛ كما وينبغي عليهم أن يقولوا له أيضاً أنّ ثمّة نبرات صوتيّة تُستخدَم احتراماً للآخرين. وسيرى الأهل كيف أن هذا الدرس في احترام الآخرين والتعاطف معهم من شأنه أن يحوّل الوضع المتأزّم الذي يكون على وشك أن ينفجر بينهم وبين ولدهم إلى لحظة تعليميّة مفيدة تحثّ هذا الأخير على احترام الآخرين والتعاون معهم مراعاةً منه لمشاعرهم.

بعض النصائح المفيدة

●    يمكن للأهل أن يستخدموا بعض الأوصاف الحيوانيّة ليساعدوا ولدهم على تذكّر الأوقات والأماكن التي يمكنه أن يستخدم فيها النبرات الصوتيّة المختلفة. فيمكنهم مثلاً أن يطلبوا منه أن يكون هادئاً كالفأرة” في دور العبادة أو أن “يزأر كالأسد” في لعبة كرة القدم.

●    في حال كان الولد يتكلّم عموماً بصوتٍ عالٍ فينبغي على أهله عندئذٍ أن يصحبوه إلى الطبيب لكي يفحص له سمعه فيتأكدوا إن كان يعاني من مشاكل سمعيّة أو ما شابه.

●    ينبغي على الأهل وقبل أن يصحبوا ولدهم إلى مكان أو حدث يفرض الكثير من الهدوء والصمت أن يأخذوا بعين الإعتبار قدرته على فهم معنى هذا الحدث والإستمتاع به.

حديث الأهل لأنفسهم

ينبغي على الأهل ألاّ يقولوا لأنفسهم:

“يجب أن أجبره على البقاء هادئاً عندما يفترض به أن يكون كذلك”.

ينبغي على الأهل هنا أن يدركوا أنه لا يمكنهم أن يجبروا ولدهم على فعل أيّ شيء، إنما كل ما يمكنهم فعله هو تعليمه على المهارات والتشديد عليها عندما يكون ذلك ممكناً.

إنما يفترض بهم أن يقولوا لأنفسهم عوضاً عن ذلك:

” لا بأس إن لم يكن باستطاعته التذكر أنه يفترض به المحافظة على الهدوء في دور العبادة. فسأظلّ أمرّنه على ذلك إلى أن يصبح بإمكانه تذكّر هذا الأمر”.

إن تعليم الولد على السلوك الإيجابي يستغرق وقتاً طويلاً؛ لذا ينبغي على الأهل في هذه الحالة أن يكونوا مستعديّن للمثابرة في مهمّتهم هذه والثبات عليها إلى أن يكتسب ولدهم العادات الحميدة والسلوك الحسن.

ينبغي على الأهل ألا يقولوا لأنفسهم:

“أنا لم أعد أصحبه معي إلى أي مكان لأنه حيثما نذهب يثير الجلبة والضوضاء”.

إنّ ردّ الفعل المبالغ فيه هذا يركّز على مشكلة صوت الولد العالي عوض أن يركز على مسألة تعليمه كيفيّة استخدام صوت منخفض.

إنما يفترض بهم أن يقولوا لأنفسهم عوضاً عن ذلك:

“إن كانت نبرة صوت ولدي عاليّة فهذا لا يعني أن ليس بإمكانه أن يتعلّم كيف يلزم الصمت ويكون هادئاً”.

لا يمكن للأهل أن يضبطوا سلوك ولدهم، لذا يفترض بهم ألا يشعروا بالذنب والإحراج عند ارتكاب هذا الأخيرالأخطاء أو عند نسيانه القاعدة؛ إنما يفترض بهم أن يعملوا على هذه المسألة برويّة وهدوء وأن يظلّوا يذكّرونه بالسلوك الملائم والصحيح.

ينبغي على الأهل ألا يقولوا لأنفسهم:

“إن انزعج الناس من ولدي كونه يتكلّم بصوت عالٍ في السينما فيمكنهم وبكل بساطة أن يغيّروا مكانهم”.

ينبغي على الأهل ألا يُلقوا على الآخرين مسؤوليّة حلّ مشكلة صوت ولدهم العالي في المسرح أو المطعم، إذ إنهم بذلك يعلمون ولدهم على عدم احترام الآخرين، الأمر الذي قد يحول دون تعلّم هذا الأخير كيفيّة التكلم بصوت منخفض.

إنما يفترض بهم أن يقولوا لأنفسهم عوضاً عن ذلك:

“من المحتمل ألا يكون ولدي قد فهم القاعدة لأنني لم أمرّنه كثيراً عليها”.

في حال لم يكن الأهل ليصحبوا ولدهم إلى أماكن هادئة كالمكتبة العامة فينبغي عليهم عندئذٍ أن يأخذوه في نزهة في الهواء الطلق ليساعدوه على فهم متى يفترض به أن يتكلّم بصوت منخفض ولماذا.

حديث الأهل إلى أولادهم

ينبغي على الأهل ألا يدعوا ولدهم يشعر بالخجل من نفسه بقولهم:

“ماذا دهاك؟ أليس لديك أي شعور بالإحترام تجاه الآخرين؟”

إن الأهل وبقولهم للولد أن ليس لديه أي اهتمام أو شعور تجاه الآخرين لن يعلموه بذلك كيفيّة استخدام عاداته الحميدة، إذ إنهم عندما يعاملون ولدهم بقلّة احترام فقد يصبح من الصعب على هذا الأخير أن يتعلّم كيفيّة احترام الآخرين؛ الأمر الذي قد يسمح له في الواقع بالمضيّ قدماً في سلوكه الأناني هذا.

إنما يفترض بهم أن يذكروه بالقاعدة بقولهم:

“أنا أشعر فعلاً بالأسف لانك نسيت أنه يفترض بك أن تتكلّم بصوت منخفض في المكتبة العامة. لكني متأكّدة من أنك ستتذكّر القاعدة في المرّة التاليّة”.

إن الأهل وبتعاطفهم مع ولدهم يظهرون له أنهم يتفهّمون مشاعره، إلا أنه يفترض به الإلتزام بالقاعدة وتطبيقها. وعلاوةً على ذلك فإنهم وبتذكيره بالقاعدة يساعدونه على تعلّم هذا الدرس من دون تحطيمه أو إذلاله. فالولد على ما يُرام؛ إنما سلوكه غير ملائم.

ينبغي على الأهل ألا يهددوا ولدهم بقولهم:

“إن لم تبقَ هادئاً سأضربك! فاصمت إذاً!

ينبغي على الأهل ألاّ يعمدوا أبداً إلى إلحاق الضرر الجسدي أو الكلامي بولدهم، إذ إنهم وبكلماتهم أو أعمالهم تلك لا يعلّمون الولد على سلوك لا يريدونه أن يسلكه فحسب، إنما يعلّمونه أيضاً بأسلوبهم هذا أن التهديد هو وسيلة مقبولة لحصوله على مبتغاه.

إنما يفترض بهم أن يمرّنوه على النظام بقولهم:

“هيّا بنا نتمرّن على التكّلم بصوت منخفض لفترة قبل أن نذهب إلى المكتبة العامّة. فأنت تعلم أنه ينبغي علينا المحافظة على الهدوء هناك”.

إن التمرين لطريقة جيّدة للتأكد أن الولد قد فهم القاعدة أو النظام. لذا ينبغي على الأهل أن يجعلوا منه أمراً مسلّياً من خلال تبسمّهم مثلاً عندما يتكلّم بصوت منخفض، كما ومن خلال قولهم إن طريقته هذه في الكلام تعجبهم كثيراً.

ينبغي على الأهل عدم رشوة ولدهم بقولهم:

“إن تكلّمت بالهمس عوضاً عن التكلّم بصوتٍ عالٍ فسأشتري لك بعض السكاكر”.

إن الأهل وبرشوة ولدهم يعلّمونه أنه يفترض به اتّباع الآداب الحميدة للحصول على مكافأته، لا بداعي احترام الآخرين.

إنما يفترض بهم أن يعقدوا معه نوعاً من الإتفاقيّة بقولهم مثلاً:

“إن التزمت بنظام التكلّم بصوت منخفض فقد نتمكّن عندئذٍ من البقاء والإستمتاع بالبرنامج، وإلا فسنضطرّ إلى الرحيل”.

ينبغي على الأهل أن يلجأوا إلى قاعدة الجدة ليعلّموا ولدهم أنّ لديه خيارات عدّة وأنّ خياراته هذه هي التي تؤدي إلى نتائج إما إيجابيّة وإما سلبيّة. وعليه فالسماح للولد بالإختيار يساعده على الشعور بأنه سيّد الموقف كما ويمرّنه أيضاً على كيفيّة اتّخاذه قراراته بنفسه. وعلاوةً على هذا كله، فإن الأهل وبلجوئهم إلى قاعدة الجدّة يعلّمون ولدهم أن تعاونه معهم ومع مطالبهم قد يخوّله الحصول على ما يريد.

ينبغي على الأهل ألاّ يقللوا من شأن ولدهم بقولهم:

“لا أحد يحب الأشخاص الثرثارين، فالزم الصمت إذن”.

يتعيّن على الأهل ألا يقولوا لولدهم إنه لن يكون محبوباً إن كان دائماً يتكلّم بصوتٍ عالٍ، إذ إنهم بذلك لن يتمكّنوا من تعليمه كيفيّة اتباع العادات الحميدة، كما وأنهم قد يجعلوه يشعر وكأنه منبوذ من المجتمع.

إنما يفترض بهم أن يثنوا على تعاونه معهم بقولهم:

“شكراً لأنك تتكلّم بصوت منخفض. فأنت لطيف جداً عندما تتّبع قاعدة التكلّم بالهمس”.

إن الأهل وبثنائهم على ولدهم لتكلّمه بصوتٍ منخفض لا يذكّرونه بالنظام فحسب، إنما يشجّعونه أيضاً على الإستمرار في سلوكه الحسن هذا. في الواقع، يحبّ الولد أن يتعاون مع الأشخاص الذين يثق بهم ويحترمهم والذين هم أيضاً يثقون به ويحترمونه.

ينبغي على الأهل ألا يتذمّروا من ولدهم بقولهم:

“هذه المرّة الثالثة على التوالي التي أطلب منك فيها أن تبقى هادئاً. كم مرّةً يفترض بي أن أطلب منك الشيء قبل أن تنفّذه؟”

إن الأهل وبتذمّرهم من ولدهم لن يعلّموه أنه يفترض به أن يتكلّم بالهمس إحتراماً للآخرين، إذ إننا نتذمّر من الشيء إجمالاً بسبب ما يجعلنا نشعر به من يأس وإحباط، وهذا في الواقع أمر لا يفيد بشيء.

إنما يفترض بهم أن يذكّروه بالنظام بقولهم:

“سنذهب اليوم إلى المكتبة. أتذكر النظام الذي يقول بضرورة التكلم بالهمس هناك؟”

ينبغي على الأهل أن يطلبوا من ولدهم أن يعود ويذكرهم بالنظام ليتحقّقوا إن كان لا يزال يتذكّر كيف يجدر به أن يتصرّف في المكتبة. وهو وبإعادة شرحه النظام هذا يشعر بأنه المسؤول عن الوضع، الأمر الذي قد يحثّه على اتّباعه.

تأليف: جيري وايكوف و باربرا أونيل