التصنيفات
صحة ورعاية الطفل

لا أريد أن أجلس هنا: كيف تتصرف مع الطفل

عندما يتشاجر ابن الخمس سنوات مع أهله بشأن المكان الذي يريد أن يجلس فيه في السينما أو على مائدة الطعام أو في السيارة فهو يريد بذلك أن يعلِمهم أنه ولد طبيعي وأنه يريد أن يكون له رأي في الأمور التي يفعلها. لذا ينبغي على الأهل هنا أن ينظروا إلى سلوك ولدهم هذا على أنه دليل إيجابي على رغبته في أن تكون له آراءه الخاصّة في الأمور، وأن يسمحوا له – إنما طبعاً ضمن حدود معيّنة – بالتمرن على مهارة سيكون بحاجة إليها في المستقبل طيلة حياته.

نصيحة مفيدة

●    ينبغي على الأهل أن يضعوا جدولاً يحدّد لولدهم الأماكن التي يتعيّن عليه الجلوس فيها سواء في السيارة أو على مائدة الطعام أو في سائر الأماكن التي يعترض فيها هذا الأخير على مكان جلوسه، إذ إنه بذلك قد يتمرّن على المُداورة بشكل ديمقراطي. ويتعيّن على الأهل هنا أن يشرحوا له ترتيبات الجلوس تلك مسبقاً، وذلك تفادياً لأي شجار أو نزاع معه.

حديث الأهل لأنفسهم

ينبغي على الأهل ألا يقولوا لأنفسهم:

“من الحماقة أن يهتمّ ولدي للمكان الذي سيجلس فيه”.

ينبغي على الأهل ألاّ يستخفّوا برغبة ولدهم في أن يقوم بخياراته الخاصة بنفسه، إذ إنه بهذه الطريقة ينمّي شخصيّته ويثبّت هويّته الخاصة؛ إنما يتعيّن عليهم أن يساعدوه على ذلك.

إنما يفترض بهم أن يقولوا لأنفسهم عوضاً عن ذلك:

“قد لا يكون المكان الذي أجلس فيه مهمّاً بالنسبة إليّ، إلا أنه مهمّ بالنسبة إلى ولدي، ويُفترض أن أحترم ذلك”.

إن الأهل وبتعاطفهم مع الولد قد يحولون دون تأزّم الوضع وتفاقمه. كما أن موقفهم المحترم والإيجابي هذا إزاء ولدهم من شأنه أن يساعدهم على نيل تعاونه معهم في حال حاولوا معالجة المسألة معه برويّة وصبر وهدوء.

ينبغي على الأهل ألا يقولوا لأنفسهم:

“إنه يثير جنوني عندما يغضب بسبب أمور صغيرة بسيطة وسخيفة”.

إن الأهل وباستيائهم من أصغر الأمور وأتفهها يعلّمون ولدهم أن يحذوَ حذوهم.

إنما يفترض بهم أن يقولوا لأنفسهم عوضاً عن ذلك:

“يفترض بي ألاّ أستاء من رغبة ولدي في التحكّم بكل أفعّاله. فهذه في النهايّة وظيفته كونه لا يزال ولداً صغيراً”.

يتعيّن على الأهل تفهّم مستوى نموّ ولدهم وتقدّمه في الحياة، إذ إنه بحاجة وفي هذه المرحلة بالذات من عمره إلى التمرّن على مسألة مشاركة الآخرين آراءه ورغباته. لذا ينبغي على الأهل هنا أن يساعدوه ويدعموه على تنميّة وتعزيز إستقلاليّته.

ينبغي على الأهل ألا يقولوا لأنفسهم:

“من الأفضل له أن يجلس حيث طلبت منه لأني أنا أمّه ويفترض به أن يفعل ما أريد”.

ينبغي على الأهل ألاّ يكونوا ديكتاتوريين مع أولادهم لأنهم بذلك قد يعلّمونهم إعطاء الأوامر عوض أن يعلموهم على التعاون والتسويّة، وهذان درسان مهمّان لهم في حياتهم.

إنما يفترض بهم أن يقولوا لأنفسهم عوضاً عن ذلك:

“هذه فرصة لكي أعلّم ولدي على التسويّة”.

ينبغي على الأهل أن ينظروا إلى ردّ فعلهم حيال مطلب ولدهم بتغيير مقعده على أنه فرصة متاحة أمامهم لكي يعلّموه درساً جديداً في الحياة، صحيح أنهم يفضّلون لو لم يكن لديه مانع في طاعتهم والإنصياع لأوامرهم والجلوس في المكان الذي طلبوا منه الجلوس فيه، إلا أنه يفترض بهم أيضاً أن يُسرّوا لروح الإستقلاليّة التي يتمتّع بها كما ولقدرته على التعبير عن آرائه.

حديث الأهل إلى أولادهم

ينبغي على الأهل ألاّ يصيحوا بوجه ولدهم قائلين:

“ماذا دهاك؟ أنت تعلم أنه لا يمكنك الجلوس هناك، تحرّك إذن بسرعة!”

لا عيب في الولد الذي يحاول أن يثبت إستقلاليّته. لذا فإن أسلوب الأهل القتالي هذا في التعاطي مع أولادهم من شأنه أن يتسبّب بمشكلتين اثنتين: أولهما أنهم قد يعلّمون ولدهم السلوك الديكتاتوري المتسلّط الذي لا شكّ في أنهم لا يريدونه أن يتّبعه؛ وثانيهما أنهم وبأسلوبهم هذا قد يجعلونه أيضاً يتردّد قبل أن يعبّر لهم عن مشاعره خوفاً من أن يؤنبوه ويصيحوا في وجهه.

إنما يفترض بهم أن يذكروه بالنظام قائلين:

“ماذا يقول النظام بشأن الجلوس في السيارة؟ إن اتّبعت النظام ستكون بأمان”.

ينبغي على سلامة الأولاد أن تكون فوق أيّ اعتبار. وأيضاً عندما يطلب الأهل من ولدهم أن يكرّر لهم النظام فإنهم يذكّرونه بضرورة اتّباعه.

ينبغي على الأهل عدم رشوة ولدهم بقولهم:

“إن جلست على المقعد الخلفي حيث يفترض بك أن تجلس سنتوقّف عندئذٍ عند المتجر ونشتري لك هديّة”.

إن الأهل وبرشوة ولدهم لحثّه على اتّباع أنظمة الجلوس يعلّمونه أن بإمكانه الحصول على مكافأة لقاء قيامه بما يتعيّن عليه فعله؛ في حين أن هدفهم الفعلي هو تعليمه ضرورة اتباع النظام لأنه يحفظ سلامته العامّة ويصونها.

إنما يفترض بهم أن يتعاطفوا معه بقولهم:

“أنا آسفة حقاً لكونك لا تستطيع الجلوس هناك. فأنا أعلم أنك تحب الجلوس على المقعد الأمامي، غير أن المقعد الخلفي أكثر أماناً للأولاد”.

إن الأهل وبتعاطفهم مع رغبة ولدهم في اختياره مقعده يعلّمونه كيف يتعاطف مع الآخرين، كما ويساعدونه أيضاً على معرفة سبب ضرورة اتّباعه نظام الجلوس في السيارة.

ينبغي على الأهل ألا يهددوا ولدهم بقولهم:

“إن لم تجلس في المقعد الذي يفترض بك الجلوس فيه فسأضربك على مؤخّرتك”.

إن الأهل وبتهديد ولدهم بضربه لن يعلّموه كيفيّة القيام بما يفترض به القيام به، إنما سيعلّمونه على العكس أن الأمور كافّة تسير بحسب رغبة الأشخاص الأكبر والأكثر قوّة من سواهم.

إنما يفترض بهم أن يضعوا له جدولاً يحدّد له أماكن جلوسه بقولهم:

“لنتحقّق من الجدول لنرَ أين يفترض بك أن تجلس. فاليوم الإثنين، مما يعني أنه يفترض بك أن تجلس في المقعد الذي خلف ماما تماماً”.

ينبغي على الأهل وضع جدول يغيّرون فيه في كلّ مرّة مكان جلوس ولدهم على نحو متعاقب، إنما من دون أن يكون ذلك طبعاً على حساب سلامته، إذ إن استنادهم إلى جدول الجلوس هذا قد يساعدهم على تفادي الشجارات مع ولدهم من جهة، وعلى تعليم هذا الأخير على التعاون والمشاركة من جهة أخرى. وأيضاً فإنهم وبلجوئهم إلى جدول الجلوس هذا يعلّمون ولدهم أن التعاون من شأنه أن يرضي الجميع.

تأليف: جيري وايكوف و باربرا أونيل