يمكن لأصوات التلفزيون وصوره الفاتنة أن تسحر ابن الثلاث سنوات بحيث يصبح مدمناً على مشاهدة صندوق العجائب هذا. غير أن الولد ليس لديه في مفهومه أي علم بالسبب الذي من أجله قد يتحوّل هذا الأخير في نهايّة المطاف إلى وسيلة ترفيهيّة خطيرة؛ لذا ينبغي على الأهل هنا أن ينبهوه إلى ذلك أولاً من خلال تقديمهم له وسائل ترفيهيّة أخرى كالقراءة، والألعاب، والمشاريع الفنيّة والحرفيّة وثانياً من خلال وضعهم له أنظمة وقوانين من شأنها مساعدته على ضبط مسألة مشاهدة التلفزيون.
بعض النصائح المفيدة
● ينبغي على الأهل أن يحددوا لولدهم عدد الساعات التي يمكنه فيها مشاهدة التلفزيون يوميّاً كما ونوعيّة البرامج المسموح له مشاهدتها. في الواقع إنّ المجمَع الأميركي الخاص بطبّ الأطفال ينصح الأهل بألا يسمحوا لولدهم الذي يبلغ من العمر سنتين وما فوق بمشاهدة التلفزيون لمدّة تفوق الساعة أو الساعتين يوميّاً.
● ينبغي على الأهل أيضاً أن يخففوا من مشاهدتهم التلفزيون، فيحذوَ ولدهم حذوهم.
● ينبغي على الأهل أخيراً أن يشاهدوا التلفزيون برفقة ولدهم فيحثّوه ليكون مشاهِداً ناشطاً ومشاركاً من خلال طرحهم الاسئلة حول فحوى البرنامح، حتى أنه يمكنهم عند الضرورة أن يشرحوا له كيف أنَ المعلِنين يحاولون التحكّم بأفكاره ومشاعره والسيطرة عليها.
حديث الأهل لأنفسهم
ينبغي على الأهل ألاّ يقولوا لأنفسهم:
“سيصبح ولدي في النهايّة كسولاً وبديناً إن ظلّ يمضي كل يومه أمام التلفزيون”.
ينبغي على الأهل ألا ينعتوا ولدهم بنعوت جارحة ومؤذيّة، إذ يمكن في النهايّة لهذه النعوت أن تتحوّل إلى توقّعات ذاتيّة التحقيق، كما ويمكنها أيضاً أن تؤثّر على موقف الأهل حيال ولدهم ملحقةً بالتالي الضرر بغروره وعزّة نفسه.
إنما يفترض بهم أن يقولوا لأنفسهم عوضاً عن ذلك:
“أنا أتفهّم رغبة ولدي في مشاهدة التلفزيون، إلا أنّه من واجبي أيضاً أن أجعله يهتمّ بنشاطات أخرى”.
إن تعاطف الأهل مع انجذاب ولدهم إلى التلفزيون من شأنه أن يساعدهم في معالجة هذه المشكلة معه بصبر ورويّة واحترام.
ينبغي على الأهل ألا يقولوا لأنفسهم:
“لا أدري ما الذي يتعيّن عليّ فعله عندما يرفض ولدي إغلاق جهاز التلفزيون”.
عندما يقول الأهل أنهم لا يملكون حلاً لهذه المشكلة، فلن يزيدهم هذا القول إلا يأساً واحباطاً.
إنما يفترض بهم أن يقولوا لأنفسهم عوضاً عن ذلك:
“يمكنني أن أتدبّر أمر مقاومته هذه”.
عندما يثق الأهل بقدرتهم على معالجة هذه المسألة تشتدّ عزيمتهم على وضع حدّ لمشاهدة ولدهم التلفزيون عند ظهور أي رفض أو معارضة من قبله. إنه في الواقع لَمن المذهل حقاً كم يمكن للأهل أن يكونوا مبدِعين وخلاّقين عندما يقررون اتخاذ موقف إيجابي وبنّاء حيال الأمور.
ينبغي على الأهل ألا يقولوا لأنفسهم:
“لا تهمّني المدّة التي يشاهد فيها ولدي التلفزيون، فمهما طالت لن يغضبني ذلك”.
يمكن للإفراط في مشاهدة التلفزيون أن يؤدّي وللأسف الشديد إلى البدانة وعدم الثقة بالنفس وعدم القدرة على التركيز لفترة طويلة، كما وأنه قد يؤدي أيضاً إلى سلوك عدائي. لذا ينبغي على الأهل ألا ييأسوا ويستسلموا أبداً!
إنما يفترض بهم أن يقولوا لأنفسهم عوضاً عن ذلك:
“يتعيّن عليّ التشديد على الأنظمة التي وضعتها لولدي بشأن التلفزيون كي لا يصبح مدمناً عليه”.
إن تفهم الأهل لطبيعة التلفزيون الإدمانيّة وإظهارهم العزم على وضع حدود صارمة بشأن المدّة التي يمضيها ولدهم في مشاهدة التلفزيون وبتقديمهم نشاطات ترفيهيّة أخرى من شأنهم أن يساعدوه على تفادي المشاكل المرتبطة بالإفراط في مشاهدة التلفزيون.
حديث الأهل إلى أولادهم
ينبغي على الأهل ألاّ يستخفّوا بولدهم ويقلّلوا من شأنه بقولهم:
“ماذا دهاك؟ لقد طلبت منك إقفال جهاز التلفزيون. هل أنتَ أصمّ أم ماذا؟”
في حال كان الأهل واثقين من أن ولدهم لا يعاني من أي مشكلة في سمعه، إنما يحاول فقط تجاهلهم ليس إلاّ، فيتعيّن عليهم عندئذٍ ألاّ يطرحوا عليه هكذا سؤال؛ إنما يفترض بهم عوضاً عن ذلك أن يثبتوا على هدفهم الأساسي ألا وهو تعليمه وجوب طاعتهم واتباع تعليماتهم.
إنما يفترض بهم عوضاً عن ذلك أن يقدّموا له الحلول بقولهم:
“أنا أعلم أنك لا تريد إقفال جهاز التلفزيون، إلا أنّ المدّة المسموح لك فيها مشاهدة التلفزيون قد انتهت لليوم. فلنفكّر معاً بأمور ترفيهيّة أخرى يمكنك القيام بها”.
إن تفهّم الأهل لولدهم، وتعاطفهم معه، وتذكيره بالنظام كلّها أمور من شأنها أن تعلّم الولد ضرورة الإلتزام بالأنظمة وتطبيقها. وعلاوةً على هذا كله فإن تعاطف الأهل مع حاجات ولدهم ورغباته من شأنه أن يعزّز علاقتهم به ويحثّه على التعاون معهم.
ينبغي على الأهل ألا يهددوا ولدهم بقولهم:
“إن لم تنهض الآن وتقفل جهاز التلفزيون فستندم يا أستاذ”.
إن الأهل وبتهديد ولدهم بمعاقبته يحثّوه إما على تفاديهم وإما على امتحان مدى مصداقية تهديدهم من خلال رفضه التعاون معهم.
إنما يفترض بهم أن يعقدوا معه إتفاقيّة بقولهم مثلاً:
“إن أقفلت جهاز التلفزيون الآن فقد أسمح لك فيما بعد بمشاهدة برنامجك المفضّل. ولكن إن لم تقفله الآن فلن أعود وأسمح لك بمشاهدة أياً من برامجك المفضلة اليوم”.
يمكن لقاعدة الجدة التي تحثّ الولد على الحصول على امتيازاته أن تعلّمه أيضاً كيفيّة تأجيل موعد حصوله على مبتغاه، كما وضرورة قيامه بما يتعيّن عليه القيام به أولاً قبل تمكنه من القيام بما يرغب هو شخصياً بالقيام به.
ينبغي على الأهل ألا يعمدوا إلى الوشايّة بقولهم:
“عندما يعود والدك إلى المنزل سأخبره كيف أنك لم تغلق جهاز التلفزيون عندما طلبت منك أن تفعل ذلك”.
إن الأهل وبالوشاية بولدهم يظهرون له أنهم عاجزون عن فرض الأنظمة عليه وإرغامه على تطبيقها؛ الأمر الذي قد يضرّ بمصداقيّتهم. كما أنهم وبسعيهم إلى إخافة ولدهم من غضب والدهم قد يعمدون إلى التخفيف من قدرة الولد على التعاطف مع أبيه.
يفترض بهم أن يذكروا ولدهم بالنظام بقولهم:
“يقول النظام عند انتهاء هذا البرنامج ينتهي الوقت المخصص لمشاهدة التلفزيون اليوم”.
إن الأهل وبتذكير ولدهم بالنظام يمنحونه بعض الوقت لكي يستعدّ نفسيّاً لانتهاء وقت النشاط الذي يقوم به، كما وأنهم يعلّمونه بذلك أيضاً أنه عندما يتعاون مع أهله ويتّبع النظام المفروض عليه يصبح بإمكانه عندئذٍ إنجاز برنامجه الخاص.
تأليف: جيري وايكوف و باربرا أونيل