عندما يستلم الأهل تبليغاً بأن ولدهم ابن الثلاث سنوات لا يصغي أو لا يلتزم بالتعليمات الموَجَّهة إليه في المدرسة، فقد تكون عندئذٍ ملاحظات المعلّمة مفيدة، إذ إنها قد تكشف النقاب عن بعض المعلومات المهمّة حول علاقة الولد بمعلّمته. أهو في حالة دائمة من قلّة الإنتباه والمعارضة والملل؟ أهو غاضب من فكرة وجوب ذهابه إلى المدرسة؟ هل هناك ثمّة مشاكل منزليّة أو عائليّة تؤثّر على سلوكه في المدرسة، كتأقلمه مع فكرة ولادة أخيه أو أخته الجديدة مثلاً؟ يتعيّن على الأهل إذن في هذه الحالة أن يعملوا مع المعلّمة عن كثب، وذلك أولاً لكي يكتشفوا الطرق الفضلى والأنسب لتعليم ولدهم، وثانياً لكي يرسلوا لهذا الأخير رسائل ثابتة تحثّ وتوقظ سلوكه التعاوني.
بعض النصائح المفيدة
● ينبغي على الأهل أن يشددوا أمام ولدهم على أهميّة وضرورة احترام الأساتذة والغير.
● ينبغي على الأهل أن يخبروا ولدهم كم كانوا يقدّرون أساتذتهم عندما كانوا في المدرسة.
● ينبغي على الأهل أن يعاملوا ولدهم بالإحترام نفسه الذي يريدونه أن يظهره لأساتذته.
● ينبغي على الأهل أن يتصرّفوا أمام ولدهم بلطف، وعطف، وعنايّة، وأدب.
حديث الأهل لأنفسهم
ينبغي على الأهل ألا يقولوا لأنفسهم:
“أنا أشعر حقاً بالإحراج عندما تقول لي معلّمة ولدي إنه لا يصغي أبداً إليها”.
إن شعور الأهل بالإحراج يفترض أنهم مسؤولون عن سلوك ولدهم؛ غير أنهم في الواقع غير مسؤولين سوى عن تعليم ولدهم، وهو بالتالي يكون مسؤولاً عن تطبيق ما قد علّموه.
إنما يفترض بهم أن يقولوا لأنفسهم عوضاً عن ذلك:
“أنا واثقة من أن معلّمة ولدي تعلم جيّداً أني غير مسؤولة عن مشكلته في الإصغاء إليها”.
إن المعلّمة تعلم جيداً أن سلوك الولد غير التعاوني قد يكون أحياناً ملائماً لنمو شخصيّته وتعزيز ثقته بنفسه.
ينبغي على الأهل ألا يقولوا لأنفسهم:
“أنا أشعر فعلاً بالإشمئزاز حياله عندما لا يصغي إلى معلّمته”.
إن الأهل وبقرفهم وإشمئزازهم من ولدهم يلمّحون له أن لديهم مشكلة في فصله عن سلوكه؛ في حين أن الولد بحاجة في الواقع لأن يدرك أن حبّ أهله له لا يشرطه شرط- وأنهم لا يتوقّفون أبداً عن حبّه، حتى في الحالات التي لا يعجبهم فيها سلوكه.
إنما يفترض بهم أن يقولوا لأنفسهم عوضاً عن ذلك:
“لا تعجبني مسألة عدم إصغاء أو عدم اتّباع ولدي التعليمات الموجّهة إليه في المدرسة، ولكن بإمكاننا حلّ هذه المشكلة”.
إن الأهل وبقولهم إنهم لا يحبون شيئاً معيّناً يعبّرون بالتالي عن مشاعرهم، الأمر الذي قد يخوّلهم في ما بعد حلّ هذه المشكلة.
ينبغي على الأهل ألا يقولوا لأنفسهم:
“لماذا لا يمكن لولدي أن يصغي إلي ويتّبع تعليماتي وحسب؟”
كل الأهل يحبون أن يكون ولدهم مهذباً ومطيعاً، إلا أن الأولاد الطبيعيين غالباً ما يرفضون القيام بأمور معيّنة، حتى ولو كانوا قادرين على القيام بها.
إنما يفترض بهم أن يقولوا لأنفسهم عوضاً عن ذلك:
“هدفي هو تعليم ولدي كيفيّة اتّباع الأنظمة المفروضة عليه إتباعاً صحيحاً وسليماً”.
إن الأهل وبتركيزهم على هدفهم البعيد الأمد قد يتمكنون من التركيز على مسألة مساعدة ولدهم على النجاح.
ينبغي على الأهل ألا يقولوا لأنفسهم:
“إن كان ولدي عاجزاً عن تعلّم كيفيّة الجلوس بصمت في المدرسة، فهو على الأرجح لن يتعلّم شيئاً في حياته”.
ينبغي على الأهل ألا يقوموا بتوقّعات جارحة وأليمة بشأن قدرة ولدهم على التعلّم، إذ إنهم بذلك قد يعرّضون أنفسهم لضغوط هم بغنى عنها؛ الأمر الذي قد يحول دون تمكّنهم من إيجاد طرق إيجابيّة وفعّالة لمساعدته على التعلّم.
إنما يفترض بهم أن يقولوا لأنفسهم عوضاً عن ذلك:
“إن التعلّم كنايّة عن عمليّة صعبة ومعقّدة؛ لذا يتعيّن عليّ أن أكون صبورة مع ولدي”.
ينبغي على الأهل أن ينظروا إلى الوضع على أنه لحظة تعليميّة، كما وينبغي عليهم أن يتذكروا أن العلم يتطلّب الكثير من الوقت والصبر والمثابرة.
حديث الأهل إلى أولادهم
ينبغي على الأهل ألا يهددوا ولدهم بقولهم:
“سأضربك في كل مرّة تقول لي فيها معلّمتك إنك لا تصغي إليها أو لا تتّبع تعليماتها”.
إن الأهل وبتهديد ولدهم بضربه قد يجعلونه يخاف منهم ومن أساتذته عوض أن يعلّموه التعاون مع الآخرين.
إنما يفترض بهم أن يدعوه إلى التغذيّة الإسترجاعيّة بقولهم:
“أخبرني لماذا تجد صعوبة في الإصغاء إلى أساتذتك واتباع تعليماتهم”.
ينبغي على الأهل أن يسألوا ولدهم عن رأيه ببعض المهمّات المفروضة عليه، إنما مع تفاديهم لهجة التحدي باستخدامهم عبارة “لماذا”. وهنا يمكن لجواب الولد أن يخوّل أهله التبصّر في سلوكه وإيجاد السبل الملائمة لحلّ المشكلة.
ينبغي على الأهل ألا يصنّفوا ولدهم بقولهم:
“ما بك؟ ظننتك ذكياً بحيث لن تجد صعوبة في الإصغاء إلى أساتذتك!”
ينبغي على الأهل ألا يقولوا لولدهم إنه يعاني من خطبٍ ما كونه قد اختار ألا يصغي إلى أساتذته وألا يتّبع تعليماتهم؛ إذ إنهم بذلك لن يعلّموه كيفيّة القيام بهذه المهمّات كما وأنهم قد يجعلونه يشعر بالسوء حيال نفسه.
إنما يفترض بهم أن يقدموا له الدعم الذي يحتاجه بقولهم:
“من الضروري أن تصغي إل معلّمتك. فلنتحدّث معاً عن الطرق التي تخوّلك القيام بذلك”.
إن الأهل وبسماحهم للولد بمساعدتهم على حلّ المشكلة قد يظهرون له بذلك مدى تقديرهم له، كما وقد يجعلون منه جزءًا من الحل. وأيضاً فإن الأهل بهذه الطريقة يركّزون انتباههم على هدفهم الرئيس، لا على عدم رغبة ولدهم في التعاون معهم.
ينبغي على الأهل ألا يجعلوا ولدهم يشعر بالخجل من نفسه بقولهم:
“لقد خيّبت ظنّي بك حقاً. فأنا لطالما كنت أقول إنه يتعيّن أن تصغي إلى معلّمتك ولكنّك لم تكن لتقتنع بكلامي هذا أبداً”.
إن الأهل وبمحاولتهم حثّ ولدهم على التعاون من خلال جعله يشعر بالخجل من نفسه قد يلمّحون له أن حبّهم له مشروط. ففي الواقع، إن تعلّم الولد على القيام بواجباته فقط لكي يتفادى الخزي والعار، فقد يكون الخوف والقلق عندئذٍ هما الحافزان الوحيدان اللذان يحثّانه على التعاون مع الآخرين؛ الأمر الذي قد يتسبب له بالكآبة وعدم الثقة بالنفس.
إنما يفترض بهم أن يشددوا أمامه على أهميّة العمل الجماعي:بقولهم،
“سأجتمع بمعلّمتك اليوم لكي نتمكّن من إيجاد الطرق الملائمة التي من شأنها مساعدتك على الإصغاء واتباع التعليمات الموجَّهة إليك في المدرسة”.
إنّ عمل الأهل مع معلّمة ولدهم قد يخوّلهم اكتشاف إن كان هذا الأخير يعاني من مشكلة ما في سمعه أو إن كان ضجراً أو إن كان أخيراً يخاف من الفشل. وعندما يكتشف الأهل السبب المسؤول عن مشكلة ولدهم هذه فقد يصبح بإمكانهم عندئذٍ اتّخاذ الخطوات والتدابير اللازمة لمساعدته. في الواقع، إن الأهل وبقولهم لولدهم إنهم يريدون أن يكونوا إلى جانبه يظهرون له مدى خوفهم وقلقهم عليه.
تأليف: جيري وايكوف و باربرا أونيل