التصنيفات
صحة ورعاية الطفل

الخجل عند الأطفال

الخجل من الاضطرابات النفسية المنتشرة في المجتمعات البشرية. ويعتبر علماء النفس والاجتماع أن الخجل هو حالة نفسية تنطوي على توتر انفعالي، تصحبه اضطرابات عضوية مختلفة.

يظهر الخجل عند الصغار والكبار. ويعرف الخجل بأنه اتجاه نفسي خاص وحالة عقلية انفعالية تتميز بالشعور بالضيق في اجتماع الخجول بالناس، وفي محاولته المستمرة للكف، ومنع الاستجابات الاجتماعية العادية. وهو إحدى الحالات الانفعالية التي قد تصاحب الخوف عندما يخشى الفرد الموقف الراهن المحيط به.

تعريف الطفل الخجول

• هو الطفل المنطوي على نفسه الرافض لمشاركة أمثاله في اللعب.

• هو الطفل المسكين البائس الذي يعاني من عدم الثقة بالنفس، ويشعر بالنقص، ويتوقع الخطر والنقد الدائم للآخرين.

• هو الطفل الذي يعاني من عدم القدرة على الأخذ والعطاء مع أقرانه في المجتمع الذي يعيش فيه.

• هو الطفل الذي لا يندمج مع المجتمع، ويعاني من القلق والحساسية المفرطة.

صفات الطفل الخجول

• الطفل الخجول مسكين يعاني من عدم القدرة على الأخذ والعطاء مع أقرانه في المدرسة والمجتمع، وبذلك يشعر إزاء غيره من الأطفال بالضعف.

• الطفل الخجول غالبا ما يتعرض لمتاعب كثيرة عند دخوله المدرسة تبدأ بالتمتمة وتردده في طرح الأسئلة داخل الصف، وإقامة الحوار مع زملائه والمدرسين. وغالبا ما يعيش منعزلا ومنزويا بعيدا عن رفاقه وألعابهم وتجاربهم.

• الطفل الخجول يشعر دوما بالنقص ويتسم سلوكه بالجمود والخمول في وسطه المدرسي والبيئي عموما. وبذلك يكون غير قادر على التكيف السوي مع نفسه أو مع الآخرين واعتلال صحته النفسية.

• الطفل الخجول قد يبدو أنانيا في معظم تصرفاته، لأنه يسعى إلى فرض رغباته على من يعيشون معه وحوله، كما يبدو خجولا حساسا وعصبيا ومتمردا لجذب الانتباه إليه، ونلاحظ أن نسبة 20% من الخجل يتكون عند الأطفال حديثي الولادة وتحدث لهم أعراض لا يعاني منها الطفل العادي، فمثلا الطفل الخجول يدق قلبه في أثناء النوم أكثر من مثيله، وفي الشهر الرابع يصبح الخجل واضحا  عند الطفل، فيدير وجهه، أو يغمض عينه، أو يغطي وجهه بكفيه إذا حدق شخص غريب إليه. وفي السنة الثالثة يشعر الطفل بالخجل عندما يذهب إلى دار غريبة، إذ غالبا ما يكون بجوار أمه يجلس هادئا بقربها.

المواقف التي يظهر فيها الطفل الخجل

• عندما يمازحه أحد أو ينتقده.

• عندما تتركز عليه الأنظار.

• عندما يراقبه أحد أثناء عمل شيء ما، مثل تقديم حاجة ما أو ضيافة.

• عند مقابلة مسؤول أو شخص مهم.

• عند إلقاء كلمة قصيرة أمام الناس.

• عندما يصله الدور للتعريف بنفسه في اجتماع ما.

• عند تقديمه إلى شخص أو أشخاص آخرين.

التمييز بين الخجل والحياء

• الخجل: هو انكماش الولد وانطواؤه وتحاشيه ملاقاة الآخرين.

• الحياء: هو التزام الولد منهج الفضيلة وآداب الدين والأخلاق.

أسباب الخجل عند الأطفال

1. شعور الطفل بعدم الأمان والاطمئنان، والخوف والحرمان.

2. الرعاية المفرطة أو الحماية الزائدة للطفل من قبل الأهل.

3. النقد، وخاصة من قبل الآباء والأصدقاء.

4. المضايقة والإغاظة، مثل الأطفال الذين يتعرضون للسخرية من قبل رفاقهم.

5. التهديد، وذلك بتهديد الآباء الأطفال بالعقاب دون تنفيذ ذلك.

6. عدم اهتمام الأهل بتربية الطفل، مما يؤدي إلى ضعف شخصية الطفل.

7. النموذج الأبوي، فالآباء الخجولون غالبا ما يكون لديهم أطفالهم خجولين.

8. التقليد: فالأم التي تتميز في علاقاتها بالشك في الآخرين، يقوم الطفل بتقليدها مما يجعله حريصا وخائفا ومتحفظا في علاقاته. كما أن الطفل الذي يجد أبويه يعتبران الآخرين خطرين وليست لهما علاقات اجتماعية يتعلم تجنب الاتصال الإيجابي بقدر الإمكان.

9. التأخر الدراسي يسبب عدم الثقة بالنفس، ونوعا من أنواع القصور الوظيفي، مما يجعل الطفل يحدو نحو الخجل والانطواء.

10. وجود قصور لدى الطفل، مثل ضعف السمع أو ضعف البصر، أو غير ذلك من أمور النقص الجسمي.

11. مخاوف الأم وقلقها الزائد على طفلها، مما يجعلها تحميه من كل شيء. والحماية تمنع الطفل من خوض أية تجارب يتعلم منها فكريا وعمليا. فيصبح الطفل خجولا لا يستطيع أن يتعامل مع الناس لأنه لا يشعر بالأمن إلا بجوار أمه.

12. القسوة الزائدة والإكثار من الزجر يشعر الطفل بالنقص والتقليل من شأنه. وكذلك التوبيخ يجعل الطفل خجولا.

13. البيئة الاجتماعية والناحية المادية قد تحدث الخجل نتيجة مشاعر النقص الناجمة عن مصروفه اليومي أو قلة وسامته.

14. الغربة، إذ ينتشر الخجل بين الأطفال المغتربين، والذين يتنقل أهلهم كثيرا لطلب العيش الأفضل.

أشكال الخجل عند الطفل

الخجل هو نتيجة النشأة في الطفولة. وهذا سيكون واضحا في الأشكال والأسباب.

1. خجل مخالطة الآخرين: أي نفور من الزملاء والأقارب وامتناع أو تجنب الدخول في محاورات. ويفضل الخجول أن يختلط بأشخاص أصغر منه.

2. خجل الحديث: يحبذ الخجول الالتزام بالصمت وعدم التحدث مع الآخرين وتقتصر إجاباته على القبول أو الرفض أو إعلان عدم المعرفة للأمور التي يسأل فيها.

3. خجل المظهر: كأن يخجل الفرد عندما يرتدي ثوبا جديدا، أو عندما يغير تسريحة شعره أو الأكل في المطاعم.

4. خجل الاجتماعات: أي أن الخجول يكتفي بالحديث مع أفراد الأسرة وبعض الرفاق، ويبتعد عن المشاركة في أي اجتماعات أو رحلات.

5. خجل حضور الحفلات: بعض الأشخاص يخجل من حضور الحفلات والأفراح والأعياد  ويفضل الابتعاد عن هذه المناسبات.

أعراض الخجل عند الأطفال

هناك أعراض جسمية ” فيزيولوجية ” مثل تعرق الأطراف – جفاف الريق- احمرار الوجه- ارتعاش الأصابع- اضطرابات في الكلام والتنفس وتغيير في الصوت أحيانا غير مسموع أو غير مفهوم.

وهناك أعراض نفسية “سيكولوجية” مثل العزلة والبعد عن الناس والانطواء – الغيرة والحسد – أحيانا يخالط الشعور بالخجل عناصر الحسد والغيرة والحقد على الآخرين- استجداء استحسان الآخرين- ينتج عن هذا الشعور شغف بالغ بآراء الآخرين يجعله يستجدي استحسانهم له حتى يصبح سماع عبارات الإطراء منهم همه الوحيد.

الآثار السلبية للخجل عند الأطفال

تترافق حالات الخجل بعدد من المضاعفات والآثار السلبية، وهي:

1. عدم القدرة على التكيف: يأتي الطفل إلى المدرسة باحتياجات أساسية عليه مقابلتها وتلبيتها، وتتمثل في:

• حاجات نفسية: كحاجة الطفل إلى الشعور بالأمن والطمأنينة.

• حاجات اجتماعية: تظهر في رغبة الطفل بالانتماء والمشاركة والتوافق الاجتماعي.

• حاجات صحية وغذائية: توفر له الصحة البدنية وسلامة نموه. واستنادا إلى هذه الحاجات التي يعجز الطفل الخجول عن مقابلتها يواجه مشكلات سوء التكيف التي تؤثر عليه وعلى واجباته المدرسية.

• حاجات تعليمية: مثل الرغبة في المعرفة واكتساب المهارات.

2. مشكلة الغياب وعدم الانتظام في المدرسة: يعد الغياب المتكرر سببا من أسباب المشكلات التي ترتبط بشخص الطفل الخجول وعلاقته الأسرية والمدرسية. فخجل الطفل وعدم تكيفه وانسجامه مع الزملاء سبب رئيسي في غيابه المتكرر.

3. الاكتئاب: إن حالات الاكتئاب النفسي تنشأ بسبب الخوف الاجتماعي. حيث الإحباطات المتكررة الناتجة عن الخوف في المواقف الاجتماعية تجعله فريسة لمشاعر اليأس، وتزداد الأفكار السلبية.

4. اضطرابات الشخصية: تترافق حالات الخجل الاجتماعي باضطراب الشخصية، وتكثر صفة الهروبية والاعتمادية.

5. العزلة: قد تتطور بعض حالات الخجل إلى عزلة الفرد عن الآخرين. وتعتبر العزلة شكلا متطرفا من أشكال اضطراب الفرد في علاقاته مع الآخرين.

6. التأخر في القراءة: أثبتت الدراسات العلمية أن الكثير من حالات التخلف في القراءة راجع في الأصل إلى الخجل وفقدان الثقة بالنفس.

7. التخلف في الحساب: إن الأسباب الانفعالية ليست أقل شأنا من ضروب الضعف العقلي في تخلف التلاميذ في الحساب. فالطفل الخجول يهرب من الألعاب والنشاطات والأشغال اليدوية والهندسة، فهو يخجل ويرتبك عند حساب أي شيء.

الخجل والانفعالية

• الانفعالية خاصة أساسية، وطبيعة لكل موجود إنساني، إنها تتيح له أن يستجيب إلى سائر المنبهات الخارجية أو الداخلية. ويمكن أن نسمي جميع هذه المنبهات بالظروف.

• الانفعالية: استجابة أولية تثيرها التغيرات المفاجئة والمباشرة.

• الخجول الذي يجد نفسه بشكل مفاجئ، ويجب عليه من جراء وجوده أن يستجيب مباشرة، كالشخص الذي يشهد حادثا مفاجئا دون أي تهيئة والشخص الذي يتلقى خبرا سيئا. وتظهر الانفعالية باستجابات واسعة، استجابات نفسية وعضوية وعصبية وعضلية، إذا الانفعالية استجابة أولية يمكن أن نميز فيها أربعة أنماط رئيسية “اللذة والحزن والغضب والخوف”. ولكن هل كل خجول انفعالي، أو كل انفعالي خجول؟

نحن نعرف أن من يتصف بفرط الانفعالية هو عبد لاستجاباته الانفعالية. وهو في الوقت ذاته اندفاعي على الأغلب، كذلك الخجول فإنه في أثناء أزمة الخجل يصبح هو ذاته أيضا عبدا لهذه الاستجابات نفسها.

غالبا ما يعرض الخجل بوصفه ظاهرة من ظاهرات الانفعالية. فكل انفعالي بحسب هذا خجول. ولكننا إذا نظرنا إلى الانفعالية، فإننا لا يمكن أن نربط الخجل بها. فكثير من الانفعاليين كما تدل التجربة ليسوا خجولين. وكثير من الخجولين لا يتصفون بفرط الانفعالية.

نستنتج من ذلك أن أزمة الخجل تثير ضربا من فرط الانفعالية وأن لفرط الانفعالية هذا أسبابا خاصة ينبغي البحث عنها.

الكف في الخجل عند الأطفال

قد يستسلم طفل حساس فجأة إلى دافع الركض صوب أمه لتقبيلها. فإنه ينهض، ويمشي، ثم يركض، وفي اللحظة التي يصل فيها قرب أمه يتحول دون أن ينجز الفعل المتوقع. ثمة كف مصحوب بفعل عائد لسبب من الأسباب كالخشية من أن يرى اندفاعاته العاطفية وقد رفضتها أم متشاغلة عنه أو متسلطة. إن قوام الكف إذن تجميد الطاقة الضرورية لإنجاز الفعل، ويتناقص العمل النفسي أو الحركي أو يتوقف.

في أي شيء يتجلى الكف لدى الخجول؟..

نحن نعلم أن الخجول عاجز عن أن يرد مباشرة على رأي الآخرين، وأن يعطي بصورة خاصة الجواب الوحيد الممكن، أي أن يبرهن على قوة نباهته، في هذه اللحظة تتجمد الطاقة ويظهر القلق والاندفاع. ثمة إذن كف للجواب وتوقف الطاقة الضرورية.

علاج الخجل عند الأطفال

1. إلغاء كل أشكال العقاب غير الضرورية للأطفال الخجولين.

2. تهيئة نشاطات اجتماعية للأطفال الخجولين تساعدهم على التغلب على خجلهم، فيتم مثلا إشراك الطفل في لعبة يشترك فيها في البداية أطفال مألوفون ومعروفون جدا بالنسبة له ثم يتم إدخال طفل غريب إلى اللعبة، يعقبه طفل آخر وهكذا… وفي منتصف اللعبة ينسحب الأطفال المألوفون ويبقى الأطفال الغرباء وحدهم مع الطفل الخجول. وبهذه الطريقة يعتاد الطفل بالتدريج على التعامل مع الآخرين حتى ولو كانوا غير مألوفين بالنسبة له.

3. توسط في معاملة طفلك بين التدليل والقسوة مع شدة في غير عنف، ولين في غير ضعف.

4. حاول تفهم مشاعر طفلك وأفكاره وقلقه إذا طالت فترة خجله.

5. لا تنتقد طفلك أمام الآخرين.

6. لا تقارن طفلك بمن هو أكثر خطأ منه.

7. لا تدفع طفلك للقيام بأعمال تفوق قدراته.

8. ساعد طفلك على تنمية مواهب معينة عنده.

9. عدم إخفاء الأبناء عن المجتمع.

10. استشارته ومشاركته في الأمور التي يحبها، وأخذ رأيه في طريقة التنفيذ.

11. تشجيع الطفل الخجول، وإظهار الجوانب المتميزة في شخصيته، وإشعاره بأهميته لغرس الثقة في نفسه.

12. الاتصال الدائم بالمعلم ومساعدة الطفل بإعطائه الثقة بقدراته ومشاركته في كثير من الأعمال، مثل جمع دفاتر الصف للمعلم، أو أن يكون مسؤولا عن السبورة وتنظيفها، وشكره وإشعاره بأهمية العمل الذي يقوم به.

13. تعليم الخجول المهارات الإجتماعية ومكافأته عليها.

14. تشجيع الجرأة، ينبغي تشجيع الخجول على أن يطلب ما يريد بصراحة. ويجب أن يتعلم التغلب على الخوف والتعبير عن ذاته وتأكيدها.

15. تقليل نسب الخلاف الأسري، فكلما زادت عوامل الخوف والصراع داخل الأسرة، أثر ذلك سلبا على أبنائها وعلى اتجاهاتهم النفسية.

16. إحاطة الطفل بجو من الرعاية والحب، وتفهم أفكاره ومشاعره، ومناقشة أمور المنزل معه، وإشعاره بأنه شخص مهم وله دوره ومكانته ورأيه.

الخلاصة: الخجول يؤثر العزلة والاعتكاف، ويجد صعوبة في الاختلاط مع الناس، ويقابل الغرباء في حذر وتحفظ. وهو شديد الحساسية لملاحظات الناس كثيرا، كثير الشك شديد القلق، يطير صوابه في ساعات الحرج والشدة، ويهتم بالتفاصيل، ويضخم الصغائر دون سبب ظاهر. وبالتالي الخجل مرض اجتماعي ونفسي يسيطر على مشاعر وأحاسيس الطفل، ويؤثر على طاقاته الفكرية، ويشتت إمكاناته الإبداعية وقدراته العقلية، ويشل قدرته في السيطرة على سلوكه وتصرفاته تجاه نفسه وتجاه المجتمع الذي يعيش فيه. وبالتالي يجب الاهتمام به ومعالجته.

تأليف: أنس شكشك