عندما يضع الطفل إبهامه في فمه، وتنغلق شفتاه عليه، ويتلو ذلك حركات مص من الشفتين والوجنتين واللسان، ويكون ظفر الإبهام عادة نحو الأسفل، وفي هذه الأثناء غالبا ما يحك الطفل بيده الأخرى جزءا من الجسم مثل الأذن أو الشعر أو يلعب بجسم ناعم مثل لعبة أو وسادة أو بطانية.
أسباب مص الأصبع عند الأطفال
إن المص بهدف المص هو دافع قوي عند الصغار. وهناك أدلة على أن بعض الأجنة تمص أصابعها وهي في الرحم، والرضع لا يمصون أصابعهم من أجل الغذاء فحسب، وإنما لأنهم يجدون ذلك متعة في حد ذاته، فهو يعطي الطفل شعورا داخليا مريحا ويشعرون بالسعادة والدفء والشبع. كما أن الطفل يشعر أثناء المص بالراحة والاسترخاء. واستخدام المصاصة الكاذبة (اللهاية) هو مثال معروف جدا للتأثير المهدئ لعملية المص عند صغار الأطفال. ويلجأ الأطفال إلى مص الأصبع عندما يشعرون بالخوف والجوع أو النعاس أو عندما يكونون بحاجة إلى خبرة ممتعة. ويتوقف المص تدريجيا من تلقاء نفسه مع زيادة نضج الطفل وقيامه بتطوير مصادر بديلة للحصول على الأمن والمتعة.
قد أوضحت الدراسات العديدة التي أجريت مؤخرا أن الأطفال الذين يمصون أصابعهم لا يعانون من اضطراب انفعالي أكثر من باقي الأطفال كما أنه لا يوجد ما يدعم النظرية التي تقول بأن الأطفال الذين يتغذون بواسطة الزجاجة ” الرضاع الصناعي” هم أكثر احتمالا لأن يمصوا أصابعهم من الأطفال الذي يتغذون بواسطة حليب الأم ” الرضاع الطبيعي”.
مع أن عادة مص الإبهام شائعة في السنة الأولى والثانية إلا أنها تبدأ بالاضمحلال مع تقدم الأطفال بالعمر. وبتحديد أكثر فإن 40% ممن هم في عمر سنة واحدة و20% ممن هم في عمر خمس سنوات و5% ممن هم في عمر عشر سنوات يمصون أصابعهم بشكل نشط، وهكذا فإن معظم الأطفال يتخلصون من هذه العادة مع الزمن بشكل طبيعي، إلا أن عددا قليلا منهم يستمر إلى المراهقة والرشد ومعظم الأطفال الذين يتأخرون في مص أصابعهم يبدؤون هذه العادة في عمر تسعة أشهر. ومن الملاحظ أن مص الأصبع ينتشر بين الإناث أكثر منه بين الذكور.
يعتقد بعض الباحثين أن أسباب مص الأصبع ترجع إلى:
1. عدم الشعور بالأمان والاطمئنان واقتصار الإحساس بالانتماء في المحيط الأسري، وكثرة المشكلات والخلافات.
2. التفرقة في المعاملة بين الأبناء.
3. سوء معاملة الطفل والقسوة عليه، واستخدام أسلوب الشدة بشكل دائم.
4. كثرة التوبيخ والشعور بالضعف وعدم القبول وعدم الثقة بالنفس.
5. عدم إشباع الحاجات الأساسية للطفل وخاصة حاجات الطعام والشراب والنظافة والحاجة إلى الحب والحنان
آثار مص الإصبع عند الأطفال
لقد ظل أطباء الأسنان طوال ما يزيد على قرن من الزمن يحذرون من الآثار السيئة التي يتركها مص الأصبع على تطور عظم الفك وتشوه الأسنان وصعوبة المضغ والتنفس وتشوه الوجه، فقد أكدت البحوث بشكل واضح حقيقة أن مص الأصبع يزيد بالفعل من أخطار تشوه الأسنان والوجه، إن عمر الطفل ومدة المص وشدته وحالة الفم كلها تؤثر في إمكانية حدوث المشكلة في الأسنان.
فمص الإصبع يحدث عادة ضغطا إلى أعلى الحنك وإلى الخارج على الأسنان العلوية تبرز للخارج ويدفع الأسنان الأمامية السفلية للداخل، كما يجعل الحنك ضيقا جدا، وهذه الآثار الثلاثة تدعى ” تشوه الإطباق” كما تسمى أيضا الأسنان الناتئة ” أو العضة المفتوحة”. وتكون آثار مص الإبهام ضئيلة عادة إذا توقف المص قبل ظهور الأسنان الدائمة، فإن تشوه الإطباق يميل إلى أن يصلح لوحده. وإذا استمرت العادة بعد سقوط الأسنان اللبنية عند الطفل زاد خطر تشوه الإطباق الدائم، لأن المص لا يشوه عظام فك الطفل الطرية فحسب، وإنما يعمل في إحداث عدم توازن دائم في عضلات الفك. وحالما يحدث عدم التوازن فإن عضلات الفك هذه تستمر في تشويه الفك أكثر فأكثر كلما نما.
• وهناك تقديرات تشير إلى أن من يمص أصبعه يزيد من خطر حدوث تشوه الإطباق عنده بنسبة 20% وبالإضافة إلى مشكلات الأسنان فقد لوحظ أن من يمص أصبعه يميل إلى أن يكون أقل استجابة للآخرين أثناء المص بحيث يكون أقل احتمالا أن يستجيب إذا نودي باسمه، كما أن من يمص أصبعه يميل أثناء المص إلى الانقطاع عن العالم الخارجي ويصبح حالما منهمكا بذاته، ويكون حديثه العفوي مبتورا. وتزداد مشكلاته عندما يكبر ويصبح واعيا لسلوكه الطفولي حيث يسخر منه الأطفال الآخرون. ويرى الباحثون أن الآثار الجانبية لمص الأصبع هي:
1. تسبب عدم انتظام الأسنان.
2. تشويه شكل الفم.
3. انتقال بعض الأمراض إلى الطفل عبر المص.
4. تشوهات وتغييرات في شكل الأصبع.
طرق الوقاية من مص الأصبع
ماذا يستطيع الآباء أن يفعلوا كي يمنعوا حدوث مص الأصبع المزمن عند أطفالهم؟ من الممكن القيام بأخذ الأمور التالية:
1. الاستعاضة بمصاصة كاذبة
تؤيد البحوث الحديثة استخدام المصاصة الكاذبة كبديل مفيد لمص الأصبع، فعلى العكس من عادة مص الأصبع فإن استخدام المصاصة الكاذبة يقلع عنه الأطفال تقريبا وبشكل فوري عند بلوغهم الثالثة من العمر، وفضلا عن ذلك فإن الأطفال الذين يمصون المصاصة الكاذبة خلال السنة الأولى من العمر تظهر لديهم حالات مص الأصبع على نحو قليل في سنوات الطفل اللاحقة، وإذا لم تتوقف عادة المص وتركت تتأصل فإن الطفل غالبا ما يرفض المصاصة الكاذبة كبديل عنها. ومع أن فرصة حدوث تشوه الأطباق قد تزداد قليلا باستخدام المصاصة الكاذبة إلا أنه لوحظ أن حدوث تشوه الأطباق بين الأطفال الذين يمصون المصاصة الكاذبة يقل بشكل ملحوظ عما هو بين الأطفال الذي يمصون أصابعهم. وتجدر الإشارة هنا إلى أن المصاصات الحديثة أكثر انبساطا وانحناء من المصاصات القديمة ذات الشكل الاسطواني. وهذا يعني أن المصاصات الحديثة مريحة أكثر لسقف الحلق وتقارب في شكلها شكل حلمة ثدي الأم في فم الرضيع. وبما أن حركة المص التي يقوم بها الرضيع تتجه إلى سحب المصاصة الحديثة بدلا من دفعها للأعلى وإلى الخارج فإن البعض يرى أنها تعمل على تصحيح تشوه الأطباق عند الأطفال الصغار.
2. التحمل
إن عددا كبيرا من أطفال ما قبل المدرسة يمصون أصابعهم قبل النوم، أو عندما يكونون متعبين، أو مرضى، أو يشعرون بالخجل أو الانزعاج. ومعظم هؤلاء الأطفال سوف يتخلصون من هذه العادة وحدهم مع عمر أربع سنوات. ولذا يجب على الآباء أن يتجنبوا إثارة ضجة حول مص الإصبع عندما يكون الطفل صغيرا.
3. توفير الأمان للطفل
كلما زاد شعور الطفل بالأمان والأمن قلت حاجته إلى البحث عن الراحة في مص الأصبع. فإذا كان الطفل يواجه أية مصاعب تثير القلق بشكل قوي كالصعوبات المدرسية أو تنافس الأشقاء، حاول أن تخفض الضغط الذي يتعرض له بقدر الإمكان، والعمل على أن يكون جو البيت مريحا آمنا هادئا سعيدا وعلى أن تكون هناك علاقة صداقة بين الأبوين وبين الأبوين و الأطفال.
4. إطالة فترة الرضاعة
إذا ما بدا طفلك الرضيع وكأنه يبحث عن إبهامه بعد انتهائه من الرضاعة مباشرة أو على فترات متكررة بين الرضعات، حاول أن تجد طريقة تزيد فيها فترة الرضاعة، وبالتالي تقطع عادة المص. ومن الخطوات التي يمكن أخذها بعين الاعتبار ما يلي:
استخدام حلمة يسيل منها الحليب ببطء، واستخدام فترة رضاعة أطول وأكثر استرخاء. وعدم الاستعجال في نقل الطفل من برنامج رضاعة مرة كل ثلاث ساعات إلى برنامج كل أربع ساعات، وتأخير الفطام من الأم أو الرضاعة قليلا.
كيف نعالج مص الإصبع عند الأطفال
أولا. التجاهل
إن الرأي السائد بين المختصين أو الناس العاديين بالنسبة للأطفال الصغار
” عمر ست سنوات فما دون وقبل ظهور الأسنان الدائمة ” هو تجاهل عادة مص الأصبع، وذلك للأسباب التالية:
أ. معظم الأطفال يقلعون عن هذه العادة بإرادتهم عند سن خمس أو ست سنوات، وعادة قبل بدء ظهور الأسنان الدائمة.
ب. إن خلق قضية حول موضوع مص الأصبع يمكن أن يزيد المشكلة تعقيدا، ويعمل على تضخيمها بشكل غير مناسب، مما يخلق صراعا على السلطة بين الأبوين والطفل.
ج. عندما يظهر الطفل مشكلات انفعالية بالإضافة إلى مص الأصبع مثل الخوف أو العدوانية، فإن إيقاف مص الإصبع قد يعجل في ظهور مشكلات سلوكية أخرى، مثل تقلص عضلات الوجه اللاإرادي أو قضم الأظافر أو نوبات الغضب. من ناحية أخرى تبين الدراسات أن الطفل المتكيف بشكل مناسب من غير المحتمل أن يبدي مشكلات سلوكية جديدة أكثر من غيره من الأطفال. فمن الأفضل إذا تبني موقفا متسامحا مع الأطفال الصغار الذين يمصون أصابعهم وغض النظر عنهم، فكن مرتاحا ولا تدع العادة تزعجك وأظهر للطفل من خلال أقوالك وأفعالك أنك تعتبر مص الإصبع ذا أهمية، وفي الوقت نفسه ركز على تنمية شعور الطفل بالسعادة والمحبة والتفهم والتقبل، واعمل على تخفيف أي توتر يشعر به الطفل، واعمل على مراعاة أن لا تكون حاجات الطفل العاطفية قد تم إهمالها نتيجة عوامل أخرى كولادة طفل جديد مثلا، أو المبالغة في انتقاد الطفل. واجعل الطفل مشغولا دائما بنشاطات بناءة بديلة. ومما تجدر الإشارة إليه أن بعض الآباء يعتبرون تجاهل هذه العادة أمرا غاية في الصعوبة، لأنهم يعتبرونها عادة كريهة وغير صحيحة. ولقد استخدمت في الماضي أساليب وحشية مختلفة لوقف هذه العادة، بما في ذلك ربط يدي الطفل، وما نأمله من آباء هذه الأيام، أن يجدوا في تبني اتجاه غير مبال نحو هذه العادة عند الأطفال أمرا أكثر سهولة.
ثانيا. التوجيه
بالنسبة للأطفال الكبار الذين يستمرون في ممارسة هذه العادة في سنوات المدرسة هناك خطر حقيقي بحدوث تشوه في أسنانهم، ولذا يجب أن يحاول الأبوان إثارة دافعية الطفل نحو الرغبة في التوقف عن هذه العادة في هذه المرحلة، وللنجاح في ذلك أعط الطفل توجيهات حول الآثار السلبية لمص الأصبع، وحاول أن تستفيد من تعاونه في أساليب تصحيح العادة، وقم بوصف بعض الإجراءات التي ساعدت أطفالا آخرين على التخلص من هذه العادة، وأعلن عدم رضاك الصريح عن هذه العادة.
ثالثا. الثواب والعقاب
لقد نجح استخدام الثواب والعقاب، بما في ذلك المديح الاجتماعي أو المادي الملموس مثل الطعام والألعاب. فتقديم المعززات التي تؤكل ” كالمصاص ” يعتبر بدلا لمص الأصبع ” إشباع عن طريق الفم ” ويعتبر شكلا من أشكال عملية الفطام. وتقديم المعززات يتطلب وضع نظام تعزيز، وهو أن تقصر حدوث مص الأصبع على مكان معين ” غرفته مثلا ” وإلى وقت معين. وحالما يوافق الطفل يقوم الأبوان بدورهما في مراقبة الطفل في أوقات محددة أخرى أثناء النهار. ويكافأ الطفل في حال عدم مص أصبعه لإضعاف هذه العادة، من الأفضل أن يقرن الثواب والعقاب مع عدد من الطرق المساعدة ومنها:
أ. التذكير: ذكر الطفل بأن يكف عن مص أصبعه كلما شاهدته يقوم بهذا السلوك في النهار. ويمكن استخدام إشارات لفظية مثل ” انتبه للإبهام، أو توقف “.
ب. الانتزاع: أخذ الشيء المفضل والمريح لدى الطفل قد يقلل متعة مص الإبهام، ويؤدي إلى توقفه مثل لعبة وغيرها..
ج. الاستجابة المنافسة: عندما تتأصل عادة مص الأصبع يصعب إيقافها ما لم يكن هناك شيء آخر يشغل الطفل. ولذلك علّم الطفل القيام باستجابة جسدية منافسة عندما يشعر بالرغبة في مص إصبعه، مثل ضم القبضة أو مص حلوى على شكل مصاصة.
د. الإجراءات المقيدة: لقد تم تجريب أساليب كثيرة لمنع الطفل من إدخال إبهامه في فمه، بما في ذلك استخدام القفاز، أو واقي الأصبع، أو الجلوس بوضع المتكتف، أو وضع مادة لزجة على الإبهام وغيرها.
هـ. قم أنت بمص أصبعك: اقترح الدكتور ” داريكز” هذه الممارسة كطريقة للانتهاك المتعمد لمجال يعتبره الطفل خاصا به، ونتيجة الغيظ أو الاشمئزاز قد يترك الطفل. هذه الطريقة يمكن أن تؤثر على علاقتك مع الطفل ولو مؤقتا. ومن أساليب المتبعة أيضا الضغط الاجتماعي من قبل الأخوة والآباء والتدريب على الوعي لهذه العادة وآثارها السلبية.
الإيحاء: يمكن الإيحاء بالقول بصوت ناعم وأسلوب منوم في أثناء استرخاء الطفل ونعاسه بأنه يكبر يوما بعد يوم، وأنه سيتخلى عن مص أصبعه قريبا لأن الكبار لا يمصون أصبعهم. هذا ويفيد في علاج مثل هذه الحالة:
• إشباع الحاجات النفسية الأساسية للطفل والمؤدية إلى الشعور بالتقدير والانتماء. وهي من الحاجات الأساسية الهامة للطفل في هذه المرحلة.
• شغل الطفل بنشاط يدوي يحول بينه وبين وضع يده في فمه.
• النظر في رغبات الطفل ومناقشته بالحب والإقناع للإقلاع عن هذه العادة.
تأليف: أنس شكشك