التصنيفات
طب نفسي | علم النفس

استرخاء العقل لتخفيف حدة الضغوط العامة

تهاجم الآثار الموهنة للضغوط كلًّا من الجسم والعقل؛ حيث تستطيع الضغوط أن تجعل أجسادنا تشعر بالتوتر والمرض، ويمكنها أن تدفع عقولنا إلى العمل بطريقة غير مثمرة. وغالبًا ما تعني الضغوط العقلية التفكير الوسواسي في أسباب الضغوط والشعور بأنه بغض النظر عما نقوم به، فلن يمكننا التسامي على مثيرات الضغوط في حياتنا. ولحسن الحظ، وعلى غرار أساليب استرخاء الجسد، هناك طرق لتحقيق استرخاء العقل أيضًا مما يؤدي إلى تقليل آثار الضغوط. وعادة ما تكون هذه الأساليب منهجية وتتطلب أكثر من دقيقة من وقتك.

التحدي

ربما تشعر بأنك اجتهدت في العمل وأتقنت أساليب استرخاء الجسد، سواء كانت منهجية، مثل اليوجا، أو أساليب أقل منهجية. ولكن، هل تعلم أي أساليب تجدي لتحقيق استرخاء العقل؟ يعد استرخاء العقل، في العديد من النواحي، أكثر صعوبة من استرخاء الجسد. فعقلك آلية معقدة تعالج العالم من حولك بطرق متعددة، يمكن أن يسبب بعضها الضغوط في حياتك. ويعني استرخاء العقل الابتعاد عن العالم من حولك بطريقة مثمرة، والعثور على طرق للتأقلم مع ضغوط حياتك اليومية. ويتمثل التحدي في معرفة آثار الضغوط على عقلك، وكيفية التخفيف من حدة الضغوط من خلال أساليب الاسترخاء، ونوعية الأساليب المثالية بالنسبة لك، وتقييم كيفية عملها. فكر في عقلك كعضلة متوترة تشبه ما تجده في جسدك، وسوف تجد المساعدة في البحث عن طرق فعالة لإراحتها. وليس من الضروري أن يكون هذا الاسترخاء جسديًّا، ولكن يجب أن يكون عقليًّا يعتمد على الأساليب التي تتناول مشاعرنا وإدراكات أكثر من التكوين الجسدي للعقل والمواد الكيميائية التي يطلقها. وربما يسير استرخاء العقل واسترخاء الجسد جنبًا إلى جنب؛ مما يؤدي إلى التخفيف من حدة الضغوط التي نشعر بها خلال وقت قصير نسبيًّا.

الحقائق

يدور استرخاء العقل، بحكم طبيعته، داخل رأسك فترة من الوقت، ثم تكتشف كيفية انتزاع نفسك من أحد المواقف المثيرة للضغوط. ويجب عليك أولًا أن تعترف بما يدور في رأسك، ثم تبدي الاستعداد لاتخاذ الخطوات اللازمة للتعامل معه بشكل مثمر. وحالما تقوم بهذا، سوف تحظى بفرصة لتحقيق استرخاء عقلك.

يمثل استرخاء العقل في حقيقته نشاطًا واعيًا؛ فهو لا يتعلق بالنوم أو التحديق في الفضاء بلا هدف فحسب. ويجب عليك أن تستعد لبذل الجهد من أجل تحقيق الاسترخاء لجسدك، والقيام بما يلزم من عمل. ومن المفترض أن تجد العمل المتضمن مثيرًا للمتعة وطريقة جيدة للتغلب على الضغوط في حياتك، وليس شيئًا كريهًا. ابحث حولك عن الأسلوب الذي يعمل لصالحك على النحو الأمثل، والتزم به. وتدرب عليه مرة أو مرتين في اليوم، ولا تتوقع الحصول على نتائج فورية. وربما يتطلب الأمر الاستخدام المتكرر على مدار عدة أسابيع قبل أن تلاحظ أي تأثير.

وبإمكان المستشار أو المعالج الجيد مساعدتك على تطوير طرق لتحقيق استرخاء العقل. وسوف يعمل معك على اكتشاف أسباب الضغوط، وماهية الأمور التي تنجح معك. عليك أن تتجنب العلاجات أو الأدوية السريعة التي تبدو كالموضة، فربما تكون كذلك بالفعل. واستكشف الأساليب المجربة والحقيقية، وابحث عن التأثيرات النافعة التي تبغيها.

ليس الوقت مبكرًا، أو متأخرًا، للغاية على أن تعمل على استرخاء عقلك؛ حيث يستطيع الأطفال أو المراهقون الذين يواجهون مشكلات ترتبط بالضغوط، والقيام بتدريبات لتحقيق استرخاء العقل بسهولة، وربما يكونون أكثر انفتاحًا على تنمية مهارات ربما يراها البالغون تافهة. ويستطيع كبار السن الذين يعانون الضغوط، الاستفادة بشكل كبير من الاسترخاء، وتوفر لهم التدريبات الأثر المادي لأساليب الاسترخاء الجسدي.

وإذا شعرت بأن الأمور بدأت تخرج عن نطاق السيطرة، وبأن عقلك لا يستطيع أن يكون في مستوى الضغوط، فأنهِ ما تقوم به وخذ استراحة, وإذا كان هناك شخص يجعلك تشعر بالضغوط، فاطلب منه السماح بالانصراف، وقم بتدريب صغير واحصل على بعض الهواء المنعش، قبل أن تعود إلى الموقف. وتتضمن الأساليب الأخرى لاسترخاء العقل الاستماع إلى موسيقى هادئة، أو إعداد شريط أو أسطوانة يمكنك استخدامها في سيارتك أو على مشغل موسيقى محمول. وعلى قدر الإمكان، تجنب المنبهات، مثل القهوة التي تحتوي على الكافيين، والشاي، والمشروبات المكربنة والشيكولاتة. اغضض من صوتك عندما تتحدث إلى شخص آخر – أو إلى نفسك على انفراد – بصوت عال.

الحلول

يعد التأمل أحد أقدم أشكال استرخاء العقل وأكثرها جدارة بالثقة. ورغم أن العديد من الأشخاص يدركون مفهوم التأمل، أو يستخدمون الصلاة كأحد أشكال التأمل، فإنهم ربما لم يقوموا باستكشاف كيفية القيام به بشكل صحيح. ويمكنك تلقي دورة أو استخدام الموارد الأخرى من أجل الحصول على أقصى قدر من الفائدة من التأمل، ولكن الأسلوب يحدث بشكل أساسي كالتالي:

–  اجلس أو ارقد في وضع الاسترخاء، باستخدام سجادة إذا لزم الأمر، وارتد ملابس واسعة ومريحة.
–  أغلق عينيك، وركز على فكرة هادئة، أو شيء أو حتى كلمة. في بعض الأوقات، يشار إلى هذا باسم التعويذة.
–  لا تشعر بالقلق إذا ظهرت أفكار أخرى في عقلك، بينما تحاول أن تركز, فهذا شيء طبيعي للغاية, فقط لا تتناولها بإسهاب، وأبقِ تركيزك على صورتك أو صوتك.
–  إذا واجهت صعوبة في التأمل، فجرب تكرار الفكرة أو الصورة بصوت عال أو بصوت هامس. ربما ترغب في تشغيل موسيقى هادئة في الخلفية.
–  لاحظ أنك تشعر بالاسترخاء أكثر فأكثر، وتذكر ما فعلته من أجل الوصول لذلك.

يعد التخيل طريقة رائعة لتقليل الضغوط، كما أنه يعمل على إثارة خيالك. ويمكنك القيام بالتخيل في أية بيئة تقريبًا، ما دامت العملية لا تهدد سلامة جسدك, ويتضمن التخيل الأساسي:

–  الجلوس أو الرقود في وضع مريح.
–  تخيل مشهدًا سارًّا وهادئًا، مثل الغروب، أو الغابة، أو الشاطئ. تصور نفسك في هذا المشهد.
–  ركز انتباهك على هذا المشهد بقدر معين من الوقت، أي قدر تشعر بالراحة تجاهه، ثم عد بتركيزك إلى الوقت الحاضر بشكل تدريجي.

ربما يبدو الرسم والتلوين مثل أنشطة الأطفال، ولكنها ربما تكون مفيدة للغاية في التأمل واسترخاء العقل. وتتمثل إحدى أفضل طرق استخدام الرسم والتلوين في توظيف ما يطلق عليه لفظ mandala. وكلمة Mandala هي كلمة سنسكريتية تعني دائرة أو شكلًا كثير الأضلاع في الحياة الحقيقية، ويمكن أن ترمز للمجتمع والترابط. وهي تمثل تصميمات معقدة يمكنك التركيز على تلوينها، بينما تقوم بالتأمل. ركز على العملية وعلى ما تشعر به لقيامك بشيء بسيط مثل التلوين. وهي لا تساعد على بث الشعور بالاسترخاء والهدوء فحسب، بل إنك تحصل على عمل فني تضيفه إلى منزلك أو مكتبك، بعد الانتهاء منه. ويمكنك الحصول عليها من خلال شراء الكتب أو طباعتها من المواقع الإلكترونية.

إذا كنت تواجه المتاعب في تهدئة عقلك والذهاب إلى النوم في الليل، فربما تستكشف أسلوب الآذان الهادئة من أجل تحقيق استرخاء العقل. وهو أسلوب سهل وفعال تمامًا، يتضمن:

–  ارقد على ظهرك مع غلق عينيك.
–  ضع يديك خلف رأسك، وتأكد من شعورك بالاسترخاء في وضع مريح.
–  ومن وضع يدك، ضع إصبع الإبهام في أذنيك بحيث يمكنك غلق قناة الأذن. احترس من إدخال إصبعك كثيرًا.
–  استمع إلى صوت اندفاع عالي الدرجة. وهذا طبيعي.
–  استمع إلى هذا الصوت لمدة 5 – 10 دقائق.
–  ضع ذراعيك على جانبيك، وأرحهما، ثم اذهب إلى النوم. كرر ما قمت به كلما احتجت لذلك.

ويمكن أن يساعدك التنظيم وتطوير مهارات إدارة الوقت على تحقيق استرخاء عقلك مع التعامل مع الضغوط في حياتك العملية. قم بإعداد قائمة للأمور الواجبة، وقسِّم المهام حسب ترتيب الأولوية. ومع إنهائك كل مهمة، احذفها من قائمتك، وراجع القائمة في نهاية اليوم. ويجب أن تشعر بالسعادة لرؤية مقدار ما حققته.