الخوف هو انفعال غريزي مرتبط ارتباطاً وثيقاً بالمحافظة على الحياة، عند الإنسان والحيوان، وهو آلية أساسية لتحقيق الحماية.
أهم ما يرتبط بظاهرة الخوف هو الشعور بالخطر، وقد يكون الشعور بالخطر حقيقياً أو وهمياً، وتلقائياً تؤدي الاستجابة للخوف للانسحاب أو الهرب واللجوء إلى موقع آخر طلباً للحماية والأمان. وقد يؤدي إلى خيار الهجوم عند تعذر الانسحاب.
أهم مخاوف الطفل والتي تظهر في عامه الأول هي: الخوف من الصوت المرتفع والخوف من الغرباء والبعد عن الأم والوحدة.. وما يتميز به الإنسان من قدرات عقلية وقابلية للتعلم يجعل انفعال الخوف ظاهرة معقدة حيث أنه قابل للتمحور حول أي موضوع سواء على مستوى التصور أو الأفكار، أو على مستوى الواقع، كالخوف من الوحدة والأشباح أو الخوف من الكلاب والقطط وربما المكنسة الكهربائية.. وقابل للظهور على أي مستوى من الشدة والعمق.
فالأطفال في النصف الثاني من العام الأول والعام الثاني من العمر، يُظهرون فروقاً فردية في مدى استعدادهم للخوف. وتعود تلك الفروق إلى الاختلافات الوراثية، وإلى خبرات كل طفل مع أمه. فعن طريق التعلم الارتباطي، يربط الطفل بين غياب الأم أو صعوبة الحصول عليها (بسبب أساليبها السلبية معه) وبين شعوره بالضيق والخوف، فينمو أكثر حساسية لمواقف الانفصال، ويكون أكثر استعداداً للخوف.
والتجربة الشهيرة التي أجراها (واطسن) عام 1920 على الطفل الرضيع البالغ من العمر (11 شهراً) توضح كيف يتم التعلم الارتباطي، كما توضح مبدأ التعميم. فقد قرن واطسن بين الصوت المرتفع (وهو مثير طبيعي للخوف) الناتج عن ارتطام قضيب حديدي بظهور فأر أبيض لم يكن يخيف الطفل، وعن طريق الارتباط المتكرر بين المثيرين أصبح الطفل يخاف الفأر، وظهرت أيضاً دلائل على تعميم الخوف من أشياء مشابهة كالصوف والقط والكلب والمعطف الفرو.. وهذا هو مبدأ التعميم. فالخوف يُعمم على الأشياء المشابهة.
كما أن ارتباط موضوعات أو أشخاص باستجابة معينة مثيرة للخوف يؤدي إلى الخوف من تلك الموضوعات أو الأشخاص، فالطفل قد يتجنب الكبار الذين يعاقبونه، ويتجنب الأحداث المثيرة للألم. وعندما تكون أساليب الآباء سلبية كالقسوة والصراخ، يصبح الطفل خائفاً منهم ويعمم الخوف على أشياء مشابهة.. كما يلعب التقليد والملاحظة دوراً في تعلم الخوف، فإذا كانت الأم تميل للخوف تعلم طفلها الخوف منها.
أهم الأسباب التي تجعل الطفل الصغير أكثر استعداداً للخوف
– الأساليب السلبية في التربية كالقسوة والصراخ والتلاعب بالحب والتهديد بالتخلي عن الطفل وغياب الأم غير المنظم والحماية الزائدة والتساهل المفرط والتخويف والصراخ.. جميعها تؤدي إلى ارتباط غير آمن، وإلى أن يصبح الطفل أكثر ميلاً للخوف.
– يلعب التقليد دوراً مهماً في تعلم موضوعات الخوف، فالأم التي تخاف الصرصار أو الظلام.. قد ينتقل منها ذلك الخوف إلى الطفل.
– تخويف الطفل لردعه عن تجاوز الحدود، كتخويفه من العفريت والغول أوتخويفه بالتخلي عنه أو رميه في الشارع.. فالطفل يصدق ما يقوله الوالدان له، فانتبه لما تقوله له.
– السخرية بمشاعر الطفل أثناء تعرضه للخوف، على سبيل المثال: إذا خاف الطفل من صوت المكنسة الكهربائية، لا تصرخ عليه أو تسخر من بكائه وانزعاجه، لأن ذلك يُضعف ثقته بنفسه. بل يجب عليك في هذه الحالة إحاطته بالعطف والحنان، وتشجيعه ليواجه الموقف بالتدريج.
طرق التعامل مع مشكلة الخوف لدى الطفل
– المواجهة المتكررة لموضوعات الخوف تساعد على خفض درجة الخوف من تلك الموضوعات، بينما يؤدي تجنب موضوعات الخوف أو المواقف المخيفة إلى ارتفاع شدة الخوف واستمراره.
– دعم ومساندة الطفل الخائف لتمكينه من مواجهة خوفه تدريجياً.
– إلهاء الطفل الخائف باللعب أو ممارسة أي نشاط آخر كالرسم أوالتلوين ليبتعد عن مشاعره المزعجة.
– تمكين الطفل من التعامل مع أقران لا يميلون للخوف بسهولة، ليتعلم منهم سلوكيات الشجاعة.
– الاستفادة من مبدأ التعلم الارتباطي لإزالة مخاوف الطفل، وذلك بربط موضوع خوف الطفل بموضوع آخر محبب له أو غير مخيف. على سبيل المثال: إقران خوف الطفل من الظلام بتواجد أمه وهي تحكي قصة محببة له.
– يميل الطفل للخيال، فاعمل على توجيه خياله نحو الأشياء الجميلة والإيجابية.
– برمجه على التفكير الإيجابي، على سبيل المثال: قل له أنت ولد شجاع، أنت قوي..
– انتبه للجوانب الإيجابية في شخصيته، وامتدحه عليها. وشجعه على التعاون وتقديم المساعدة، لتنمو ثقته بنفسه.
– قدم له العطف والحنان ليشعر بالأمان وبأنه مقبول لديك.
– ابذل جهداً لتحافظ على علاقة زوجية مستقرة وسعيدة، فتلك العلاقة هي أساس الأمان والطمأنينة للأبناء.
تأليف: د. فاطمة الكتاني