هل يرفض ولدكم الصعود إلى السيارة لأنه لا يحبّكم أن تضعوا له حزام الأمان؟ أو لأنه متعب أو لأنه جائع؟ أو لأنه يريد البقاء في المنزل واللعب بألعابه؟ ربما قد يكون خائفاً من أن يؤلمه بطنه كالعادة عندما تقودون سيارتكم بسرعة. لذا ينبغي على الأهل في هكذا حالة أن يسألوا ولدهم عن شعوره، أولاً لكي يتمكنوا من حل المشكلة وثانياً لكي يستمتع الجميع بالرحلة.
بعض النصائح المفيدة
● ينبغي على الأهل أن يتجنبوا قدر الإمكان القيام مع أولادهم بنزهات قصيرة قبل مواعيد وجبات طعامهم أو قبل موعد قيلولتهم، لأن الولد يكون نزاقاً ومتقلقلاً. أما في حال كانوا ينوون القيام برحلة طويلة في السيارة، فيتعين عليهم في هكذا حالة القيام برحلتهم تلك عند موعد قيلولة الولد فيتمكن هذا الأخير من النوم في السيارة.
● في حال كان الأهل يعلمون أن النزهات في السيارة تزعج ولدهم كثيراً، ينبغي عليهم عندئذٍ أن يدعوه يتنشق الهواء النقي أو أن يُجلسوه بطريقةٍ يمكنه من خلالها أن يشاهد الطريق أو أن يضعوا له أغانيه المفضّلة، فتصبح النزهات في السيارة أمراً مشوّقاً بالنسبة له.
حديث الأهل لأنفسهم
ينبغي على الأهل ألاّ يقولوا لأنفسهم:
“فوق كل همومي ومشاكلي، لدي ولد عنيد”.
إن نظرة الأهل إلى حياتهم على أنها سلسلة متواصلة من الهموم والمشاكل ستولّد في داخلهم شعوراً بالظلم، والضغط، والتوتر، واليأس والإحباط. في الواقع، إن تضخيمنا للأمور ونظرتنا السلبيّة إليها لا يؤديان سوى إلى زيادة الأمور سوءًا وزيادة الطين بلّة.
إنما ينبغي عليهم أن يقولوا لأنفسهم عوضاً عن ذلك:
“إن كان الولد يتصرف بعناد اليوم، فهذا لا يعني أنه سيكون دائماً كذلك”.
إن اتّخاذ الأهل موقفاً إيجابياً حيال الأمور يحوّل بالتالي عناد الولد في نظرهم إلى مجرّد وضع مزعج مؤقّت، الأمرالذي قد يخوّلهم حلّ المشكلة برويّة، وتفهّم، وصبر.
ينبغي على الأهل ألاّ يقولوا لأنفسهم:
” الأمر لا يستحقّ كل هذه المعركة. سأنسى أمر التسوّق”.
إن الأهل وباستسلامهم لمشيئة ولدهم وإلغائهم ما كانوا قد خطّطوا له من برامج أو مشاريع بسبب عناد هذا الأخير ومقاومته لهم لا يعلّمونه سوى أن النحيب وحده يخوّله الحصول على مبتغاه، كما وأنهم يعلمونه أيضاً بهذه الطريقة أنه ليس من العيب أن نستسلم في وجه العدوّ.
إنما ينبغي عليهم أن يقولوا لأنفسهم عوضاً عن ذلك:
“لا يُفترض بي أن ألغي كل مشاريعي فقط لأن ولدي لا يريد الركوب في السيارة. لا بدّ أن أجد طريقة أحثّه من خلالها على التعاون معي”.
في الواقع، إن اتّخاذ الأهل المواقف الإيجابيّة يساعدهم على حلّ مشاكلهم ويعلّم الأولاد على التحلي بالصبر، والعزيمة، والثبات.
ينبغي على الأهل ألا يقولوا لأنفسهم:
“يظنّ ولدي أن بإمكانه استغلالي كوني وحيدة”.
إن إلقاء الأهل اللوم في مقاومة أولادهم لهم على واقع أنهم وحيدون يولّد لديهم شعوراً بأنهم الضحيّة ويجعلهم بالتالي يعلّمون أولادهم كيفيّة التعاون معهم من خلال لجوئهم إلى أسلوب إما الربح وإما الخسارة، وهو أسلوب غير مجدٍ وغير صالح على الإطلاق.
إنما ينبغي عليهم أن يقولوا لأنفسهم عوضاً عن ذلك:
“أنا أتفهّم شعور ولدي. لذا لا أريد أن أقوم دائماً بالأمور التي يتعيّن عليّ القيام بها”.
إن تعاطف الأهل وتفهمهم لمشاعر أولادهم يثير فيهم رغبة بالتعاون. وعندما يدعم الأهل والأولاد بعضهم بعضاً ويعملون مع بعضهم البعض على أنهم فريق واحد، يمكن للفريقين أن يحققا أهدافهما.
حديث الأهل إلى أولادهم
ينبغي على الأهل ألاّ يخيفوا أولادهم عن طريق تهديدهم، بقولهم مثلاً:
“إصعد إلى السيارة الآن، وإلاّ فستندم!”
إن الأهل وبتهديد أولادهم بعواقب وخيمة لا يعلّمونهم كيف يتعاونون معهم، إنما يعلمونهم أنه بإمكانهم الصمود ورفض أي تفاهم أو تعاون معهم إلى أن يصبح العقاب وشيكاً. وعلاوة على ذلك، فإن أسلوب الترهيب والتهديد هذا يجبر الأهل على الذهاب قدماً في تهديدهم وتنفيذه، وإلا فقد يعلّمون ولدهم أنهم لا يعنون دائماً كل ما يقولونه. لذا فقد يكون من الأفضل تفادي أسلوب التهديد والحاجة إلى تنفيذه والذهاب به قدماً حتى النهايّة.
إنما يُفترض بهم عوضاً عن ذلك أن يقدموا لأولادهم خيارات عدة، بقولهم مثلاً:
“بإمكانك أن تختار إما الصعود في السيارة واللهو وإما الصعود في السيارة والبقاء تعيساً. قرّر بنفسك ماذا تريد”.
في الواقع، إن الأهل وبمساعدة أولادهم على رؤيّة الأوضاع والحالات على أنها رهن خياراتهم الخاصّة يعلمونهم أن بإمكانهم أن يختاروا طبيعة مشاعرهم ويمرّنونهم أيضاً على كيفيّة التغلّب على الأمور التي لا تعجبهم أو التي لا يحبونها.
يتعين على الأهل عدم رشوة أولادهم بقولهم:
“إن صعدت إلى السيارة الآن سأعطيك كعكةً محلاّة”.
إن رشوة الأولاد وإغراءهم بالطيبات يعطي الطعام السلطة غير الصحيّة وغير السليمة لجعلهم سعداء. كما من شأن هذه الطريقة أن تعلمهم أن بإمكانهم أن يحصلوا على مكافأة ما مقابل مقاومة أهلهم.
إنما ينبغي عليهم عوضاً عن ذلك أن يعقدوا معهم إتفاقاً بقولهم:
“عندما تجلس في كرسيّك الخاص بالسيارة وتضع حزام الأمان يمكننا أن نضع لك أغنياتك المفضّلة ونغنّي معاً طوال الطريق. وهذا أمر مسلٍّ جداً في السيارة”.
إن اللجوء إلى قاعدة الجدّة من شأنه أن يعلّم الولد أن بإمكانه أن يكون سيّد الموقف ويتّبع التعليمات في الوقت نفسه؛ إذ إنه عندما يتعاون مع الآخرين يصبح بإمكانه القيام بأمور مسلّيّة.
يتعيّن على الأهل ألاّ يهددوا أولادهم بقولهم:
“إن لم تصعد الآن إلى السيارة، سأضطرّ لضربك”.
إن التهديد بالعقاب الجسدي يعلّم الولد أن العنف هو نتيجة عدم التعاون، كما ويعلمه أيضاً بألاّ يتعاون مع أهله سوى لكي يتفادى العقاب، لا لأن التعاون يساعده وأهله على تحقيق أهداف جيدة ومفيدة للجميع.
إنما يفترض بهم عوضاً عن ذلك أن يطرحوا عليه الأسئلة، كأن يقولوا له مثلاً:
“أنا أفهم أنك لا تريد الصعود إلى السيارة، ولكني لا أفهم لماذا. أيمكنك أن تقول لي لماذا لا تريد أن تصعد إلى السيارة؟”
عندما يسأل الأهل أولادهم عن سبب رفضهم التعاون يمنحونهم بذلك فرصة لكي يشرحوا لهم مشكلة قد لا يكونون على علمٍ بها. فقد تكون مشكلة الأولاد مثلاً أنهم لا يحبون الصعود في السيارة لعدم قدرتهم على النظر إلى الطريق من النافذة أو لأن ذلك غالباً ما يتسبّب لهم بآلام شديدة في البطن. كما أن سؤال الأهل أولادهم عن سبب رفضهم التعاون يظهر للأولاد مدى اهتمام أهلهم بآرائهم كما ومدى سرورهم لرغبتهم في التعبير عنها. فعندما يكتشف الأهل المشكلة، يصبح بإمكانهم حلها والتحدث عنها عوضاً عن التركيز على مسألة عدم طاعة أولادهم.
يتعيّن على الأهل ألاّ يغضبوا ويقولوا لأولادهم:
“لقد طلبت ذلك بلطف ثلاث مرات. ولكني بدأت أغضب الآن!”
إن الغضب يعلّم الأولاد على اتباع تعليمات أهلهم فقط لكي يتفادوا غضبهم، لا لكي يعملوا كفريق واحد.
إنما ينبغي عليهم عوضاً عن ذلك أن يكونوا إيجابيين ويقولوا:
“أنا أعلم أنك لا تريد الصعود إلى السيارة، إنما ينبغي عليّ أن أذهب إلى عملي كما وينبغي عليك أن تذهب إلى دار الحضانة. وعندما ستجلس في مقعدك وتضع حزام الأمان ستتمكن من اللعب بالألعاب الخاصّة التي نتركها لك في السيارة”.
يتعيّن على الأهل أن يساعدوا أولادهم على فهم أن ثمة أمور يطلبونها منهم تكون غير قابلة للتفاوض، إنما يمكن دائماً لتلك الأمور أو الواجبات أن تكون مسلّيّة. في الواقع، إن الكتب والألعاب الخاصّة بالسيارة من شأنها أن تكون بمثابة حوافز إيجابيّة تحثّ الولد على التعاون مع أهله.
تأليف: جيري وايكوف و باربرا أونيل