التصنيفات
طب نفسي | علم النفس

للأشخاص الأشد خجلاً ابدأوا حياة جديدة

آسفة لبدء هذا الجزء بحقائق مزعجة، لكنكم تريدون أن أسرد الأمر كما هو، أليس كذلك؟ أتمنى أن تعرفوا أننى أعطيكم المعلومة التالية كحافز إضافى للتخلص من الخجل.

كشف تقرير من رابطة الطب النفسى الأمريكية أن الخجولين اللامعين والموهوبين معرضون لخسارة مهنية كبيرة، ولقد أثار التقرير، وعنوانه ” الرهاب الاجتماعى والصعوبات في التكيف المهنى ” العديد من الدراسات التى أجريت بواسطة أهم الباحثين الرئيسيين في مجال معالجة الخجل.

والمحصلة النهائية للتقرير هى أن الخجولين يُستخف بهم ويتلقون رواتب أقل بالنسبة لمواهبهم، وكذلك فإن الخجولين أقل ميلاً للحصول على وظيفة تستغل مهاراتهم المكتسبة وقدراتهم الطبيعية، إلى جانب أن الحياة المهنية للخجولين غير مستقرة حتى منتصف العمر.

وهذا مخيف.

مجرد شىء لتفكر فيه

كشف النونية

عندما كنت أعمل مدرسة في حضانة مدرسية، أحببت السير بثقة داخل الفصل وتلقى التحية من العديد من الوجوه الصغيرة السعيدة. الآن أدرك أن التصرف بثقة مع من هم في أعمار أربع وخمس سنوات ليس بإنجاز ذى أهمية كبرى، لكنى كنت أشعر براحة كبيرة في التعامل مع تلاميذى الصغار.

ومع ذلك كانت هناك مشكلة لقد بدأت أتحدث مثلهم، وكان لقائى الوحيد مع الراشدين يتم في ثالث أيام الاثنين من كل شهر، أثناء اجتماعات مجلس الآباء والمعلمين، وأثناء أحد اجتماعات مجلس الآباء والمعلمين كان علىّ أن أذهب إلى المرحاض، وعندما وقفت وقلت ” معذرة، يجب أن أذهب وأعمل حماماً “.

سمعت ضحكاً مكتوماً كما لو نطقت كلمة ” نونية “.

وفى داخل المرحاض، قررت ترك التدريس في نهاية الفصل الدراسى والدخول إلى عالم الراشدين؛ فالاختلاط مع من هم دون السادسة لا يفيد في علاج خجلى، هذا فضلاً عن مفرداتى اللغوية. لقد كنت في نظام مريح لكنى عرفت أنه يتوجب علىَّ أن أبدأ نشاطاً جديداً إذا رغبت أن أتحرر من الخجل.

فى يومى الأخير، أقمنا حفلة صغيرة في الفصل فتبادلنا الأحضان والقبل وقلنا ” وداعاً ” لبعضنا البعض، ثم دخلت إلى عالم الراشدين المخيف.

إذا كنت بائساً لدرجة كبيرة بسبب خجلك، ووظيفتك لا تساعدك على تحسين الموقف، فربما حان الوقت لفعل شىء بخصوص ذلك.

العالم المهنى يستطيع أن يخدع الخجولين

من المحتمل أنك تبخس نفسك مهنياً، وأن صاحب العمل طبقاً للإحصائيات يفعل نفس الشىء؛ فأصحاب العمل عادة ما يعطون الخجولين أقل مما يستحقون.

لو أنك مستعد لتنظر إلى حياتك المهنية نظرة تحدٍ، وأن تجرى مع نفسك مقابلة مهنية، فاسأل نفسك تلك الأسئلة المهمة :

1. هل عملى من التاسعة إلى الخامسة يزيد من خطورة خجلى؟

2. هل وظيفتى لا تتناسب مع قدراتى؟

3. هل يستفيد عملى من مواهبى وتعليمى؟

4. هل أواجه صعوبة في التكيف مع عملى الحالى؟

5. هل باستطاعتى الحصول على وظيفة تتناسب مع أهدافى في الحياة؟

وبالطبع فإن أكثر الأسئلة صلة بالموضوع هو…

6. هل أنا في وضع يسمح لى بتغيير وظيفتى؟

معظم الناس غير قادرين على التفكير بتغيير الوظيفة في الوضع الحالى، لكن قم بمضاد الخجل على أية حال.

فكر في عملك مرة أخرى

أجب عن الأسئلة المذكورة سابقاً. ثم، اعتماداً على النتائج، فكر في معالجة بعض القرارات الصعبة؛ فقد تقرر أنك تحتاج إلى تغيير الوظيفة، وحتى إذا لم يكن هذا هو الوقت المناسب لذلك فإن تبصرك لحياتك المهنية يمكن أن يساعدك على القيام بخيارات أصح حتى في نطاق وظيفتك الحالية. وقد تضع إجاباتك اللبنة التي ربما تتطور إلى أن تصبح صرحاً في المستقبل، وعلى المدى البعيد قد يتضح أن هذا يعد واحداً من أكثر مضادات الخجل تحدياً للحياة.

لا تقفز من السفينة إلا إذا كان لديك قارب نجاة آمن لتهبط فيه، لكننى لسوء الحظ لم أتبع هذه النصيحة؛ فلقد خطوت خارج بوابة المدرسة إلى مصاف العاطلين ولا شىء في مرمى البصر يبقينى عائلة لذاتى، ولكى تكتمل الصورة قتامة فإن مقابلات العمل أرعبتنى. وبحلول الخريف كان علىَّ أن أعمل أو أخرج إلى الشوارع رغم أن خجلى كان سيمنعنى من التسول.

تدبرت أمر مقابلات عمل قليلة. سألنى الذين يجرون المقابلات نفس الأسئلة : » ما هى مواطن القوة والضعف لديك؟ » فكانت إجابتى غير المنطوقة « أنا أحب الأطفال الصغار لكننى أخجل من الراشدين بطريقة لا تحتمل » .

« أين تريدين أن تكونى في خلال خمس سنوات؟ » لم أستطع أن أخبرهم بإجابتى الحقيقية : » أريد أن أكون غير خجولة » .

« أخبرينى عن موقف اضطررت فيه أن تتعلمى شيئاً معقداً في مدة قصيرة » .

لست أظن أن إخبار من يجرون المقابلة أننى اضطررت إلى تجميع أجزاء لعبة ميكى ماوس في خمس دقائق قبل بدء الحصة الدراسية كان ليترك انطباعاً رائعاً لديهم.

أدركت حينها أن قراءة قصص الإوزة الأم ومطاردة عشرين طفلاً في ملعب لم يجعلانى مستعدة لمواجهة إيقاع الحياة السريع.

طريقة ماكرة للحصول على وظيفة ممتازة

بعد العديد من المقابلات جعلنى التوتر الناتج عن عدم سماع عبارة ” لقد تم تعيينك ” متقلبة المزاج مثل سمكة في صينية قلى، ومع ذلك فقد اكتشفت ميزة ممتعة من المقابلة مع شركات عديدة؛ فكل مقابلة أصبحت أسهل لأن كل من يجرون المقابلات يسألون نفس الأسئلة تقريباً.

أشك أن مسئولى الموارد البشرية يحضرون منتدى ” كيف تخيف المتقدمين للوظائف؟ ” ففى البداية يقومون بتهيئتك بأسئلة عامة، وقد يعرضون عليك قهوة، وعندما تشعر بأنك مرتاح، ينحنون بظهورهم إلى الخلف ويغمضون أعينهم نصف إغماضة، ويسألونك ما يطلق عليه ” أسئلة تبصرية “.

لو أنكم، أيها الخجولون، تبحثون عن وظائف فاشتروا أو استعيروا كتاباً متخصصاً فيما يسأله القائمون بالمقابلات الشخصية، ومن الأفضل أن توفروا نقودكم فسوف تجدون ” أسئلتهم الخادعة ” المبتذلة على شبكة الإنترنت.

من السهل أن تصبح حكيماً أثناء مقابلتهم. تدرب على إجابات ذكية لأسئلتهم الحتمية ” ما هى نقاط قوتك ونقاط ضعفك؟ ” ثم استعد لتفادى الأسئلة الفجائية الماكرة التى سيوجهها لك مُجرى المقابلة. كان أكثر ما يضايقنى هو عندما يسترخى من يجرى المقابلة في مقعده ويقول بكل سماجة : ” حدثينى عن نفسك “، ثم ينظر في استمتاع إلى وجهى الذى يمتقع، ولسانى الذى ينعقد عن الكلام.

تعلم الأسئلة غير المألوفة

ابحث في الإنترنت عن كلمات ” وظيفة ” أو ” أسئلة المقابلات الشخصية ” وتنويعات عن هذا الموضوع، وسوف تجد نصائح جيدة، وبالطبع جهز نفسك لأسئلة تحضيرية معتادة مثل ” أين عملت؟ “، ” إلى متى بقيت في العمل؟ ” لكن احذر بعضاً من تلك الأسئلة التى تبدو أنها غير مألوفة فهى متشابهة : ” ما هى أفضل خصالك؟ وما أسوأها؟ “، ” لماذا علينا أن نوظفك؟ ” ومثل هذه الأمور التافهة، ثم تدرب على الإجابات في منزلك وتذكر أن ” الاستعداد هو العلاج المؤكد للذعر “.

اذهب إلى آخر شركة على وجه الأرض تحلم أن تعمل بها

الأسئلة الفعلية، مع ذلك، هى جزء فقط من تجربة المقابلة الشخصية؛ فلابد أنك قد سمعت بالنصيحة المعتادة للباحثين عن عمل ” تدربوا مع أصدقائكم أو عائلتكم “.

بالتأكيد. لكن اذهب خطوة واحدة أبعد كما فعلت أنا دون قصد، والخطوة هى الغش.

أنا أبالغ. إنه ليس غشاً بالضبط، إنها طريقة ملتوية للحصول على الوظيفة التى تستحقها. لكن كيف تبدأ؟ أولاً، أجر مقابلة شخصية مع خمس أو ست شركات لن تحلم بالعمل لديها.

مقابلتك مع الشركة الأولى ستكون مرعبة.

مقابلتك مع الشركة الثانية ستكون مخيفة.

مقابلتك مع الشركة الثالثة ستكون مفزعة.

لكن عندما تصل إلى الشركة الرابعة، ستفهم تلك الشركات وستعرف أسئلتها وستعرف تصرفاتها وألاعيبها، وبعد مقابلات أكثر قليلاً مع شركات لا تريدها أنت، ستكون مُعدا جيداً للتحقيق الذى ستتعرض له في الشركة التى تحلم بها.

أجر مقابلات مع شركات لا تريدها

لكى تؤكد أنك ستحصل على الوظيفة التى تستحقها، أجر مقابلات مع العديد من الشركات التى لن تقبل العمل بها مهما دفعوا لك، وعندما تشعر بأنك قد أصبحت تعرف اللعبة، انطلق نحو الذهب أجر مقابلة للوظيفة التى تريدها حقاً.

أثناء بحثى عن عمل، لم أستطع أن أمنع نفسى من الرجوع إلى حلم المراهقة الخيالى في أن أصبح مضيفة طيران. ففى تلك الأيام، كان ذلك حلماً ساحراً. لأن مضيفات الطيران لم يكن مضطرات إلى بيع سماعات الرأس أو الاحتفاظ بالفول السودانى لكل مسافر بأقل معدل ممكن. في تلك الأيام لم يكن » طعام شركة الطيران » مخلفات حرب.

كلما فكرت في تلك الوظيفة بشكل أكبر، بدت أكثر مثالية. فالخجل هو التحدى الأكبر لدىَّ وكونى مضيفة جوية هو الحل. سوف يتوجب علىّ أن أتعامل مع حمولة الطائرة من مسافرين ناضجين قائلة : » أهلاً! مرحباً » ثم « وداعاً، شكراً لطيرانكم معنا » مئات المرات في الرحلة الواحدة.

الخطوط الجوية » بان أمريكان » كانت حلمى، ومع ذلك وبعد أن أجريت مقابلات مع شركات لم أرغب في العمل بها من الأساس، تقدمت لإجراء مقابلة مع خطوط » تى دابليو إيه » وخطوط طيران أخرى لا أريدها. قبل أن أذهب إلى « بان أمريكان » ، تعلمت أكثر المؤهلات أهمية لخطوط الطيران. ففى تلك الأيام، كانت الابتسامة الدائمة هى المؤهل الأول، فذهبت أبتسم كالسنجاب وحصلت على الوظيفة.

وفجأة وجدت نفسى أقدم القهوة والشاى وأنخرط في محادثات مريحة مع آلاف المسافرين.

فكر في وظيفة تتعامل فيها مع الناس

بالتفكير في أى وظيفة، تخيل مدى الاتصال مع العامة الذى توفره لك هذه الوظيفة. كلما كان الاتصال أكثر، تخلصت من الخجل، وكذلك فإنك ستجد التحدث خارج الوظيفة أسهل إذا توجب عليك الإكثار منه في العمل.

وفى اللحظة التى تتخلص فيها من الخجل، تقدم لوظيفة ممتعة تتحدى قدراتك بطرق أخرى، وتأكد أنها سوف تستغل معرفتك ومواهبك.