عندما يقرأ الأهل عن براعة تايغر وودز في لعب الغولف عندما كان في الخامسة من عمره، فقد يخيب أملهم لدى رؤية ولدهم يرفض فكرة الذهاب إلى دروس الغولف. وبالتالي فإن الخطوة الأولى والإيجابيّة التي يفترض على الأهل القيام بها بغيّة كسب تعاون ولدهم معهم هي بأن يأخذوا بعين الإعتبار شخصيته، وجدول أعماله، ورفضه لفكرة الذهاب إلى دروس الغولف إن كان دائماً أو عرضياً. هل ينفر ولدهم من تجربة الأمور الجديدة إجمالاً؟ أهو عاجز عن الجلوس والتركيز لدقائق عديدة؟ هل تعوزه القدرة على المتابعة حتى النهايّة؟ هل أوقات فراغه كثيرة وغير مبرمجة؟ أيقول إنه يكره أستاذه؟ أهذه المرة الأولى التي يرفض فيها الذهاب إلى درسه؟ في الواقع، إن تفهم الأهل لولدهم كما للظروف المحيطة بنفوره من فكرة الذهاب إلى دروس الغولف كلها أمور من شأنها أن تساعدهم على معرفة الأسباب التي تدفع ولدهم على رفض فرصة التعلم تلك.
بعض النصائح المفيدة
● ينبغي على الأهل مقابلة الأساتذة والتعرف عليهم قبل تسجيل ولدهم لدراسة نشاط ما، كما وينبغي عليهم أيضاً التأكد إذا ما كانت فلسفاتهم وأساليبهم التربويّة والتأديبيّة تناسبهم وتناسب أولادهم.
● في الواقع، إن الأساتذة الأكثر فعّاليّة هم الذين يتعاطفون مع الأولاد ويعرفون كيف يتواصلون ويتعاملون معهم باحترام.
● ينبغي على الأهل التأكد من أن أولادهم يعلمون قوانين الإصغاء إلى التعليمات واتّباع التوجيهات وتطبيقها والإلتزام بالروتين.
● ينبغي على الأهل التأكد من أن ولدهم قادر على التعلّم أو القيام بكافة الأمور التي سيطلبونها منه في أثناء ممارسته هذا النشاط.
حديث الأهل لأنفسهم
ينبغي على الأهل ألا يقولوا لأنفسهم:
“ينبغي على الأولاد طاعة أهلهم لأن الأهل يفهمون أكثر منهم في أمور هذه الدنيا”.
إن هذا الأسلوب الديكتاتوري من شأنه أن يولّد جواً مشحوناً بالنزاعات اللامتناهيّة على السلطة بين الأهل وولدهم العنيد. لذا فقد يكون إدراك الأهل عدم قدرتهم على ضبط سلوك ولدهم- إنما فقط ردود فعلهم إزاء ذاك السلوك – بمثابة الخطوة الأولى الإيجابيّة والفعّالة في سبيل قيادة هذا السلوك باتّجاه الهدف المنشود.
إنما يفترض بهم أن يقولوا لأنفسهم عوضاً عن ذلك:
“يمكنني تحمل بعض المقاومة والرفض من قبله. فهذا ليس بمسألة خطيرة”.
يمكن للأهل، ومن خلال وضع ردود فعلهم حيال رفض ولدهم وعناده داخل إطار إيجابي، أن يظهروا له أنهم يحترمون آراءه ويدعمونها حتى ولو كانت هذه الأخيرة مختلفة عن آرائهم. وينبغي هنا على الأهل أن يتذكروا دائماً أن الهدف البعيد الأمد من طريقة تربية أولادهم هو إنشاء جيل متّزن ومنضبط، جيلٍ يتحلى بروح الإستقلاليّة والإكتفاء الذاتي.
ينبغي على الأهل ألا يقولوا لأنفسهم:
“يتعين على كل ولد أن يأخذ دروساً في الموسيقى ليكون ناجحاً في الحياة”.
ينبغي على الأهل أن يتفادوا قدر الإمكان اتّباع المعتقدات التي تقول إن هناك طريق واحد فقط يؤدي إلى النجاح.
إنما يفترض بهم أن يقولوا لأنفسهم عوضاً عن ذلك:
” ليست دروس الموسيقى مهمّة بالنسبة إليه الآن. يمكننا التريّث بعد قليلاً”.
يمكن للأهل وفي حال إلقائهم نظرة إلى برنامج ولدهم أن يدركوا أحياناً أنه مليء بالنشاطات بحيث يستحيل عليه الآن القيام بالنشاط الذي يطلبون منه ممارسته. ثم إن كان الولد يرفض الآن فكرة الذهاب إلى دروس الموسيقى مثلاً فهذا لا يعني أنه لن يرغب في أخذ دروس فيها لاحقاً.
ينبغي على الأهل ألاّ يقولوا لأنفسهم:
” لا شك في أن ولدي يشكو من أمر ما. فالجميع يحبون أخذ دروس في الرياضة ويعتقدون أنها مسليّة. حتى أنا نفسي كنت أعتقد ذلك”.
إن فرض الأهل آراءهم حول ما يحبون وما لا يحبون على ولدهم لن يساعدهم على فهم أسباب رفض هذا الأخير أخذ دروس في الرياضة مثلاً، لا بل على العكس قد يدفعهم إلى إجباره على ممارسة نشاطات من أجلهم وإكراماً لهم، لا من أجله.
إنما يتعين عليهم أن يقولوا لأنفسهم عوضاً عن ذلك:
“إن كنت أحبّ الجمباز فهذا لا يعني أنه ينبغي على ولدي أن يحبه أيضاً”.
ينبغي على الأهل هنا أن يعودوا ويتذكروا من الذي كان يرغب بالأساس بهذه الدروس، هم أم ولدهم. ويجدر بهم أن يعلموا أن ما يناسبهم قد لا يناسب ولدهم، فما أن يبدأ هذا الأخير بممارسة الرياضة أو النشاط حتى يغيّر رأيه فيه.
حديث الأهل إلى أولادهم
ينبغي على الأهل ألا يهددوا ولدهم بقولهم:
“لقد سئمت موقفك هذا. ستفعل ما أقوله لك وإلا فسأضربك!”
إن الأهل وبقولهم للولد إنهم سيضربونه إن استمرّ في مقاومته يعلّمونه درسين سيّئين: أولهما أن اللجوء إلى العنف أسلوب مقبول إن كان بهدف حل المشاكل، وثانيهما أن لا بأس في إيذاء الآخرين عندما نكون غاضبين.
إنما يفترض بهم أن يطرحوا عليه الأسئلة كأن يقولوا مثلاً:
“ما الذي لا تحبّه في دروسك تلك؟ أثمّة ما يمكنني فعله لجعل تلك الدروس تبدو مسليّة بنظرك؟”
إن الأهل وبطرحهم هكذا أسئلة على ولدهم بهدوء، يطّلعون على ما يقلق ولدهم ويظهرون له أنهم يهتمون لآرائه وأفكاره ومشاعره.
ينبغي على الأهل ألا يدعوا ولدهم يشعر بالذنب بقولهم مثلاً:
” ماذا دهاك؟ فلطالما كنت تتوسّل لكي أسمح لك بأخذ تلك الدروس!”
عندما يسأل الأهل ولدهم عمّا دهاه فكأنهم يلمّحون له إلى أنه يعاني من مشكلة ما كونه قد غيّر رأيه.
إنما يفترض بهم عوضاً عن ذلك أن يعيدوا وضع هذه الحالة ضمن إطار جديد بقولهم مثلاً:
“لنفكّر معاً بكل الأمور المسلّيّة التي ستقوم بها عندما ستذهب إلى الحصّة”.
إن تغيير الأهل نظرة ولدهم تجاه الوضع من شأنه أن يساعده على التغلّب على نفوره من فكرة المشاركة في تلك الحصص. لذا ينبغي على الأهل أن يحثّوا ولدهم على المشاركة في تلك الدروس أو الحصص من خلال مساعدته على رؤيّة كم قد تكون هذه التجربة الجديدة مسلّيّة ومفيدة بالنسبة له.
ينبغي على الأهل عدم رشوة ولدهم بقولهم:
“إن باشرت بارتداء ملابسك على الفور وصعدت إلى السيارة قبل أن أعدّ إلى العشرة، فسأشتري لك هديّة ونحن في طريقنا إلى المنزل”.
عندما يعد الأهل ولدهم بمكافأة خارجيّة لقاء قيامه بما يطلبونه منه فكأنهم بذلك يعلّمونه ألاّ يطيعهم وينفّذ مطالبهم سوى لكي يحصل على مكافأة ما؛ في حين أن هدف الأهل الأساسي هو تعليم الولد بأنه من الجيّد القيام بالأمور لمجرّد القيام بها، لا لغايّة أخرى في نفسنا.
إنما يفترض بهم أن يعلّموه كيف يقدّر تقدّمه بقولهم مثلاً:
“سنعلّق على البراد جدولاً نلصق عليه نجمةً لكلّ حصّة تنجزها”.
إن تشجيع الأهل ولدهم على المواظبة في عمله هو أسلوب ممتاز لكي يعززوا حماسته الذاتيّة كما وحماسته على التعاون معهم.
ينبغي على الأهل ألا يلوموا ولدهم ويدعوه يشعر بالخجل من نفسه بقولهم مثلاً:
” لقد خاب ظني بك. فأنت لا تنجز أبداً ما تبدأ به”.
إن الأهل وبجعل ولدهم يخجل من نفسه كأنهم يعلّمونه أن حبّهم له مشروط – وأنهم لا يحبونه إلا عندما ينفّذ ما يطلبونه منه.
إنما يفترض بهم عوضاً عن ذلك أن يقدّموا له الخيارات بقولهم:
“فلنجرّب بعد خمسة دروس إضافيّة. بعدها يمكنك أن ترى إن كنت تحبها أم لا”.
ينبغي على الأهل أن يضعوا هدفاً محدداً نصب أعينيهم لكي لا يشعر ولدهم باليأس والعجز. وعلاوة على ذلك فإن هذا الأسلوب يمدّ الولد بحسّ السيطرة والمسؤوليّة إزاء أي قرار يتخذه في حياته.
تأليف: جيري وايكوف و باربرا أونيل