التصنيفات
طب نفسي | علم النفس

إنشاء دافع قوي إلى النوم العميق

من المقومات الأساسية للنوم الهنيء أن تنشئ دافعًا قويًّا إلى النوم العميق. والنوم العميق هو نوع يتيح لك إمضاء فترات أطول من النوم المستمر المتواصل، ويجعلك تشعر بمزيد من الراحة عند الاستيقاظ. وسوف يعلمك هذا الموضوع كيفية تصحيح النظام الدافع إلى النوم لديك بضبط جدول نومك، وزيادة مستويات نشاطك، وتصحيح أية عادات تعوق إنشاء دافع قوي إلى النوم العميق.

اجعل لنظام نومك أداة ضبط

هل فكرت من قبل كيف يصل جسدك إلى مرحلة النوم العميق؟ إذا كنت لم تحصل على نوم عميق كافٍ، فأنت ربما تخشى أن يكون نظام جسدك الذي يحدث النوم العميق معطلًا أو به خلل وظيفي. ومن حسن الحظ أنه نادرًا ما يكون هذا سببًا للمشكلة. وفي الحقيقة، سوف تشعر بالراحة لمعرفة أن نظام نومك يعمل على نحو أفضل منك.

إن نظامك الطبيعي الجسدي الذي يوازن بين النوم واليقظة لا يعوض الحرمان من النوم بدفعك إلى مزيد من النوم في الليلة التالية، بل بدفعك إلى نوم أعمق. ويمكنك تحقيق الاستفادة القصوى من هذا النظام من خلال فهمك لكيفية عمله ولمعرفة السلوكيات التي تعوق النوم العميق الذي ترغب فيه. وعلى سبيل المثال، إذا أمضيت وقتًا قليلاً جدًّا بعيدًا عن الفراش، أو استهلكت القليل جدًّا من الطاقة خلال نهارك، فقد لا يكون دافعك قويًّا بدرجة كافية لجعلك تحظى بنوم عميق متواصل في تلك الليلة. وسوف يصبح دافعك إلى النوم العميق أقوى عندما تكون مستيقظًا ونشطًا غالب يومك.

وهذه المعلومة من شأنها أن تمنحك بعض الارتياح عندما تنام نومًا سيئًا؛ لأن باستطاعتك الاعتماد على جسدك في دفعك إلى نوم عميق كافٍ لتعويض أوقات النوم الضائعة. وهذا يعني أيضًا أن أية جهود تبذل لتعويض أوقات النوم الضائعة سوف تعطي نتائج عكسية. وتشمل هذه الجهود الإيواء إلى الفراش مبكرًا، أو البقاء في الفراش لمدة أطول، أو محاولة أخذ غفوة. وهذه السلوكيات قد تضعف إنشاء دافع النوم العميق. وعلى نحو مشابه، لتعويض حرمان النوم، قد تلجأ إلى زيادة استهلاكك من الكافيين، ولكن المنتجات المحتوية على الكافيين – كالمياه الغازية والقهوة – تعوق إنشاء أحد المواد الكيميائية الضرورية للنوم العميق. وجهود تعويض حرمان النوم واستخدام الكافيين تعد استجابات شائعة ومفهومة للحرمان من النوم، ولكن هذه السلوكيات تبعث برسائل خاطئة إلى جسدك، وتمنع تكون دافع مناسب إلى النوم العميق لديك.

إستراتيجيات لزيادة النوم العميق

توجد عدة طرق يمكنك بها جعل نظام نومك يعمل لصالحك، ويمكنك بها الحصول على النوم (العميق) الذي حلمت به.

تقليل الوقت الذي تمضيه في الفراش

على نحو عام، ينبغي عليك أن تمضي في الفراش مقدار الوقت الذي يمكنك أن تنامه. وسوف نقدم لك نقاطًا توجيهية لتقليل الوقت الذي تمضيه في الفراش في نهاية هذا الموضوع. وحتى إذا اخترت عدم وضع جدول نوم جديد ومراعاة العمل به كما أوصيناك، فلتحاول اتباع هاتين القاعدتين المهمتين.

لا تَنَمْ حتى وقت متأخر من الصباح. إمضاؤك للمزيد من الوقت في الفراش صباحًا يضعف من دافع النوم العميق الذي يمكنك إنشاؤه في هذا اليوم؛ لأنك ما لم تأوِ إلى الفراش في وقت متأخر في الليلة التالية، فسوف يصبح الوقت المتاح لإنشاء دافع النوم لديك قصيرًا. والنوم الذي تناله في ساعات الصباح ليس منعشًا على أية حال. لذا، اضبط جهاز التنبيه الخاص بك وتشبث بموعد استيقاظ، وسوف تحظى بدافع أقوى إلى نوم عميق.

لا تأوِ إلى الفراش مبكرًا لتعويض أوقات النوم الضائعة. الإيواء إلى الفراش مبكرًا بعد إمضاء فترة نوم سيئة في الليلة السابقة يمنع إنشاء دافع إلى النوم العميق في وقت مبكر جدًّا. وهذا يعني أن من غير الراجح لك أن تنال نومًا عميقًا كافيًا، ومن الأرجح أن تستيقظ في منتصف الليل.

لا تأخذ غفوة. أخذ غفوات خلال النهار يسلبك بعض النوم العميق الذي قد تحصل عليه ليلاً. وعندما تستيقظ من الغفوة، يكون عليك إعادة بناء دافع النوم الذي خسرته، ومن غير الراجح أن تتمكن من بناء دافع كافٍ لحصولك على نوم عميق في الوقت الذي تأوي فيه إلى فراشك في المساء. وعندما تحصل على قسط أقل من النوم العميق، فقد يبدو نومك أقل راحة، وربما تستيقظ في منتصف الليل.

تجنب النعاس (أي “الميل إلى الإغفاء”). للميل إلى الإغفاء والنعاس الآثار السلبية ذاتها التي يحدثها أخذ الغفوة، وينبغي تجنبهما. ولتستخدم النشاط – ويفضل النشاط الناتج عن الحركة الجسدية – والأضواء الساطعة للسيطرة على دافع النعاس. وإذا استطعت أن تطلب من شخص ما أن يوقظك إذا رآك نعسانَ، فلتفعل. وتجنب المواقف التي تزيد من احتمالية شعورك بالنعاس مثل مشاهدة التلفاز أو الأفلام في ضوء خافت، أو الاتكاء على الأريكة أو الكرسي في المساء.

كن نشطًا خلال النهار. تعد زيادة مستويات نشاطك جيدة لصحتك، وحالتك المزاجية، ونومك. والنشاط البدني يزيد من دافع النوم، ومن شأنه أن يزيد من النوم العميق. وإذا كنت يقظًا ولكنك غير نشيط أو مستريح غالب يومك، فقد تقل احتمالية قدرتك على نيل نوم عميق جيد.

قلل من تناول الكافيين أو امتنع عنه. نظرًا لأن الكافيين يعوق بناء دافع النوم وقد يقلل من جودة النوم، فلتقلل من تناولك له. ولا تستهلك أكثر من 250 ملي منه يوميًّا (فنجان القهوة الذي يزن اثنتي عشرة أوقية يتسع لأكثر من نصف هذا المقدار)، وحاول ألا تتناول أي شيء يحتوي على الكافيين خلال ست ساعات قبل موعد نومك. وإذا كانت لديك حساسية خاصة للكافيين، فقد تكون بحاجة إلى جعل تناوله قاصرًا على الصباح أو الامتناع عن تناوله تمامًا.

قلل من الوقت الذي تمضيه في الفراش

تعد هذه الاستراتيجية – أي “أن تظل في الفراش بقدر ما تنام”- من أكثر الطرق فعالية لنيل نوم أعمق. وعديد من الناس غير قادرين على تحديد كيفية البقاء في الفراش بقدر مدة نومهم؛ لأن مقدار النوم الذي يحصلون عليه يتفاوت من ليلة إلى أخرى، وقد يكون الفارق كبيرًا أحيانًا. ومفتاح تحديد مقدار الوقت الذي ينبغي عليك إمضاؤه في الفراش هو أن تكتشف متوسط عدد الساعات التي تمضيها في النوم. وعندما يُطْلَبُ من الناس تقدير متوسط عدد ساعات نومهم، يميلون إلى تذكر أسوأ لياليهم؛ لذا ما لم تكن هناك معلومات دقيقة، سوف يشكل سوء التقدير خطورة (وهي خطورة من شأنها أن تجلب عواقب سيئة على جهودك في تحسين نومك). ويمكن لمفكرة النوم رسم صورة أكثر دقة لأسلوب نومك.

الخطوة رقم 1: سجل نومك

أفضل طريقة لاكتشاف متوسط عدد ساعات النوم التي تنالها هي أن تدوِّن بضعة تفاصيل عن نومك كل صباح لمدة أسبوعين. وبوسعك استخدام مفكرة نوم. وعند تسجيلك للمعلومات الخاصة بنومك، كلما سارعت إلى كتابتها في النهار، كانت هذه المعلومات أكثر دقة؛ لذا حاول أن تعطي الأولوية لإتمام كتابة المعلومات في مفكرة نومك مبكرًا في الصباح. وقد تجد أن وضع مفكرة نومك وأحد الأقلام على منضدة السرير أو على منضدة الطعام يزيد من احتمالية كتابتك لتلك المعلومات باستمرار ودقة.

وافعل هذا الأمر بداية من الآن، أي واظب على تسجيل المعلومات في مفكرة نومك لمدة أسبوعين. وقد يكون لديك ميل إلى تخطي هذه الخطوة والاستمرار في القراءة، ولكن الطريق إلى تحقيق أفضل النتائج يبدأ بالحصول على معلومات دقيقة عن نومك. وفي الوقت ذاته، بمقدورك استخدام ما تعلمته لتهيئة الظروف لنيل نوم أفضل في المساء. ولتضع علامة هنا حتى الآن

الخطوة رقم 2: اكتشف مقدار الوقت الذي أمضيته في الفراش.

مرحبا بعودتك! والآن، ما هو متوسط الفارق بين الوقت الذي أويت فيه إلى الفراش والوقت الذي نهضت فيه عنه طوال الأسبوعين الماضيين؟ أي ما مقدار الوقت الذي أمضيته في الفراش؟ على سبيل المثال، إذا أويت إلى فراشك في الساعة العاشرة مساءً لمشاهدة التلفاز ثم نهضت عنه في السابعة صباحًا، فقد أمضيت تسع ساعات في الفراش. ولتتعرف على مقدار الوقت الذي كنت تمضيه في الفراش كل ليلة واجمع هذه الأوقات، ثم اقسم حاصل جمعها على عدد الأيام التي سجلت فيها نومك (أي اقسمها على العدد 14، إذا ظللت تسجله لمدة أسبوعين كما اقترحنا). وسوف يقدم لك هذا متوسط الوقت الذي كنت تمضيه في الفراش كل ليلة. وإمضاء تسع ساعات في الفراش ليس بالأمر الغريب. ورغم هذا، أكثر البالغين لا يستطيعون النوم لمدة تسع ساعات؛ لذا فإمضاء هذا الوقت الكثير في الفراش يجعل من الأرجح لك أن تظل مستيقظًا فيه، وأن تمضي القليل من الوقت في بناء دافع النوم خارج الفراش.

الخطوة رقم 3: اكتشف مقدار الوقت الذي أمضيته في النوم.

لتكتشف مقدار الوقت الحقيقي الذي أمضيته في النوم، فلتطرح مقدار الوقت الذي ظللت فيه مستيقظًا في الفراش من المقدار الكلي الذي أمضيته وأنت فيه. وعلى سبيل المثال، إذا ظللت في الفراش لمدة تسع ساعات واستغرقت ساعة لتنام، وأمضيت تسعين دقيقة مستيقظًا في منتصف الليل، ومكثت في فراشك لمدة ساعة بعد استيقاظك في الصباح (ربما حاولت في هذا الوقت العودة إلى النوم)، فإن مقدار الوقت الذي ظللت فيه مستيقظًا في فراشك هو ثلاث ساعات ونصف، ومن ثم يكون مقدار الوقت الحقيقي الذي أمضيته في النوم هو خمس ساعات ونصف. ولمعرفة متوسط مقدار الوقت الذي ناله جسدك من النوم، فلتحسب مجموع الأوقات التي أمضيتها في النوم كل ليلة من الليالي التي ظللت تسجلها، ثم اقسم حاصل جمعها على عدد الأيام التي سجلت فيها نومك (أي اقسمها على العدد 14، إذا ظللت تسجله لمدة أسبوعين كما اقترحنا).

الخطوة رقم 4: اكتشف مقدار الوقت الذي ينبغي عليك إمضاؤه في الفراش كل ليلة.

والآن، وبعد أن أنهيت حسابك لمتوسط مقدار النوم الذي يناله جسدك، يعد ناتج هذا الحساب هو الإجابة عن السؤال الخاص بمقدار الوقت الذي ينبغي عليك إمضاؤه في الفراش. ولجعل نظام دافع النوم لديك يعمل جيدًا لصالحك (بنيلك لنوم أكثر عمقًا وتواصلاً)، ينبغي عليك أن تظل في الفراش على قدر الوقت الذي ينامه جسدك عادة وحسب. وبوسعك أن تقرر أن تكون حازمًا وتستهدف البقاء فيه بقدر الوقت الذي حسبته من خلال الخطوة رقم 3، أو بوسعك – إن شئت – أن تضيف نصف ساعة أخرى؛ لحقيقة أنه حتى الناس الذين ينامون جيدًا يمضون بعض الوقت في الفراش وهم مستيقظون، وعادة ما لا يزيد هذا الوقت الإضافي على ثلاثين دقيقة. وعلى سبيل المثال، إذا كان متوسط مقدار الوقت الذي تمضيه في النوم هو خمس ساعات ونصف، فبوسعك إمضاء ست ساعات في الفراش كل ليلة؛ لكي يمكنك الحصول على مقدار النوم الذي كنت تحصل عليه في المتوسط. وإذا كان متوسط مقدار الوقت الذي تمضيه في النوم أقل من أربع ساعات ونصف، فلتتقدم وتمنح نفسك خمس ساعات؛ لأنك لو تتبعت نومك لمدة أطول من أسبوعين، فمن المحتمل أن يكون متوسط نومك هو أربع ساعات ونصف على الأقل. ونحن نوصيك أيضًا ألا تمضي أقل من خمس ساعات في الفراش؛ لكي تتفادى الإصابة بالأرق. ولتدوِّن هدفك على النحو التالي: ينبغي عليَّ ألا أمضي أقل من… ساعات في الفراش كل ليلة.

ما الفارق بين متوسط مقدار الوقت الذي كنت تمضيه في الفراش خلال الأسبوعين الماضيين وبين متوسط مقدار الوقت الذي أوصيناك به؟ ليس من الغريب أن يزيد الفارق بينهما على ساعة كاملة. وفي مثالنا السابق، لا يقل الفارق عن ثلاث ساعات. وكلما زاد الفارق، زاد بناؤك لدافع النوم في الليالي التالية.

الخطوة رقم 5: أنشئ جدولاً جديدًا والتزم به

عدد الساعات الذي حصلت عليه من الخطوة رقم 4 هو مقدار الوقت الجديد الذي ينبغي عليك إمضاؤه في الفراش كل ليلة من ليالي الأسبوع.

وإذا كان مقدار الوقت هذا هو ست ساعات، فربما يمكنك أن تضبط موعد نومك في الساعة الثانية عشرة مساء وموعد استيقاظك في الساعة السادسة صباحًا. ورغم هذا، لا تستخدم المقدار المثالي لبقائك في الفراش كعذر للنوم حتى وقت متأخر من الصباح إذا أويت إلى فراشك في وقت متأخر في الليلة السابقة، بل تمسك بموعد استيقاظك. وأنت ربما ظللت في فراشك لوقت أقصر في تلك الليلة، ولكن لا بأس؛ لأن هذا سيزيد من الضغط على دافع النوم لديك ليجعلك تنال نومًا أعمق في الليلة التالية.

وينبغي عليك أيضًا أن تلتزم بجدولك الجديد في كل ليلة حتى لو نلت قسطًا سيئًا من النوم في الليلة السابقة. وتذكر أنك تحاول أن تتيح لنظام جسدك تعويض أوقات النوم الضائعة بالحصول على مقادير أكبر من النوم العميق. وإذا استسلمت للميل المفهوم نحو إمضاء المزيد من الوقت في الفراش في صباح اليوم التالي لليلة التي لم تنل فيها قسطًا جيدًا من النوم، فسوف تبطل التأثير المنشود، ولن تنال حظك من النوم العميق. وفي الحقيقة، من الراجح أن تنام بتعمق أقل في الليلة التالية؛ لأنك ستكون قد أمضيت وقتًا أقل في بناء دافع النوم.

وإذا اتبعت هذه الوصية باستمرار، فسوف يترجم بناء هذا الدافع في النهاية ويتضح في صورة نوم أعمق. وتذكر دائمًا أنك لا تقلل من نومك باتباعك لهذه الوصية، بل تحد من الوقت الذي تمضيه مستيقظًا في فراشك؛ لكي يمكنك النوم بمزيد من الفاعلية والعمق.

هل أنت متردد في تقليل الوقت الذي تمضيه في الفراش؟

ربما تكون لديك مشاعر مشوشة حيال عادة النوم الجديدة هذه. ورغم هذا، ربما اقتنعتَ بالشرح العقلاني الذي قدمناه لك، بل ربما تكون متحمسًا لإمكانية حصولك على نوم عميق، وقد تشعر بالتوتر نحو إمضائك وقتًا أقل في الفراش. وعادة ما ينشأ هذا التوتر من خوفك من كونك إذا أمضيت وقتًا أقل في الفراش أن ينتهي بك الحال إلى نيل قسط أقل بكثير مما كنت تناله.

وهناك بضعة أمور ينبغي عليك تذكرها دائمًا. وأول هذه الأمور أن تقليل الوقت الذي تمضيه في الفراش ليس بالوصية التي ينبغي عليك اتباعها أبدًا. ونحن نوصيك – كلما تحسن نومك – بزيادة الوقت الذي تمضيه في الفراش رويدًا رويدًا (طالع العنوان التالي).

وثانيًا، أنت لا تعلم ما إذا كنت ستنام بقدر أقل أم لا. ولتختبر هذا على مدار الأسبوع التالي أو الأسبوعين التاليين، ثم انظر وحدد ما إذا كان متوسط مقدار النوم الذي توقعته صحيحًا أم لا. ومن المهم لك اتباع الوصية لمدة أسبوع واحد على الأقل لكي يمكنك اختبار توقعك؛ لأن مقدار النوم الذي تناله يختلف من ليلة إلى أخرى – وهذا أمر طبيعي – وقد تمضي بضعة أيام قبل أن يصير نومك أكثر عمقًا على نحو مستمر. وبعبارة أخرى، لا تقلق من حصولك على قسط قليل من النوم في الليالي الأولى؛ فمن الراجح أن يتغير هذا الأمر. وامنح نفسك بعض الوقت، ولا تيأس قبل أن تتاح للوصية فرصة النجاح.

وثالثًا، إذا تمسكت بتقليلك للوقت الممضى في الفراش، فقد تلاحظ أنك تصبح أكثر نعاسًا بحلول موعد النوم، وقد تجد صعوبة في البقاء يقظًا بعده، وهذه علامة على تزايد دافع النوم لديك. وإذا سارعت إلى تقبل هذا الأمر بدلاً من القلق بشأنه، فسرعان ما ستنال نومًا أعمق وعالي الجودة. وقد يستغرق حدوث هذا الأمر بضعة أيام، ولكنه سيحدث بالتأكيد. ورغم هذا، إذا أصبحت كثير النعاس بعيدًا عن الفراش، فإنه يتحتم عليك أيضًا أن تفكر بشأن سلامتك وسلامة الآخرين. وإذا كنت تشعر بكثرة النعاس، فلتراعِ اتخاذ الاحتياطات ذاتها التي تتخذها في حال تناولك للأدوية المهدئة، أي تجنب قيادة السيارات أو تشغيل الماكينات.

وأخيرًا، تحتاج هذه الإستراتيجية إلى الاتباع باستمرار؛ لكي تنجح. وإذا كنت قلقًا بشأن احتمالية حرمانك من النوم وتريد أن “تظل في دائرة الأمان” بأن تمضي المزيد من الوقت في الفراش في العطلات الأسبوعية، فسوف تضيع جهودك التي تبذلها خلال الأسبوع. ولن تحصل على فائدة إمضاء وقت أقل في الفراش في ليالي الأسبوع – أي زيادة النوم العميق – لأن دافع النوم لديك سيضعف بسبب سلوكك في عطلة الأسبوع. ولتفكر في الأمر التالي: إذا اتبعت نظامًا غذائيًّا طوال الأسبوع، ولكنك أفرطت في تناول الطعام خلال العطلات الأسبوعية، فهل ستخسر الكثير من وزنك أو أي قدر منه؟

واتباع جدول صارم هو أسرع طريق للحصول على نتائج، ولكنك إذا كنت ما زلت تشعر بأنك غير مستعد لإحداث هذا التغيير، فبوسعك إحداثه بمزيد من البطء وتوجيه توقعاتك نحو سرعة نجاح هذه الإستراتيجية. وتذكر القواعد الأساسية لتقليل الوقت الممضى في الفراش: لا تَأْوِ إلى الفراش مبكرًا، ولا تنم حتى وقت متأخر من الصباح التالي لتعويض أوقات النوم الضائعة.

زد من الوقت الذي تمضيه في الفراش

بمجرد أن يتحسن نومك بقدر عظيم وتشعر بكثرة النعاس في أثناء النهار، ربما ترغب في أن تزيد ببطء وقتك الذي تمضيه في الفراش. وها هي ذي بعض القواعد التي من شأنها أن توجهك في اتخاذ هذا القرار؛ فبوسعك اكتشاف “التحسن العظيم في النوم” بطرق عديدة. ومن هذه الطرق أن تسأل نفسك:هل أنا الآن راضٍ عن كيفية النوم التي أحظى بها؟ وهناك طريقة ثانية وهي أن تقارن نومك الحالي بنوم شخص ما ليست لديه مشكلات نوم. والشخص الذي لا يواجه مشكلات في النوم يميل إلى الاستغراق في النوم في غضون ثلاثين دقيقة من إيوائه إلى الفراش، ويمضي أقل من ثلاثين دقيقة مستيقظًا في منتصف الليل. وهذا يعني أنه بالنسبة للشخص الذي لا يعاني مشكلات نوم، تبلغ نسبة الوقت الممضى في النوم 85 -90% تقريبًا من الوقت الممضى في الفراش. وإذا كانت نسبتك الإجمالية هي 90% أو أعلى – أي إنك تنام كل الوقت الذي تمضيه في الفراش تقريبًا – فلتزد الوقت الذي تمضيه فيه طوال الأسبوع التالي بمقدار خمس عشرة دقيقة كل ليلة. ولك أن تختار بين ضبط جهاز تنبيهك بتأخير موعد استيقاظك بمقدار خمس عشرة دقيقة أو التبكير إلى الفراش بهذا المقدار ذاته من الوقت. وعلى نحو مشابه، إذا كنت معتادًا على إمضاء أكثر من ثلاثين دقيقة للاستغراق في النوم قبل أن تبدأ في تقليل وقتك الذي تمضيه في الفراش، ولكنك الآن تنام بسرعة أكبر من ذي قبل (في غضون خمس عشرة دقيقة أو أقل مثلاً في المتوسط)، فلتمنح نفسك خمس عشرة دقيقة أكثر.

ومن المهم أن تعلم أن عليك أيضًا زيادة الوقت الذي تظل فيه في فراشك إذا شعرت بقدر كبير من النعاس في أثناء النهار وكانت لديك مخاوف بشأن سلامتك. وعلى سبيل المثال، قد يحدث هذا إذا جعلت وقتك الجديد الذي خصصته للفراش مبنيًّا على تقدير بخس لمدة نومك، ومن ثم قللت من مقدار نومك غالبية الليالي، ولم تُمْضِ وقتًا كافيًا في الفراش. ورغم هذا، لا تخلط بين النعاس والإرهاق؛ فقد تكون مرهقًا لكن غير نعسان، أي إنك لا تغفو دون قصد عندما تكون خاملاً.

الخلاصة

يتناول هذا الموضوع كيفية بناء دافع أقوى إلى نوم عميق على نحو تفصيلي. وهو يؤكد على أهمية تقليل الوقت الذي تمضيه في الفراش، ويسلط الضوء أيضًا على فائدة زيادة نشاطك خلال النهار، والامتناع عن الإغفاء أو النعاس، والحرص في تناول الكافيين. واتباعك لنقاطنا التوجيهية الخاصة بتقليل الوقت الممضى في الفراش يمكنه أن يزيد بسرعة من دافعك إلى النوم؛ لمساعدتك على الاستغراق في النوم في غضون ثلاثين دقيقة، وإمضاء وقت أقل مستيقظًا في أثناء الليل. واستسلامك لدافع الإيواء إلى الفراش مبكرًا أو النوم حتى وقت متأخر من الصباح سوف يضعف من فعالية هذه الإستراتيجية. ولتتذكر النصائح التالية:

• يكون عقلك يقظًا أحيانًا لأن جسدك ليس مستعدًّا للنوم بعد.
• يمكنك تحقيق الاستعداد للنوم العميق بأن تقلل من مقدار الوقت الذي تظل فيه في الفراش ليتناسب مع مقدار الوقت الذي تنامه حاليًّا.
• أية محاولة لتعويض أوقات النوم الضائعة قد تحدث نتائج معكوسة؛ لأنها ستمنع جسدك من تعويضها طبيعيًّا.