أوّل ما قد يفكّر به الأهل لدى سماعهم هكذا احتجاج من ولدهم هو التالي: “يا إلهي! إنّ ولدي ابن الأربع سنوات لن يتعلّم أبداً حبّ القراءة!” أو “يجب أن يحب القراءة! فالأولاد جميعهم يحبونها!” ولكن من الممكن ألا يكون الولد راغباً في أن يقرأ له أحد القصص إما لأن لديه مشكلة في الجلوس والبقاء هادئاً وإما لأن الكتاب الذي اختاره له أهله لا يعجبه وإما لأن فيه ثمّة كلمات لا يمكنه فهمها وإما أخيراً لأنه يركّز على شيء آخر. لذا ينبغي على الأهل في هذه الحالة أن يبحثوا عن السبب الحقيقي لرفضه هذا.
بعض النصائح المفيدة
● ينبغي على الأهل أن يجعلوا من القراءة جزءًا لا يتجزّأ من برنامج ولدهم اليومي، فيعتاد هذا الأخير على ترقّب موعد قراءة القصص.
● ينبغي على الأهل أن يسعوا لأن يراهم ولدهم وهم يقرأون بمفردهم كل يوم، إذ إنهم قد يجعلونه بذلك يرغب القراءة.
● ينبغي على الأهل أن يحدّوا من أوقات مشاهدة ولدهم التلفزيون، كما وينبغي عليهم أيضاً أن يقترحوا عليه القراءة في حال كان يشعر بالملل وكان يريد أن يلهي نفسه بشيء.
● ينبغي على الأهل ألا يتذمّروا من ولدهم إن كان يطلب منهم أن يقرأوا له الكتاب نفسه كل ليلة، إذ إن الأولاد يجدون عزاءهم في الأمور المتكررة والثابتة؛ أما هم فينبغي عليهم أن يجدوا الطرق الملائمة التي تخوّلهم الحفاظ على اندفاعهم وحماستهم.
حديث الأهل لأنفسهم
ينبغي على الأهل ألا يقولوا لأنفسهم:
“أنا أكره واقع أنه لا يريدني أن أقرأ له القصص. فهو إن لم يتعلّم حبّ القراءة فلن يتمكن أبداً في المستقبل من دخول كليّة مهمّة وجيّدة”.
إن الأهل وبتعظيمهم النتيجة التي من شأنها أن تنجم عن معارضة ولدهم لهم فقد ينزعون بالتالي إلى المبالغة في ردود فعلهم حيال احتجاجات هذا الأخير ومعارضته لهم. وقد يجد الأهل أنفسهم هنا أمام خيارين إثنين: إما أن “يكرهوا” معارضة ولدهم لهم وهذا الخيار الأول؛ وإما أن تثير معارضته لهم “فضولهم” فيروحوا عندئذٍ يبحثون عن الأسباب الكامنة وراء هذه المعارضة وهذا الخيار الثاني. فاختيارهم ردّ الفعل الإيجابي من شأنه أن يساعدهم على حلّ المشكلة.
إنما يفترض بهم أن يقولوا لأنفسهم عوضاً عن ذلك:
“إن كان لا يريدني أن أقرأ له الآن فهذا لا يعني بالضرورة أنه لن يحبّ القراءة في المستقبل”.
ينبغي على الأهل أن يذكّروا أنفسهم هنا أنّ مسألة عدم اهتمام ولدهم بالقراءة ليست سوى مسألة آنيّة مؤقتة.
ينبغي على الأهل ألا يقولوا لأنفسهم:
“أنا أشعر حقاً بالألم عندما يقول لي إنه لا يريدني أن أقرأ له. فأنا أعلم أنه يسمح لأبيه بأن يقرأ له”.
ينبغي على الأهل ألا يعتبروا رفض ولدهم القراءة موجَّهاً ضدّهم شخصياً. فهو في الواقع عندما يرفض عرضهم بأن يقرأوا له، فهو لا يرفضهم شخصياً أنما يرفض عرضهم.
إنما يفترض بهم أن يقولوا لأنفسهم عوضاً عن ذلك:
“لن آخذ رفض ولدي على أنه موجّه ضدي شخصياً”.
ينبغي على الأهل، وعندما يرفض ولدهم موعد قراءة القصص، أن يحافظوا على أهدافهم البعيدة الأمد نصب أعينهم؛ هذا وعلماً أن أهدافهم هذه تتضمن تنمية حبه للقراءة، وتمضية بعض الوقت معه، وحثه على استخدام مخيّلته. وهم بالتالي سيرَون كيف أنّ أسلوبهم هذا سيخوّلهم التغلّب على رفض ولدهم هذا كما وسيحثّهم على الاستمرار في القراءة لولدهم.
ينبغي على الأهل ألا يقولوا لأنفسهم:
“إنه يغضبني كثيراً عندما يقول لي إنه لا يريدني أن أقرأ له”.
إن الأهل وبغضبهم هذا لن يزيدوا من اهتمام ولدهم وحبّه للقراءة. في الواقع إن رفض الولد ليس سوى مجرّد أمر محايد؛ ولكنّ ردّ فعل الأهل حياله هو الذي يحدد سواء أكان هذا الأمر إيجابياً أم سلبياً.
إنما يفترض بهم أن يقولوا لأنفسهم عوضاً عن ذلك:
“يمكنني احتمال هذه العقبة المؤقتة التي تعترضني في تعليمي ولدي حبّ القراءة”.
إن تأكيد الأهل قدرتهم على التغلّب على رفض ولدهم القراءة قد يخوّلهم التفكير بحلول إيجابية وفعّالة لمشكلتهم. في الواقع إنهم وبحفاظهم على هدوئهم يلمّحون لولدهم أنهم يحترمون آراءه ومشاعره حتى ولو كانت هذه الأخيرة مختلفة عن آرائهم ومشاعرهم.
ينبغي على الأهل ألا يقولوا لأنفسهم:
“إن كان لا يحبّ القراءة فستظنّ معلّمته أني لست أمّاً صالحة”.
إن الأهل وبقلقهم على شيء لا يمكنهم التحكّم به، كردّ فعل المعلّمة مثلاً، لن يتمكنوا من التركيز على مساعدة ولدهم على الإستمتاع بموعد قراءة القصص.
إنما يفترض بهم أن يقولوا لأنفسهم عوضاً عن ذلك:
“لن أقلق بشأن ما يظنّه الناس عني. فواجبي هو مساعدة ولدي لتعليمه حبّ القراءة”.
ينبغي على الأهل أن يركزوا على مساعدة ولدهم لينموا فيه حباً حقيقياًً للقراءة، لا على كيفيّة إرضاء الغير.
حديث الأهل إلى أولادهم
ينبغي على الأهل ألا يبالغوا في ردود فعلهم بقولهم:
“ماذا دهاك؟ لماذا لا تريدني أن أقرأ لك؟”
ينبغي على الأهل ألا يفترضوا أن ولدهم يعاني من خطبٍ ما لمجرّد أنه لا يريد القيام بشيء معيّن، إذ إنهم بذلك سيعلّمونه أنه من الخطأ أن يعارضهم. إنما يفترض بهم أن يسألوه عن سبب عدم حبّه للقراءة فيتمكّن من الدفاع عن نفسه.
إنما يفترض بهم أن يدعوه إلى التغذية الإسترجاعية بقولهم:
“ساعدني لمعرفة لماذا لا تحبّني أن أقرأ لك”.
إن الأهل وبدعوة ولدهم إلى التغذية الإسترجاعية قد يتمكنون من تغيير أسلوبهم في التعاطي معه ومع مشكلته؛ الأمر الذي من شأنه أن يزيد من إمكانية الولد على تقبّل المقترحات المعروضة عليه بعطف وانفتاح ذهني.
ينبغي على الأهل ألا يذنّبوا ولدهم بقولهم:
“لقد أخذت فترة استراحة قصيرة خصيصاً لكي أقرأ لك، وإذا بك لا تريدني أن أفعل. ما المشكلة؟”
إن الأهل وبتذنيب ولدهم لن يعلموه على التعاون معهم، إنما سيعلمونه على العكس أن يكبت مشاعره علماً منه أنهم لن يتقبّلوا تعبيره الصريح لهم عن حقيقة آرائه ومشاعره.
إنما يفترض بهم أن يعقدوا معه إتفاقيّة بقولهم:
“إن سمحت لي بأن أقرأ لك إلى أن ترنّ الساعة فقد يصبح بإمكانك عندئذٍ أن تلعب بألعابك”.
ينبغي على الأهل أن يحترموا برنامج ولدهم إنما مع حثّه في الوقت نفسه على اتّباع برنامجهم. فالأهل يريدون أن يقرأوا له القصص، في حين أنه يريد أن يلعب. في الواقع، إن قاعدة الجدة تخوّل الولد القيام بما يريد القيام به إنما بعد أن يكون قد فعل ما طلبه أهله منه.
ينبغي على الأهل ألاّ يتوجهوا إلى ولدهم بصيغة الأمر بقولهم:
“إن القراءة مهمّة، وسأقرأ لك شئت أم أبيت”.
إن الأهل وبإرغام ولدهم على الإصغاء إليهم وهم يقرأون له لن ينمّوا فيه حباً للقراءة. في الواقع، لا أحد يحب أن يُحشر في الزاوية، لذا ينبغي على الأهل ألا يفعلوا ذلك بولدهم.
إنما يفترض بهم أن يتصرّفوا معه بإيجابية بقولهم:
“لقد استمتعنا كثيراً بقراءتنا هذا الكتاب ليلة أمس، وظننت أنه قد يكون من المسلّي أن نقرأه مجدداً”.
إن الأهل وبتذكير ولدهم بمدى استمتاعهم بالقراءة معه قبل حثّه على القراءة مجدداً يحثونه على القراءة. في الواقع، إن موقف الأهل الإيجابي حيال الأمور قد يحثّ الولد على التعاون معهم.
تأليف: جيري وايكوف و باربرا أونيل