” لازلت في الشهور المبكرة من الحمل ومع هذا فقد تحولت من قمة النشاط إلى قمة الكسل والخمول، أصبحت أشعر بتعب شديد، ولم أعد أستطع إرغام نفسي على ممارسة أي نوع من التمارين الرياضية، وإن كنت أتمنى ذلك بشدة”
التمارين الرياضية خلال الحمل مفيدة لك ولطفلك، وهذا ما أكرره دائما لأولئك الذين لا زال لديهم بعض الشكوك. بطبيعة الحال لا يمكنك ممارسة التمارين الرياضية في حال وجود مخاطر كبيرة من حدوث إجهاض أو أي مضاعافات أخرى خلال فترة الحمل وعليك الرجوع لطبيبك في ذلك. ولكن إذا كان حملك طبيعيا، فمن المفترض أن تكوني قادرة على ممارسة التمارين الرياضية والتي وبدون شك ستفيدك كثيرا.
قد تندهشين حين تعلمين عدد النساء اللواتي يتوقفن عن ممارسة التمارين الرياضية فور اكتشاف الحمل. والأسوأ من ذلك، أن الكثير من السيدات يتلقين الكثير من النصائح من الأقارب والأصدقاء بضرورة التوقف عن ممارسة التمارين الرياضية خلال فترة الحمل. فهل تعلمين أن تلك النظرية التي تقول أن المرأة تكون ضعيفة جدا لتقوم بممارسة التمارين الرياضية خلال فترة الحمل أو أن التمارين الرياضية ” تشكل خطورة على الجنين” هي نظرية قديمة جدا. ذلك أن الدراسات الحديثة تشير إلى أن المرأة الحامل “حملا طبيعيا” بإمكانها، بل وينبغي عليها ممارسة التمارين الرياضية.
لماذا يجب عليك ممارسة التمارين الرياضية؟
لا شك أنك تعلمين الكثير جدا عن “فوائد ممارسة التمارين الرياضية” بشكل عام، ولكن سأذكر لك هنا بعضا من أهم الفوائد التي ستعود عليك من ممارستها خلال فترة الحمل. الأمر الذي سيشجعك على ترك الكسل و الراحة والبدء فورا بممارسة الرياضة.
إليك الفوائد التي جعلتني أرغب بأداء التمارين الرياضية خلال فترة الحمل:
– ممارسة التمارين الرياضية تقلل من احتمالات اكتساب وزن إضافي غير ضروري.
– ممارسة التمارين الرياضية تعمل على الحفاظ على توازن السكر في الدم، مما يقلل احتمالات حدوث الرغبة الشديدة في الطعام أو تقلب المزاج.
– ممارسة التمارين الرياضية تعزز اللياقة والمرونة التي ستحتاجينها بشكل كبير وقت الولادة.
– ممارسة التمارين الرياضية تقلل من احتمالات حدوث أي مضاعفات للحمل مثل ارتفاع ضغط الدم أو انحباس الماء وغيرها.
– ممارسة التمارين الرياضية ستشعرك أنت وطفلك بشعور جيد.
كيف تختارين التمارين الرياضية الآمنة والصحية
بدلا من سؤال نفسك ” هل يجب علي ممارسة التمارين الرياضية ” عليك أن تسألي ” ما هي التمارين الرياضية، وأين يجب أن أمارسها، ومتى يجب أن أمارسها؟ ”
إن أهم ما ينبغي عليك معرفته هو أن نوعية التمارين الرياضية التي تختارين القيام بها خلال فترة الحمل يجب أن تكون استمرارا لما كنت تقومين به من تمارين قبل فترة الحمل. وقد رأيت في أحيان كثيرة أنه وبسبب خشية بعض النساء من زيادة الوزن عندما تعلم بالحمل فإنها تبدأ برنامجا مكثفا لممارسة التمارين الرياضية. ولا شك أن الأمور لا ينبغي أن تجري بهذه الطريقة.
دعيني أذكر لك مثالا، كنت أقوم بممارسة رياضة الجري لفترة طويلة قبل حملي للمرة الأولى. بل إن حملي حدث بعد ثلاثة أشهر فقط من مشاركتي في ماراثون لندن. ولك أن تتخيلي، فقد كان جسدي معتادا على رياضة الجري وكانت لياقتي تساعدني على الاستمرار في ذلك خلال فترة الحمل. وعلى الرغم من تباطؤ سرعتي وقوتي إلا أني كنت قادرة على الجري أو ” الهرولة ” طوال فترة الحمل. ومع هذا ففي فترة حملي الثاني لم أخاطر بفعل ذلك فقد كنت وقتها متوقفة تماما عن الجري ولفترة طويلة، فلم تكن رياضة الجري في رأيي هي الرياضة المناسبة لي في ذلك الوقت.
ما أرغب بتوضيحه هنا هو أنه يجب أن يكون اختيارك للتمارين الرياضية التي ستقومين بها في فترة الحمل مبنيا على نوعية التمارين الرياضية التي كنت تمارسينها قبل فترة الحمل. وبدون شك عليك التخفيف من حدة التمارين حتى تتناسب مع جسمك أثناء الحمل ومع مستوى الإجهاد والتعب الذي تشعرين به.
أما إذا كنت لم تجربي ممارسة التمارين الرياضية قبل الحمل وترغبين بممارستها خلال فترة الحمل فلا يزال ذلك ممكنا. ولكن عليك البدء برفق شديد ولتكن التمارين الرياضية التي تختارينها خفيفة وسهلة. وربما يكون من الأفضل لو استعنت بمدرب شخصي متخصص بالتمارين الرياضية للمرأة خلال فترة الحمل.
من ناحية أخرى، هناك العديد من النساء الحوامل اللواتي يكتفين بأداء التمارين الرياضية التي تنشط الدورة الدمويه. فعلى سبيل المثال، يخترن القيام بالمشي أو السباحة فقط طوال فترة الحمل. وليس هناك شك أن هذه الأنشطة ممتازة جدا لتنشيط الدورة الدموية، ولكن علينا ألا ننسي أيضا حاجة العضلات للتمرين. وأقصد بذلك ممارسة التمارين الرياضية التي ترتبط بالعضلات مثل تمارين حمل الأثقال الخفيفة، أو تلك التمارين التي تعتمد على ثقل الجسم مثل تمارين اليوجا والبيلاتس والتاي شي. فمن المهم جدا أن تحافظي على عضلاتك لينة وقوية ليس فقط لأن ذلك سيساهم في الحفاظ على وزنك خلال الحمل وما بعد الحمل ولكن لأن ذلك سيساعدك أيضا وقت الولادة وما بعدها عندما تحملين طفلك بين ذراعيك.
أين ستمارسين التمارين الرياضية؟
إذا كنت ستقتصرين على ممارسة التمارين الرياضية في النادي الرياضي فأنت إذاً تعطين جسدك أقل مما يحتاجه من التمارين الرياضية. ذلك أن الذهاب إلى النادي الرياضي بانتظام ليس بالأمر الميسر في كل الأحوال، وسيكون أصعب عندما يثقل حملك وتكونين متعبة. صحيح أن ممارسة التمارين في النادي الرياضي أفضل (خاصة عندما يتواجد مدرب شخصي يقوم بعملية التحفيز) ولكن يمكنك أيضا ممارسة التمارين الرياضية والأنشطة في أماكن أخرى فتزيد بذلك فرصتك في الاستمرار على أداء التمارين بشكل منتظم.
على سبيل المثال، يمكنك تعلم بعض التمارين الخفيفة لحمل الأثقال ثم ممارستها في المنزل، أو بإمكانك الالتحاق بدروس لتعلم اليوجا أو الذهاب للسباحة بعد ساعات العمل.. الخ. وكلما كانت التمارين التي تمارسينها متنوعة كلما كان ذلك أكثر فائدة لجسدك وكلما تمتعت بشعور أفضل. وحتى لو أوقفت سيارتك في مكان بعيد وقمت بالمشي الى مركز التسوق أو غيره من الأماكن (أو حتى المشي في داخل مركز التسوق) فإن ذلك يعد بمثابة ممارسة جيدة للرياضة.
أما إذا كنت تشعرين بالحرج من مظهرك وتفضلين ألا تقومي بممارسة التمارين الرياضية في الأماكن العامة، فيمكنك الاستعانة بمدرب شخصي يحضر للمنزل، أو القيام بتنظيم جلسات لليوجا في المنزل يشاركك فيها بعض الاصدقاء أوالأقارب.
متى يجب أن تقومي بممارسة التمارين الرياضية؟
حتى تعرفي مالذي أعنيه بهذا السؤال، أرجو أن تعودي لقراءة الفقرات الأولى من هذا الموضوع. كلنا يعلم أن فترة الحمل ليست بالفترة القصيرة وبناءا على ذلك، فإن رغبتك في ممارسة الرياضة أو الطاقة التي تحتاجينها لممارسة الرياضة ستختلف من وقت لآخر خلال شهورالحمل التسعة.
ومن خلال تجربتي الشخصية، أريدك أن تعلمي أن مشاعرك تجاه ممارسة التمارين الرياضية عندما تكونين في فترة الحمل لن تكون ثابتة. فقد تأتي عليك أيام وحتى أسابيع لا ترغبين وأحيانا لا تستطيعين ممارسة التمارين الرياضية. وما أود أن أقترحه عليك والذي سيفيدك حتما هو أن تحاولي باستمرار التخطيط مسبقا لما تودين القيام به من التمارين الرياضية.
فأنا مثلا كان يصعب علي ممارسة التمارين الرياضية في الفترة ما بين الأسبوع الثامن والأسبوع الرابع عشر من الحمل، والسبب الرئيسي هو أن شعوري بالتعب خلال تلك الفترة كان في ذروته. ولكن لا يعني ذلك أنك أنت أيضا ستمرين بنفس الوضع، فقد رأيت الكثير من السيدات ممن استطعن الاستمرار في ممارسة التمارين الرياضية طوال فترة الحمل. وحتى أنا وخلال تلك الفترة المتعبة استطعت القيام ببعض جلسات من التمارين الرياضية الخفيفة بصرف النظر عن الإرهاق الذي كنت أعاني منه. وسأتحدث لاحقا عن كيف تتخذين قرارا بالقيام بالتمارين الرياضية أو التوقف عنها.
أفضل الفترات لممارسة التمارين الرياضية ربما تكون خلال الثلث الثاني من الحمل عندما تكونين بحال أفضل وتصبح التمارين نوعا ما أكثر سهولة. أما الثلث الأخير من الحمل فسيكون أكثر صعوبة بسبب انتفاخ البطن وزيادة الوزن. ومع هذا لايزال بإمكانك ممارسة بعضا من التمارين الرياضية المعتدلة. وبالطبع ستتمكنين من ممارسة التمارين الرياضية بشكل أفضل عندما تقومين بالتخطيط لها وجعلها ضمن أولوياتك.
اختاري التمارين الرياضية بذكاء
إن قرار ممارسة التمارين الرياضية من عدمها خلال فترة الحمل يعود إليك وحدك، ودوري هنا هو إمدادك ببعض النصائح التي ستفيدك في حال قررت ممارسة التمارين الرياضية خلال شهور الحمل:
● اختاري التمارين التي تستمتعين بممارستها – فليس هناك جدوى من إرغام نفسك على ممارسة تمارين لا تحبينها. حاولي البحث عن تلك التمارين التي تشعل فيك الحماس والرغبة في ممارستها. يمكنك أن تجربي أنواع مختلفة من التمارين والأنشطة ويمكنك أيضا تغير المدربين وعدم الإقتصار على مدرب واحد.
● انتبهي للمؤشرات التي تظهر على جسمك – هناك نظرية تقول أنك إذا كنت حاملا وتقومين بممارسة التمارين الرياضية فإن دقات القلب يجب ألا تزيد عن 140 دقة في الدقيقة لأكثر من عشرين دقيقة في كل مرة. وعلى الرغم من أن هذا الرقم ليس من السهل الوصول إليه، إلا أنه وخلال فترة الحمل تكون دقات القلب سريعة لذا فإنها قد تصل لهذا الرقم أحيانا. بالنسبة لي، فقد كان من المستبعد جدا أن تصل دقات قلبي إلى 140 دقة في الدقيقة ولمدة عشرين دقيقة متواصلة. فقد كنت أشعر بالتعب بشكل أسرع وأخفف من التمارين التي أقوم بها. وربما يكون من المفيد أن تقومي بالاستعانة بجهاز لرصد دقات القلب أثناء أداء التمارين الرياضية. ومع ذلك عليك أيضا أن تراقبي العلامات الأخرى التي قد يعطيها جسدك مثل الشعور بألم موضعي أو صعوبة في التنفس أو شعور بعدم الراحة لأي سبب آخر.
● خذي فترات راحة متكررة وتأكدي أنك تتنفسين بشكل طبيعي طوال الوقت – ربما يكون ذلك في نظرك أمرٌ مفروغ منه ولكن قد تندهشين لو علمت أن الكثير من الناس لا يتنفسون بشكل طبيعي خلال اليوم وليس فقط خلال التمارين الرياضية. التنفس الطويل والعميق يساعد على التأكد بأن هناك ما يكفي من الاكسجين كي يصل إلى خلايا جسمك وإلى جنينك.
● خففي حدة التمارين – عندما تكونين حاملا تكون عضلاتك أكثر استرخاءا (كي تسمح لجسدك بالتمدد) لذا عليك ان تكوني حذرة من الإفراط في تمارين التمدد. ولا تقومي بممارسة أيا من تمارين التمدد القاسية. وانتبهي إلى أن عضلات البطن تتمدد بمعدل أكبر مقارنة بالعضلات الأخرى (بالنسبة للبعض قد تكون عضلات البطن منفصلة في الوسط) لذا قد تشعرين ببعض التجاذب والتمدد في منطقة البطن، وهو أمر طبيعي. كل ما عليك هو التعامل مع الأمر ببساطة خلال تلك المرحلة.
● بالنسبة لي، فإن أكثر فترة شعرت فيها بالتمدد والتجاذب كانت هي الفترة من الأسبوع الثالث والعشرون إلى الأسبوع السادس والعشرون من الحمل، كما أن عضلات بطني كانت منفصلة خلال فترات حملي الثلاث، حتى أنه كان بإمكاني الشعور بالفجوة في عضلات بطني بعد الولادة. ولكن لاتقلقي من ذلك حيث أنها تعود إلى طبيعتها بعد حوالي ست أسابيع من الولادة.
● إجعليها أولوية وخططي للقيام بها – إذا انتظرت الوقت المثالي للقيام بممارسة التمارين الرياضية، فإن هذا الوقت قد لا يأتي مطلقا. لذا أنصحك بالتخطيط لذلك على مدار الأسبوع وحاولي الإلتزام بالجدول الذي تضعينه قدر استطاعتك. وبالطبع عليك أيضا الإنتباه لحالة جسدك، ولكن حتى في الأوقات التي تكونين فيها متعبة بإمكانك أداء بعض التمارين الخفيفة بدلا من إلغاءها بشكل كامل. التخطيط هو المفتاح للقيام بالتمارين المهمة والالتزام بها، وفي نهاية المطاف سيعود عليك ذلك الجهد بالكثير من الفائدة.
● تناولي الطعام المفيد – إذا كنت تقومين بممارسة التمارين الرياضية فتأكدي أن العناصر الغذائية في نظامك الغذائي تتماشى مع احتياجاتك ومع الجهد الذي تبذلينه في ممارسة الرياضة. تأكدي من اختيارك للأطعمة والأشربة المناسبة وتناولي كميات إضافية من السوائل في الأيام التي تمارسين فيها الرياضة حتى تتجنبي الإصابة بالجفاف.
● قومي بالبحث – إذا كنت غير متأكدة ما إذا كانت التمارين الرياضية مناسبة لك أو لا فقومي بالبحث. هناك الكثير من الكتب و المواقع الالكترونية وخبراء الصحة الذين قد يساعدوك في انتقاء التمارين الرياضية التي تناسبك خلال فترة الحمل.
تمرين قعر الحوض
إذا كنت قد قرأت عن التمارين الرياضية خلال فترة الحمل، فربما تكونين قد قرأت عن تمرين قعر الحوض Pelvic Floor Exercises، وهي ليست من التمارين الاعتيادية. وما يقصد بهذا التمرين هو القيام بعملية متكررة من الإرخاء والشد للعضلات الخاصة بقعر الحوض. هذه العضلات هي نفسها العضلات التي تحتاجينها عندما تريدين التحكم في إخراج البول. وبشكل أساسي هي تلك العضلات الموجودة في منطقة الشرج والمهبل. فإذا ما تمكنت من تقوية هذه العضلات، فإنها ستساعدك عند الولادة علاوة على مساهمتها في التعافي السريع بعد الولادة.
والشيء الجيد في هذا التمرين هو أنك لا تتعرضين للتعرق. فكل ما عليك القيام به هو شد العضلات وإرخائها في تلك المنطقة. إضافة إلى أنه يمكنك القيام بهذا التمرين في أي وقت وفي أي مكان. فمثلا بإمكانك القيام به أثناء جلوسك في مكتبك أو أثناء قيامك بغسل الصحون أو حتى اثناء تنظيفك لأسنانك. وكلما قمت بهذا التمرين بشكل أكبر كلما كانت الفائدة التي ستعود عليك أكبر.
وقد قمت أنا بهذا التمرين لمرات عديدة خلال فترات حملي الثلاث. وإن كنت لا أستطيع أن أجزم بالفوائد المباشرة من ممارستي لهذا التمرين. إلا أنه كان له أثر كبير في تسريع عملية الشفاء من الغرز التي خضعت لها في منطقة العجان أثناء ولادتي بطفلي الأول. إضافة إلى عدم معاناتي من كثير من الأعراض التي تعاني منها كثيرا من النساء بعد الولادة مثل سلس البول عند الضحك أو السعال. ومع الوقت تساعدك قوة عضلات هذه المنطقة في المشي الصحيح، استقامة العمود الفقري وحتى شد عضلات الرجل والبطن. وبإمكانك مواصلة هذه التمارين حتى خارج أيام الحمل.