التصنيفات
صحة المرأة

طرق تخفيف ألم المخاض وتسريع الولادة

” كلما قرُب موعد ولادتي، كلما ازددت قلقا وتوترًا بشأن المخاض، كيف سيبدأ؟ كيف سأستطيع تحمل الآلام؟ هل يا ترى سيكون كل شيئ على ما يرام؟ ”

مخاوف الولادة

أنا في الشهر الأخير من الحمل وبطني أكبر ما يمكن أن تكون، والشيئ الوحيد الذي أفكر فيه ويشغل ذهني ليل نهار هو المخاض. فعلى الرغم من أني قد أنجبت مرتين قبل ذلك، إلا أن كل حمل كان يختلف عن الآخر وكل مولود اختار الخروج للدنيا بطريقته.

إليك بعض الأمور التي كانت تدور في ذهني خلال الأيام الأخيرة من الحمل:

  • ماذا لو عجزت عن تحمل الألم؟
  • ماذا لو أن الجنين لم ينزل واحتجت لإجراء عملية قيصرية؟
  • ماذا لو كنت غير مستعدة، حتى أني وللآن لم أقم بتدوين ما أود فعله استعدادا للولادة؟
  • ماذا لو حدثت لي ولادة مبكرة أو تأخر موعد ولادتي عن الموعد المفترض؟
  • كيف سيكون شعوري عندما اضطر للبقاء في المنزل مرة أخرى مع مولود جديد، وأرى أمامي حياتي المليئة بالأنشطة تنكمش إلى مجرد تغيير الحفاظات وإرضاع المولود؟
  • كيف سأتعامل مع الإجهاد وقلة النوم، كيف يمكنني الإرضاع مرة أخرى؟
  • هل سأتذكر كيف أقوم برعاية طفل حديث الولادة؟

ماذا لو.. ماذا لو… ماذا لو.. الكثير من الأسئلة… وحده الوقت كفيل بالإجابة عليها.

إذا كانت مثل هذه المخاوف أو غيرها تدور في ذهنك، فاطمئني لأن أكثر الأشياء التي تقلقنا لا تحدث أبدا وفي كثير من الأحيان يفضل تجاهلها وعدم القلق بشأنها. وتذكري أنك مهما فكرت في هذه الأمور فإنك لن تستطعي التحكم فيها. سيولد طفلك عندما يحين موعد خروجه وسيكون جسدك عندها على أتم استعداد للقيام بعملية الولادة.

أما بالنسبة لي فقد كنت أركز على نظام غذائي صحي قدر الإمكان خلال الأسابيع الأخيرة من الحمل والتي تسبق الولادة مباشرة لأني على يقين بأنه سيكون عونا لي على القيام بالمهمة الشاقة التي تنتظرني. وفي نفس الوقت حافظت على النظرة الإيجابية للوضع كله وهو أمر مهم للغاية مما ساعدني كثيرا على تخطي مرحلة المخاض والولادة بسلام. كنت أكرر لنفسي: ” سيكون الوضع على ما يرام، ستكون الولادة سهلة، وسيكون الطفل بخير، وستمر مرحلة الولادة كلها بسلاسة.”

كما أني أؤمن تماما أن الله قد هيأ جسد المرأة بحيث تستطيع القيام بما هو مطلوب منها أثناء الولادة على الوجه الأكمل. ولا يخفى على الجميع أن الاستعداد النفسي للمرأة يلعب دورا كبيرا في الخروج بتجربة الولادة إلى بر الأمان. كما أن التصورات السلبية المسبقة عن الولادة والخوف الشديد من الألم، وتصور الأمر بشكل مرعب سيكون له انعكاس سلبي على التجربة ككل. وسأتحدث عن ذلك لاحقا، أما الآن، أريد أن أقول بضع كلمات لأولئك اللواتي يردن الولادة على عجل…

طرق تسريع الولادة

” في الشهور الأخيرة عندما يصبح حملي ثقيلا وتصبح حركتي بطيئة، ونومي غير مريح ونفسي يتقطع من صعود درجات قليلة، أتمنى خروج الطفل للدنيا بأسرع وقت ممكن. ثم وبعدما يولد الطفل أقول في نفسي ” لم كنت بهذه العجلة لخروج الطفل” ألم تكن حياتي أسهل بكثير عندما كان في داخل بطنى وليس خارجها”

وقد كنت أمازح إحدى صديقاتي وهي في شهرها الأخير من الحمل فأقول لها: إنه من السهل التعامل مع الطفل حين يكون داخل بطنك، على الأقل لن تحتاجي لإطعامه أو تغيير ملابسه، ولن تسمعي بكاءه، وستنامي وأنت متأكدة أنه ينعم بنوم هادئ وفي مكان آمن داخل رحمك.. لن تصدقي ذلك حتى يكون طفلك بين يديك فتشعرين أن فترة الحمل كانت أسهل بكثير من تحمل المسئوليات الجديدة التي وقعت على عاتقك بعد ولادة الطفل (كان هذا شعوري).

سترادوك مشاعر متضاربة عند اقتراب موعد الولادة، ففي أوقات ستشعرين بالإبتهاج وتتفجر فيك مشاعر الأمومة بشكل كبير، وفي أوقات أخرى لن تفكري إلا في ثقل جسمك وما يسببه لك من قلة الراحة، وستمر عليك فترات تشعرين فيها أن جسدك لم يعد هو جسدك وأن حياتك اليومية لم تعد ملكك.

على العموم إذا كنت واحدة من هؤلاء النسوة اللواتي “يردن فقط خروج الطفل” سأذكر لك بعض الوسائل التي تساعد على التعجيل بولادة الطفل. مع الأخذ في الإعتبار أن الولادة تحدث عندما يكون الطفل جاهزا للخروج ويكون جسدك مستعدا للقيام بذلك… إليك بعض الوسائل التي يمكنك تجربتها:

● ممارسة الرياضة تساعد كثيرا على تسريع الأمور. ولا شك أن المشي هو أنسب رياضة تقوم بها المرأة في شهرها الأخير من الحمل. فأنا مثلا كان لمحافظتي على ممارسة المشي أثر كبير في بدء تقلصات الولادة وأيضا في قدرتي على التعامل مع هذه التقلصات.

● استخدام شاي أوراق التوت فهي معروفة بدورها الكبير في تحقيق الاسترخاء إضافة إلى تليين عضلات الرحم وتهيأته للولادة. ويمكنك البدء بتناولها قبل 12 أسبوعا من التاريخ المتوقع للولادة. وإن كنت أنا أكثر تحفظا فقد تناولتها قبل أسبوعين فقط من موعد ولادتي، وقد أفادتني كثيرا.

● زيت زهرة الربيع المسائية مفيد أيضا في تجهيز عنق الرحم لعملية الولادة، بإمكانك تناوله في الشهر الأخير من الحمل، على شكل كبسولات أو على شكل زيت.

● أما أقدم طريقة للتسريع بالولادة فهي ممارسة العلاقة الجنسية، ذلك أن ممارسة الجماع قرب موعد الولادة يحفز تقلصات الرحم، ويقوم السائل المنوي بتليين منطقة عنق الرحم ويجعلها مهيأة للولادة. وقد يفيد أيضا تنشيط حلمة الثدي في تعجيل الولادة لبعض السيدات.

● الاسترخاء. هناك اعتقاد خاطئ لدى بعض النساء أنها كلما مارست الكثير من الأنشطة وكلما بذلت جهدا أكبر في ما تقوم به من مهام روتينة كلما كان ذلك سببا في تعجيل الولادة، والعكس هو الصحيح. فاسترخاء الجسد والذهن يفعل العجب في التعجيل بالولادة. فأنا مثلا، كنت أشعر بقلق شديد وأنا أنتظر موعد ولادة طفلي الثاني، وأذكر أني أخذت على نفسي عهدا بأن أسترخي، وقررت ألا أفعل شيئا سوى الراحة فاستيقظت ذات صباح وأخذت حماما دافئا وحاولت أن أعمل على استرخاء كل خلية من جسدى، فكان ذلك سببا في ولادتي تلك الليلة.

● ” الحديث مع الجنين”. قد يبدو الأمر غريبا للبعض، ولكن من المعروف أن الجنين قد يلتقط خوف الأم من الولادة فيختارالبقاء داخل الرحم حيث يشعر أن الوضع أكثر أمانا. لذا حاولي التخفيف من المخاوف التي تشعرين بها بالحديث مع جنينك وخاصة إذا كنت قد تجاوزت الموعد المتوقع للولادة. حدثي جنينك أنه لا بأس من خروجه للدنيا، قولي له أنك تشتاقين لحمله بين يديك وأن الجميع كذلك يرغب في رؤيته، قولي له أنك فخورة به لأنه لم يتعبك خلال الحمل وأنكما ستتعاونان معا كي يخرج هو بسلام. متى ما شعر الطفل أن التوتر الذي تعاني منه الأم قد تلاشى يختار التعاون للخروج.

استعادة أحداث الولادات السابقة

” لقد قرأت كل ما استطعت الوصول إليه من الكتب والمجلات والمقالات التي تتحدث عن المخاض وآلام الولادة، وأشعر أني مستعدة لهذ المرحلة”

على الرغم من قراءتي للعديد من كتب الحمل والولادة وسماعي للمئات من تجارب الولادة من كثير من الأمهات، فلا زلت أجهل كيف سيكون الأمر عند بدء المخاض والولادة. لم أكن لأفهم المقولة التي تقول “كل شخص يختلف عن الآخر وكل حمل لا نظير له” إلا بعد أن أنجبت أطفالي. عليك أن تعلمي أن ما حدث لأختك أو لقريبتك أو حتى لأمك خلال فترة الحمل والولادة ليس بالضرورة أن يتكرر معك. ذلك أن تجربة المخاض والولادة هي تجربة فردية ولا يمكن بحال من الأحوال التنبؤ بما قد يحدث فيها. لذا فإن أخذ هذا الأمر في الاعتبار يساعد على وضع حد لتوقعات الأمهات الجدد ويقلل من معدل خيبة الأمل الذي قد يشعرن به عندما لا يسير المخاض أو الولادة وفقا لما يرغبن أو لما كن يتوقعنه.

ومن ناحية أخرى عليك ألا تجعلي من تلك القصص التي تسمعينها من كثير من الأمهات نموذجا لما قد يحصل لك أثناء المخاض والولادة. ويدهشني حقا كيف تتبرع بعض السيدات برواية تجربتها المرعبة في الولادة وهي ترى أمامها سيدة في شهرها الأخير من الحمل وستصبح أماً للمرة الأولى! لذا عليك الإنتباه من تركز المخاوف في عقلك اللاواعي بسبب سماعك لمثل هذه التجارب السلبية. ولا بأس أن تتحدثي عن مخاوفك من الولادة لمن تثقين برأيهم، وابحثي في الخيارات المتاحة أمامك وانظري للأمر بنظرة إيجابية.

التعامل مع آلام المخاض

” لا أعرف كيف سأتعامل مع الألم لأني لا أعرف أي نوع الألم ذلك الذي سأتعرض له”

كيف أستعد لشئ لا يمكنني تصوره أو تخيله؟ هل يمكنني استنساخ ذلك الألم حتى أعلم نفسي طريقة التأقلم معه؟ هذه بعض الاسئلة التي سألتها لنفسي والتي تدور حول الاستعداد للمخاض والولادة.

خلال بحثي المحموم عن إجابات، عثرت على كتاب تتحدث فيه الكاتبة عن تجربتها الشخصية في التعامل مع آلام المخاض. وفي ذلك الكتاب استخدمت المؤلفة تشبيها رائعا. فقالت إن التعامل مع الألم يشبه السباحة في بحر من الأمواج العاتية، إذا حاولت السباحة فوق الأمواج ستنهكين نفسك وغالبا ما تكونين عرضة لأن تجرفك الأمواج. أما إذا قمت بالغوص في داخل تلك الأمواج فلن تشعري كثيرا بقوتها وسيكون بإمكانك الوصول للطرف الآخر بأمان.

حين قرأت هذا التشبيه بدا لي منطقيا جدا، وقد ساعدني تطبيقه، حين أنجبت طفلي الأول والثاني، على الولادة دون الاستعانة بأي نوع من أدوية تخفيف الآلام. فالذي يحدث أننا عندما نعاني من الألم نكون في حالة من الذعر نبحث فيها عن وسيلة تساعدنا على الهرب من ذلك الألم مما يتسبب في حدوث توتر للجسم و انقباض للعضلات يصعب علينا معه القيام بما هو مطلوب منا. ولكن إذا ما حاولنا بدلا من ذلك تقبل الألم وقمنا بالتنفس العميق أثناءه ومحاولة الاسترخاء نصبح أكثر قدرة على احتمال الألم وتغدو عملية الولادة أكثر سلاسة. بطبيعة الحال، لم تكن ولادتي خالية تماما من الألم، ولكن أعتقد أني تعاملت مع الأمر بشكل أفضل بكثير عندما تقبلت الألم وتعاملت معه كجزء من عملية الولادة.

عندما تحاولين التأقلم مع الألم فهناك الكثير من العوامل التي ستحدد نجاحك أو فشلك:

● الإستعداد النفسي – تخوض كثير من السيدات تجربة الولادة (وربما حتى الحمل) دون “استعداد نفسي” ومن ثم يصعب عليها التكيف مع الأحداث التي تواجهها في وقت الولادة.

● توقعاتك – يرتبط مقدار الألم الذي تتوقعينه بمقدار الألم الذي ستشعرين به خلال الولادة. إذا كنت تتوقعين الأسوأ، فستحصلين على الأسوأ، لذا من المهم جدا أن تنظري للأمر نظرة إيجابية.وهناك بطبيعة الحال استثناءات، فقد تتوقع المرأة أن يكون كل شيئ على ما يرام ولكن الأمور تأخذ منعطفا سيئا.

● صحة جسدك وقت الولادة – عليك أن تزيدي من اهتمامك بصحتك وبجسمك في الأيام التي تسبق الولادة. ذلك أن المرض أو حتى حدوث عارض بسيط كالإسهال قد يجعلك في وضع صعب. وتذكري أن عملية الولادة تشبه مشاركتك في حدث رياضي تحتاجين معه لأن تكوني في لياقة بدنية عالية.

● مستوى الخوف – وفقا لما يقوله المتخصصون في الولادة الطبيعية، فإن مستوى الخوف الذي تعاني منه المرأة خلال عملية الولادة يؤثر على مستوى الألم الذي ستشعر به. فالخوف يجعل عضلات الجسم تنقبض بما فيها عضلات الرحم وهذا بدوره يسبب انقباض عنق الرحم ويجعل عملية دفع الطفل للخارج صعبة. والمثير للاهتمام حقا هو أن أكثر مخاوفنا هي مخاوف مسبقة. وذلك يعني أننا نخوض تجربة الولادة خائفين لأننا قد سمعنا من الآخرين الكثير من القصص المخيفة عن الولادة، وسمعنا من القطاع الطبي الكثير من الأمور التي تهيئنا للأسوأ. و كثيرا ما يشار لهذه الحالة “بمتلازمة الخوف من الألم”.

● مجموعة المساندة – إن الأشخاص المتواجدين معك في غرفة الولادة لهم تأثير كبير على تجربة الولادة التي تمرين بها، لذا احرصي على أن يكونوا متفهمين وداعمين تماما لما تريدين القيام به وما لا ترغبين به خلال الولادة. على سبيل المثال، خلال ولادتي الأولى، كنت أعاني من آلام كثيرة لا تكاد تتوقف فيها تقلصات الرحم بتاتا. ومع ذلك كنت قد هيأت نفسي من قبل لولادة طبيعية تخلو من أي أدوية لتخفيف الألم وكنت قد وضحت ذلك لزوجي مسبقا. لذا فعندما كنا في غرفة الولادة وسألني الطبيب “مالذي نستطيع أن نعطيك لتخفيف الألم؟ ” كنت على وشك أن أقول “كل شيئ!” ولكن من حولي سارعوا لتذكيري برغبتي في عدم تناول أية أدوية، كما أنهم بينوا للممرضة تصورى عما أريده في وقت الولادة ولحسن حظي أنها كانت متفهمة جدا وساعدتني على التعامل مع الوضع بشكل سليم.

كيف تؤثر الولادة على طفلك

” أود أن أصدق ما يُقال من أن الأدوية المخففة للألم لن تؤثر على جنيني، ولكني أعلم أنها تخترق المشيمة، لذا لا أستطيع إعطاء طفلي أي نوع من الأدوية في يوم ميلاده! ”

تُفاجأ الكثير من السيدات عندما أخبرهن أني اخترت أن أقوم بولادة طبيعية لا أتناول فيها الأدوية المخففة للألم. فيعتقد الكثيرات منهن أني قد فقدت عقلي، ويتساءلن “لماذا تعرضين نفسك للآلام ما دام هناك حل سهل وآمن” أو ” لن تحصلي على ميدالية لتحملك آلام المخاض “.

ولكن عندما أذكر لك وجهة نظري، فستعلمين لم اخترت ذلك….

أولا، أعلم أن جسدي قادر على القيام بذلك، وقد يكون غريبا أن تعلمي أني أريد أن أمر بنفس التجربة التي مرت بها جداتنا من قبل في الولادة بدون أدوية مخففة للألم. ذلك أني أشعر أن المخاض والولادة تربط النساء مع بعضهن على مر الزمان.

كما أني أعتقد أن كل نوع من أنواع الأدوية المخففة للآلام أو أدوية التخدير التي تُعطى للسيدات خلال الولادة لها أثر عكسي (مهما كانت تلك الآثار الجانبية طفيفة) فالكثير مما يستخدم في الحمل والولادة و يسمى ” أدوية آمنة ” هي في رأيي غير طبيعية وأفضل ألا أتناولها لأني أجد لها تأثيرا على جسدى، وما يعني أنه سيكون لها أيضا تأثيرعلى طفلي.

لماذا ينبغي أن تفكري في الولادة الطبيعية؟

أتت إلي إحدى السيدات الحوامل وقالت “لقد أخبرت طبيبي أني أريد أن يولد طفلي بعملية قيصرية، لا أستطيع أن احتمل فكرة التعرض للآلام في تلك المنطقة من جسمي! ”

لم تكن هذه السيدة هي الوحيدة التي تحمل وجهة النظر تلك. فالكثير من السيدات تحمل معها مخاوف شديدة من آلام المخاض ومرت على أسماعها الكثير من القصص المرعبة التي تجعلها تفضل اختيار الولادة بعملية قيصرية بدلا من الولادة الطبيعية. ولكن ما تغفل عنه مثل هؤلاء السيدات هو أن الولادة بعملية قيصرية أيضا لا تخلو من الألم. بل إن التعافي من العملية القيصرية أكثر إيلاما وأشد تعقيدا من التعافي من الولادة الطبيعية. فبالإضافة إلى الآلام التي ستعاني منها الأم بعد إجراء العملية القيصرية فإنها تكون أيضا قد حرمت طفلها من منافع الولادة الطبيعية.

أما تناول مسكنات الألم أو استخدام الإبرة المخدرة خلال عملية الولادة فإنه يجعل الأم تفقد التواصل مع الجنين وربما يتسبب في إبطاء عملية الولادة، وذلك يجعل الأم أكثر عرضة لأن يقوم الطبيب باستخدام الملقط أو أي أدوات مساعدة في عملية الولادة.

في المقابل فإن فوائد “الولادة الطبيعية” للأم وللطفل على حد سواء لا حصر لها. وتذكري دائما أن الله قد هيأ جسد المرأة كي تكون قادرة على الولادة بشكل طبيعي. وحتى إن كانت عملية الولادة الطبيعية أمرا “غير محبب” في نظر البعض، فإن استعداد جسد المرأة الطبيعي للقيام بها يجعلنا نتأكد أن الله قد يسرها لسبب ما. ولعل من الأسباب المهمة هو وجود الكثير من البكتريا “النافعة” الموجودة في جسم الأم والتي يلتقطها الطفل عند عبوره قناة الولادة خارجا إلى الدنيا. هذه البكتريا مهمة جدا لصحة الطفل، فهي تساهم في إنتاج فيتامينات معينة وتحافظ على مناعة الطفل وعلى قوة جهازه الهضمي. في حين أن الأطفال الذين يولدون بعملية قيصرية غالبا ما يفتقرون إلى هذه البكتريا ويحتاجون للتعويض عنها بالمكملات الغذائية الخاصة بالرضع.

وهناك فائدة أخرى من الولادة الطبيعية وهي أن الطفل عندما يعبر قناة الولادة الضيقة، يتم الضغط على صدره ورئتيه مما يساعد بشكل كبيرعلى التخلص من أي مواد مخاطية زائدة أو من بقايا السائل الامنيوسي (السائل المحيط بالجنين في الرحم). وعادة ما يكون الأطفال الذين يولدون بشكل طبيعي أكثر هدوءا، وأكثر وعيا وانتباها لما حولهم. فهم لا يشعرون بالصدمة عند تقديمهم للعالم الجديد، بل يكون هناك انتقال سلمي من الرحم إلى العالم الخارجي الأمر الذي يؤثر على شخصياتهم بشكل إيجابي. ولا شك أن كل أم تحب فكرة تقديم كل هذه المنافع لطفلها.

وللأسف أننا عندما نناقش مسألة الولادة (طبيعية أم قيصرية) ننظر لتجربة الأم ومشاعرها خلال الولادة ولكن القليل منا من يأخذ في اعتباره تجربة الطفل والفوائد التي ستعود عليه خلال الولادة.

الولادة القيصرية تقدم كبير في الطب ولكنها يجب ان تستخدم للضرورة القصوى فقط.

ولادة الطفل… التقلصات، المخاض.. وغيره

” في الأسابيع التي سبقت ولادتي، راودتني بعض الأحلام بأني كنت وحدي أثناء عملية المخاض وأن جميع من حولي كان منشغلا عني. ثم تبين لي أن علي أن أقوم بولادة الطفل وحدي، وأن علي التأقلم مع ذلك”

عندما تأقلمت مع فكرة أنني أنا الوحيدة التي ستقوم بولادة الطفل، بدأت أشعر بأن هناك جانب إيجابي للأمر. فبالرغم من كوني الوحيدة التي سيقع عليها عبء ولادة الطفل فقد بدأت أرى الأمر بأنه ميزة وشرف. فعملية ولادة حياة أخرى يعد أمرا رائعا جدا، وقد أدركت فجأة كم أنا محظوظة أن أنعم بهذا الشرف.

يُقال أن الله يجيب دعوة الأم وقت المخاض لأنها لحظات تكون فيها أكثر قربا من الله بسبب الآلام التي تعاني منها. وسواءا كان هذا صحيحا أم لا، فلا أزال أحب فكرة أني مميزة وأني أنعم بشرف تحرم منه كثير من النساء. وعلى الرغم من أن عملية الولادة وصفت على مر السنين بأنها حدث مؤلم وعبء لا يمكن تحمله. إلا أنك و بمجرد أن تغيري نظرتك لها تصبح وكأنها شيء مقدس وجميل وبالطبع كل الأمور تصبح تابعة لهذه النظرة.

الأمر الذي تنساه كثير من السيدات هو أن الولادة عملية طبيعية. فقد خلقهن الله كي يقمن بذلك، وأجسادهن قادرة تماما على القيام بذلك. أما المضاعفات فغالبا ما تظهر عندما نحاول تحدي الطبيعة باختيار وسائل غير طبيعية مثل أدوية تخفيف الألم، وثقب ماء الولادة، التحريض، و العملية القيصرية الاختيارية. بالطبع قد تكون هذه الوسائل في بعض الأحيان ضرورية طبيًا، ولكنها وللأسف كثيرا ما تستعمل دون حاجة ضرورية (وأحيانا حتى لتسهيل العملية أو توفير الوقت)

“لو كان الأمر راجعا لي، لكنت اخترت الولادة في المنزل. جداتنا فعلن ذلك، فلماذا تعتبر تلك فكرة مجنونة في عصرنا الحالي؟”

بصراحة، لو أن الأمر يعود إلي، لاخترت أن تكون ولادتي في المنزل حيث سأنعم بهدوء وسلام بعيدا عن أصوات أجهزة المستشفى وقوانينها المزعجة. وعلى الرغم من أن هذه الفكرة قد بدأت تطبق في كثير من البلدان، حيث بإمكانك أن تطلبي القابلة للحضور إلى منزلك كي تساعدك في الولادة أو في مواجهة أي مضاعفات قد تحدث أثناء الولادة. إلا أن الأمر في بلدي كان مختلف تماما. فليس هناك الكثير من الخيارات للولادة في المنزل إلا إذا أردت تحمل المخاطرة (وبالطبع لا أرغب بذلك).

كثير من الناس تعتقد أن فكرة الولادة في المنزل هي فكرة غير عقلانية، فلا يستطيعون فهم لماذا تريدين الولادة في المنزل. ولسنوات عديدة أصبحت ولادة الطفل أمرا تحتاج المرأة فيه للذهاب إالى المستشفى ولا زال الأمر كذلك حتى وقتنا الحالي. وآمل أن يتغير الأمر ويبدأ الناس بشكل أكبر في رؤية مزايا الولادة المنزلية للأم والطفل على حد سواء، فتصبح عملية الولادة على غرار ما يجب أن تكون عليه – طبيعية وغير معقدة.

نصائح عندما تكونين في مرحلة ما قبل المخاض

“وضعت قائمة بالأمور التي أود القيام بها خلال الشهر الأخير من الحمل كي تساعدني على الاستعداد لعملية الولادة، وأحاول أن أدمجها ضمن الأمور التي اعتدت على فعلها بشكل منتظم، وأرجو حقا أن تساعدني في ذلك اليوم”

إليك قائمة بأشياء ما ” قبل الولادة ” التي سجلتها في أوراقي وقد استطعت أن أغطي أكثر الأمور، (وإن كانت الممارسة اليومية لهذه القائمة لم تكن دائما بشكل مثالي كما أردتها أن تكون):

● تصوَري وهيئي نفسك ذهنيا. أزيلي كافة المخاوف المسبقة، لا بد أن تعلمي بداية أن عملية الولادة لن تكون خالية تماما من الألم، ومع هذا فهي لن تكون أيضا مماثلة لتجارب الولادة المرعبة التي سمعتيها. من المهم جدا أن تتصوري عملية ولادة مثالية حتى تساعدك على خلق تلك العملية. خوضي في التفاصيل حول متى تريدين أن تلدي الطفل؟ من الذين تريدنه أن يكون متواجدا معك؟ مالذي ستقولينه؟ وكيف ستتعاملين مع الوضع؟ يستخدم الكثير من الرياضيين المشهورين تقنية التصوَر طوال الوقت وتنجح معهم. دربي ذهنك على القيام بها مرات ومرات حتى تصبح وكأنها أمرا واقعا.

● عالجي مشكلاتك. إذا كان لديك أي مشكلات لم تحل (مثل الغضب، الخوف، الحزن، التردد.. الخ) فمن الأفضل أن تحاولي معالجتها إما بالتحدث عنها مع من تثقين بهم أو تفريغها بالكتابة. ذلك أن الكثير من الأطفال يتجاوز الموعد المتوقع للولادة في انتظار أن تكون الأم في حالة استرخاء ومستعدة للمضي قدما في حياتها حتى يستطيعون بعدها الخروج للدنيا.

● حافظي على صحتك في أعلى مستوياتها. تشعر بعض النساء في هذه المرحلة أنها أصبحت متضخمة بسبب الحمل فلا تعود تهتم لكمية الطعام التي تتناولها بسبب زيادة وزنها بأي حال. والصحيح أن هذا هو الوقت الذي يجب على المرأة الحامل أن تهتم فيه بصحتها بشكل أكبر.وتذكري أن كل خلية صحية في جسدك ستساعدك خلال عملية الولادة فضلا عن التعافي بعد الولادة. لذا خذي بعض الوقت، وتأكدي أنك تقومين بتطبيق نصائح التغذية وأسلوب الحياة لتحققي أفضل النتائج. وقد يفيدك أن تقومي أيضا باستخدام بعض الزيوت الطبيعية (مثل زيت السمسم) في عمل مساج لمنطقة الصفن وحلمة الثدي الأمر الذي سيساعدك في مرحلة الولادة وفي تجنب تشقق الثدي خلال مرحلة الرضاعة الطبيعية.

● تأكدي أنك تعرفين ما تريدين القيام به ومالا تريدين القيام به أثناء الولادة. (باستثناء حالة الطوارئ طبعا) ذلك أنك إذا انتظرت حتى اللحظات الأخيرة، فربما تضطرين إلى اتخاذ قرارات لا ترضين عنها. وقد يكون من الأفضل لك أن تقومي بكتابة ما تريدينه في خطة الولادة وتعطينها للطبيب قبل الولادة. فأنا مثلا، كان قراري بوضع خطة للولادة عاملا مهما في تمتعي بولادة مثالية. وبإمكانك و بسهولة الحصول على نموذج لخطة الولادة من الإنترنت ثم قومي بتعديلها وفقا للأمور التي ترغبين القيام بها (سأتحدث عن هذا لاحقا).

أثناء المخاض..

اعتدت أن أسمع الناس يقولون لي: في اللحظة التي ترين فيها طفلك، ستنسين كل آلام الولادة ومشقة الحمل، ولم أكن أصدق ذلك، حتى ولدت. ولا شك أن ذلك تهيئة من الله للمرأة بأن تكون قادرة على نسيان ما عانته من آلام الحمل والولادة حتى يستمر نسل البشرية، وإلا لو كانت كل امرأة تتذكر الآلام التي مرت بها خلال الحمل والولادة لكانت البشرية قد انقرضت.

لذلك عندما كنت أقترب أكثر من موعد ولادتي الثالثة، كنت أحاول أن أجمع كل قوتي وقدراتي على التصور، مصممة في هذه المرة على الحصول على تجربة ولادة رائعة مستخدمة طريقة تختلف قليلا عما جربته في ولاداتي السابقة.

يقولون أن الثالث مختلف…

” ما كنت أسمعه من الجميع باستمرار هو أن الولادة الثالثة مختلفة دائما. حتى لو كان لديك عشرة أطفال، تظل الولادة الثالثة أكثرهم اختلافا. ولأن تجربة الولادة بالنسبة لي في المرتين السابقتين كانت جيدة نوعا ما، فقد كنت أتساءل خلال حملي بطفلي الثالث كيف ستختلف الولادة الثالثة؟ هل ستكون هذه الولادة “مختلفة بطريقة جيدة ” أو ” مختلفة بطريقة سيئة؟”

إليك بعض الأمور التي قمت بها بشكل مختلف والتي أشعر أنها جعلت ولادتي تختلف كثيرا عن المرات الماضية:

الولادة بالتنويم الإيحائي Hypnobirthing

” لم أعتقد أنه بالإمكان تنويمي بسهولة، لطالما ظننت أنه سيكون لدي الوقت الكافي كي أبدأ بالتفكير والتحليل عندما يحاول شخص ما القيام بتنويمي. ولكن الأمر كان مختلفا عندما حضرت جلسة مع متخصص في التنويم الإيحائي، فلم تستغرق التجربة أكثر من ثلاثين ثانية حتى كنت منومة تماما. كنت أستطيع سماع كل شي ومع هذا كنت أشعر وكأني أشاهد نفسي من مكان بعيد، كان أمرا مثيرا.”

في المرة الأولى التي سمعت فيها عن الولادة بالتنويم الإيحائي، تخيلت نفسي في المستشفى ومعي شخص يقف أمامي وبيده شيئا متدليا يقوم بأرجحته يمينا ويسارا في محاولة لتنويمي. هل خطرت هذه الصورة في بالك أنت أيضا؟…. حسنا، الأمر مختلف تماما.

الولادة بالتنويم الأيحائي (Hypnobirthing) هي إحدى الوسائل الحديثة التي أصبحت منتشرة في الكثير من البلدان بهدف مساعدة النساء على التعامل مع آلام الولادة بشكل أفضل. وهي تعتمد بشكل رئيسي على عملية الإسترخاء. حيث تتعلم المرأة الحامل كيف تضع جسدها في حالة استرخاء عميق يساعدها على التعامل مع الألم. وأنا هنا لا أريد أن أدعي أني قد أتقنتها بشكل كامل، ولكن أستطيع القول أني تعلمت الكثير من التدرب على القيام بها، وقد ساعدني ذلك في تحسين تجربة ولادتي.

ورغبة مني في تعميق معرفتي بهذه الطريقة فقد قمت بقراءه الكثير من الكتب التي تتحدث عن الموضوع لدرجة جعلتني أتعلق بها كثيرا. ثم بحثت عمن يساعدني على تطبيقها بالشكل الصحيح لأني كنت خائفة أنه إذا حانت لحظة الولادة وبدأت آلام المخاض وزادت آلام التقلصات، كنت أخشى أن تُنسيني هذه الآلام حالة الاسترخاء التي تدربت على القيام بها.

لذا وعندما كنت في الشهر الرابع والثلاثون من الحمل، قررت أن أجرب جلسة تنويم الولادة الإيحائي مع متخصص في التنويم الإيحائي. وبرغم قرءاتي السابقة إلا أني عندما ذهبت لم أكن متأكدة مما يمكن أن أتوقعه، و كنت أرى أنه سيكون من الصعب أن أخضع لعملية تنويم لأن داخلي كان في الحقيقة غير مصدق. ولكني ذهلت من السرعة التي تم فيها تنويمي، فخلال ثوان قليلة، كانت عيني مغلقة وكنت أمشي في حديقة تصورية من الزهور المنتشرة والمقاعد الموزعة في كل مكان، وفي حالة من الاسترخاء العميق.

لقد نقلتني جلسة التنويم الإيحائي إلى حالة عميقة من الاسترخاء إلى الدرجة التي يفترض أن تستمر معي خلال ممارستي لحياتي العادية، ثم مرة أخرى خلال المخاض والولادة، حتى أن الممارس للتنويم الإيحائي قام ببرمجة عقلي اللاواعي كي أتوقع الافضل وكي أتخلى عن أي شعور بالخوف قد يكون عالقا في ذهني. وقد كنت أشعر بعد كل جلسة بأمان أكثر واسترخاء عميق.

التعامل مع الانقباضات بشكل أفضل

لقد كان ما تعلمته من نظريات التنويم الإيحائي يتجاوز مجرد الاسترخاء. فقد تعلمت كيف أتعامل مع الانقباضات بشكل أفضل عن طريق التنفس بين كل انقباض والآخر و تعلمت كيف أتخيل الولادة المثالية، وكيف أقوم بإحياء التجربة مرات ومرات حتى تحدث بشكل واقعي، حتى أني تعلمت أوضاع المخاض المختلفة والتي تساعد المرأة على القيام بعملية الولادة بشكل أفضل.

فقد تعلمت مثلا أن وضع الإستلقاء النمطي علي الظهر ليس هو الوضع المثالي لولادة الطفل. وذلك ليس فقط لأن رأس الطفل يضغط على عصعص الأم عند الولادة (حيث توجد أكثر الأعصاب فيزيد الألم) ولكن أيضا يكون من الصعب على الأم أن تستفيد من قانون الجاذبية الأرضية وهي في وضع الإستلقاء. يضاف لذلك أن هذا الوضع يضغط على اثنين من الأوعية الدموية الرئيسية الأمر الذي يحد من دوران الدم وتدفق الأكسجين لكل من الأم والطفل وذلك قد يسبب ضيقا للجنين. علاوة على ذلك فإن أي وضع يتطلب من المرأه أن تتمدد على ظهرها أو تجلس على سطح صلب يمنع دوران العجز والعصعص مما يخفض مخرج منطقة الحوض بحوالي 30%، ولا شك أن ذلك يُصعب خروج الطفل.

ثم إن الأمر المنطقي أنك عندما تشعرين بألم في البطن، أن يكون الوضع الطبيعي لجسدك هو الميل للأمام، وذلك بدون شك يخفف من الألم كثيرا. ومن هنا أتت التوصيات بجلوس القرفصاء Kneeling أو الركوع مقابل بعض الوسائد للحصول على تجربة ولادة أسرع وأكثر راحة.

كتابة خطة الولادة

قد يكون هذا أفضل ما تفعله المرأة الحامل من أجل الإستعداد للولادة، وقد جربت ذلك بنفسي. فمقارنة بالولادات السابقة، كانت تجربة الولادة هذه المرة كما تخيلتها تماما، والسبب الرئيس هو أني كتبت كل ما أردت القيام به.

” أشعر وكأن حوضي أصبح مخلخلا، أشعر وكأني مثل دجاجة مشوية تهيأ آكلوها لانتزاع الرجلين من مكانهما! لا زالت أمامي بضع أسابيع حتى موعد الولادة، ولا أعرف لماذا أشعر وكأن الطفل يمكن أن يخرج في أي لحظة”

سارعت بإعداد خطة الولادة لأني شعرت أن الطفل قد يولد قبل أوانه. لم أكن أعرف أنه كان مستعدا للقدوم بشكل أسرع من توقعاتي. أعطاني إشعارا قبل يومين فقط من الولادة في شكل ” تقلصات كاذبة ” ثم قرر أن ياتي للدنيا قبل أسبوعين من الموعد المتوقع. فلو أني لم أقم بإعداد خطة الولادة، لكنت وقتها عاجزة تماما عن معرفة ما يمكن أن أتوقعه.

بطبيعة الحال، عليك أن تقومي أولا بمناقشة خطة الولادة الخاصة بك مع طبيبك أو القابلة التي ستشرف على توليدك وتعطيهم إياها قبل موعد الولادة بأسابيع.

إليك بعض الأمور التي شعرت أنها تهمني كثيرا والتي ذكرتها في خطة الولادة الخاصة بي:

● أرغب بالولادة لوحدي وبشكل طبيعي دون استخدام أي محفزات غير طبيعية.

● أرغب أن أكون في غرفة هادئة خافتة الأضواء وأن يتواجد معي زوجي والقابلة فقط.

● أرفض إعطائي أي نوع من التحاميل أو المسهلات قبل الولادة (وإن كانت الكثير من المستشفيات قد توقفت عن القيام بذلك). أريد أن يمتنع الجميع عن ذكر كلمة “ألم” أمامي، ولا أريد أن يُعرض علي أي نوع من الأدوية المخففة للآلام أو أدوية التخدير إلا إذا طلبت ذلك.

● لا أريد استخدام أي أجهزة رصد داخلية ولا استخدام جهاز مراقبة الجنين الألكتروني، ويُكتفى فقط باستخدام المنظار عند الحاجة لمراقبة الجنين.

● أريد أن أختار وضعية الولادة الذي يريحيني، بما في ذلك الولادة وأنا على أطرافي الأربعة إن أمكن ذلك.

● لا أريد أن يتم قطع الحبل السري حتى يتم التأكد من توقف النبض تماما، لأن ذلك يساعد على تسهيل وضبط تنفس الطفل بشكل أفضل (قد يستغرق ٣-٦ دقائق بعد الولادة)

● أريد أن أقوم بإخراج المشيمة بشكل طبيعي دون الحاجة لاستخدام الحقن الروتينية التي تعجل بخروجها، وأرغب برؤية المشيمة بعد خروجها من جسدى.

بسبب هذه النقاط التي وضعتها في خطة ولادتي، وبسبب الدعم الكبير الذي تلقيته، كانت تجربة ولادة طفلي الثالث رائعة بكل جوانبها.

وبطبيعة الحال، لا يمكنني الإدعاء أنها كانت خالية تماما من الألم، ولكن بدون شك أستطيع القول أنني كنت أكثر اطمئنانا وهدوءا. كنت أعلم مالذي علي أن أتوقعه لذا كان خوفي أقل بكثير من الخوف الذي عانيته في ولاداتي السابقة. وما ساعدني بشكل كبير كان تسلحي بالكثير من المعلومات عما يجري في عملية الولادة وكذلك معرفتي بما سوف أقوم به خلالها.

في النهاية، كانت عملية الولادة أقصر من ناحية المدة، وأقل معاناة لجميع الأطراف المتواجدين وقت الولادة واستطعت مغادرة المستشفى في وقت أسرع نسبيا. ولو كنت سأكرر التجربة مرة أخرى، ربما كنت سأقوم بالتدرب على التنويم الإيحائي بشكل أعمق حتى أتعلم كيف أكون في وضع استرخاء كامل عندما أواجه تجربة الألم مرة أخرى فلازالت فكرة التنويم الإيحائي تبهرني كثيرا.

كيف تطبقين ذلك في حالتك؟

قبل أن تقومي بوضع الخطوط العريضة التي تتوقعينها لمرحلة المخاض والولادة، عليك أن تتذكري أن كل امرأة تختلف عن الأخرى وأن كل حالة حمل تختلف عن الثانية حتى لو كانت تحدث لنفس السيدة. ومع ذلك، هناك مبادئ توجيهية عامة ساعدتني خلال ولادتي يمكنك الاطلاع عليها والاستفادة منها. وإن كان عليك أيضا أن تقومي بدورك في البحث وقراءة الكتب المتخصصة وهي موجودة بالمئات إن لم يكن بالآلاف، فكلما زادت حصيلتك من المعرفة، كلما كنت مستعدة بشكل أكبر لتجربة الولادة.

نصائح عندما تكونين في مرحلة المخاض

● حاولي ألا تتسرعي وأنت في غرفة الولادة خوفا من أن ” تستغرقي وقتا طويلا”. ولا تتخذي أي قرارات تهدف إلى الإنتهاء من الولادة بشكل أسرع، حتى ولو كنت تتعرضين للضغط من الطاقم الطبي حولك كي تتخذي قرارا بفعل ذلك.

● حاولي الاسترخاء قدر استطاعتك. منذ أيام أرسطو وأبقراط، كان هناك تركيز على أهمية الاسترخاء العميق أثناء الولادة، وخاصة حال حدوث المضاعفات. وقد كان استخدام التنويم الإيحائي في حالتي مفيدا بشكل كبير، فأبحثي أنت عما تجدينة مناسبا لك وقومي بتطبيقه.

● ثقي بنفسك بشكل كامل وتأكدي أن جسدك قادرعلى الولادة بشكل طبيعي. فمن المعروف أن الخوف يسبب شلل الرحم ويوقف قدرته على التجاوب وبالتالي يعطل القدرة على الولادة لأن الدم يتحرك بعيدا عن الرحم لتلبية حاجات الجسد الأخرى.

● استفيدي من خاصية الجاذبية الأرضية. الولادة وأنت منتصبة أفضل بكثير من الولادة وأنت مستلقية. عندما أنجبت في المرتين السابقتين، كنت في وضع الاستلقاء على السرير وقد رُفعت قدماي للأعلى بسرج (ويعرف ذلك أيضا بوضع الخنفساء).عندما أتذكر ذلك الآن، أرى أنه كان أسوأ وضع من الممكن أن أكون فيه، ليس فقط أنه كان وضعا غير مريح أبدا، بل زاد على ذلك أن الأمر أستغرق وقتا طويلا جدا كي يخرج الطفل. في حين أن وضع الوقوف أو الجلوس بشكل القرفصاء أو الميل للأمام في مقابل شي (مثل كرة الولادة) كلها أوضاع أكثر فعالية في عملية الولادة.

● تحتاجين للطاقة أثناء المخاض. حاولي أن تتناولي وجبة خفيفة في بدايات المخاض الأمر الذي سيساعدك في الحفاظ على طاقتك خلال عملية الولادة. أتذكر أن احتساءي لعصير التفاح المخفف ساعدني على الحفاظ على جسدي رطبا وأمدني بطاقة ساعدتني خلال الولادة.

● كوني مرنة. قد تقومين بوضع خطة للولادة ولكن ليس بالضرورة أن تسير الأمور وفقا لما خططت لها. لذا من الجيد أن تكوني مرنة وتتقبلي أي تغيرات قد تكون ضرورية. فقد أنقذت العملية القيصرية الكثيرات ولن تكون نهاية العالم لو اضطررت للخضوع لنفس العملية.

” عندما طلبت مغادرة المستشفى، كانت ردود الفعل متباينة. ولكن الطبيب أكد على قراري بقوله أن هذا ما يفعله الناس في معظم أنحاء العالم حيث يُفترض أن تسمح الولادة الطبيعية لك بالخروج من المستشفى والراحة في المنزل. بالنسبة لي، أحدث ذلك فارقا كبيرا.”

فأنا لا أحب البقاء في المستشفيات، لأنك تكونين تحت وهم أنك ستنعمين بالراحة وتجدين من يساعدك ويقوم على راحتك بينما يكون الواقع غير ذلك. ليس فقط أنك تستقبلين الكثير من الزوار (خاصة في البلدان العربية) بل إن موظفي المستشفى يقرعون بابك بشكل مستمر وبحسن نية إما بهدف تفقدك أو لسؤالك عما تحتاجينه، حتى وأنت تحاولين الخلود للنوم.

لذا، بالنسبة لي، كان قرار مغادرة المستشفى قريبا مما أردت القيام به من الولادة في المنزل. فقد كان شعورا جميلا أن أكون في منزلي، أجلس على أريكتي في حالة من الاسترخاء التام أشرب كوبا من شاي الأعشاب مستمتعة بالسكينة والاطمئنان.