عادة ما يأتي إلينا من يعانون من مشكلة الغضب غير منشغلين سوى بأن يصبح غضبهم أقل، أو يبالغون فيتمنون ألا يغضبوا أبدا (وبالطبع، هذا مستحيل).
التصنيف: تطوير الذات
الغضب نوع من الانفعال يحدث عادة في شكل نوبات (مثل الخوف، ولكن ليس الحزن، فهو يأخذ شكل الموجة التي تمتد وتنحسر). تتكون نوبة الغضب من: بداية واضحة إلى حد ما (“ألمح بأني كسول وهذا أثار غضبي”) ثم تيار من المشاعر يصل إلى مستوى حاد (“مستوى يصل إلى درجة 6 على مقياس قلبي”) ثم نهاية محددة (“ظللت غاضبا لحوالي ساعة، بعدها هدأت تماما”).
إذا أردنا الكتابة عن السيطرة على الغضب أو احتوائه أو إدارته، فمن الممكن أن نستمر في الكتابة إلى الأبد. يمكننا وصف ما لا يقل عن مائة أسلوب وتكتيك تعينك على إنجاز المهمة؛ كما أن هناك وسائل معرفية، تساعدك على التفكير بأفكار أقل غضبا والتخطيط لردود أفعال أفضل. ولدينا أيضا الأدوات التي تُمكنك من أن ترى العالم في صورة أكثر إيجابية وتفاؤلا.
سيصبح الامتناع عن الغضب الشديد سهلا إذا تعرضت للعقوبة في كل مرة تثور فيها ثائرتك. لكن الواقع أكثر تعقيدا؛ فربما تترد في التخلي عن ذلك الغضب، بسبب ما تجنيه من مكافآت منه.
من المفترض ألا يكون الغضب سوى رسالة مقتضبة تنبهك لحدوث أمر خاطئ، ولا يقول فيها سوى: “انتبه! شيء ما يعترض طريقي، أحتاج إلى إبعاده من أمامي”. ويكون الهدف أن تستقبل هذه الرسالة، وتفعل شيئا مثمرا ثم تتخلى عن غضبك.
ما الغضب إلا رسول يُبلغك بأن هناك أمرا خاطئا في حياتك. فالغضب يُعلِمُك بأنك في خطر أو أن شيئا يعترض طريقك، ويقترح عليك أن تفكر في أخذ إجراء لمقاومة هذا التهديد أو إزالة العائق من طريقك. لكن هناك مشكلة مع هذا الرسول، وهي أنه لا يبلغك رسالته إلا وهو يناديك صارخا بملء رئتيه، قائلا: “أنصت إلي! أنصت إلي! أنصت إلي!”.
أتمنى لو أصمت لبضع لحظات عندما أكون غاضبة، فعادة ما أندم على الكلمات الأولى التي أقولها.
القشرة الأمامية هي الجزء الأكثر أهمية في المخ فيما يتعلق بالتفكير والتخطيط، وهي ما تحتاجه كي تستطيع أن تُفكر وتُخطط. ولكن لسوء الحظ، عندما تكون غاضبا جدا، تفقد القدرة على استخدام هذا الجزء من المخ.
الغضب عاطفة تخبرك بأن شيئا ما لا يسير على ما يرام. وهي تمنحك الطاقة لكي تتخذ إجراء حيال ذلك. ويمكن للغضب أن يساعدك في الوصول إلى أهدافك، ولكن من المهم أن تبقي غضبك في منظوره السليم، وإلا وجدت نفسك تنزعج بحق بسبب إساءات تافهة، وعندها ستبالغ في ردة فعلك.
سرعة الغضب هي أحد الأمور الأكثر تسببا لأصحابها بالوقوع في المتاعب، فما يحدث هو أن أمرا مزعجا يظهر في الأفق ثم -بوووم- تنفجر أنت كالمفرقعات النارية. في الواقع، غضبك يزداد بسرعة حتى أن المفرقعات النارية أحيانا ما تنفجر وهي لا تزال بين يديك.