لعل كلمة “لي” هي كلمة السر التي يستخدمها الأولاد ما قبل المدرسيين لتذكير بعضهم بعضاً (والراشدين) أن لديهم عالمهم الخاص وأنهم مهمون كفاية للحصول على حقوق الملكية متى وكيفما أرادوا ذلك. وعلى رغم الحروب الناجمة عن تلك الكلمة في كل المنازل التي تضم أولاداً ما دون الخامسة من العمر، يبقى حب التملك متوقداً حتى يصبح الأولاد مستعدين للتخلي عنه (بين عمر الثلاث والأربع سنوات).
الوسم: تربية الطفل
بما أن كل شيء في العالم ينتمي إلى الولد ما قبل المدرسي إلى أن يخبره أحدهم بشيء مغاير، ليس الوقت باكراً إطلاقاً لتعليمه عدم أخذ الأشياء من الآخرين من دون موافقتك. فالأهل هم ضمائر أولادهم إلى حين تطويرهم. لذا، كلما أخذ ولدك أشياء ليست له، شددي على العواقب لابقائه قانونياً، الآن وبعد أن يخرج عن سيطرتك.
إن الخط الفاصل بين اللعب المدمر والمبدع ليس واضحاً بالنسبة إلى الأولاد ما قبل المدرسيين إلا إذا شرح لهم أهلهم ذلك بوضوح. لذا، قبل أن يصل ولدك إلى عيد ميلاده الأول، حددي له هذا الخط بإخباره (وإظهاره) ما يستطيع ولا يستطيع رسمه أو تمزيقه أو تفكيكه مثلاً، لمنع فنانك الصغير من إلحاق الأذى بملكيته وملكية الآخرين عن غير قصد. علّمي ولدك أن يفتخر دوماً بنفسه ويهتم بأشيائه وأشياء الآخرين فيما تدعين ابتكاراته المبدعة تظهر في الوقت الملائم والمكان المناسب، بالرسم على الورق وليس على ورق الجدران، أو بالتحدث على لعبة الهاتف وليس على الهاتف الحقيقي.
ما إن يشرع أولاد السنة الواحدة في الحركات الأولى، يشعرون بمتعة الاستكشاف من أخمص قدميهم حتى أسنانهم. وإن لم يتعرضوا لأي قيود، يصبح كل شيء وكل الأشخاص في متناولهم، بواسطة الركبتين أو أخمص القدمين. والواقع أن ابن السنة الواحدة لا يعرف تلقائياً ما هي الأمور الصحيحة وما هي الأمور الخاطئة، علماً أنه حين يبلغ الثانية أو أكثر يصبح قادراً على التمييز حين تشرح له ذلك بصورة مباشرة.
مثل الأشخاص الذين تعوزهم البراعة في مكان يقتضيها، هناك العديد من الأولاد ما دون السادسة الذين يقذفون اللعب أو أنفسهم إلى أقرب مرمى حين يشعرون بالاحباط أو الغضب، أو لأنهم صعاب المراس. لماذا؟ لأن التفكير العقلاني أو التسوية ليست من التقنيات المعتمدة لديهم لحل المشاكل، ولا يبدو لهم رمي الكتب أو اللعب سيئاً أكثر من قذف الكرة. روّضي ولدك من خلال تعليمه كيفية التعاطي بصورة حسنة مع الآخرين.
المقاطعة | تأديب سلوك الطفل
بما أن الاستحواذ على انتباه الأهل هو الشيء الأكثر أهمية بالنسبة إلى الولد ما قبل المدرسي، فإنه سيحاول أي شيء لاسترداده حين يزيله اتصال هاتفي أو شخص آخر أو رنين جرس الباب. حددي الخدع التي يحاول ولدك القيام بها للحصول على انتباهك من خلال تزويده بلعب محفوظة خصيصاً لتلك الأوقات التي تتحدثين خلالها مع المنافس. من شأن ذلك إبقاء ولدك مشغولاً من دونك، فيما أنت مشغولة من دونه.
يختبر اللغويون ما قبل المدرسيين قوة شتم الناس لجعل الجميع يعرف أنهم الأسياد ويستطيعون التحدث مثلهم. وبما أنك تعرفين اختبار ولدك لقوة الكلمة، وكذلك ردة الفعل التي يلقاها، أخبري ولدك أن الشتم لن يسبب إطلاقاً الأذى الذي يظنه. تفاعلي بهدوء عند شتمك لتفجير فقاعة السيطرة التي يأمل ولدك وجودها في الشتيمة. مرّني ولدك على تطبيق ما تعظين به أيضاً حين يتعرض بنفسه للشتيمة. هكذا، يرى أن هذه اللعبة الشفوية ليست ممتعة عند تأديتها من طرف واحد.
مثلما يجد الراشدون أنفسهم أحياناً في مزاج سيء من دون سبب واضح، يبدو أن كل البالغين الصغار تقريباً ليس لديهم سبب للانتحاب والطبع السيّء. إن كنت تعرفين أنك لبيت كل طلبات ولدك (إنه جاف، وشبعان، إلخ)، يكون السبب وراء شعور ولدك ما قبل المدرسي وسلوكه غير الطبيعي رغبته في الاستحواذ على الانتباه أو التشبث بطريقته. ورغم أنه يصعب عليك فعل ذلك، ننصحك بتجاهل المنتحب لأن ذلك يساعده في إخماد عويله. ويتعلم ولدك بسرعة قاعدة منزلية مهمة، هي التحدث بصوت مفهوم ولطيف بدل النزق والتحفظ.
هناك الملايين من الأولاد ما قبل المدرسيين المحببين الذين ينفجرون غضباً للتعبير عاطفياً عن تغلبهم على الاحباط أو الغضب وإخبار العالم بأنهم الأسياد. العلاج؟ يمكن أن تصبح نوبات الغضب أقل تكراراً والحؤول دونها من دون تلبية رغبات مؤديها. فرغم أنك قد ترغبين في الاستسلام أو الاختفاء تحت أقرب طاولة حين ينفجر ولدك غضباً أمام العموم، كوني صبورة حتى يهدأ وامدحي استعادته السيطرة على نفسه بعد أن يسكُن.