الوسم: تربية الطفل
عندما يحتجّ ابن الخمس سنوات على فكرة تغييره ملابسه لارتداء ثياب رسميّة أو لارتداء الزي الخاص برياضة كرة القدم، فهو بذلك يريد أن يقول لنا إنه يعتقد أن له الحقّ بختيار ملابسه بنفسه. فهو يظن أن من حقه الإختيار في كافة المجالات! لذا ينبغي على الأهل في هكذا حالة أن يقرروا بأنفسهم متى ينبغي عليهم إلزام ولدهم بتطبيق القواعد الخاصة بالملبس (سواء لدواعي المناخ أو السلامة أو القبول الاجتماعي أو لدواعي النظافة أو الراحة)
كيف كنتم لتشعروا لو كان هناك ثمّة من يفرض عليكم كل يوم ما ينبغي عليكم ارتداؤه؟ في الواقع، إن الهدف الأساسي للولد الذي في الثالثة من عمره هو أن يسيطر بنفسه على عالمه. لذا ينبغي على الأهل إن كانوا فعلاً يريدون تفادي الشجار مع ولدهم وإن كانوا فعلاً يرغبون في تعليم هذا الأخير كيف يختار بنفسه الثياب الملائمة له أن يضعوا له أنظمة محددة حول نوعيّة الثياب الملائمة لكل مناخ ولكل مناسبة على حدة.
إنّ الفرحة الكبرى لدى الأطفال والأولاد الصغار تكون عندما يمشون حفاة. لذا غالباً ما نراهم ينفجرون بالبكاء عندما نطلب منهم أن ينتعلوا الحذاء. فينبغي إذن على الأهل هنا أن يشرحوا لولدهم خطورة الأرض أحياناً (سيّما وإن كان عليها زجاج مكسّر أو حجارة حادّة أو زفتاً حامياً وهلما جراً) لكي يدرك هذا الأخير أن انتعال الحذاء يحمي قدميه من كل تلك الأمور الخطيرة. إلا أنه يمكن للأهل أحياناً السماح لولدهم بالمشي حافي القدمين، إنما بعد تأكّدهم طبعاً من عدم وجود أي خطر في ذلك عليه.
عندما يرفض الولد البالغ من العمر ثلاث سنوات ارتداء ثيابه حتى بعد أن يكون أهله قد طلبوا منه ذلك مرّات عديدة، فهذا يعني أن لديه شيئاً محدداً يريد تنفيذه: فإما أنه يريد أن يقرر بنفسه ماذا يرتدي، وإما أنه يريد أن يتحكّم بموعد ارتداء الثياب، وإما أنه يريد متابعة ما هو في صدد فعله من دون أن يزعجه أو يقاطعه أحد. ويمكن لصراع القوى هذا أن ينتهي بكارثة إلا في حال حافظ الأهل على هدوئهم وركّزوا على هدفهم، ألا وهو الخروج من المنزل في الوقت الملائم ومن دون أي دموع.
أيّاً كان عمرنا، فإن الثياب المفضّلة لدينا هي تماماً كأعزّ الأصدقاء إلى قلوبنا. لذا ينبغي على الأهل هنا أن يحترموا رغبة ولدهم الذي لا يزال في الرابعة من عمره بارتداء الثياب نفسها يوماً بعد يوم، إنما دون تراجع عن قاعدة ارتداء الملابس النظيفة. ويفترض بهم أن يدعوا ولدهم يعرف أنّ الغسالة لن تفرّقه عن ثيابه المفضّلة إلاّ لفترة قصيرة فقط.
إن دروس السباحة هي بمثابة عقاب أكثر منه تسليّة، سواء بالنسبة إلى الأولاد الذين قلّما يهمّهم أمر تعلّم السباحة أو بالنسبة إلى الأهل الذين يخافون إجمالاً من الماء. لذا ينبغي على تعليقات الأهل أن تكون دائماً إيجابيّة حتى ولو كانوا هم أنفسهم لا يحبون السباحة، وينبغي عليهم أيضاً أن يظهروا لولدهم أهميّة السباحة، كما وينبغي عليهم أخيراً أن يشرحوا له القوانين السلوكيّة التي يفترض به التقيّد بها عندما يكون بالقرب من الماء، سيّما وإن كانوا قد تركوه وحده بالقرب من بحيرة أو نهر أو مجرى ماء.