الألم الحثلي في القدم

زائر
د. توفيق البطل
الألم الحثلي في القدم:

Agdystphie d pied

د. توفيق البطل _ أخصائي بالمفاصل

الألم الحثلي:
مرض مجهول السبب يصيب كافة الأعمار وخاصة الوسطية (حوالي 50 سنة) . إصابة الزجال أكثر من النساء وإصابة الأطفال ممكنة ولكنها نادرة.
الألم الحثلي هو علة شائعة نسبياً تصيب المناطق المفصلية، وإصابة القدم هي الأكثر شيوعاً بين إصابات مفاصل الطرفين السفليين. تتوضع الإصابة السريرية الأولى في منطقة مفصلية واحدة، كأن تصيب مقدم القدم (الأمشاط والأصابع) ، أو الرضغ الأوسط أو الخلفي، أو عنق القدم. وقد تمتد لاحقا لتشمل القدم بأكملها.
الإصابة السريرية الأولى لعدة مناطق مفصلية وبشكل متزامن هي حالة استثنائية جداً إن لم تكن معدومة. ولكن الحالة الحثلية هذه قد تتوسع وتمتد لتصيب تدريجياً مناطق مفصلية أخرى في نفس الطرف أو في الطرف المقابل (20% من الحالات) وغالباًً مما تظهر الإصابة السريرية الثانية بينما يكون التوسع أو الامتداد الحثلي بشكل (تحت السريري) تكشفه الأشعة. وأحياناًً (تحت الشعاعي) تكشفه التفريسة الومضائية. عادة لا يحصل انتكاس في نفس المفصل بعد الشفاء وإنما في مفاصل أخرى.

الأسباب:
السبب الحقيقي للمرض مجهول. أما الأسباب التي تساعد على ظهور أو تفجر المرض فهي عديدة ولا نوعية، من أهمها:
1_ الرضوض: وهي مسؤولة عن 60_80 % من الحالات. ولا يشترط في الرض أن يكون في القدم ، فقد يكون في أي مكان من الطرف السفلي في نفس الجهة، وحتى في العمود القطني والحوض. وكذلك لا يشترط في الرض أن يكون عنيفاًً ، فقد تختلف شدته من رض بسيط أو وثي وحتى الكسور.
إن التثبيت الجبسي المديد بعد الرضوض العنيفة أو الكسور، وكذلك إعادة التأهيل المبكر أو العنيف بعد إزالة الجبس يساعدان على تفجر المرض.
2_ بعض الأمراض العصبية:
التهاب العصب الوركي أو الفخذي، داء المنطقة، غيلان باربه، باركسون، فالج شقي، التهاب جذور عصبية...الخ.وكذلك الأمر فيما يتعلق بالتداخلات الجراحية على العمود القطني أو في الحوض الصغير.
3_ أسباب منوعة تأتي بعيداًًً عن الرضوض من حيث الشيوع:
الحمل، السكري، الإنتانات، النقرس....الخ.
4_ قد لا يوجد أي سبب واضح:
(أشكال خفية المنشأ).
وفي 30% من جميع الحالات يظهر المرض على أرضية عصبية _إنباتية مضطربة: (( شخصية عصابية مبتلية بالقلق أو الإكتئاب)).

الفيزيولوجيا الإمراضية:
غير معروفة بشكل كامل، ولكن النظرية الودية الانعكاسية هي الأكثر قبولاً اليوم لأنها تفسر معظم الحالات المنضوية تحت اسم ألم حثلي.
تعتمد النظرية الودية على وجود منبه محيطي (اعتداء) _ كرض أو أي آفة حادة _ يؤدي إلى حدوث تضعضع في النظام العصبي الودي يتظاهر بشكل تشوش وظيفي هام مع فرط فعالية.
بعد فترة كمون تلي الاعتداء ، وتختلف مدتها بين حالة وأخرى، يتكون قوس انعكاسي يستعمل الدارة الودية، ويسبب في المحيط التظاهرات المرضية في المناطق المفصلية، وذلك بتأثير فعلين:
الأول مباشر: يوجد للنظام العصبي الودي تأثير نمائي مباشر على العظام والمحافظ المفصلية والأوتار والعضلات.
الثاني: وعائي حركي(أهم) يسير بطورين: توسع وعائي في الأشهر الأولى. ثم تضيق وعائي فيما بعد. مما يؤدي إلى حدوث خلل وظيفي في الدوران الصغير للمنطقة المصابة. وهو قابل للتراجع.

التشخيص:
يعتمد على حزمة من البراهين السريرية بشكل خاص، ولا توجد علامات نوعية. والتشخيص قد يكون صعباً أحياناً.
البراهين التشخيصية:
سريرياً: ألم وذمة، آفة مفصلية مقعدة، اضطرابات وعائية حركية.
بيولوجياً: غياب المتلازمة البيولوجية الالتهابية.
شعاعياً: ترقق غالباً غير متجانس.
ومضانياًً: لا نوعي. فرط تثبيت مبكر. نقص تثبيت عند الأطفال، وفي الأشكال الباردة منذ البداية.

المشهد السريري:
أ_ الشكل الكلاسيكي:
يسير المرض بطورين أساسيين:
1_ الطور الأول ((الحار)) : يستمر من بضعة أسابيع إلى بضعة أشهر. يتظاهر بألم مع وذمة (علامات التهابية كاذبة)، وعجز وظيفي صريح.
الألم: يسيطر على المشهد السريري. يبدأ بشكل محمول ويتفاقم تدريجياً (86% من الحالات).
توقيت مختلط: ألم دائم، مؤرق، ولكنه يتفاقم بالجهد : قد يكون موضعياً، ولكنه غالباً ما يتجاوز حدود المنطقة المصابة. يسبب قساوة مفصلية. جس وتحريك المفصل يفاقم الألم.
الوذمة: قد تكون موضعية، ولكن غالباًًً ما بكون شاملة للقدم، وقد تصل حتى الثلث السفلي للساق. هي وذمة انطباعية، تزداد على الوقوف المديد والتعب ويصبح الجلد ناعماً، لامعاً، حاراً، محمراً، مع فرط تعرق ، أحياناً تكون الوذمة ازرقاقية ويبقى الجلد بارداً.
2_ الطور الثاني: الطور البارد: الإقفازي:
_يتراجع الألم حتى يتلاشى كلياً أو بشكل كبير
_تختفي الوذمة الالتهابية
_يرق الجلد ويبرد ويأخذ شكل ((تصلب جلدي))
_يستمر فرط التعرق وتبدأ القساوة المفصلية بالظهور
3_الطور الثالث: قد لا يوجد. يتظاهر بشكل اضطرابات نمائية:
_انكماش الصفاق الأخمصي: مرض eddehse .
_انكماش الأوتار والمحافظ المفصلية: يصعب توضيحها في القدم
_قد يظهر أحياناً ضمور في عضلات الربلة

تطور المرض:
_يكون التطور، بشكل عام ملائماً من الناحية السريرية.
يظهر الشفاء في غضون 12 شهراً (الحدود القصوى 4_28 شهرا)أي أن زمن تطور المرض يختلف بشكل كبير بين مريض وآخر
_العقابيل نادرة: بعض الألم على التعب وتبدلات الطقس.

الأشكال السريرية:
1_ الأشكال فوق الحادة:
_بداية صاعقة
_ألم مبرح ، مؤرق، مع حس حرق عميق وشديد
_وذمة واضطرابات وعائية حركية شديدة
_ ترفع حروري عام ولكنه لا يتجاوز عادة 38.5 .
2_الاشكال المخادعة:
_شكل ألمي مع ترقق بدون وذمة: (القدم المؤلمة ناقصة التكلس)
_شكل وذمي مع ترقق بدون ألم: (القدم المتوذمة ناقصة التكلس).
3_ الأشكال الممتدة أو المتسعة:
_آلام حثلية تصيب بشكل متلاحق عدة مناطق مفصلية، مع وجود فترات زمنية مختلفة بين إصابة وأخرى.
_لدى ظهور الإصابة الثانية تكون الأولى ما تزال في حالة تطورية.
_تظهر الإصابات الثانوية بشكل عفوي، بدون سبب واضح.

الدراسة البيولوجية:
_لا توجد تبدلات نوعية
_سرعة التثفل قد تزداد بشكل معتدل في بداية المرض
_بيلة الهيدروكسي برولين قد تزداد بشكل ملحوظ خاصة في الطور الأول من المرض
_الفسفاتاز القلوية قد ترتفع أيضا في الطور الأول
_لا يطرأ تبدل على الكلس أو الفسفور
يجب التمسك بالمفهوم الكلاسيكي القائل إنه لا يجب أن ننتظر من أي فحص بيولوجي تأكيداً أو نفياً للتشخيص.

الدراسة الشعاعية:
تظهر العلامات الشعاعية بعد أسبوعين على الأقل من ظهور العلامات السريرية، وأحياناً تظهر بعد بضعة أشهر(وسطياً 3_6 أسابيع)
المظهر الشعاعي:
_ترقق بسيط متجانس
_ترقق فحوي عديد الأشكال، وهو الأكثر شيوعاً
_أحياناً يكون الترقق شديداً ويؤدي إلى اختفاء كل الظلال الشعاعية
_توجد حالات نادرة لا تترافق بأي تبدل شعاعي، وتطرح إشكالات تشخيصية صعبة
_إن نقص التمعدن قد يظهر في المنطقة المصابة فقط، ولكنه غالباً ما يشمل مجمل القدم، وقد يمتد إلى أسفل القدم
_أحياناً تظهر الأشعة نقص تمعدن في مناطق مفصلية أخرى غير المصابة سريرياً _ في نفس الطرف أو في الطرف المقابل _دون أن يترافق ذلك بعلامات سريرية
توجد علامة شعاعية سلبية وهامة جدا للتشخيص . سلامة الخطوط المفصلية وسلامة القشر العظمي، أي لا توجد انقراصات مفصلية ولا تخريب عظمي
_تطور التبدلات الشعاعية يكون بطيئاً وطويلاً، ويبقى لفترة طويلة بعد الشفاء السريري، وغالباً ما يتراجع بشكل غير تام، حتى بعد مضي عدة سنوات

الصور الأخرى:
_الطبقي المحوري: يوضح أكثر من الأشعة سمات نقص التمعدن
_المرنان يظهر الإصابة بشكل مبكر
_التفريسة الومضانية sintigaphie ssese تعتبر من الفحوص الهامة في الألم الحثلي لأنها تسمح بالتشخيص المبكر
_فرط تثبيت يسبق العلامات الشعاعية
_نقص تثبيت عند الأطفال
_نقص تثبيت في الأشكال الوذمية الازرقاقية الباردة منذ البداية وحتى النهاية
_تظهر أمكنة توسع أو امتداد المرض
_تساهم في التشخيص التفريقي
_تسمح بمتابعة المرض وفعالية الأدويةتختلف شدة التثبيت بحسب درجة تطور المرض)
يعتبر هذا التصوير هاما ولكنه غير نوعي ومكلف. لذلك يتم اللجوء إليه في الحالات صعبة التشخيص أو المعندة.

العلاج :
لا يوجد علاج نوعي، ولا توجد نتائج مرضية بشكل دائم لأي علاج.
" يستهدف العلاج:
_ السيطرة على الألم والوذمة والاضطرابات الوعائية الحركية
_العلاج الطبيعي والعلاج بالحركة لمعاكسة الانكماشات المحتملة
_علاج نفسي دائم نظراً للأرضية الخاصة التي قد يظهر عليها المرض
" العلاج في الطور I وii
_الراحة النسيبة للمفصل المصاب
_المسكنات المحيطية مع مضادات الالتهاب اللاسيتروئيدية أو دونها
_الكورتيزول غير محبب لدى غالبية المؤلفين
" موسعات الأوعية:
الأكثر استعمالاً هي مشتقات ال Egtxine 60_90 نقطة يومياً لعدة أسابيع تشكل علاجاً داعماً جيداً.
" Giine 500 mg Gisefvine :
_علاج فطري بالأساس ولكنه يعمل هنا بآلية وعائية
يعطى في الطور الأول من المرض بجرعات كبيرة (1_ 3غ)في اليوم لمدة شهر أو أكثر
_فعاليته مختلف عليها
" حاضرات بيتا:
الأكثر استعمالا هو ال ppan
_يعمل بآلية وعائية
_الجرعة تتراوح بين 80 _ 120 ملغيوم بشكل تدريجي يعطي في بعض الحالات نتائج جيدة وهو رخيص الثمن.
" الكالسيتونين:
استعماله بحسب رأي البعض بدل بشكل ملموس الإنذار المرضي ، يعمل وفق آليتين:
_هو من جهة هورمون كابح لكاسرات العظم
_وقد يكون له دور منظم وعائي
_يعطى بجرعة 160 وحدة دولية يومياً خلال عشرة أيام بالحقن العضلي أو تحت الجلد، ثم ثلاث جرعات أسبوعياً لمدة ثلاثة أسابيع
_يجب إيقاف العلاج بعد الحقبة العاشرة إذا لم تظهر الفوائد
" علاجات أخرى:
_إحصار العصب الودي باستعمال مادة Ganethidine
_لا يستعمل حالياً إلا في الحالات المعندة
" العلاج النفسي في حال وجود أرضية عصبية خاصة
_تفضل المهدئات الخفيفة وخاصة حالات القلق ومضادات الاكتئاب الثلاثية
_الاهتمام بالناحية النفسية والسلوكية للمريض
" العلاج الطبيعي والعلاج بالحركة:
الهدف من هذه العلاجات هو استعادة الحركة الطبيعية للمفصل المصاب، ويجب أن تطبق باكراً ولكن بعد التراجع الجزئي للألم
_العلاج بالحركة يجب أن يكون فعالا،ً حذرا،ً تدريجيا،ً متواصلاً(جلسات قصيرة متكررة).
_في البداية لا توجد نتائج ايجابية لذلك يجب الاستمرار فيه لفترة طويل
_الحركة في الماء الحار جيدة، ويجب تطبيقها عندما تسمح الطروف المرضية
_التثبيت الجبسي للمفصل المصاب ممنوع إلا في الحالات المفرطة الألم
_التدليك
_العلاجات الفيزيائية المولدة للحرارة ممنوعة
_في البداية قد يفيد (تناوب متكرر بين مغطس حار ومغطس بارد)
_في الطور الثالث: يفيد التخضيب الموضعي بالكورتيزون للنقاط المؤلمة مع إعطاء المسكنات، وإجراء تحريك فاعل منفعل مع التدليك للمناطق المصابة بإشراف معالج فيزيائي.