تاريخ الطب النفسي

زائر
تاريخ الطب النفسي..

عرف الإنسان المرض العقلي من قديم الزمان لكنة لم يقم بدراسة و فهم هذا المرض إلا من وقت قريب وذلك لعدة أسباب منها..طبيعة المرض المعقدة ..عدم اهتمام مهنة الطب بة تحيز الشعور العام ضدة , لذلك كان التقدم فى هذا الفرع من الطب بطيئا و غير لافت للنظر قبل بداية هذا القرن .

دعونا اليوم و في بعض السطور القليلة و البسيطة التعرف على تاريخ هذا الفرع من الطب المحاط بالغموض والمتداخل في جميع مراحل و جزئيات حياتنا .

و نبدأ التاريخ من أقدم الحضارات البشرية المعروفة لدينا إلا وهى حضارة قدمـاء المصريين . فلقد أثبتت الترجمات الحديثة

لأوراق البردي الفرعونية إن قدماء المصريين كانوا على معرفة بأعراض بعـض الأمـراض النفسيـة و كان لهم التفسير الخاص بهم لتلك الأعراض حسب ثقافتهم و مرجعيتهم الدينية وقتذاك. و لكن لم تشر ألقاب الأطباء في العصـر الفـرعوني إلى وجود تخصصات في الأمراض العقلية .

ففي ترجمة لبعض تلك البرديات (بردية كاهون 1900 ق م _ بردية ابر 1600 ق م _ بردية ادوين سميث 1600 ق م _ بردية برلين الطبية 1250 ق م ) وصف المصريين أعراض ما يسمى الآن أمراض الشيخوخة و الاكتئاب و كـذلك وجـد وصف للاضطرابات الهستيريةاوالنفسجسدية و ذلك على صورة روايات. فلقد دون قدماء المصريين ملاحظات عن تغيـرات مرحلة الشيخوخة تضمنت الاكتئاب و ضعف الذاكرة . وبذكر أعراض الاكتئاب فهـذا نص البـردية والتي تروى قصة زوجة لاحظت التغير على زرجها و إجابة الـزوج عليهـا والتى تصف ما نسميه ألان" اضطـراب الاكتئاب" بدقة . ففي بردية (غليونجى1983 ) " لقد رفع ملابسـة ورقـد,لايدرى أين هو .. أما زوجتة فقد مدت يدها تحت ثيابة و قالت "يا اخى لا اشعر بالحمى في صدرك او أطرافك و لكنـة الحزن في قلبك " وهذا رد الزوج عليها "ألان... الموت بالنسبة لي كالصحة للمريض، كرائحة زهرة اللوتس ,كرغبة الرجل في إن يرى دارة بعد سنوات من الآسر "

أما في بردية كاهون 1900 ق م فقد تضمنت و صفـا دقيقا لبعض الحالات النموذجية لاضطرابات الهستيريا ... " امرأة لا تغادر السرير فلا تنهض و لا تهزه " .... امرأة أخرى "تعانى من علة الإبصار و ألام في العنق " ...امرأة ثالثة "تعانى من الآم الأسنان و فكيها و لا تقدر على فتح فمها" .

و لقد كان الاعتقاد السائد آنذاك أن هذه الاضـطـرابات ناتجـة عن مجاعة أو جفاف الرحم أو انتقاله من مكانة بحثا عن الرطوبة مما يترتب علية تراكم الأعضاء الأخرى الواحد فوق الأخر . و لجـذب الرحـم إلى مكانة كانت الأعضاء التناسلية تدهن بمواد عطرة باهظة الثمن أو إن يتذوق المريض مواد سيئة الطعم و يشم مـواد عفنـة الـرائحة و ذلك لطرد الرحم و دفعة بعيدا عن الجزء الأعلى من الجسم . و عامة كان مفهوم أسبـاب المـرض النفسي لدى الفراعنة على أنة لأسباب وعائية .. التلوث .. ماد برازية .. وفى حالتين فقط تم تفسيرهما لأسباب أو مسـائل شيطـانية أو روحانية . وكان العلاج لديهم بالإعشاب مع احتمال استعمالهم لنبات الأفيون لعلاج الاكتئاب , وكذلك العلاج بالنوم فلقد كان معبـد النوم أو الكمون احد الأساليب العلاجية النفسية المستخدمة في مصر القديمة .هذا بما يختص بالقدماء المصريين أما عن أقـدم الامـراض العقلية المعروفة بصفة خاصة بين القدماء فهو داء الصرع حيث كانوا يطلقون عليـة اسم "المرض المقدس" أو الالهى و كان قمبيز ملك إيران من الأمثلة البارزة للمصابين بة.

غير إن أبقراط اعترض على نسبة هذه القدسية أو الإلوهية إلى المرض . وابدى أنة ككل الامراض الاخرى ينشأ عن سبب طبيعي وان الناس يطلقون علية تلك الصفة لتغطية جهلهم

و لقد اخذ الإغريق بعد ذلك عن قدماء المصريين طرق العلاج و أضافوا إليها ما يعكس ثقافتهم و معرفتهم فلقد كانوا أول من نصح بعدم ظهور المصابين بالأمراض العقلية في طرقات المدينة بل و يقـوم أقـاربهم بمـلاحظتهــم بالمنازل بحيث يتعرضون لدفع غرامة إذا ما أهملوا في أداء هذا الواجب . وفى عهد ابقراط جرت العادة على إن يتردد المصابون بالمرض العقلي على معبد معين حيث كانت تقدم القرابين و تقام الصلوات والطقوس لطرد الأرواح الشريرة بغية العـلاج و الشفاء . كما أنة ساد اعتقاد لدى ديمقريطس بان احد النباتات المعروفة بمفعولها الاسهالى الشديد مفيدة لهؤلاء المـرضى . و في مستهل العصر المسيحي دعا العلماء الإغريق إلى استخدام طريقتين متباينتين لعلاج مرض العقل . ففي حيـن كان البعض يعالج الاكتئاب بالتجويع و التقييد بالأغلال و الجلد بالسياط على زعم إن ذلك يجبر المريض على العودة لتـناول الطعام و إنعاش الذاكرة وفى نفس الوقت كانوا يعترضون على استخدام الفصد و مكمدات الأفيون و البنج .

كان البعض الأخر يؤكد ضرورة عمل كل مايمكن لتسلية المصاب بالاكتئاب و علاجه بوسائل الرياضة البدنيـة و الموسيقى

و القراءة بصوت عال و سماع هدير المياه عند تساقطها . و أوصى عالم أخر بالغذاء الصحي و الاستحمــام و المكمدات للمرضىالعقليين .

أما عن القرون الوسطى فقد ترك علاج المرضى العقليين في أوروبا في ايدى رجال الدين , فشاعت المعتقــدات الخرافية عن فاعلية السحرو الأرواح الشريرة وغيرة . و قد كان المرضى يتعرضون للحـرق بغـرض حرق الأرواح الشريرة التي تسير بأجساد بشر. ثم انشات أماكن لحجز المصابين لم تكن في غالبيتها تستوفى الشروط الصحية لمعيشة الإنسان فقد كان المرضى يتعرضون للمعالجة السيئة و أخفها التقييد بالأغلال المثبتة بالحوائط لفترات قد تصل إلى عشرات السنين . و كانت هذه الأماكن بعيدة عن المستشفيات المعتادة . مما أدى إلى فصل

المرض العقلي عن جميع فروع الطب و ساعد على الركود في الأبحاث الخاصة به و على افتقـار التقدم في هذا الفرع من الطب.

و تعتبر القرون الوسطى هي اظلم فترات في تاريخ الطب النفسي على الإطلاق وهى من أهم أسبـاب تأخـر الطب النفسي عن باقي فروع الطب .

منقووول.