خذوا حذركم من الحرب النفسية_الجزءالثاني

زائر
من أعظم الدروس التي تستخلص من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم في ادارته للصراع مع الاعداءأن"استخدام العامل النفسي في الصراع ضرورة حيوية لتحقيق الاهداف الاستراتيجية"فمن بين ثماني وعشرون غزوة قادها عليه الصلاة والسلام بنفسه,نجد تسعة عشرة غزوة حققت اهافها بلاقتال,اذ فرالاعداء تحسبا لنتائج مواجهة قوة المسلمين.
وقد قرر الرسول القائدصلى الله عليه وسلم أن"الجهاد باللسان" كالجهاد بالنفس والمال فقال لحسان بن ثابت وكان من شعراءالاسلام:"ياحسان اهج المشركين اهجهم فان جبريل معك,اذا حارب اصحابي بالسلاح فحاب انت باللسان"رواه البخاري ومسلم واحمد.
وليس ذلك فحسب بل انه عليه الصلاة والسلام يقرر ان الحرب النفسية اشدوأسرع أثرامن حرب السلاح فقد روى أن عبدالله بن رواحة كان يلقي شعرا في هجاءالاعداءفي المسجد فاستنكر منه ذلك عمربن الخطاب رضي الله عنه قائلا:بين يدي رسول الله؟وفي حرم الله تقول الشعر؟فقال الرسول صلى الله عليه وسلم:"خل عنه ياعمر,فلهي_يعني القصيدة_أسرع اسرع فيهم من نضح النبل"وفي رواية"خل عنه ياعمر,فوالذي نفسي بيديه لكلامه اشدعليهم من وقع النبل"رواه الترمذي والنسائي.
الحرب النفسية في صراعنا الحضاري:
وليس من شك في ان الامة الاسلامية تواجه اليوم حربا حضارية,تستهدف تدمير قواها وفرض التبعية عليها,ومنعها من القيام بالنهضة الحضارية التي ترجوها واستعادة مكانتها اللائقة بها,واذا كانت الحرب بالسلاح والغزو العسكري والغارات الخاطفة,هي التي تلفت النظروتستأثربالاهتمام والانتباه,لما يصاحبها من قعقعة وضجيج على الصعيدين المحلي والعالمي,الا انه لاينبغي مطلقا ان تغفل الامة عن الدعاية والحرب النفسية او تقلل من شانها,لاءن القتال له نهاية يوما ما,اما الحرب النفسيةة فليس له نهاية,بل هي مستمرة ودائمة في السلم والحرب على حد سواء.
واستطيع ان اقول ان الانسان في هذا العصر"يتنفس"الدعاية كما يتنفس الهواء,لكنه في تنفسه للهواء ياخذ ما ينفعه"الاوكسجين"ويلفظ مايضره"من ثاني اوكسيدالكربون"اما في تنفسه للدعاية والحرب النفسية,فهو لايستطيع في اغلب الاحوال ان يفعل مثل ذلك,وهو معرض للأصابة"بالعلة النفسية"التي قد تدمر فيه الارادة والايجابية وقوته المعنوية..
ولكي ندرك حجم هذا الخطر علينا ان نتفهم ماهية الحرب النفسية واهدافها ورسائلها:

مفهوم الحرب النفسية وأهدافها:
تعرف الحرب النفسية بأنها"هي الاستخدام المخطط للدعاية او ماينتمي اليها من الاجراءات الموجهة الى الدول المعادية او المحايدة او الصديقة,بهدف التأثيرعلى عواطف وسلوك شعوب هذه الدول بما يحقق للدولة_التي توجهها_أهدافها".
1-ان الحرب النفسية لاتوجه فقط الى الدول المعادية اولاتنحصر فقط في نطاق الصراع بين الدول المتحاربة او المتنافسة,بل هي تشمل ايضا الدول الصديقة والدول المحايدة,ولعل هذا ماجعل الخبراء يفضلون لفظ"الدعاية"بدلا من "الحرب النفسية"وكل دولة من دول العالم هي في حقيقتهاجماع لتلك الاوصاف الثلاثة"ومحايدة وصديقة"فذلك هو الامرالغالب في العلاقات الدولية,فالدولة غالبا ما يكون لها اصدقاءواعداءودول تقف موقف الحياد في مواجهة بعض قضاياها.
2-وأن"اهداف"الدعاية تختلف بأختلاف"وضع "الدولة التي توجه اليها في العلاقات الدولية:
_فاذا كانت الدولة معادية,كان الهدف تحطيم الروح المعنوية والارادة القتالية وتوجيهها نحو الهزيمة والخذلان.
_واذا كانت الدولة محايدة,كان الهدف توجيهها نحو الانحياز للدولة الموجهة او التعاطف مع قضيتها,او عل الاقل ابقاءها في وضع الحياد ومنعها من الانحياز الى الجانب الاخر.
_واذا كانت الدولة صديقة,كان الهدف توجيهها نحو تدعيم اواصر الصداقة مع الدولة الموجهة ونحو المزيد من التعاون لتحقيق اهدافها.
مهام الحرب النفسية

الخبراء الذين يخططون لحملات الحرب النفسية لتدمير الروح المعنوية وتحطيم الارادة القتالية,يسعون الى تحقيق هذا الهدف من خلال الرئيسية التالية:

1- التشكيك في سلامة وعدالة الهدف او القضية.
2- زعزعة الثقة في القوة"من كافة عناصرها"والثقة في احراز النصر,واقناع الجانب الاخر بانه لاجدوى من الحرب او الاستمرار في القتال او المقاومة.
3- بث الفرقة والشقاق بين الصفوف والجماعات.
4- التفريق بين الجانب الاخر وحلفائه ودفعهم الى التخلي عن نصرته.
5- تحييد القوى الاخرى التي قد تلجأ اليها الجانب الاخر للتحالف معها او لمناصرته.

الصور والاساليب

وثمة عدة صور واساليب تستخدم لتحقيق تلك المهم نذكر منها مايلي:

1- الكلمة المسموعة او المقرؤة والتي من شأنها التاثير على العقول والعواطف والسلوك,وهو مجال تتعدد فيه الاشكال والوسائل كالكتاب والصحيفة والمجلة والمنشور واللافتة والااعة والتلفزيون والسينما والمسرح....الخ.
2- الشائعات,وهي اخبار مشكوك في صحتها,ويتعذرالتحقق من اصلها,وتتعلق بموضوعات لها اهمية لدى الموجهة اليهم, ويؤدي تصديقهم لها ونشرهم لها"وهذا غالبا مايحدث"الى اضعاف الروح المعنوية.
3- التهديد بواسطة القوة "تحريك الاساطيل-أجراء المناورات الحربية بالقرب من الحدود-تصريحات القادة-أعلان التعبئة الجزئية...الخ.
4- الخداع عن طريق الحيل والايهام.
5- بث الذعر والتخويف والضغط النفسي.
6- الاغراء والتضليل والوعد لاستدراج الجانب الاخر لتغيير موقفه.

يتبع...........................................................................