زائر
الدكتور سامر جميل رضوان
يتعرض الإنسان في مجرى حياته لكثير من الأزمات والأوقات العصيبة تنجم عن طبيعة الحياة نفسها. فهو معرض للكوارث الطبيعية والحروب ولمشكلات اجتماعية وأسرية ومهنية قد تسبب الإرهاق النفسي وتترك آثارا عابرة في بعض الأحيان وشديدة في أحيان أخرى . وبفضل القدرات التكيفية للإنسان فإنه غالبا ما يستطيع تجاوز الأزمات والتغلب عليها بعد فترة زمنية تطول أو تقصر . فهو مزود بجهاز مناعة نفسي ،يشبه عمله عمل جهاز المناعة الجسدي، يكتسبه خلال مرحلة نموه ، يساعده في التغلب على المشكلات التي تواجهه . وتعتبر وسائل الدفاع الأولية وآليات أخرى شعورية من ضمن هذا الجهاز. غير أنه في كثير من الاوقات تفشل هذه الوسائل في مواجهة الأزمات والصراعات التي يتعرض لها الإنسان فتبدأ النفس بالمعاناة من جراء ذلك وتتضرر العمليات النفسية ، مثل الإحساس والشعور والإرادة والتفكير واللغة والذاكرة.ويمكن أن تنشأ من جراء ذلك الأمراض والاضطرابات النفسية والجسدية ذات المنشأ النفسي.
كما ويمكن كذلك للأمراض الجسدية أن تقود إلى اضطرابات نفسية معينة، إذ أن العلاقة بين النفس والجسد علاقة وثيقة جدا ولايمكن الفصل عمليا بين العمليات النفسية والجسدية، فكل جانب يرتبط بالآخر ويتبادل معه التأثير.
وتعرف منظمة الصحة العالمية الصحة بأنها حالة من الإحساس النفسي والجسدي والإجتماعي المتكامل. فالصحة من هذه الزاوية ليست مجرد غياب الأعراض المرضية، وإنما هي حالة من الشعور بالتكيف والرضى ضمن علاقات اجتماعية مستقرة.فالمحيط الاجتماعي والمادي وحالتنا النفسية والجسدية تلعب جميعها دورا في نشوء وتطور الامراض الجسدية منها والنفسية، فأمراض جسدية كالسكري والسرطانات والحساسية يمكن أن تنجم عن العوامل النفسية والبيئية ، كما ويمكن للأزمات والصراعات النفسية في مجالات الحياة المختلفة أن تقود إلى قرحة في المعدة أو إلى اضطرابات النوم أو إلى اضطرابات نفسية مختلفة.
وتعريف منظمة الصحة العالمية للصحة يصف حالة مثالية قلما يستطيع الإنسان تحقيقها بصورة دائمة. فنحن قد نكون في لحظة ما في مزاج طيب وننقلب فجأة بدون سبب معروف إلى حالة من الهم والحزن. ونحن عندما نفقد علاقة مهمة بشخص نحبه أو نتعرض لأزمة مادية فإننا نستجيب على ذلك بالحزن العميق ونشعر بتبدلات في الجسد ونفقد الرغبة في القيام بأي شيء. ويمكن النظر لردود الأفعال هذه بأنها ارتكاسات مفيدة تساعدنا في التكيف مع الموقف وتحمينا من الإنهيار وتحافظ على توازن الجهاز النفسي.
ومن البديهي أن يختلف الأفراد في ردود أفعالهم وفي قدرتهم على تحمل الأزمات والصعوبات الحياتية التي يمرون بها، وهي عندما تتجاوز حدود قدرة الإنسان على التحمل يمكنها أن تقود إلى الاضطرابات النفسية.
ولكن هل يمكن القول أن كل ضيق نفسي هو تعبير عن مرض نفسي؟
الإجابة عن هذا لسؤال هي بالنفي طبعا غير أن الحدود بين السواء والاضطراب غالبا ما لاتكون واضحة تماما اللهم إلا في الحالات الشديدة جدا من الاضطرابات النفسية. وعادة يشعر كل شخص معني بنفسه بذلك، فهو يشعر بأن أعراض مرضه تقيده إلى درجة لايستطيع معها مواصلة عمله كالمعتاد وأن أمور حياته لاتسير كما يرغب أو أنه يتصرف تصرفات غريبة عنه كأن يخاف من البقاء وحده أو تسيطر عليه افكارا غريبة ، وقد يلاحظ المحيط ذلك قبل أن يدرك الشخص نفسه أن شيئا لديه ليس على مايرام.
ماهي أشكال الاضطرابات النفسية التي تكثر ملاحظتها؟
في سياق الأزمات النفسية المختلفة يمكن أن تظهر مجموعة كبيرة من الاضطرابات النفسية تطلق عليها تسميات مختلفة حسب الشكل والمنشأ. وبشكل عام هناك الاضطرابات النفسية ذات الشكل العصابي التي ينطوي تحتها مجموعة مختلفة من الاضطرابات التي سنتعرض لذكر بعض منها وهناك مجموعة الاضطرابات الذهانية التي يقع الفصام والاكتئابات الدورية من ضمنها.
والعصابات هي نوع من الاضطرابات النفسية الناجمة عن ظروف ومؤثرات بيئية واجتماعية، وهي غالبا ما تختلف في مظاهرها وأشكالها، وتكثر ملاحظتها على شكل اضطرابات القلق والخوف. والقلق عبارة عن خوف من شيء غير محدد ومعروف يشعر فيه الإنسان ويباغته فجأة بدون أن يستطيع تحديد أسبابه. أما في الخوف المرضي فيكون الخوف من موضوع محدد لا يسبب الخوف في الأحوال العادية كالخوف من الحيوانات أو من الأماكن العامة التي يوجد فيها حشد من الناس أو الخوف من البقاء وحيدا كما ويمكن أن يخاف الإنسان من الإصابة بمرض خطير من غير داع ويتوهم المرض .
وهناك شكل آخر من الاضطرابات العصابية يسمى بالاكتئاب العصابي يشعر فيه المريض بأنه مرهق دائما ومنقبض وحزين وأن عليه أن يجبر نفسه للقيام بأبسط الأعمال ويهمل اهتماماته ويعاني من الشك بنفسه ومن القلق ومشاعر الذنب. وغالبا ما تكون الأسباب في التبدلات الحياتية الطارئة التي تسبب فقدان الشعور بالأمن والاستقرار.
وأحيانا يصعب فصل هذا النوع من الاكتئاب عن الإكتئابات الذهانية الداخلية المنشأ.
وفي عصابات القسر أو اضطرابات القسر نجد أن المريض يعاني من أفكار وتصرفات لا يستطيع السيطرة عليها ويجد نفسه مجبرا على القيام بها على الرغم من إدراكه أنها عبارة عن أفكار أو تصرفات لاقيمة لها وعديمة المعنى على الإطلاق. فالمريض يقوم مثلا بعملية غسيل متكررة ليديه نتيجة خوفه من أن تكون ملوثة، وبعد إتمام عملية الغسيل يعود ثانية لخوفه من أن تكون المغسلة التي لمسها متسخة وهكذا تتكرر العملية إلى ما لانهاية. ويدرك الشخص هنا بأن ما يقوم به غير سليم وليس له معنى ولكنه لا يستطيع التحرر من ذلك. وإلى جانب هذه الأشكال من العصابات هناك عصابات لا تتميز بمظاهر محددة ، وإنما تتصف بسمات شاذه وغريبة تميز الشخصية ككل. فهناك مثلا الشخصية القسرية أو الوسواسية التي تميل إلى فقدان المرح والجمود والتعلق الزائد بالنظام. أما في الشخصيات من النوع الهستيري فيلاحظ أنها تسعى إلى لفت اهتمام الآخرين والحصول على الاعتراف من خلال تصرفات مسرحية واستعراضية في حين أن الشخصيات الزورية ( العظامية) تميل إلى الشك الدائم وتشعر بأنها مسُت أو جرحت لأقل انتقاد أو ملاحظة وتقيم سلوك الآخرين بأنه موجه ضدها شخصيا.
ولا يوجد أي اضطراب عصابي تقريبا بدون أن يترافق مع القلق. ويغلب أن يترافق القلق مع تأثيرات جسدية كخفقان القلب واضطرابات التنفس وآلام المعدة أو مع تشنج في العضلات. و أغلب العصابات يمكن أن تتجلى على شكل ألم جسدي، كعصاب القلب أو الأمراض الجسدية النفسية.
وتعود أسباب الاضطرابات العصابية إلى عوامل طفولية في الغالب. فالخبرات الصادمة التي لايستطيع الطفل التغلب عليها بنجاح والتربية الصارمة جدا والقاسية واللامبالية وقليلة العاطفة والحب يمكن لها أن تسبب أضرارا يمتد أثرها إلى جميع مراحل العمر اللاحقة. ومقابل هذا الشكل الصارم من التربية يقع القطب المقابل من أسلوب التربية المفرط في الرعاية والعناية والدلال. وهذا الشكل من التربية يمكن أن يقود إلى الأضرار النفسية نفسها التي يقود إليها الشكل الأول من التربية.
ويغلب أن ينقل الأهل بصورة لاشعورية عصاباتهم الخاصة أو اضطراباتهم الخاصة إلى أطفالهم.. وفي كثير من الأحيان يسعى الاطفال الذين لايشعرون بحب والديهم لهم بالبحث عن سبل ووسائل تحقق لهم الحصول على هذا الحب وفق تصوراتهم الخاصة ، أي أنهم يبحثون عما ينال رضى وإعجاب والديهم فيقومون به بغض النظر عما يريدونه هم أنفسهم. وهذه المحاولة للتطابق مع توقعات الوالدين غالبا ما تقود الأطفال إلى إنكار الحاجات والمشاعر الخاصة وعدم التعبير عنها والاعتراف بها وينادون بحاجات ورغبات والديهم ، حيث يعتقدون - بصورة لاشعورية - بأن هذا التطابق هو السبيل للحصول على الحب ، فيفقدون بذلك الحيوية والعفوية.
وتبقى هذه الصراعات الطفولية كامنة تفعل فعلها بشكل لاشعوري حتى يواجه الفرد فيما بعد مواقف حرجة وأزمات حياتية مرهقة تضعف من جهاز المناعة النفسي مما يقود إلى إثارة هذه الصراعات من جديد الأمر الذي يمكن أن تكون عاقبته إحدى أشكال الاضطرابات النفسية العصابية.
يتعرض الإنسان في مجرى حياته لكثير من الأزمات والأوقات العصيبة تنجم عن طبيعة الحياة نفسها. فهو معرض للكوارث الطبيعية والحروب ولمشكلات اجتماعية وأسرية ومهنية قد تسبب الإرهاق النفسي وتترك آثارا عابرة في بعض الأحيان وشديدة في أحيان أخرى . وبفضل القدرات التكيفية للإنسان فإنه غالبا ما يستطيع تجاوز الأزمات والتغلب عليها بعد فترة زمنية تطول أو تقصر . فهو مزود بجهاز مناعة نفسي ،يشبه عمله عمل جهاز المناعة الجسدي، يكتسبه خلال مرحلة نموه ، يساعده في التغلب على المشكلات التي تواجهه . وتعتبر وسائل الدفاع الأولية وآليات أخرى شعورية من ضمن هذا الجهاز. غير أنه في كثير من الاوقات تفشل هذه الوسائل في مواجهة الأزمات والصراعات التي يتعرض لها الإنسان فتبدأ النفس بالمعاناة من جراء ذلك وتتضرر العمليات النفسية ، مثل الإحساس والشعور والإرادة والتفكير واللغة والذاكرة.ويمكن أن تنشأ من جراء ذلك الأمراض والاضطرابات النفسية والجسدية ذات المنشأ النفسي.
كما ويمكن كذلك للأمراض الجسدية أن تقود إلى اضطرابات نفسية معينة، إذ أن العلاقة بين النفس والجسد علاقة وثيقة جدا ولايمكن الفصل عمليا بين العمليات النفسية والجسدية، فكل جانب يرتبط بالآخر ويتبادل معه التأثير.
وتعرف منظمة الصحة العالمية الصحة بأنها حالة من الإحساس النفسي والجسدي والإجتماعي المتكامل. فالصحة من هذه الزاوية ليست مجرد غياب الأعراض المرضية، وإنما هي حالة من الشعور بالتكيف والرضى ضمن علاقات اجتماعية مستقرة.فالمحيط الاجتماعي والمادي وحالتنا النفسية والجسدية تلعب جميعها دورا في نشوء وتطور الامراض الجسدية منها والنفسية، فأمراض جسدية كالسكري والسرطانات والحساسية يمكن أن تنجم عن العوامل النفسية والبيئية ، كما ويمكن للأزمات والصراعات النفسية في مجالات الحياة المختلفة أن تقود إلى قرحة في المعدة أو إلى اضطرابات النوم أو إلى اضطرابات نفسية مختلفة.
وتعريف منظمة الصحة العالمية للصحة يصف حالة مثالية قلما يستطيع الإنسان تحقيقها بصورة دائمة. فنحن قد نكون في لحظة ما في مزاج طيب وننقلب فجأة بدون سبب معروف إلى حالة من الهم والحزن. ونحن عندما نفقد علاقة مهمة بشخص نحبه أو نتعرض لأزمة مادية فإننا نستجيب على ذلك بالحزن العميق ونشعر بتبدلات في الجسد ونفقد الرغبة في القيام بأي شيء. ويمكن النظر لردود الأفعال هذه بأنها ارتكاسات مفيدة تساعدنا في التكيف مع الموقف وتحمينا من الإنهيار وتحافظ على توازن الجهاز النفسي.
ومن البديهي أن يختلف الأفراد في ردود أفعالهم وفي قدرتهم على تحمل الأزمات والصعوبات الحياتية التي يمرون بها، وهي عندما تتجاوز حدود قدرة الإنسان على التحمل يمكنها أن تقود إلى الاضطرابات النفسية.
ولكن هل يمكن القول أن كل ضيق نفسي هو تعبير عن مرض نفسي؟
الإجابة عن هذا لسؤال هي بالنفي طبعا غير أن الحدود بين السواء والاضطراب غالبا ما لاتكون واضحة تماما اللهم إلا في الحالات الشديدة جدا من الاضطرابات النفسية. وعادة يشعر كل شخص معني بنفسه بذلك، فهو يشعر بأن أعراض مرضه تقيده إلى درجة لايستطيع معها مواصلة عمله كالمعتاد وأن أمور حياته لاتسير كما يرغب أو أنه يتصرف تصرفات غريبة عنه كأن يخاف من البقاء وحده أو تسيطر عليه افكارا غريبة ، وقد يلاحظ المحيط ذلك قبل أن يدرك الشخص نفسه أن شيئا لديه ليس على مايرام.
ماهي أشكال الاضطرابات النفسية التي تكثر ملاحظتها؟
في سياق الأزمات النفسية المختلفة يمكن أن تظهر مجموعة كبيرة من الاضطرابات النفسية تطلق عليها تسميات مختلفة حسب الشكل والمنشأ. وبشكل عام هناك الاضطرابات النفسية ذات الشكل العصابي التي ينطوي تحتها مجموعة مختلفة من الاضطرابات التي سنتعرض لذكر بعض منها وهناك مجموعة الاضطرابات الذهانية التي يقع الفصام والاكتئابات الدورية من ضمنها.
والعصابات هي نوع من الاضطرابات النفسية الناجمة عن ظروف ومؤثرات بيئية واجتماعية، وهي غالبا ما تختلف في مظاهرها وأشكالها، وتكثر ملاحظتها على شكل اضطرابات القلق والخوف. والقلق عبارة عن خوف من شيء غير محدد ومعروف يشعر فيه الإنسان ويباغته فجأة بدون أن يستطيع تحديد أسبابه. أما في الخوف المرضي فيكون الخوف من موضوع محدد لا يسبب الخوف في الأحوال العادية كالخوف من الحيوانات أو من الأماكن العامة التي يوجد فيها حشد من الناس أو الخوف من البقاء وحيدا كما ويمكن أن يخاف الإنسان من الإصابة بمرض خطير من غير داع ويتوهم المرض .
وهناك شكل آخر من الاضطرابات العصابية يسمى بالاكتئاب العصابي يشعر فيه المريض بأنه مرهق دائما ومنقبض وحزين وأن عليه أن يجبر نفسه للقيام بأبسط الأعمال ويهمل اهتماماته ويعاني من الشك بنفسه ومن القلق ومشاعر الذنب. وغالبا ما تكون الأسباب في التبدلات الحياتية الطارئة التي تسبب فقدان الشعور بالأمن والاستقرار.
وأحيانا يصعب فصل هذا النوع من الاكتئاب عن الإكتئابات الذهانية الداخلية المنشأ.
وفي عصابات القسر أو اضطرابات القسر نجد أن المريض يعاني من أفكار وتصرفات لا يستطيع السيطرة عليها ويجد نفسه مجبرا على القيام بها على الرغم من إدراكه أنها عبارة عن أفكار أو تصرفات لاقيمة لها وعديمة المعنى على الإطلاق. فالمريض يقوم مثلا بعملية غسيل متكررة ليديه نتيجة خوفه من أن تكون ملوثة، وبعد إتمام عملية الغسيل يعود ثانية لخوفه من أن تكون المغسلة التي لمسها متسخة وهكذا تتكرر العملية إلى ما لانهاية. ويدرك الشخص هنا بأن ما يقوم به غير سليم وليس له معنى ولكنه لا يستطيع التحرر من ذلك. وإلى جانب هذه الأشكال من العصابات هناك عصابات لا تتميز بمظاهر محددة ، وإنما تتصف بسمات شاذه وغريبة تميز الشخصية ككل. فهناك مثلا الشخصية القسرية أو الوسواسية التي تميل إلى فقدان المرح والجمود والتعلق الزائد بالنظام. أما في الشخصيات من النوع الهستيري فيلاحظ أنها تسعى إلى لفت اهتمام الآخرين والحصول على الاعتراف من خلال تصرفات مسرحية واستعراضية في حين أن الشخصيات الزورية ( العظامية) تميل إلى الشك الدائم وتشعر بأنها مسُت أو جرحت لأقل انتقاد أو ملاحظة وتقيم سلوك الآخرين بأنه موجه ضدها شخصيا.
ولا يوجد أي اضطراب عصابي تقريبا بدون أن يترافق مع القلق. ويغلب أن يترافق القلق مع تأثيرات جسدية كخفقان القلب واضطرابات التنفس وآلام المعدة أو مع تشنج في العضلات. و أغلب العصابات يمكن أن تتجلى على شكل ألم جسدي، كعصاب القلب أو الأمراض الجسدية النفسية.
وتعود أسباب الاضطرابات العصابية إلى عوامل طفولية في الغالب. فالخبرات الصادمة التي لايستطيع الطفل التغلب عليها بنجاح والتربية الصارمة جدا والقاسية واللامبالية وقليلة العاطفة والحب يمكن لها أن تسبب أضرارا يمتد أثرها إلى جميع مراحل العمر اللاحقة. ومقابل هذا الشكل الصارم من التربية يقع القطب المقابل من أسلوب التربية المفرط في الرعاية والعناية والدلال. وهذا الشكل من التربية يمكن أن يقود إلى الأضرار النفسية نفسها التي يقود إليها الشكل الأول من التربية.
ويغلب أن ينقل الأهل بصورة لاشعورية عصاباتهم الخاصة أو اضطراباتهم الخاصة إلى أطفالهم.. وفي كثير من الأحيان يسعى الاطفال الذين لايشعرون بحب والديهم لهم بالبحث عن سبل ووسائل تحقق لهم الحصول على هذا الحب وفق تصوراتهم الخاصة ، أي أنهم يبحثون عما ينال رضى وإعجاب والديهم فيقومون به بغض النظر عما يريدونه هم أنفسهم. وهذه المحاولة للتطابق مع توقعات الوالدين غالبا ما تقود الأطفال إلى إنكار الحاجات والمشاعر الخاصة وعدم التعبير عنها والاعتراف بها وينادون بحاجات ورغبات والديهم ، حيث يعتقدون - بصورة لاشعورية - بأن هذا التطابق هو السبيل للحصول على الحب ، فيفقدون بذلك الحيوية والعفوية.
وتبقى هذه الصراعات الطفولية كامنة تفعل فعلها بشكل لاشعوري حتى يواجه الفرد فيما بعد مواقف حرجة وأزمات حياتية مرهقة تضعف من جهاز المناعة النفسي مما يقود إلى إثارة هذه الصراعات من جديد الأمر الذي يمكن أن تكون عاقبته إحدى أشكال الاضطرابات النفسية العصابية.
التعديل الأخير بواسطة المشرف: