زائر
تحيه طيبه ..
هذه أولى مواضيعي في هذا القسم بل في المنتدى بأسره ..
أحببت أن تحمل في طياتها بعض من الواقع الذي نعيش فيه نحن طلبة الطب ولا أعلم هل هذا الواقع موجود في جميع الدول العربيه ؟؟
أحبتي ..
هذه مقاله بقلم دكتوري الفاضل هاني المعلم وهي بعنوان .. لا فائدة المحاضرات!! ..
أحسست عند قرأتها بأن هذا الطبيب الرائع والمعلم المبدع قد لامس واقعنا وكأنه يدرس معنا فأحببت أن أنقلها إليكم لأرى آرائكم ولأجد إجابة على تساؤلي وليرى كل منا ماهي الطريقه الذي يعيش فيها وهل تعتبر المثلى؟؟!!
لا فائدة المحاضرات!!
*هاني المعلم
حكى أحد الأطباء الأستراليين في معرض تعليق له على مقال علمي يتعلق بمهارات تدريس المجموعات الكبيرة، وذلك نقلاً عن جده البريطاني الأصل: أن الأخير لا ينسى عندما كان طالباً في كلية الطب في ثلاثينات القرن الماضي ثلاث جمل يفتتح بها أستاذ علم التشريح المحاضرة الأولى في كل سنة ولكل دفعة من الطلاب - ولك أن تتخيل الأسلوب الإنجليزي البارد - أيها السادة، سنناقش اليوم التشريح الجراحي للمعدة. هل هناك أي سؤال؟ ثم ينتظر برهة، ويعاود القول: إذا لم يكن هناك أي سؤال، فسنناقش في الغد التشريح الجراحي للأمعاء ثم يغادر قاعة المحاضرات.
يذكر الجد أن ما تم تعلمه مع هذا الأستاذ فيما تلا من محاضراته أمر فاق الوصف مقارنة بالمواد الأخرى، إذ اضطر الطلاب الحريصون على التعلم والمسؤولون عن الإعداد المسبق للمحاضرات، وكتابة أسئلتهم، وتحولت محاضرات هذا الأستاذ إلى حلقات نقاش ممتعة جعلت هذا الجد- بعد عمر مديد- ينسى كل شيء ويتذكر هذا الأستاذ ويحكي حكايته لحفيده.
إن هذا الأستاذ (أذكر هذا المثل ولا أدعو إلى تطبيقه بحذافيره) أراد أن يبني في طلابه عقلية علمية ناقدة، قائمة على إعمال الرأي وعدم القبول بكل شيء بدون فهم وتعليل. إنه أراد أن يذلل الصعوبات التي تواجه الطلاب في تحصيلهم، وأن ينطلق كالدليل الذي يرشد الطلاب في رحلة إبحارهم التعليمية إلى بر أمان الفهم والوعي والإدراك. إن هذا الأستاذ لم يكن- كما هو الحال في كثير من أساتذة التعليم العالي- هو المشكلة والعقبة والمعضلة التي تحول دون تحصيل علمي جيد،متقن لطلابه، متميز بثقافة المساءلة وحب العلم والتزود منه، بعيداً عن ثقافة الاتباع والتلقين والخمول الذهني.
هذا الأسلوب التفاعلي في المحاضرات - وفي أي عملية تعليمية أخرى- يكرس مفهوم المبادرة في التحصيل ومفهوم التعلم الذاتي لدى الطلاب، ويعتمد على إثارة الشعور بالمسؤولية لديهم. إنه يكاد يكون الضامن الوحيد لنجاح أي عملية تعليمية.
ولعل من أقدم الدراسات العلمية التي تشير إلى قلة فاعلية المحاضرات المؤداة بالأسلوب التقليدي القائم على سرد المعلومات على المستمعين ما نشر في مجلة لانسيت الطبية العلمية عام 1978م من أن تركيز طلاب الطب يتلاشى تدريجياً بعد 10-15 دقيقة من بداية كل محاضرة، بمعنى أن المحاضر لا يخاطب إلا نفسه بعد هذا الوقت تقريباً، وأوصت هذه الدراسة بأن يخفض وقت المحاضرة إلى 30 بدلاً من 60 دقيقة ودراسة أخرى عام 1979م بينت استياء طلاب الطب من المحاضرات التقليدية. هذه الأدلة وغيرها أثارت حفيظة الكثيرين من المشرعين والمسؤولين عن أنظمة التعليم الطبي في العالم، مما أدى إلى استحداث طرق وأساليب تعليمية قائمة على المشاركة الفعالة للطلاب في العملية التعليمية كالمنهج المعتمد على أسلوب حل المعضلات، والمنهج المندمج، واعتماد الانخراط المبكر في العمل الطبي في المستشفيات والعيادات الطبية وغير ذلك.
إنه وبعد أكثر من عشرين سنة من تلك الدراسات، وبعد الجهد المضني الذي بذلته ومازالت تبذله جل جامعات العالم في عملية التحديث والتطوير في مجال التعليم الطبي، فإنك لاتزال تجد في كليات طب حديثة السن تنشأ هنا وهناك في عالمنا العربي تخصيص ساعتين كاملتين لكل محاضرة ولك أن تتخيل أي بحور سوداء تسبح فيها عقول الطلاب وأخيلتهم وهم يتابعون محاضرة يستحي البرود والسلبية من طريقة أدائها والأغرب من ذلك ألا يتم اعتماد أي برامج تأهيلية إعدادية (إجبارية أو اختيارية) عن مهارات التدريس والتعليم لأساتذة كليات الطب - وأساتذة التعليم العالي بشكل عام - ولا أدري من وضع قاعدة خاطئة تم تعميمها في تعليمنا العالي مفادها أنك إذا كنت من حملة شهادة الدكتوراه أو الزمالة الطبية فإنك مدرس بارع إن من يحمل درجة التخصص في مجال ما لا يجهز تلقائياً وهو في معمعة تحصيله العلمي لخوض غمار التدريس والتعليم، إنه بحاجة ماسة إلى أن يخضع إلى دورات تربوية تأهيلية - كما هو الحال في أغلب الجامعات المحترمة- عن التعليم (التعليم الطبي تحديداً في حالة من يلتحق من الأساتذة بكليات الطب) وطرقه وأساليبه، وذلك قبل خوضه غمار التدريس ألا ما أكثر من حمل الدكتوراه أو الزمالة الطبية وهو حقيقة مدرس تائه، ضائع وأستغرب ممن يحاضر لمدة ساعتين متتاليتين - أو حتى ساعة واحدة - لمجموعة من الطلاب المساكين ثم يدخل في سباق مع نفسه ومع الزمن، ليلقي على مسامع الطلاب أكبر كمية يستطيعها من المعلومات المقررة عليهم، غير عابئ بهل استوعب الطلاب أم لم يستوعبوا؟ أفهموا أم لم يفهموا؟ ولا تسل عن الشرائح - هذا إذا كان يستخدم أساليب عرض حديثة أساساً - التي يستخدمها، وكثرة ما هو مكتوب فيها من معلومات، تعمي العينين في متابعتها ولا يحتاج الطلاب إلى معرفة أكثرها ولا تسل عن مدى قدم هذه الشرائح، ومنذ متى جددها هذا الأستاذ، وهل أعد للمحاضرة قبل إلقائها، أم أن آخر مرة قرأها كانت العام الماضي حين ألقى المحاضرة نفسها على الدفة السابقة ولا تسل عن تحديد أهداف المحاضرة، أو عن تخطيط وترتيب تسلسل الأفكار فيها، أو عن تقييم تحصيل الطلاب في المحاضرة - أثناء وقت المحاضرة نفسها - فكل هذا ترف علمي لا يجوز السؤال عنه.
عجباً.. ألا يقرأ هذا المحاضر في أعين طلابه الشعور بالضياع وعدم الفهم؟ ألا يحس هذا المحاضر أنه في واد وطلابه في مستنقع آخر. ألا يرى بأم عينيه مدى استخفاف الطلاب به وبمحاضرته حين يدرس نفر من الطلاب - فيما هو يحاضر - مادة أخرى غير مادته؟, فهؤلاء يحضرون لمجرد الحضور والخوف من الغياب والحرمان أم أنه يتجاهل ثلاثة أرباع المدرج التي تغط في نوم عميق، والربع الآخر الذي يحضر جسدياً لكنه شارد الذهن، ولم يبق له - إذا بقي له أحد - سوى طالب أو اثنين يكتبان المحاضرة ليصوراها لباقي الطلاب من بعد هذا إذا لم تكن مذكرات العام الماضي - أو حتى الذي قبل الذي قبله - موجودة في إحدى المكتبات.
إن المحاضرات - كما يصف أحد خبراء التعليم الطبي- قد سببت حدوث أمراض وعاهات كثيرة في أساتذتنا وطلابنا على حد سواء. أو الخبير الآخر الذي أراد أن يعرف المحاضرة، فعبَّر- ساخراً- بأنها العملية التي تنتقل فيها ما دوَّنه الأستاذ في مذكراته إلى مذكرات طلابه بدون أن تمر في ذهن كليهما..
وأكثر من ذلك أن أمر عقم المحاضرات لا يقتصر على مرحلة ما قبل التخرج، بل يتعداه إلى مرحلة ما بعد التخرج، أو ما يسمى في العرف الطبي بالتعليم الطبي المستمر، فقد نشرت مجلة الهيئة الطبية الأمريكية دراسة عبارة عن ملخص لكل الدراسات التي نشرت في موضوع فاعلية التعليم الطبي المستمر، وخلصت إلى أن البرامج التعليمية التقليدية التي لا تحتوي على أي تفاعل وتبادل للمعلومات وحوار ونقاش بين المنخرطين في العملية التعليمية (سواء أكانت محاضرات أو حلقات عمل أو مؤتمرات أو دورات) هي برامج سلبية غير مؤثرة في تغيير أو تعديل أداء الأطباء.
ولأهمية دلالة هذا البحث فإنه قد اعتمد من ضمن أهم البحوث التي نشرت في ذلك العام باعتراف المجلة الفصلية التي تصدر من كلية الأطباء الأمريكية، وهذه المجلة لا تنشر إلا الراقي والمؤثر من نتاج الأبحاث العلمية...
ورغم كل هذا أيضاً لا تجد في أغلب برامج التعليم الطبي المستمر غير المحاضرات السلبية العقيمة التي يتم حشدها - في الغالب - للدعاية والمفاخرة، والتي لا ترضي ولا تفيد إلا من أعدَّها.
سؤال: متى نفيق؟.
* استشاري في أمراض الروماتيزم
المصدر:
جريدة الوطن
السبت 1 محرم 1428هـ الموافق 20 يناير 2007م العدد (2304) السنة السابعة
http:www.awatan.m.sadaiy2007...wites03.htm
أتمنى أن تكونوا قد استمتعتم بقرأتها ولنرى ما هي ردود الفعل؟؟
sante;
هذه أولى مواضيعي في هذا القسم بل في المنتدى بأسره ..
أحببت أن تحمل في طياتها بعض من الواقع الذي نعيش فيه نحن طلبة الطب ولا أعلم هل هذا الواقع موجود في جميع الدول العربيه ؟؟
أحبتي ..
هذه مقاله بقلم دكتوري الفاضل هاني المعلم وهي بعنوان .. لا فائدة المحاضرات!! ..
أحسست عند قرأتها بأن هذا الطبيب الرائع والمعلم المبدع قد لامس واقعنا وكأنه يدرس معنا فأحببت أن أنقلها إليكم لأرى آرائكم ولأجد إجابة على تساؤلي وليرى كل منا ماهي الطريقه الذي يعيش فيها وهل تعتبر المثلى؟؟!!
لا فائدة المحاضرات!!
*هاني المعلم
حكى أحد الأطباء الأستراليين في معرض تعليق له على مقال علمي يتعلق بمهارات تدريس المجموعات الكبيرة، وذلك نقلاً عن جده البريطاني الأصل: أن الأخير لا ينسى عندما كان طالباً في كلية الطب في ثلاثينات القرن الماضي ثلاث جمل يفتتح بها أستاذ علم التشريح المحاضرة الأولى في كل سنة ولكل دفعة من الطلاب - ولك أن تتخيل الأسلوب الإنجليزي البارد - أيها السادة، سنناقش اليوم التشريح الجراحي للمعدة. هل هناك أي سؤال؟ ثم ينتظر برهة، ويعاود القول: إذا لم يكن هناك أي سؤال، فسنناقش في الغد التشريح الجراحي للأمعاء ثم يغادر قاعة المحاضرات.
يذكر الجد أن ما تم تعلمه مع هذا الأستاذ فيما تلا من محاضراته أمر فاق الوصف مقارنة بالمواد الأخرى، إذ اضطر الطلاب الحريصون على التعلم والمسؤولون عن الإعداد المسبق للمحاضرات، وكتابة أسئلتهم، وتحولت محاضرات هذا الأستاذ إلى حلقات نقاش ممتعة جعلت هذا الجد- بعد عمر مديد- ينسى كل شيء ويتذكر هذا الأستاذ ويحكي حكايته لحفيده.
إن هذا الأستاذ (أذكر هذا المثل ولا أدعو إلى تطبيقه بحذافيره) أراد أن يبني في طلابه عقلية علمية ناقدة، قائمة على إعمال الرأي وعدم القبول بكل شيء بدون فهم وتعليل. إنه أراد أن يذلل الصعوبات التي تواجه الطلاب في تحصيلهم، وأن ينطلق كالدليل الذي يرشد الطلاب في رحلة إبحارهم التعليمية إلى بر أمان الفهم والوعي والإدراك. إن هذا الأستاذ لم يكن- كما هو الحال في كثير من أساتذة التعليم العالي- هو المشكلة والعقبة والمعضلة التي تحول دون تحصيل علمي جيد،متقن لطلابه، متميز بثقافة المساءلة وحب العلم والتزود منه، بعيداً عن ثقافة الاتباع والتلقين والخمول الذهني.
هذا الأسلوب التفاعلي في المحاضرات - وفي أي عملية تعليمية أخرى- يكرس مفهوم المبادرة في التحصيل ومفهوم التعلم الذاتي لدى الطلاب، ويعتمد على إثارة الشعور بالمسؤولية لديهم. إنه يكاد يكون الضامن الوحيد لنجاح أي عملية تعليمية.
ولعل من أقدم الدراسات العلمية التي تشير إلى قلة فاعلية المحاضرات المؤداة بالأسلوب التقليدي القائم على سرد المعلومات على المستمعين ما نشر في مجلة لانسيت الطبية العلمية عام 1978م من أن تركيز طلاب الطب يتلاشى تدريجياً بعد 10-15 دقيقة من بداية كل محاضرة، بمعنى أن المحاضر لا يخاطب إلا نفسه بعد هذا الوقت تقريباً، وأوصت هذه الدراسة بأن يخفض وقت المحاضرة إلى 30 بدلاً من 60 دقيقة ودراسة أخرى عام 1979م بينت استياء طلاب الطب من المحاضرات التقليدية. هذه الأدلة وغيرها أثارت حفيظة الكثيرين من المشرعين والمسؤولين عن أنظمة التعليم الطبي في العالم، مما أدى إلى استحداث طرق وأساليب تعليمية قائمة على المشاركة الفعالة للطلاب في العملية التعليمية كالمنهج المعتمد على أسلوب حل المعضلات، والمنهج المندمج، واعتماد الانخراط المبكر في العمل الطبي في المستشفيات والعيادات الطبية وغير ذلك.
إنه وبعد أكثر من عشرين سنة من تلك الدراسات، وبعد الجهد المضني الذي بذلته ومازالت تبذله جل جامعات العالم في عملية التحديث والتطوير في مجال التعليم الطبي، فإنك لاتزال تجد في كليات طب حديثة السن تنشأ هنا وهناك في عالمنا العربي تخصيص ساعتين كاملتين لكل محاضرة ولك أن تتخيل أي بحور سوداء تسبح فيها عقول الطلاب وأخيلتهم وهم يتابعون محاضرة يستحي البرود والسلبية من طريقة أدائها والأغرب من ذلك ألا يتم اعتماد أي برامج تأهيلية إعدادية (إجبارية أو اختيارية) عن مهارات التدريس والتعليم لأساتذة كليات الطب - وأساتذة التعليم العالي بشكل عام - ولا أدري من وضع قاعدة خاطئة تم تعميمها في تعليمنا العالي مفادها أنك إذا كنت من حملة شهادة الدكتوراه أو الزمالة الطبية فإنك مدرس بارع إن من يحمل درجة التخصص في مجال ما لا يجهز تلقائياً وهو في معمعة تحصيله العلمي لخوض غمار التدريس والتعليم، إنه بحاجة ماسة إلى أن يخضع إلى دورات تربوية تأهيلية - كما هو الحال في أغلب الجامعات المحترمة- عن التعليم (التعليم الطبي تحديداً في حالة من يلتحق من الأساتذة بكليات الطب) وطرقه وأساليبه، وذلك قبل خوضه غمار التدريس ألا ما أكثر من حمل الدكتوراه أو الزمالة الطبية وهو حقيقة مدرس تائه، ضائع وأستغرب ممن يحاضر لمدة ساعتين متتاليتين - أو حتى ساعة واحدة - لمجموعة من الطلاب المساكين ثم يدخل في سباق مع نفسه ومع الزمن، ليلقي على مسامع الطلاب أكبر كمية يستطيعها من المعلومات المقررة عليهم، غير عابئ بهل استوعب الطلاب أم لم يستوعبوا؟ أفهموا أم لم يفهموا؟ ولا تسل عن الشرائح - هذا إذا كان يستخدم أساليب عرض حديثة أساساً - التي يستخدمها، وكثرة ما هو مكتوب فيها من معلومات، تعمي العينين في متابعتها ولا يحتاج الطلاب إلى معرفة أكثرها ولا تسل عن مدى قدم هذه الشرائح، ومنذ متى جددها هذا الأستاذ، وهل أعد للمحاضرة قبل إلقائها، أم أن آخر مرة قرأها كانت العام الماضي حين ألقى المحاضرة نفسها على الدفة السابقة ولا تسل عن تحديد أهداف المحاضرة، أو عن تخطيط وترتيب تسلسل الأفكار فيها، أو عن تقييم تحصيل الطلاب في المحاضرة - أثناء وقت المحاضرة نفسها - فكل هذا ترف علمي لا يجوز السؤال عنه.
عجباً.. ألا يقرأ هذا المحاضر في أعين طلابه الشعور بالضياع وعدم الفهم؟ ألا يحس هذا المحاضر أنه في واد وطلابه في مستنقع آخر. ألا يرى بأم عينيه مدى استخفاف الطلاب به وبمحاضرته حين يدرس نفر من الطلاب - فيما هو يحاضر - مادة أخرى غير مادته؟, فهؤلاء يحضرون لمجرد الحضور والخوف من الغياب والحرمان أم أنه يتجاهل ثلاثة أرباع المدرج التي تغط في نوم عميق، والربع الآخر الذي يحضر جسدياً لكنه شارد الذهن، ولم يبق له - إذا بقي له أحد - سوى طالب أو اثنين يكتبان المحاضرة ليصوراها لباقي الطلاب من بعد هذا إذا لم تكن مذكرات العام الماضي - أو حتى الذي قبل الذي قبله - موجودة في إحدى المكتبات.
إن المحاضرات - كما يصف أحد خبراء التعليم الطبي- قد سببت حدوث أمراض وعاهات كثيرة في أساتذتنا وطلابنا على حد سواء. أو الخبير الآخر الذي أراد أن يعرف المحاضرة، فعبَّر- ساخراً- بأنها العملية التي تنتقل فيها ما دوَّنه الأستاذ في مذكراته إلى مذكرات طلابه بدون أن تمر في ذهن كليهما..
وأكثر من ذلك أن أمر عقم المحاضرات لا يقتصر على مرحلة ما قبل التخرج، بل يتعداه إلى مرحلة ما بعد التخرج، أو ما يسمى في العرف الطبي بالتعليم الطبي المستمر، فقد نشرت مجلة الهيئة الطبية الأمريكية دراسة عبارة عن ملخص لكل الدراسات التي نشرت في موضوع فاعلية التعليم الطبي المستمر، وخلصت إلى أن البرامج التعليمية التقليدية التي لا تحتوي على أي تفاعل وتبادل للمعلومات وحوار ونقاش بين المنخرطين في العملية التعليمية (سواء أكانت محاضرات أو حلقات عمل أو مؤتمرات أو دورات) هي برامج سلبية غير مؤثرة في تغيير أو تعديل أداء الأطباء.
ولأهمية دلالة هذا البحث فإنه قد اعتمد من ضمن أهم البحوث التي نشرت في ذلك العام باعتراف المجلة الفصلية التي تصدر من كلية الأطباء الأمريكية، وهذه المجلة لا تنشر إلا الراقي والمؤثر من نتاج الأبحاث العلمية...
ورغم كل هذا أيضاً لا تجد في أغلب برامج التعليم الطبي المستمر غير المحاضرات السلبية العقيمة التي يتم حشدها - في الغالب - للدعاية والمفاخرة، والتي لا ترضي ولا تفيد إلا من أعدَّها.
سؤال: متى نفيق؟.
* استشاري في أمراض الروماتيزم
المصدر:
جريدة الوطن
السبت 1 محرم 1428هـ الموافق 20 يناير 2007م العدد (2304) السنة السابعة
http:www.awatan.m.sadaiy2007...wites03.htm
أتمنى أن تكونوا قد استمتعتم بقرأتها ولنرى ما هي ردود الفعل؟؟
sante;