لماذا تتحسن صحتنا فى رمضان؟

زائر

لماذا تتحسن صحتنا فى رمضان؟

د.علاء الدين القوصى
أستاذ علم الأدوية

أثناء تصفحى لأحد الكتب التى صدرت مؤخرا فى أمريكا بعنوان "وصفة طبية للعلاج الغذائى" من تأليف " جيمس بالش و فيليس بالش" استمعت كثيرا بقراءة ما ذكره المؤلفان فى باب "الصيام" عن كيفية معالجة أضرار التلوث البيئى بالصيام . يقول المؤلفان أنه بمرور الوقت تتراكم السموم فى أجسامنا عن طريق الملوثات التى تتواجد فى الهواء الذى نستنشقه والمواد الكيميائية المتوفرة فى الطعام الذى نأكله والماء الذى نشربه. وبصفة دورية منتظمة يبحث الجسم عن وسيلة للتخلص من هذه السموم وإزاحتها خارج أنسجته وعندئذ تدخل السموم إلى مجرى الدم ويمر الجسم بما يسمى ب "الدورة المنخفضة أو السفلى" “w Dwn ye” التى يعانى الإنسان خلالها من الصداع أو الإسهال أو الإكتئاب. ويعتبر الصيام من أكثر الطرق أمانا وفاعلية فى التخلص من هذه السموم واجتياز هذه "الدورة المنخفضة" بسرعة أكبر وأعراض أقل. ويوصى الكاتبان بالصيام لعلاج أى مرض حيث أنه يوفر للجسم الراحة التى يحتاجها ليعاود نشاطه، كما يعتبران أن الأمراض الحادة واضطرابات القولون والحساسية وأمراض الجهاز التنفسى من أكثر الأمراض استجابة للصيام وذلك من خلال إراحة الجسم من عبء عمليات هضم الطعام ومساعدته فى التخلص من السموم فى الوقت الذى تسهل فيه عملية الشفاء. ويؤكد الكاتبان أن الصيام ليس مفيدا فقط فى أوقات التوعك الصحى أو خلال مرور الجسم بفترات "الدورة المنخفضة" وحدها ولكنك من خلال الصيام تعطى كل أعضاء جسمك الراحة اللازمة لها وتوقف( أو تعكس) مظاهر الشيخوخة وتعيش لفترة أطول حياة أكثر صحة وحيوية ذلك أنه من خلال الصيام:
§ تنشط العمليات الطبيعية التى تساعدك على التخلص من السموم وفى نفس الوقت ينحسر إدخال سموم أخرى إلى جسمك.
§ تتحول الطاقة المستخدمة فى عملية الهضم إلى العمليات الحيوية الأخرى مثل: زيادة مناعة الجسم ونمو خلاياه وطرد السموم الموجودة به.
§ يقل بشكل كبير العبء الملقى على عاتق جهاز المناعة فى حين تتم وقاية الجهاز الهضمى من الإلتهابات التى تحدثها تفاعلات حساسية الجسم للمواد الموجودة فى الطعام.
§ تسهل عمليات إمداد الأنسجة بالأكسيجين وتتحرك كرات الدم البيضاء بطريقة أكثر فعالية نتيجة لتقليص كمية الدهون الموجودة فى الدم.
§ يتخلص الجسم بطريقة أسهل وأسرع من المواد الكيميائية المختزنة فى الدهون مثل المبيدات الحشرية والأدوية.
§ يتم غسل أو تنقية أو تنظيف الكلى والكبد والقولون والدم كما يتم التخلص من أى وزن أو ماء زائد وتطرد السموم خارج الجسم ويصبح البصر أكثر وضوحا كما يصبح اللسان والجهاز التنفسى أكثر نقاء و يحدث الشفاء بصورة أسرع.
من هنا ينصح المؤلفان بصيام ثلاثة أيام ـ على الأقل ـ كل شهر وعشرة أيام متتالية ـ على الأقل ـ مرتين كل عام (هل علما بسنة رسول الله فى صوم الأيام البيض "الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر" من كل شهر عربى؟)!!.
وفى رأى المؤلفين أن الصيام يحقق فوائد مختلفة تبعا لمدته ، فصوم ثلاثة أيام يساعد الجسم على التخلص من السموم الموجودة به كما ينقى الدم، وبعد صوم خمسة أيام يبدأ الجسم فى المعافاة وإعادة بناء جهاز المناعة، أما صوم عشرة أيام فيسهل من تعامل الجسم مع العديد من المشاكل الصحية قبل أن تبدأ فى الظهور كما يساعده فى حربه مع الأمراض التى انتشرت فى بيئاتنا الملوثة بالكيماويات (وبالطبع فإن صيام شهر كامل كل عام يضاعف من هذه الفوائد).
وبعد أن يستعرض الكاتبان الطرق المختلفة للصوم وفوائد كل منها يقوما بتقديم بعض النصائح للصائمين ومنها:
§مارس حياتك بطريقة عادية خلال الصوم ولكن تحاشى بذل المجهود المرهق.
§ كن على ثقة من أن جسمك يجتاز خلال صومك دورته " المنخفضة أو السفلى" حين يعبر بك أيضا إلى الدورة "المرتفعة أو العليا" وهو ما يجعلك تشعر بتحسن كبير فى صحتك نظرا لتخلص جسمك من السموم الضارة المتواجدة به.
§ خلال فترة الصوم يتم طرد السموم خارج جسمك وقد تشعر بمذاقها فى لسانك أوبطعم غريب أو رائحة غير مستساغة فى فمك (خلوف فم الصائم كما وصفه الرسول الكريم وذكر أنه أفضل عند الله من ريح المسك) فإذا ضايقتك هذه المشكلة البسيطة فلا بأس من مضمضة فمك ببعض الماء.
§ من الأفضل لك أن تقوم قبل وخلال وبعد صيامك بغسل جسمك وتدليكه للتخلص من السموم والخلايا الميته المتراكمة فى جلدك (الإغتسال).
§ يوصى الصائم بتناول العصائر (خاصة عصير الليمون) والأغذية المحتوية على ألياف خلال فترة الإفطار للمساعدة فى سرعة التخلص من السموم.
§ تتناقص الفوائد الصحية المرغوبة للصيام عند الإفطار مباشرة على الأكل المطهى حيث أن حجم المعدة وكمية السوائل والإنزيمات الهاضمة تقل أثناء فترة الصيام ولهذا فإن الوجبات الأولى بعد الصيام يجب أن تكون صغيرة ومتكررة.
§ إذا شعرت بالتعب أثناء فترة الصيام فعليك بأخذ غفوة بسيطة تعيد من خلالها شحن "بطاريات" جسمك.
§ خلال صومك ونتيجة لعملية تخلص الجسم من السموم الموجودة به قد تشعر ببعض الأعراض ومنها: التعب أو الإرهاق ، تغير رائحة الفم ، الصداع ، القلق ، العصبية ، جفاف الجلد ، التشويش، الدروخة، الكحة وزيادة البلغم ، تغير لون البول أو البراز ، وكذلك بعض التغيرات البصرية أو السمعية. لا تنزعج من ظهور هذه الأعراض البسيطة فحدوثها أمر طبيعى كما وأنها ستزول سريعا عند تعودك على الصيام.
ثم يقدم المؤلفان نصيحة أخيرة "لقد استغرق جسمك سنوات طويلة ليبدأ فى التدهور ، لذا فإنه يحتاج بعض الوقت لإصلاح هذا التدهور ثم لإعادة البناء وهو الأمر الذى ليس بالمستحيل. من هنا فأننا ننصحك عندما تبدأ فى الشعور ببعض التوعك بأن تبادر فورا إلى الصيام حتى تبدأ صحتك فى التحسن". صدقت يا رسولنا الكريم حين قلت لنا "صوموا تصحوا".

** نشر هذا المقال بجريدة الأهرام فى 30 نوفمبر 2001

منقووووووووووووووووووووول